«مونتي كارلو» العربية من فرنسا تنفض عنها الغبار وتنطلق مجددا في سوق المنافسة

شبكة برامج جديدة لمزاوجة الخبر والترفيه والتفاعلية.. وبث على «إف إم»

TT

تتوق فرنسا إلى استعادة مجد إذاعة «مونتي كارلو» العربية الغابر الذي شعشع في السبعينات والثمانينات يوم كانت أصوات وأقلام صحافية أصيلة تفرض نفسها على أثير الشرق الأوسط والمنطقة العربية. لكن الزمن تغير والمعطيات الإذاعية والتلفزيونية تغيرت مع تكاثر القنوات الفضائية والمحطات الإذاعية ووصول الإنترنت بتنويعاتها المختلفة مثل «تويتر» و«فيس بوك» وتلقي البرامج الإذاعية والتلفزيونية على الجوال وازدياد وسائل التواصل وتغير توقعات المستمعين والمشاهدين.

لذا فإن المشرفين على إذاعة «مونتي كارلو» التي تسمى اليوم «مونتي كارلو الدولية» شمروا عن سواعدهم ونزلوا إلى الميدان وسيطلقون صبيحة 29 يناير (كانون الثاني) الحالي شبكة برامج جديدة، أكدوا أنها نتاج دراسات علمية واعية وتحقيقات واستطلاعات رأي قادتهم إلى برمجة جديدة وروحية حديثة يأملون منها ملاقاة المستمع العربي وإغواءه بـ«المنتج» الإذاعي الفرنسي.

وإذاعة «مونتي كارلو الدولية» هي الآن في عهدة ثلاثي يتشكل من آلان بوزياك، رئيس مجموعة إذاعة فرنسا الدولية «RFI» وقنوات «فرنسا 24» الإخبارية الثلاث التي من بينها قناة بالعربية، والمديرة العامة الإعلامية كريستين أوكرانت، والصحافية اللبنانية - الفرنسية ناهدة نكد، التي تتحمل مسؤولية إذاعة «مونتي كارلو» «وفرانس 24» باللغة العربية. وفي لقاء مع مجموعة من الصحافيين العرب، قبل بدء المسؤولين جولة على عدد من الدول العربية بمناسبة إطلاق شبكة البرامج الجديدة، سعى الثلاثة إلى عرض الأساسيات التي تتحكم في توجهاتهم وتوجهات الإذاعة الجديدة، وشرح البرامج الجديدة وكيفية مطابقتها لتوقعات المستمعين في البلدان العربية. وأكد بوزياك أنه يعتبر العربية «لغة أساسية« من اللغات الإعلامية في مجموعته وهي «مهمة» لفرنسا و«موقعها« إذ إن 300 مليون مواطن يتحدثون بها. وما يؤشر على الاهتمام الرسمي أن ميزانية «مونتي كارلو» للعام الحالي زادت بنسبة 20 في المائة.

وذهبت كريستين أوكرانت إلى اعتبار أن ثمة «رأسمالا عاطفيا» تتمتع به هذه الإذاعة العامة في لبنان وسورية والأردن، وأن الإدارة تسعى إلى تعميم البث على موجات «إف إم» في كل البلدان العربية بدل الموجات المتوسطة، وآخر إرسال «إف إم» وصل إلى رام الله بينما لا تزال الإدارة تسعى إلى الحصول على رُخَص في كثير من الدول العربية من المغرب إلى السودان.

لكن العامل الأول الذي ذكّر به بوزياك وأوكرانت هو أن «مونتي كارلو» «ليست إذاعة عربية إضافية« بل هي «إذاعة فرنسية باللغة العربية»، مما يعني تقيدها بالقيم والمناقبية المهنية التي تحكم العمل الإعلامي في فرنسا.

وعرضت ناهدة نكد أهم التجديدات في شبكة البرامج الجديدة التي تنطلق من الرغبة في الاستجابة لما يريده المستمع العربي وبخاصة الإدماج بين ما هو خبر وتحليل من جهة وترفيه من جهة أخرى مع التركيز على بذل جهد خاص في الفترتين الصباحية والمسائية والإكثار من البرامج التفاعلية في شؤون المجتمع والصحة والعائلة والحياة اليومية الفن ومن غير تناسي البرامج الثقافية والموسيقى.

وشددت نكد على عنصر آخر يتمثل في التداخل والتكامل ما بين «فرانس 24»، القناة الإخبارية العربية من جهة، وإذاعة «مونتي كارلو الدولية» من جهة أخرى، ما من شأنه «مضاعفة القدرات والطاقات« للوسيلتين الإعلاميتين اللتين تنتميان كلتاهما إلى الإعلام الخارجي الفرنسي.

وترى نكد أن الغرض هو تصحيح صورة الراديو التي كانت «ذكورية ومتقادمة« نوعا ما وهي تسعى لـ«تأنيثها« وتجديدها واجتذاب الشباب إليها، مما يفسر البرامج الموسيقية و«الخفة» المطلوبة في البرامج.

وعلى أي حال، فإن الإذاعة يفترض بها أن تعكس «النظرة» الفرنسية إلى شؤون العالم وهي تتميز بالتمسك بتعدد الثقافات والحضارات واعتبار أن محرك العالم ليس الاقتصاد وحده بل الثقافة أيضا وأخيرا التعاطي من زاوية تعدد الآراء والتحليلات والقراءات لا فرض قراءة واحدة، فضلا عن الاستفادة من القيم المناقبية للإعلام الفرنسي.

وبالإضافة إلى البث على موجات «إف إم»، تسعى إدارة الإذاعة إلى عقد اتفاقات تعاون مع الإذاعات العربية لتبادل البرامج أو الإنتاج المشترك وهو ما بدأت العمل به في سورية. أما الأسباب التي حالت حتى الآن دون تعميم البث على موجات «إف إم»، فقد وصفها بوزياك بأنها «سياسية» في الدرجة الأولى. ومثلا، ما زالت معدات للبث الإذاعي موجودة في مطار الخرطوم منذ ثلاث سنوات ولم تستطع الإدارة إخراجها لتركيبها.

وكانت مجموعة «RFI» عرفت في الأشهر الماضية حركات احتجاجية بسبب خطط التسريح التي طالت أكثر من 200 شخص بحثا عن الحد من الخسائر المالية السنوية للمجموعة. وأشار بوزياك إلى أن ميزانية المجموعة التي تتبع وزارة الخارجية «متوازنة« للمرة الأولى. وبعد كف البث بمجموعة من اللغات الأوروبية التي لم يعد لها مبرر بعد سقوط الشيوعية، فإن الإدارة تعمل على تقوية البث بأربع لغات هي الصينية والروسية والفارسية والفيتنامية.