الرئيس الأميركي يوقع قانون حرية الصحافة العالمي

«صحافيون بلا حدود» لـ «الشرق الأوسط»: ماذا عن «عربسات»

شد وجذب في أميركا حول قانون حرية الصحافة العالمي («الشرق الأوسط»)
TT

وقع الرئيس باراك أوباما يوم الاثنين الماضي قانون حرية الصحافة، المسمى على اسم دانيال بيرل، صحافي «وول ستريت جورنال» الذي قتل بطريقة وحشية في 2002 في باكستان عندما ذهب لإجراء مقابلات مع إسلاميين متطرفين.

ورغم وجود تأييد عام للقانون، فإن صحافيين أميركيين قالوا إن الرئيس الأميركي باراك أوباما يريد خدمة مصالح سياسية. وقال صحافيون أجانب إن القانون يتناقض مع الضغوط الأميركية على الإعلام الذي يتعارض مع السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، وأشاروا إلى القانون الموجود في الكونغرس ضد «عربسات» والذي صدر في بداية هذه السنة.

عندما وقع أوباما على القانون، قال إن الهدف الرئيسي منه هو «إرسال رسالة واضحة عن قيمنا الأساسية عن حرية الصحافة». وأضاف «في كل العالم، يوجد عدد كبير من الصحافيين (وكذلك على الإنترنت) الذين يغامرون بحياتهم ليحاولوا إضاءة ضوء لينعكس على القضايا الأساسية التي تواجه الناس في بلادهم. هؤلاء هم على خط النار الأمامي ضد الطغيان والكبت والظلم». وقال أوباما إن القانون يأمر وزارة الخارجية والسفارات الأميركية في الخارج بمتابعة حرية الصحافة، وكتابة تقرير سنوي وإرساله إلى الكونغرس (مثل التقرير السنوي عن حقوق الإنسان، والتقرير السنوي عن الإرهاب).

وقال مراقبون وصحافيون في واشنطن إن قانون حرية الصحافة لا ينص على عقوبات ضد الدول التي لا تحترمه، لكنه يدعو إلى نشر أسماء الدول في قائمة سنوية. وعن هذا قال أوباما «هذا قانون معتدل، لكنه يضعنا على طريق حرية الصحافة في كل العالم». وأضاف «سننشر الأسماء، ونجعل العالم يعرفها. سيكون هذا شيئا مهما جدا، لأن حكومات كثيرة تعتقد أنها تقدر على حظر حرية الصحافة دون رادع خارجي. لكننا نقول لهذه الحكومات إنها، من الآن، لن تقدر على ذلك».

وانتقدت صحف وصحافيون أميركيون القانون. وقال ديفيد جاكسون، صحافي في صحيفة «يو إس إيه توداي»: «يدعو للتهكم أن الرئيس أوباما وقع على قانون حرية الصحافة بينما لا تدل تصرفاته على احترامه لدور الصحافة».

وفي تعليق لـ«الشرق الأوسط» قالت كلوثايلد لي كوز، مديرة مكتب «ريبورترز ويزآوت بوردرز» (صحافيين بلا حدود) في واشنطن، إنهم يرحبون بالقانون، لكنهم ينتقدون أشياء معينة فيه أو لها صلة به.

وأضافت «نحن نرحب بهذه الخطوة، ونعتقد أنها ستقوي الالتزامات الأميركية نحو حرية الصحافة في العالم». وأضافت «لكن، نعتقد أن القانون سيكون أكثر فعالية وأكثر مصداقية إذا التزمت به الحكومة الأميركية».

وأشارت إلى أن سجل السنوات القليلة الماضية يشير إلى مضايقات ومشكلات بين الحكومة الأميركية والصحافيين، خاصة في منطقة الشرق الأوسط. ودعت إلى «الشفافية وتوفير المعلومات». وأشارت إلى مشكلات جديدة حدثت هذه السنة هي:

أولا: قرار أصدره الكونغرس في بداية السنة، عن «عربسات». وقالت إن القانون «يهدف إلى منع الأقمار الصناعية التي لها مراكز في دول عربية من توفير خدمات إذاعية وتلفزيونية حرة، ويفتح الباب أمام احتمالات معاقبة الشركات التي تملك هذه الأقمار». وقالت إن القنوات المقصودة منها «المنار» و«الأقصى» و«الرافدين».

