مونيكا سانز: أقود السيارة في إسبانيا.. وأشرب قهوتي بالهيل والزعفران

المذيعة الإسبانية تطل على السعوديين عبر قناتهم الإنجليزية

TT

في الوقت الذي تظهر فيه معظم مذيعات القنوات العربية بمساحيق تجميل صارخة ومظهر لافت، تمتلك المذيعة الإسبانية مونيكا سانز ملامح شرقية، وأداء عفويا على الشاشة قربها كثيرا من المشاهد. وعلى الرغم من أن إطلالتها عبر «القناة السعودية الثانية» باللغة الإنجليزية، فإنها خلال لقائنا معها الذي خصته بصحيفتنا تحدثت كأي فتاة «نجدية» (أي من منطقة نجد الوسطى في السعودية). ورددت أمثالا شعبية ربما يصعب على بعض السعوديين فهمها كـ«احطبه أبونا ما فيها هرة»، كما قالت: «أمنيتي أن أقبل رأس ويدي أبي الملك عبد الله بن عبد العزيز لأنه أب وإنسان وملك بأخلاقه».

وتقدم مونيكا حاليا عدة برامج من ضمنها برنامج «بريدجز» الحواري عبر القناة السعودية الناطقة بالإنجليزية، الذي يمد الجسور بين الثقافات ويطرح الكثير من المواضيع المعاصرة والحالية من خلال مناقشة قضايا الساحة السياسية والاقتصادية والثقافية. كما اختصتنا بمعلومة صغيرة عن قناة جديدة ستبث من خارج المملكة.

ولقد اختارت الظهور عبر شاشة «القناة الثانية السعودية» بعد فترة انقطاع طويلة أضافت إلى خبرتها خلال تلك الفترة العلاقات العامة من ثم عادت. وقالت «أنا ابنة القناة الثانية، هي أول قناة تبنتني، وتعلمت من خلالها العمل التلفزيوني».

وجاءت المذيعة المولودة في بلد الوليد بإسبانيا مع والديها للسعودية وهي في سن الثالثة ولم تخرج سوى لإكمال دراساتها الجامعية لكنها كانت دوما - على حد قولها - مذيعة كما قالت باللهجة السعودية «من يومي ماسكة الفرشة وأسوي لقاءات مع إخواني وعيال الجيران وفي الإذاعة المدرسية».

وتعتقد مونيكا أنها ولدت لتخبر وتبحث عن المعلومة، فقد قالت خلال لقائنا بها: «أظن أنني إذا كنت خلقت قبل 500 عام لكنت أرى نفسي أقص القصص على أبناء المدينة».

وبدأت مونيكا مشوارها في الإعلام في سن صغيرة من خلال تقديم برنامج للأطفال في سن السابعة على الإذاعة الرئيسية في بلد الوليد في إسبانيا، حيث كانت تتحدث كل صيف (خلال إجازة الصيف) عن ماذا تعلمت في المملكة العربية السعودية وتغني أغاني للأطفال باللغة العربية.

ثم قدمت عدة برامج مع المذيعة آمال حمودة على «إذاعة الرياض» ومنها إلى القناة الثانية في ربط الفترات ومن ثم برنامج «ليلة خميس» (ثيرسدس نايت) مع المخرج عبد الرءوف الخليتيت. أما في القناة الأولى فقدمت برنامج «هذه مهنتي» للأطفال مع المخرج ناصر الهذلول ومن ثم عملت في قناة «العربية» وعادت حاليا مع «القناة الثانية السعودية» وبهذا الخصوص تقول: «تقدمت بنفسي إلى مدير (القناة الثانية) آن ذاك الدكتور عبد العزيز أبو النجا، ومدير البرامج الدكتور شلهوب الشلهوب اللذان وثقا بي وقاما بدعمي وتقديم لي فرصة الانطلاق كمذيعة».

