قصة «رولينغ ستون» تثير جدلا حول سرقة المحتوى بصورة غير قانونية

بعد أن نشرت صحيفتا «تايم» و«بوليتيكو» القصة قبل أن تضع المجلة الموضوع على موقعها الإلكتروني

TT

لم يكن الجنرال ستانلي إيه ماكريستال الرجل الوحيد الذي واجه أسبوعا صعبا. ففي يوم الاثنين قبل الماضي، ذكرت وسائل الإعلام أن مجلة «رولينغ ستون» نشرت خبرا مذهلا بشأن الجنرال ماكريستال، انتقد فيه هو ومساعدوه البيت الأبيض. إن ذلك هو النوع من الانفرادات الصحافية الذي يغري المحررين في المجلة، ولا شك في أنهم لم يستطيعوا الانتظار لإعلان هذا الخبر في مجلتهم ليصبح متاحا أمام الجميع.

وكانت المشكلة، لم يستطع الآخرون الانتظار أيضا. ففي صباح يوم الثلاثاء، تم نشر هذا الخبر، الذي أعدته المجلة وقامت بتحريره ومراجعته وطباعته وتوزيعه، بصورة كاملة على اثنين من المواقع على الإنترنت، ليكون متاحا أمام الجميع من دون إعطاء «رولينغ ستون» ولو عشرة سنتات فقط.

ويعد ذلك انتهاكا واضحا لحقوق الطبع والنشر والممارسة المهنية، ووصل إلى حد أخذ الأموال من جيب أحد المنافسين. ما هو موقع حرب العصابات الماكر على الإنترنت أو الشخص الانتهازي الذي فعل مثل هذا الشيء؟

اتضح أن هذين الموقعين هما صحيفة «تايم» وصحيفة «بوليتيكو»، وكلتاهما لديها مصادر تمويل جيدة، وتعتبر من المؤسسات الإعلامية التي تحظى بسمعة جيدة، لكنهما تجاوزا الحد وأخذتا ما ليس لهما.

قالت الشركتان إنه كانت هناك حالة من الثوران، تنطوي على قضية وطنية مهمة، ولأن مجلة «رولينغ ستون» لم تنشر هذا الخبر على الموقع الإلكتروني الخاص بها، فقد تعاملتا مع الأمر بنفسيهما. وقالت الشركتان إنه عندما احتجت «رولينغ ستون»، تم رفع الخبر من على المواقع الإلكترونية الخاصة بهما، وأنه عندما نشرت المجلة الخبر على موقعها على الإنترنت في الساعة الحادية عشرة صباح يوم الثلاثاء، قامتا بنشر وصلات على موقعيهما تقود إلى الخبر المنشور على موقع المجلة.

وواجه صانعو المحتوى أسبوعا صعبا في جميع المواقع الإخبارية. فقد أصدر أحد القضاة الفيدراليين حكما مستعجلا بحق مؤسسة «غوغل» بعدما قام موقع «فياكوم» بمقاضاة الموقع التابع لمؤسسة «يوتيوب» لدفع مليار دولار جراء انتهاك حقوق النشر. وقال القاضي لويس ستانتون، رئيس محكمة الحي الجنوبي في نيويورك، إنه على الرغم من أن آلاف المقاطع المرئية المملوكة لموقع «فياكوم» تم تحميلها على الموقع، فإنه تم حماية «يوتيوب» من المطالبة بالتعويض عن الأضرار بموجب أحكام «المأوى الآمن» في قانون حقوق الطبع والنشر الرقمية للألفية الجديدة.

وكانت «غوغل» مشغولة في مكان آخر، حيث كانت تقدم مستندا أمام إحدى المحاكم في قضية في نيويورك ضد مجموعة تسمى «Theflyonthewall.com»، وذلك لاستيلائها على بعض الأبحاث في مجال المصارف. وطلب محامو «غوغل»، إلى جانب موقع «تويتر» من إحدى محاكم الاستئناف الفيدرالية إبطال قرار يؤيد ما يسمى عقيدة الأخبار الساخنة، والذي يعطي الناشرين الذين ينشرون الأخبار العاجلة الحقوق الحصرية في هذا المحتوى. وقالوا إن هذه العقيدة عفى عليها الزمن.

وقدمت مؤسسات إخبارية، تشمل «نيويورك تايمز» و«أسوشييتد برس» و«غانيت» وغيرها، مذكرة خاصة بها في هذه القضية، حيث أشارت إلى أنه «إذا لم يتم كبح الاستغلال المجاني المعمم لجهود المنظمات الإخبارية، فإن هذه المنظمات لن تكون قادرة على تغطية نفقات تجميع الأخبار ونشرها، وسيتعرض الدافع للانخراط في النشاط الإخباري إلى التهديد، ولن يكون أمام الجمهور في نهاية المطاف سوى مصادر قليلة للغاية للأخبار الأصلية».

وفي قضية «رولينغ ستون»، لم تكن شركات التقنية هي التي تنادي بالحق في استغلال المحتوى، لكن صانعو المحتوى أنفسهم.

وسلمت المجلة نسخة مقدما إلى وكالة «أسوشييتد برس» بعد ظهر يوم الاثنين في ظل بعض القيود على النشر (تلجأ الكثير من المجلات إلى هذه الطريقة لترويج الموضوعات التي تنشر في الأعداد المقبلة). وعندما تم نشر موضوع وكالة «أسوشييتد برس» مع بعض الاقتباسات، طالبت المؤسسات الإخبارية الأخرى، بما فيها الشبكات الإخبارية والصحف الكبرى، بالحصول على نسخة. لكن «بوليتيكو» و«تايم إنك» لم تتلق أية نسخ من «رولينغ ستون» بصورة مباشرة.