ثانيا: تطورات قتل صحافيين تابعين لوكالة «رويترز» في العراق عام 2007 بطائرة «أباتشي» أميركية عسكرية. وكان البنتاغون رفض إعطاء «رويترز» شريط الفيديو الذي التقطته الطائرة للعملية العسكرية. وقالت لي كوز «قلنا في ذلك الوقت، ونقول الآن، إن رفض البنتاغون يخالف قانون حرية المعلومات». وقالت إن فيديو العملية العسكرية نشر على الإنترنت الشهر الماضي، وأوضح عدم صحة التفسير الذي قدمه البنتاغون، ونفى فيه مسؤولية قتل الصحافيين. وقالت إن جمعية «صحافيين بلا حدود» ستعيد النظر في الموضوع بعد أن ظهر الفيديو. وستطلب من البنتاغون تحقيقا جديدا في الموضوع.

ثالثا: قرار البنتاغون في بداية الشهر الحالي بمنع صحافيين من تغطية محاكمات المتهمين بالإرهاب في قاعدة غوانتانامو الأميركية في كوبا. وكان 4 صحافيين هناك أرسلوا أخبارا عن مداولات المحكمة، وفيها اسم شاهد خفي طلب البنتاغون عدم نشر اسمه أو تصويره. لكن الصحافيين الأربعة قالوا وأيدتهم «صحافيون بلا حدود»، إن اسم الشاهد ليس سرا، وإنه هو نفسه طلب من صحيفة كندية إجراء مقابلة صحافية معه ولم يرفض نشر اسمه. ونشرت الصحيفة المقابلة وفيها اسمه. وقال صحافيون ومراقبون في واشنطن إن منظمة «صحافيون بلا حدود» بدأت في نقد الحكومة الأميركية، خاصة البنتاغون، منذ بداية الحرب ضد الإرهاب، وغزو أفغانستان والعراق. ودارت معظم المشكلات بين الجانبين حول رفض البنتاغون السماح للصحافيين بالقيام بدورهم الصحافي، وبتقديم تغطية محايدة للعمليات العسكرية. وبالنسبة للصحافيين الأميركيين، قال هؤلاء المراقبون والصحافيون إنهم لا يهتمون بتغطية العمليات العسكرية الأميركية في الخارج قدر اهتمامهم بتوفير الحكومة الأميركية لمعلومات كافية لهم لتغطية التطورات الداخلية، خاصة بالنسبة للمعلومات التي يمدها البيت الأبيض. لهذا يتناقل الصحافيون الأميركيون اتهامات حول ما يرونه «موقف أوباما الحقيقي من حرية الصحافة»، منها أن أوباما:

أولا: يتحاشى الصحافيين، ويتضايق من متابعة الكاميرات له.

ثانيا: لا يعقد مؤتمرات صحافية منتظمة كما فعل رؤساء قبله.

ثالثا: ينتقد الصحافة كلما وجد أن ذلك يخدم أهدافه السياسية.

الأسبوع الماضي، عندما ألقى خطابا في حفل التخرج السنوي في جامعة هامبتون (ولاية فرجينيا)، قال أوباما: «تعيشون في عصر الإعلام الذي يستمر كل اليوم وكل الأسبوع. لكن، بعض معلوماته لا ترقى لمستوى الحقيقة».

والأسبوع قبل الماضي، عندما ألقى خطابا في حفل التخرج السنوي في جامعة ميشيغان، قال: «يميل الصحافيون نحو المبالغة في نشر كل شيء، وذلك بهدف الإثارة. لكن، يشجع هذا الناس على أن يقولوا أشياء غريبة وسخيفة حتى يتناقلها الصحافيون».

لكن، قال مراقبون وصحافيون في واشنطن إن أوباما ليس أول رئيس، أو أول سياسي، يشتكي من الصحافة والصحافيين.

قبل أسبوعين، في الحفل السنوي الذي يقيمه الصحافيون الذين يغطون البيت الأبيض للرئيس الأميركي، أشاد أوباما بدور الصحافة والصحافيين. وقال: «أنا متأكد أن كل صحافي في هذه القاعة يؤمن إيمانا عميقا بالعمل الصحافي.. كل واحد منكم، حتى المتهكمون، يفهم ويقدر الصحافة الحرة التي تعمل للمحافظة على نظام حكمنا ونظام حياتنا».