«وول ستريت جورنال» تدخل على خط الأخبار المحلية لنيويورك لمنافسة «نيويورك تايمز»

من خلال 16 صفحة تتعلق بالسياسة والأعمال والثقافة والعقارات والمجتمع الراقي والرياضة

على الصعيد الوطني، يتجاوز توزيع «وول ستريت جورنال» ضعف توزيع «نيويورك تايمز» («نيويورك تايمز»)
TT

إن الأمر بمثابة توغل في منطقتهم الخاصة، التي يرشحون فيها أكبر فريق، والتي أطاحوا فيها بالحاكم السابق، وتسببوا في خروج الحالي من السباق. لكن بصفة عامة، لا يشعر المسؤولون التنفيذيون في «نيويورك تايمز» على الأقل بأي قلق بشأن عزم «وول ستريت جورنال» تكثيف تغطيتها لمدينة نيويورك.

يقول المحرر التنفيذي بيل كيلر: «لم نستخف قط بالمنافسة. بل إننا نحقق نجاحا على أثرها».

ويقول رئيس «نيويورك تايمز» سكوت هيكن كاندي: «إننا واثقون بما نمثله».

بيد أن قرار صحيفة «وول ستريت جورنال» إضافة قسم خاص بأخبار نيويورك لطبعتها في نيويورك يمثل أكثر من مجرد منافسة محلية. يشارك روبرت موردوخ، الذي اشترى «وول ستريت جورنال» قبل أكثر من عامين ويعشق مضايقة خصمه، في شكل من أشكال الحرب النفسية.

ويقول مايكل وولف، الذي أجرى مقابلات مكثفة مع موردوخ لإعداد سيرة ذاتية عام 2008، «إنه شكل من أشكال الهوس. إنه شيء أشبه بمطاردات الحوت الأبيض. أود القول بأنه يقضي وقتا لا بأس به كل يوم في تدبير المكائد ضد نيويورك تايمز».

ويشعر موردوخ رئيس «نيوز كورب»، التي تشمل ممتلكاتها «فوكس نيوز» و«نيويورك بوست»، بالسعادة في تصوير «نيويورك تايمز» على أنها من النخبة ويصعب الوصول لها. وقال في الفترة الأخيرة: «نعتقد أنه في سعيها للحصول على جوائز في عالم الصحافة وتكوين سمعة على الصعيد المحلي، أوقفت صحيفة يومية أخرى في نيويورك بصورة أساسية تغطية أخبار المدينة بالطريقة التي كانت تفعلها في الماضي».

وفي الوقت الذي يخفض فيه الجميع النفقات في صناعة الإعلام، ينفق موردوخ 15 مليون دولار، ويعين حاليا 35 صحافيا، لإطلاق ما يسميه قسما يوميا «مشاكسا» في وقت لاحق الشهر الحالي. وسيغطي هذا القسم، الذي سيشمل من 8 إلى 16 صفحة، الأخبار المحلية المتعلقة بالسياسية والأعمال والثقافة والعقارات والمجتمع الراقي والرياضة، بما في ذلك الكتاب المألوفين المخصصين للكتابة عن فرق «يانكيز» و«ميتس» و«جيانتس» و«جيتس» و«نيكس». وتبحث الصحيفة حاليا عن مراسل في الكونغرس لمتابعة أخبار وفد نيويورك.

وقال كيلر، الذي جذب أيضا أحد مراسلي الثقافة من صحيفة «وول ستريت جورنال»، «لقد تعاملنا مع تحدي وول ستريت جورنال على أنه مناسبة لتعضيد تقاريرنا الإخبارية ببعض القصص الصحافية الجديدة، مثل قصة حول المدارس الخاصة. وسنضيف بعض العناصر الجديدة التي تهتم بعطلة نهاية الأسبوع إلى الأعداد الصادرة يومي الخميس والجمعة. وعندما تحصي عدد العاملين لدينا في منطقة نيويورك إلى جانب الصحافيين المكلفين بتغطية أخبار الثقافة والرياضة والعقارات والطعام والأعمال في نيويورك، فإن لدينا تفوقا كبيرا على أصعدة الموهبة والخبرة والمساحة المخصصة لمنطقة نيويورك».

وبغض النظر عن الثقل الصحافي لصحيفة «نيويورك تايمز»، فإن مساعي «وول ستريت جورنال» من الممكن أن تستنزف بعض الدولارات من حصيلة الإعلان المحلي. لكن في ظل وجود نسبة 15 في المائة من تداول «وول ستريت جورنال» في هذه المنطقة، فإن التأثير من المحتمل أن يكون متواضعا.

وجربت «وول ستريت جورنال» نشر المحتوى المتعلق بالمنطقة في ستة أقسام أسبوعية في ولايات مثل فلوريدا وتكساس قبل أن تتخلى عنها عام 2000. ويقول مدير التحرير السابق بالصحيفة بول ستيغر: «لقد أحب القراء هذه الأقسام، وكانت تحصل دوما على تصنيفات عالية في استطلاعات الرأي، لكنها لم تحرز أي تقدم في التوزيع».

وأضاف ستيغر: «لقد حصل بيل كيلر على عدد كبير من الموظفين لتغطية أخبار منطقة نيويورك وعلى الكثير من القوة في المجالات التي ستنافس عليها وول ستريت جورنال». لكن كما رأينا، في هجوم «بوليتيكو» على صحيفة «واشنطن بوست»، عند ما تصبح في وضع تكون فيه قادرا على شن حرب عصابات صحافية، فإنك لا تستطيع قول شيء عن تأثير ذلك في المستقبل.

