بعد تراجع مبيعاتها.. الصحف الأردنية تطلب عدم نقل أخبارها إلا بموافقة مسبقة

المواقع الإلكترونية: نحن ضحية السرقة من قبل بعض الزملاء في الصحف اليومية

TT

وضعت معظم الصحف اليومية الأردنية على مواقعها الإلكترونية تنبيها يقول: «يحظر النقل أو إعادة النشر بأي وسيلة إلا بعد الحصول على الموافقة المسبقة على ذلك من الصحيفة».

وجاء هذا الإجراء كما يقول عبد الوهاب الزغيلات نقيب الصحافيين رئيس تحرير صحيفة «الرأي» الأردنية بعد أن شعرت الصحف أن «بعض المواقع الإلكترونية تأخذ الأخبار وتعيد نشرها، الأمر الذي أثر على عدد القراء في موقعنا وأثر ذلك على مبيعات الصحيفة الورقية»، مؤكدا أنه لم يقصد به الحرب أو مضايقة المواقع الإلكترونية بقدر ما هو إجراء للمحافظة على الملكية الفكرية حتى يعطى كل ذي حق حقه.

ونفى الزغيلات أن يكون هذا الإجراء قد جاء في سياق الهجمة الأخيرة على المواقع الإلكترونية، التي أصحبت متنفسا كبيرا لعدد من الأردنيين كي يعبروا عما يجول في خاطرهم، قائلا إن «العملية تنظيمية فقط، وليس هناك نيات مبيتة ضد المواقع الإلكترونية».

وحول إجراءات النقابة بصفته نقيبا للصحافيين قال إن «مجلس النقابة يدرس إمكانية تعديل القانون كي نستوعب العاملين في هذه المواقع شريطة أن تكون هذه المواقع معروفة ولها عنوان نستطيع مخاطبتها ويكون لها رئيس تحرير مسؤول، كما الحال في الصحف اليومية والأسبوعية، ويكون للعاملين في هذه المواقع رقم ضمان اجتماعي على أنه تقاضى راتبا وليس متعاونا أو متطوعا».

وأشار إلى أن قانون المطبوعات وقانون النقابة هما الفيصل إذا وقعت أخطاء أو أيه مخالفات، مؤكدا أن الحكومة وعدت من خلال رئيسها سمير الرفاعي بعدم تعديل القانون، خصوصا أن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قال: «إن الحرية سقفها السماء، ولكن نريد من ينعم بهذه الحرية أن يكون على قدر المسؤولية من عدم اغتيال الشخصية أو إثارة الإشاعات والأخبار الكاذبة».

من جانبه قال موسى برهومة رئيس تحرير صحيفة «الغد» الأردنية اليومية، إن الجميع في الأردن يتأذى من بعض المواقع التي لا تلتزم بالقيم المهنية والأعراف الصحافية.

وأضاف برهومة: «إننا لا نقبل من المواقع الإلكترونية أن تسرق جهد الزملاء وتنشره، وأحيانا لا تذكر المصدر»، مشيرا إلى أن «النقابة أخذت على عاتقها إيجاد مخرج أو حل لاستيعاب العاملين في المواقع الإلكترونية من خلال تنظيم إعلامي بدلا من الفلتان الإعلامي من بعض المواقع الإلكترونية في الأردن».

ونفى برهومة الاتهامات القائلة بأن سبب حملة صحيفة «الغد» هو أن المواقع الإلكترونية سطت على قراء الصحف الورقية، قائلا: «نحن نتمتع بقاعدة قراء واسعة جدا، ولدينا موقع إلكتروني يستقبل في اليوم أكثر من عشرة ملايين زائر، ونحن لا ننافس الصحافة الإلكترونية، بل إننا نعتبر أن المستقبل لها، ولكن أي صحافة إلكترونية؟ أتمنى أن تكون هناك صحافة إلكترونية محترمة تجاري الصحافة الورقية، ولكن يتعين على هذه الصحافة أن تكون مبنية على قواعد أخلاقية، تحترم المجتمع، وتحترم حرية الأشخاص، ولا تغتال الرموز الوطنية، وتتمتع بالمصداقية والموضوعية والنزاهة».

وأكد برهومة ما ذهب إليه بعض المحللين من أن بعض المواقع الإلكترونية نشأت وتغذت في ظل الصراع القديم بين المحافظين والليبراليين، ويضيف برهومة قائلا: «ولربما كان أنصار الطرفين يغذونها بالأخبار وبالدعم اللوجستي والمالي، وبما أن المعركة انتهت بين ما كان يسمى بالليبراليين والمحافظين فينبغي أن يعاد النظر في هذه المواقع، التي اتخذت لها وجهات جديدة. الآن أصبحوا يستهدفون المواطن والمسؤولين، ويستهدفون المؤسسات الاقتصادية والمالية، من أجل ابتزازهم وتهديدهم، ومن أجل إرغامهم على دفع إعلانات غير مقتنعة بها هذه المؤسسات، ونشأت لدينا ظاهرة الثراء السريع لدى أصحاب هذه المواقع، وكأننا نشاهد مافيات تبتز الناس، وتروج الإشاعة والافتراءات ضد الناس، وتغتال شخصياتهم يوميا».

