«جيزيبيل» موقع إلكتروني لا يخشى الدخول في النزاعات

نجح في اجتذاب جمهور نسائي متحمس للدفاع عن حقوقه ضد تمييز الرجال

TT

عندما أعلن جون ستيوارت في 29 يونيو (حزيران) خلال حلقة برنامج «ديلي شو» أن «(جيزيبيل) يعتقد أنني أتبع توجها ينحاز للرجل ضد المرأة»، ربما تساءل بعض المشاهدين: «من جيزيبيل؟».

إلا أنه في إمكان مليون ونصف المليون شخص على الأقل الرد على هذا التساؤل، وهؤلاء هم الذين زاروا موقع «women’s interest blog» الشهر الماضي. وجاء تعليق ستيوارت ردا على تقرير عرضه موقع «جيزيبيل» الشهر الماضي حول إدعاءات أطلقتها سيدات حول تعرضهن لبيئة منحازة للرجال عندما عملن كاتبات ومراسلات لحساب «ديلي شو». وقد اجتذب التقرير أكثر من 211000 مشاهدة وأكثر من 1000 تعليق ورد حاد من 32 موظفة يعملن حاليا لدى «ديلي شو».

بدأ موقع «جيزيبيل» عمله عام 2007 باعتباره موقعا نسويا شقيقا لموقع «Gawker.com»، وهو مدونة تنطلق من نيويورك. وفي بعض الجوانب، تمكن الموقع الأحدث من التفوق في شهرته على شقيقه الأكبر سنا، حيث نجح في اجتذاب جمهور من النساء المتحمسات وتفوق على «غوكر» مؤخرا من حيث معدلات مشاهدات الصفحات شهريا.

ولا يعد ستيوارت الشخصية الإعلامية البارزة الأولى التي دخل الموقع في خلاف معها، حيث تكرر ذلك أيضا مع شخصيات بارزة في مجال الموضة ومشاهير أمثال الممثلة جونيث بالترو وإل ماكفرسون، ويعمد الموقع إلى الإشارة إلى الصور التي جرى تعديلها عبر برامج فوتوشوب في مجلات الموضة في قسم بعنوان «فوتوشوب الأهوال». الملاحظ أن 97 في المائة من جمهور «جيزيبيل» من النساء، ويقول الموقع إنه يجتذب أكثر من 37 مليون مشاهدة لصفحاته شهريا وقرابة 200000 زائر فريد يوميا.

في هذا السياق، علق نيك دنتون، مالك «غوكر ميديا» وهي الشركة الأم لكل من «جيزيبيل» و«غوكر»، بقوله: «في وسائل الإعلام، لا يشكل الرجال مجموعة متناغمة. عندما تدخل إلى متجر لبيع المجلات، ستجد كثيرا من مجلات النساء. وقليل للغاية معني بالرجال». وأضاف أنه بالنسبة للنساء «هناك روح جماعية أوضح بكثير».

على ما يبدو، يؤتي توجه «جيزيبيل» نتائج إيجابية، حيث وصف «أدفرتايزنغ إيدج» المدونة بأنها «واحدة من المصادر المتمتعة بذكاء حقيقي التي تعنى بوسائل الإعلام والتسويق وتعليقات الموضة والمشاهير». ومن بين الجهات الإعلانية المتعاونة مع المدونة، التي تدفع في العادة ما بين 8 و12 دولارا لكل 1000 مرة ظهور للإعلان، «نيويورك تايمز» و«أميريكان أباريل» و«سكاي فودكا» و«كليرول» و«ستاربكس»، بجانب قنوات «كيبل» شهيرة. (على النقيض من مجلات مثل «إنستايل» و«فوغ» التي تعمل على الترويج لحقائب باهظة وملابس من تصميم أسماء لامعة وملابس داخلية أنيقة وأحمر شفاه يدوم لفترة طويلة).

المؤكد أن هذه الجهات الإعلانية تظهر على موقع ناجح بالفعل، ويثير القلاقل والخلافات من حين لآخر. والملاحظ أن «جيزيبيل» لم ينل مكانته بين أكثر المواقع نموا من دون أن يخلق لنفسه بعض الأعداء. في هذا الصدد، قالت غابي داربيشاير، مديرة في شركة «غوكر ميديا»: «خلال فترة وجوده، تلقى (جيزيبيل) عددا من الشكاوى السنوية فاق أي موقع آخر»، مضيفة أن المواد المطروحة من خلاله «التي تناقش قضايا عبر تعليقات نقدية عادة ما تشعل خلافات حادة».

وأشارت جيسيكا كوين، رئيسة تحرير الموقع، إلى أن الصراحة والوضوح اللذين يتمتع بهما الموقع ليستا خدعة لجذب الجهات الإعلانية، وإنما جزء من توجه «جيزيبيل».

واستطردت موضحة من داخل مكاتب «غوكر ميديل» في مانهاتن، الجمعة: «لا نشعر مطلقا بخوف حيال تناول القضايا التي ينبغي تناولها، ولا نخشى قول ما يتعين قوله. هذا هو الأمر برمته». وتضم المكاتب أكثر من عشرين كاتبا ومنتجا وفني تصميم.