وقام أحد الأطراف، من المحتمل أن يكون مؤسسة إخبارية كانت تسعى إلى تعليق، بإرسال نسخ إلى صاحب الموضوع وإلى البيت الأبيض، وهي خطوة سيئة في حد ذاتها. وعند وقت معين في صباح يوم الثلاثاء، أصبح الموضوع الذي نشره الصحافي مايكل هاستينغ في مجلة «رولينغ ستون» موضوعا للصحافة الإلكترونية غير المرخصة، وتم تمريره ونشره في نهاية المطاف.

وأشار العديد من المعلقين إلى أن «رولينغ ستون» جلبت كل ذلك على نفسها عن طريق عدم نشر موضوع ماكريستال بصورة فورية على الموقع الإلكتروني الخاص بها (كانت المجلة تعتزم نشر الموضوع على موقعها على الإنترنت، لكن ذلك كان متعلقا بالجدول الخاص بها). وقال إريك بيتس، المحرر التنفيذي في «رولينغ ستون»، «إن قرار نشر أي مادة هو قرار خاص بنا وحدنا. لقد كان ذلك غير مناسب على الإطلاق».

وبعد التوصل إلى جيم فيندهي، مدير التحرير التنفيذي وأحد مؤسسي موقع «بوليتيكو» الإخباري، عن طريق البريد الإلكتروني وهو على متن طائرة، أشار إلى أن مقتضيات عجلة الأخبار تجاوزت القضايا الخاصة بحقوق الحماية. وقال فيندهي: «لقد حصل صحافيونا على المقال من مصادر لا تضع قيودا على النشر. وتم تداول المقال ومناقشته على نطاق واسع بين فريق العمل الذي شعر بضرورة إطلاع القراء على ما قرأوه وتفاعلوا معه. وقد أبدت (رولنيغ ستون) اعتراضا مقبولا بمجرد نشر المقال، لذلك وافقنا بسرعة على وضع رابط يأخذ القارئ إلى الموقع الخاص بالمجلة».

وتعمل «تايم إنك» في مجال المجلات المطبوعة، وكانت مديرتها التنفيذية، أنا مور، واحدة من أشد المدافعين عن حقوق الملكية الفكرية. وفي مقابلة لها مع صحيفة «تليغراف» اللندنية، قالت مور: «من الذي بدأ بترويج هذه الشائعات بأن كل المعلومات يجب أن تكون مجانية ولماذا لم نواجه هذه الشائعات عندما ظهرت في البداية؟».

يبدو أن هذه المذكرة غابت عن المسؤولين في موقع «تايم» على الإنترنت، لكنهم الآن في موضع المتلقي لرسالتها.

وقد ردت المتحدثة باسم الموقع في رسالة إلكترونية على ذلك قائلة: «لقد قام موقع (تايم) على الإنترنت بنشر القصة في ملف بصيغة (بي دي إف) للمساعدة على الفصل بين الحقيقة والشائعات في لحظة كان فيها الجميع متلهفا لهذه القصة ذات الأهمية البالغة على الصعيد الوطني ولم تكن القصة الأصلية متاحة. كانت لدينا النية لإزالة المقال مباشرة إذا قامت «رولينغ ستون» بتوفير أي جزء منها للجمهور، وقد فعلنا ذلك. لقد كان ذلك خطأ؛ وإذا كان لنا الرجوع إلى الماضي، لكنا نشرنا العنوان وفقرة واحدة فقط». (قالت متحدثة باسم مور إنها تعتقد أن ذلك كان خطأ وأنه لن يتكرر مرة أخرى).

ويعد نشر ملف بصيغة (بي دي إف) لعمل شخص آخر هو الضبط ضد الاستخدام الصحيح والعادل: هذه المواقع تقوم بتكرار وثيقة إلكترونية لم يتم تغيير أي شيء فيها بدون وضع روابط للناشر الذي أخذ المخاطرة، وقام بإسناد العمل، ثم خرج بقصة غيرت مسار الحديث العام. المصطلح التقني والقانوني لما يقومون به هو، السرقة.

ويمكن للمؤسسات الإعلامية أن تقوم بنشر كل ما تريد عن حماية منتجاتها، لكن بمجرد أن تقوم بانتهاك القواعد الخاصة بها والبدء بالحصول على المواد من بعضها البعض، تصبح اللعبة منتهية إلى حد ما.

هذه قرارات تم اتخاذها في خضم دورة أخبار ساخنة، لكن ربما يسود رؤساء أكثر هدوءا في الفترة القادمة. ولكن إذا كان بعض أكبر الأسماء في العمل الإعلامي ليسوا بعيدين عن أسلوب القص واللصق عندما يناسب ذلك احتياجاتهم، فكيف يمكنهم توجيه أصابع الاتهام إلى الآخرين؟

وهذا ما يركز عليه بيتس من «رولينغ ستون» قائلا: «هذا الأمر لا يتعلق ببطء عملية النشر على الإنترنت، ولكن يتعلق بحقنا في أن نقوم بالنشر في الوقت الذي نختاره. بالنسبة إليّ، كانت هذه حقا لحظة انتقالية».

ويستطرد بيتس قائلا: «كان لدينا مواقع للمعجبين نشرت نص بعض القصص، ولكن ما قامت به هاتان المؤسستان الإعلاميتان الكبيرتان هو حقا مخالف للقواعد المتعارف عليها. فقد أخذوا مادة في مرحلة الإعداد للنشر، وقاموا بإرسالها إلى مؤسسات إعلامية أخرى، بضوابط محددة، وببساطة قاموا بنشرها».

* خدمة «نيويورك تايمز»