من جهته قال سمير الحياري، رئيس تحرير موقع «عمون» الإلكتروني، أكبر المواقع في الأردن: «قبل أن نتحدث عن سرقة جهد الزملاء، نحن في موقع (عمون) ضحية لسرقة أخبارنا، وقد سرقت أخبار مهمة بالكامل ولم يذكر المصدر، وأحيانا تسرق الأخبار دون تعديل أو إعادة تحرير، وسبق أن تعمدنا وضع أخطاء لغوية في خبر ما ونراه في الصحف اليومية بنفس الخطأ».

وأضاف الحياري لـ«الشرق الأوسط»: «يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم»، متسائلا: «ماذا نأخذ منهم، وما الأخبار التي نأخذها؟ نحن ننشر الأخبار في لحظتها وهم ينشرون الأخبار في اليوم التالي. أعتقد أن الصحف اليومية هي التي تأخذ منا الأخبار».

وطالب الحياري الصحف اليومية أن تذكر مصدر الخبر مثلما تفعل مع الصحف العربية مثل «الشرق الأوسط» و«الحياة»، أو الأجنبية أو الإسرائيلية.

وأضاف الحياري: «كثير من المواقع الإلكترونية تنافس الصحف اليومية، وهي تعلم المهنية للكثير من الصحافة الورقية، التي بدأت الآن تفقد الكثير من القراء، وبدأ الناس هنا في عمان يتجهون نحو الصحافة الإلكترونية، وهو ما دعا بعض الصحف أن تقوم بحملة ضد الصحافة الإلكترونية، ومحاولة تأطيرها ضمن القانون».

وكان قرار قضائي قطعي أصدرته محكمة التمييز، أعلى هيئة قضائية في الأردن، قضى بإخضاع المواقع الإلكترونية لرقابة دائرة المطبوعات والنشر، وهي هيئة الرقابة الحكومية على المطبوعات في البلاد.

ويعتبر القرار سابقة قضائية، وجاء فيه أن المحكمة قررت اعتبار المواقع الإلكترونية من المطبوعات وفقا لتعريف المطبوعة الوارد في قانون المطبوعات والنشر، وتخضع لأحكامه.

ويضع قرار محكمة التمييز في الأردن حدا للجدل المندلع منذ سنوات في الأردن حول المواقع الإلكترونية وهويتها القانونية، في الوقت الذي اعتبر فيه مراقبون أن صعوبات كبيرة ستواجه تطبيق القرار، إضافة إلى ما سيفرضه من قيود على حرية الرأي والتعبير، لا سيما مع وجود ما يزيد عن 55 موقعا إلكترونيا إخباريا، إضافة إلى مئات المدونات الشخصية والمنتديات.

واعتبرت المحكمة في قرارها أن المواقع الإلكترونية تدخل ضمن تعريف المطبوعة بشكل عام وفقا للمادة الثانية من قانون المطبوعات والنشر، والتي عرفها المشرع بأنها «كل وسيلة نشر دونت فيها المعاني أو الكلمات أو الأفكار بأي طريقة من الطرق»، وأن الموقع الإلكتروني هو وسيلة من الوسائل التي يتم فيها تدوين الأفكار والمقالات ونشرها.

وقال أحد الصحافيين، فضّل عدم ذكر اسمه: «لا يمكننا التعليق على قرار المحكمة وإلا سنتعرض للمساءلة القانونية بموجب قرار المحكمة، موضحا أن القرار القضائي سيثير مشكلات فنية كبيرة بالنظر إلى العدد الهائل من المواقع الإلكترونية والمدونات والمنتديات الموجودة في الأردن».

وأكد أنه لا بد من وجود شكل ما لتنظيم عمل المواقع الإلكترونية، وأن تكون هناك ضوابط لعملها تنظيميا دون المساس بسقف الحرية العالي الذي تتمتع به.

من جهته أكد الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحافيين نضال منصور أن قرارات المحاكم واجبة التنفيذ على الرغم من أن للمركز المعني بالحريات الصحافية في الأردن رأيا آخر في الموضوع القانوني حول هوية المواقع الإلكترونية، من حيث عدم خضوعها لقانون المطبوعات والنشر.

وأعرب منصور عن اعتقاده أن القرار القضائي سيعقّد الأمور أكثر بالنسبة إلى الكثير من القضايا القانونية المتعلقة بعمل المواقع الإلكترونية. وأضاف أن الأهم من القرار هو فيما إذا كان سيتبعه إجراءات وأنظمة تتعلق بالمواقع الإلكترونية، متسائلا عما إذا كان الصحافيون سينشطون للمطالبة بإدخال تعديلات على قانون المطبوعات والنشر تضمن المزيد من الحريات للعمل الصحافي. وقال: «أعتقد أن المشكلة تكمن في أن فلسفة المشرع في الأردن تتجه إلى التقييد وليس الإباحة».