في الصباح التالي للنقد الذي وجهه ستيوارت، مضت إرين كارمون، الكاتبة التي أسهمت في الموضوع الأصلي، قدما في مهاجمة البرنامج. وبعد توجيه 32 امرأة يعملن لدى البرنامج لخطاب مفتوح ردا على ادعاءات «جيزيبيل» باتباع البرنامج توجهات تمييزية بين الرجال والنساء - وقد بدأن الخطاب بعبارة «أعزاءنا يا من لا تعملون هنا» - دافعت كارمون عن نفسها في تعليق لاحق من خلال الإشارة إلى أن البرنامج لم يرد على تساؤلات أو يتيح أي مسؤول به للتعليق عندما حاولت الاتصال بمسؤوليه قبل نشر مقالها النقدي.

من ناحيتها، لا تزال كوين متمسكة بتأييدها للمقال. وقال ستيف ألباني، المتحدث الرسمي باسم قسم «كوميدي سنترال»، الجمعة: «الخطاب المفتوح الذي جرى نشره في وقت سابق من هذا الأسبوع يتحدث عن نفسه، وليس لدى القسم أي تعليق آخر».

مع نشر مواد تتراوح بين 50 و60 مادة يوميا، يحرص «جيزيبيل» على موازنة القضايا الخلافية بأخرى ذات طابع أبسط. من بين الأقسام الشهيرة بالموقع «ميدويك مادنيس» الذي يستعرض ما أوردته الصحف الصفراء من إشاعات وأقاويل حول الشؤون الخاصة للمشاهير. أما قسم «دريس كود» فيأتي في صورة أسئلة وأجوبة ويعنى بتوضيح أنماط الملبس والسلوك المناسبة. ويوفر «بيوتي 101» بدائل غير مكلفة لإبراز الجمال لما تعرضه «فوغ» و«ألور».

الملاحظ أن آنا هولمز، 37 عاما، رئيسة التحرير المؤسسة لـ«جيزيبيل» سبق لها العمل مع المجلات ذاتها التي يبدي دنتون ازدراءه لها، بما في ذلك «غلامور» و«ستار». وأشارت هولمز إلى أنها سعت لخلق «منبر موازن للسطحية والتفاهة التي تتسم بها الوسائل الإعلامية المعنية بالمرأة».

واعترفت هولمز التي رحلت عن «جيزيبيل» مؤخرا بأنها «شعرت ببعض الصدمة تجاه المجلات لأنها تعمد إلى تعزيز مصادر الشعور بانعدام الأمن لدى النساء، ثم تقدم حلولا لتلك المشاعر التي خلقتها للتو».

بعد شهر من افتتاح المدونة، وقعت هولمز بالصدفة على منجم ذهب عندما بعث شخص من المشاركين في إنتاج «ريدبوك» إلى «جيزيبيل» صورة الغلاف لفيث هيل قبل استخدام برامج فوتوشوب لتعديلها. وجاء الاختلاف بين الصورة الخام الأصلية وصورة الغلاف النهائية هائلا، حيث أشارت هولمز إلى أنه جرت إعادة رسم جسد هيل وإزالة الخطوط المحيطة بعينيها وتقليص حجم ذراعيها إلى النصف تقريبا.

وكتبت هولمز على الموقع أن الصورة الأولى تبرز فيث هيل كما خلقها الله وليس كما صورتها برامج فوتوشوب. وأثارت الصورتان جدالا كبيرا على مستوى البلاد، الأمر الذي وضع «جيزيبيل» رسميا على الخريطة الإعلامية واجتذب إليه كثيرا من المعجبين الذين لا يخجلون من كتابة تعليقات عن أزمات كبرى عايشوها من قبل مثل حادثة اغتصاب أو إدمان مخدرات.

من جانبها، علقت كيلي ماثيوز، أستاذة العلاقات العامة بكلية الصحافة والاتصال بجامعة أوريغون، بقولها إن «القراء يبدون نشاطا في التفاعل مع المحتوى الوارد بالموقع. وعليه، أوضحوا ليس وجود الآلاف ممن يتابعون المدونة فحسب، وإنما أيضا يسهمون فيها»، وأضافت: «إنهم يتركون تعليقات ويتفاعلون مع بعضهم بعضا؛ الأمر الذي يشعرهم بأنهم جزء من مجتمع (جيزيبيل) مما يضيف لولاء القراء إلى الموقع».

الأسبوع الماضي، كتبت إميلي غولد، التي سبق لها العمل في «غوكر»، مقالا بمجلة «سليت» انتقدت فيه «جيزيبيل» بشدة، مشيرة إلى أن انتقادات الموقع لثقافة البوب والغيرة التي يبديها يجري الترويج لها بمهارة كسياسة مناصرة لحقوق المرأة. وقالت: «من السهل للغاية على كتاب (جيزيبيل) أن يؤججوا مشاعر انعدام الأمن في نفوس القراء؛ لكن على نحو مختلف».

إلا أن كوين أكدت أنه «من العظيم مشاهدة مثل هذا الجمهور المخلص الذي ندرك من خلاله أن عملنا يشكل أهمية بالنسبة لآخرين».

وأوضح دنتون أنه مع طرح «جيزيبيل» مزيدا من القضايا المثيرة وجذب أعداد أكبر من المشاهدين، باتت الجهات الإعلانية تنظر إلى «جيزيبيل» بجدية، مؤكدا: «لقد حانت لحظة تألق (جيزيبيل)».

* خدمة «نيويورك تايمز»