الشركات الأميركية تتخاذل عن تأييد «غوغل» في صراعها مع الصين

شهدت أعمالها انخفاضا طفيفا بنسبة 2% من صافي ربحها البالغ 6.5 مليار دولار

TT

على الرغم من أن أميركا ترفع شعار «حرية الإنترنت» في صراعها مع الصين، فإن صمت الشركات الأميركية المزعج أبرز كيف تقف «غوغل» وحيدة في محاولتها وضع شروط جديدة في البلد الذي لديه أكبر عدد من مستخدمي شبكة الإنترنت. وذلك حيث لم يحذُ حذو «غوغل» سوى «غودادي» (GoDaddy.com)، وهو موقع إلكتروني يقدم خدمة استضافة المواقع الإلكترونية (host)، الذي أعلن على الفور احتجاجه على سياسات الصين. وقال الموقع إنه لن يضيف المزيد من «Domain names» من داخل الصين في ظل الشروط الجديدة التي تفرض على الشركات الحصول على صور فوتوغرافية لعملائهم.

ويبدو الموقف الذي اتخذته «غودادي»، التي ليس معروفا عنها اتخاذ مواقف قوية في ما يتعلق بحرية الإنترنت، متناقضا إلى حد كبير مع الاستجابات المتواضعة التي أبدتها الشركات الأخرى.

فعلى الرغم من أن شركتي «مايكروسوفت» و«ياهو» تدافعان عن المبادئ العامة لحرية الإنترنت، لم تتضامن أي منهما مع مطالبات «غوغل» بإنهاء الرقابة على شبكة الإنترنت في الصين. وبخلاف «غودادي»، لم تلمح أي شركة تكنولوجيا أخرى إلى إجراء أي تغير على نشاطاتها في الصين احتجاجا على القوانين والمحاذير التي تفرضها الصين. فيقول جيم فريدلاند، المحلل بشركة «كوين وشركاه»: «الصين من الأسواق بالغة الأهمية. وبالتالي، فما الحوافز التي سوف تحصل عليها الحكومة أو الشركات التي تتضامن مع (غوغل)؟ لا شيء، وذلك هو السبب في عدم حدوث أي شيء».

وربما تشير الصعوبة التي واجهتها «غوغل» في حشد أنصار لها إلى التحديات التي سوف تقابلها في الصين. وذلك على الرغم من أن عمليات الحشد الواسعة قد أثبتت من قبل أنها قد تكون أداة فعالة للتفاوض مع الحكومة الصينية، فقد دفع التراجع المنظم للمجموعات الصناعية والمسؤولين الأميركيين في الصيف الماضي الصين للتراجع عن خططها بفرض وضع برنامج الفلترة المعروف بـ«غرين دام» على مصنعي الحواسيب الشخصية التي تباع داخل البلاد.

ولكن يبدو أن المسؤولين الأميركيين يتخذون موقفا متخاذلا هذه المرة، حيث وصفوا تحرك «غوغل» بأنه قرار مالي لم تشارك فيه واشنطن. ومع ذلك فإن وزارة الخارجية قالت إنها سوف تستمر في مناقشة قضية «حرية الإنترنت» مع بكين.

وعلى خلاف قضية «غرين دام» فإن موقف «غوغل» من الرقابة ليس هو القضية التي يرغب الكثير من شركات التكنولوجيا في أن يقترن بها؛ وذلك نظرا لأن الكثير من شركات التكنولوجيا لديها مشروعات وأصول ضخمة في الصين، مثل المصانع والمستودعات، مما يعني أنهم لديهم ما يخسرونه أكثر من «غوغل»، التي تعد أكبر محرك بحث في العالم. ويقدر المحللون أن أعمال «غوغل» في الصين شهدت انخفاضا طفيفا بنسبة 1% أو 2% من إجمالي صافي ربحها السنوي الذي يبلغ 6.5 مليار دولار.

وبالمثل، قالت «غودادي» إن الصين تشارك بأقل من 1% من العائدات التي من المتوقع أن تحصل عليها خلال العام الجاري، التي تقدر بنحو مليار دولار.

فيقول أحد الأشخاص في المجموعة المالية، رفض ذكر اسمه نظرا لخوفه من مهاجمة الصينيين: «للحكومة الصينية والحزب الشيوعي قدرة هائلة على التعامل مع الشركات بالطريقة التي تجعل من الصعب عليهم الاستمرار في مشروعاتهم، وبالتالي فإن الشركات الأجنبية حذرة للغاية بشأن ما يتحدثون حوله».

وكانت «غوغل» قد أعلنت في يناير (كانون الثاني) الماضي أنها لن تفرض رقابة بعد الآن على النتائج التي يظهرها محرك البحث الخاص بها في الصين، وفي أعقاب ذلك الإعلان تعرضت «غوغل» لهجوم إلكتروني دقيق، يبدو أنه صادر من داخل الصين، قالت «غوغل» إنه كان يستهدف الدخول على حسابات البريد الإلكتروني للنشطاء في مجال حقوق الإنسان في الصين.

وفي أعقاب مفاوضات غير ناجحة مع الحكومة الصينية لتشغيل محرك بحث غير خاضع للرقابة في الصين، أغلقت «Google.cn»، وأعادت توجيه المستخدمين إلى موقع غير خاضع للرقابة في هونغ كونغ.

وتعتزم «غوغل» الحفاظ على بعض العمليات في الصين بما في ذلك فريق الأبحاث وفريق التنمية وفريق المبيعات، ولكن الحكومة تستطيع جعل الشروط أكثر صعوبة، فعلى سبيل المثال ربما لا تسمح الصين لـ«غوغل» بتجديد رخصة الإنترنت، التي تقول التقارير الإعلامية إنها سوف تنتهي خلال شهر.

من جهته، يقول بوبي شاو، المدير الإداري لشركة «دي إف جيه دراغون فاند» بالصين، التي يغلب عليها رأس المال الصيني، إن مواجهة «غوغل» العلنية مع الصين خلقت صورة سلبية للشركة في مقابل الشركات الصينية، وهو ما يمكنه أن يضر بمشروعاتها المحتملة في الصين.

وأضاف شاو: «أتوقع أن ينفصل المزيد والمزيد من الشركات الأساسية في السوق عن (غوغل)»، مضيفا أن الشركات، على سبيل المثال، قد تنأى بنفسها عن نظام تشغيل الأندرويد الخاص بـ«غوغل» لأن صورة مناهضة الصين قد أصبحت مرتبطة بـ«غوغل». وكانت الشركات الأميركية من وقت لآخر تمارس ضغوطا على السياسات الصينية التي يرون أنها تنضوي على تمييز أو حمائية، ولكنّ الخبراء التجاريين يقولون إنهم يختارون معاركهم بعناية. فيقول ألان وولف المسؤول التجاري الأميركي السابق، الذي يعمل كمحامٍ تجاري لشركة «ديوي وليبويف»: «إذا اتخذت الصين خطوات أكبر فستوقع جميع الشركات التجارية خطابا مشتركا تعرب فيه عن احتجاجها». وأضاف: «أما إذا كان ذلك الإجراء ضد شركة واحدة فستكون ردود الفعل أكثر فردية».

* خدمة «نيويورك تايمز»