وقد أطلقت شركة «نيويورك تايمز»، التي يرأس مجلس إدارتها آرثر سولزبيرغر الابن، حملة تسويق تتباهى بتفوقها التوزيع على «وول ستريت جورنال»، لكنها أيضا واجهت نصيبها من المعوقات المالية، حيث قامت «نيويورك تايمز» بتسريح 100 من العاملين بصالة التحرير العام الماضي، ورهنت مقرها الجديد في مانهاتن واقترضت 250 مليون دولار من رجل الأعمال المكسيكي المثير للجدل كارلوس سليم.

ويقول وولف: «إن صحيفة نيويورك تايمز معرضة للخطر بدرجة كبيرة. فهي معرضة للخطر من وجهة نظر نقدية، وأعتقد أنها معرضة للخطر من الناحية الصحافية».

ومن جانبه، كان على موردوخ القيام بخفض القيمة الدفترية للأصول بواقع 3 مليارات دولار العام الماضي في القسم الخاص بالصحف في مؤسسته، والذي يشمل «وول ستريت جورنال»، مما يشير إلى أنه دفع مبالغ طائلة أكثر مما ينبغي عندما قام بشراء «داو جونز» مقابل 5 مليارات دولار.

ورفض مدير تحرير «وول ستريت جورنال» روبرت تومسون، وهو أحد المقربين لدى موردوخ وهو من صحيفة أخرى تابعة لـ«نيوز كورب» وهي «تايمز أوف لندن»، إجراء أي مقابلات معه. وشأنه شأن رئيسه، فإن تومسون مواطن استرالي وانتقد «نيويورك تايمز» وقال إنها «منحرفة» سياسيا.

ويشار إلى أن تومسون حول تدريجيا الصحيفة البارزة في مجال الأعمال في البلاد إلى صحيفة معنية بالاهتمامات العامة. فبعد الاتجاه نحو مزيد من الأخبار السياسية والثقافية والابتعاد عن تركيزها الشديد على مجال الأعمال والشركات في أميركا، يقول بعض المطلعين على «وول ستريت جورنال» إن الصحيفة تتخلى عن عملها الرئيسي. ويعتقد عدد من العاملين المنبهرين باستثمارات موردوخ في الصحيفة أن موردوخ لا يسعى إلى الحصول على مجرد أمر تافه عديم القيمة. ويقول ستيغر إنه في حين كانت «وول ستريت جورنال» راضية في الماضي أن تكون الصحيفة الثانية «إلا أنك في البيئة الحالية للصحافة المطبوعة يجب أن تفكر في أن تكون الصحيفة الأولى على الأقل بالنسبة لبعض جمهورك».

وعلى الصعيد الوطني، يتجاوز توزيع «وول ستريت جورنال» ضعف توزيع «نيويورك تايمز»، حيث توزع الأولى أكثر من مليوني نسخة والثانية 928000 نسخة. وفي نيويورك، تشير الأرقام الخاصة بـ«نيويورك تايمز» إلى أن 16 في المائة من قرائها يقرؤون أيضا «وول ستريت جورنال» خلال الأسبوع.

ويقول هيكين كاندي: «إننا الآن أقوياء في نيويورك، وكنا دوما كذلك. وأحد الأسباب التي تجعل قراءنا يأتون إلينا هو اهتمام العالم بنيويورك. لدينا جمهور كبير تعترف شركات الإعلان بأنه متفوق في كثير من الأحوال».

وبعد أن كان القسم الخاص بالأخبار المحلية لنيويورك في صحيفة «نيويورك تايمز» يتقدم ببطء في الماضي، فقد أصبح أكثر نشاطا خلال العقد الماضي، حيث قاد تحقيقات الحاكم الحالي لولاية نيويورك ديفيد باترسون والحاكم السابق إليوت سبيتزر وعضو مجلس النواب تشارلي رانغيل. ومن جانبها، تعين «وول ستريت جورنال» حاليا الكثير من الموظفين من «نيويورك صن»، وهي صحيفة يومية مشاكسة يمينية أغلقت نسختها المطبوعة عام 2008.

ويقول الذين يعرفون موردوخ إنه لا يزال غاضبا من تغطية «نيويورك تايمز» لعرضه شراء الشركة الأم لصحيفة «وول ستريت جورنال». وأعلنت إحدى افتتاحيات «نيويورك تايمز» عام 2007، والتي كانت حول تأثير الملاك على عملية البيع، أنه إذا واصل موردوخ طرقه في التدخل، فإن أسرة بانكروفت «لن تحقق ببساطة أكبر قدر من الأرباح من شركة الأسرة؛ حيث سيعرضون واحدة من أفضل الصحف في العالم للخطر».

ويبلغ موردوخ 79 عاما، لكنه لا يزال نشطا، وقد يجعله حبه للصحف مستعدا لفقدان ملايين الدولارات عليها، كما فعل مع الصحيفة الشعبية (بوست). وقد لا يريد خليفته، سواء كان نجله جيمس أو أي عضو آخر بالأسرة، مواصلة مثل هذه الأشكال من الدعم.

وفي الوقت الراهن، لا يستطيع فريق موردوخ مقاومة الهجوم على أسرة «نيويورك تايمز». ففي نهاية الشهر الماضي، نشر القسم الخاص بعطلة نهاية الأسبوع بصحيفة «وول ستريت جورنال» تحقيقا حول النساء اللاتي يفضلن الرجال الذين يشبهون النساء، واحتوت الصورة المرسومة على الجزء السفلي من وجه سولزبيرغر. ولن يقترب هيكين كاندي من ذلك، قائلا: «لن نشارك في ذلك».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»