وقد تدرجت نوعية البرامج التي قدمتها المذيعة - التي تتقن 5 لغات مختلفة والكثير من اللهجات العربية - منذ البدايات من برامج المنوعات الترفيهية، وبرنامج الأطفال، وقراءة الصحف، بالإضافة إلى الترجمة والدبلجة الصوتية، إلى جانب تقديم تقارير اقتصادية عبر قناة «العربية».

وعن الفروق بين بلد الوليد والرياض قالت: «أقود السيارة في إسبانيا، أما في السعودية أرتدي عباءتي وأشرب قهوتي بالهيل والزعفران، فهنا بيتي وأصدقائي وحياتي». مضيفة أن الحياة في أي مكان في العالم هي تجربة رائعة باختلافاتها. وتقول: «علمني والداي أن أنظر دوما إلى الجزء المملوء من الكأس وأسعد بما لدي، فالرضا نعمة عظيمة من رب العالمين إلا أنني لا أكل ولا أمل في السعي إلى أن أنمي معرفتي وقدراتي في كل لحظة من حياتي».

وسألناها عن رأيها الشخصي عن الشعب السعودي فهي تقول: «وش بقولك عن عيال ديرتي؟ كل خير الظفر ما يطلع من اللحم واحنا (وهنا تقصد السعوديين) شعب زي كل الشعوب فينا الزين وفينا الشين بس الزين فينا إننا نعرف عن كل العالم أكثر مما العالم يعرف عنا».

أما عن الإعلام بشكل عام تذكر: «أعتقد أن عمل مقدم البرامج لا يقتصر على سماع ما يخبره به المعد من خلال جهاز السماعة وإنما هي مسؤولية عظيمة مناطة به، فعلى مقدم البرامج أن يكون مثقفا ملما على الأقل بالموضوع الذي يتحدث عنه/ فيه وأن يأخذ دوما منحى حياديا يسمح فيه للمشاهد بتكوين وجهة نظره الخاصة». وتضيف: «كل مرة أظهر على الشاشة أحس بالخوف، وتتسارع دقات قلبي، لا من الكاميرا فأنا أعشقها، بل لأنني أتحدث مع الكثير من المشاهدين بخلفياتهم المختلفة وعقلياتهم المتنوعة والوصول إليهم جزء من المسؤولية، لذا فإنني ومثل أيام الدراسة، اختبر معلوماتي وأدرسها جيدا قبل كل ظهور فأسعى إلى قراءة كل ما أستطيع وأقدم للمشاهد بحيادية المعلومة بعيدا عن التوجيه ليقرر هو ما يناسب فكره».

ولأن العمل لا يخلو من الهفوات قالت: «ليه بس الفضايح» وأردفت: «حصل عام 1992 وفي أول ظهور لي على الهواء مباشرة على (القناة الثانية) في ربط الفترات - وحينها لم يكن لدينا (أوتو كيو) في الاستوديو - نسيت السطر الذي كنت اقرأ منه.. وعندما نظرت إلى الورقة ثانية لم أجد شيئا أقرأه، فبات كل شيء مظلما أمامي وتخيلت مئات الآلاف من الأشخاص ينتظرون جملتي التالية.. فكرت لوهلة الهرب والخروج من الاستوديو.. غير أنني بعد عدة ثوان (التي في التلفزيون تبدو كعدة دقائق) أخذت نفسا عميقا، وابتسمت، واعتذرت وتابعت».

ووصفت تجربتها في العلاقات العامة والتلفزيون بأنهما تجربتان «مكملتان»، مشيرة إلى استثمارها دراساتها الأكاديمية المتصلة بمجال العلوم السياسية والإعلام والعلاقات العامة وفي الانخراط بالمجالين حيث تحمل درجة البكالوريوس في العلوم السياسية والدراسات الدبلوماسية ودبلوم حقوق إنسان.

وفي الوقت الذي تظهر فيه معظم مذيعات القنوات العربية بمساحيق تجميل صارخة ومظهر لافت، قالت إنها ترفض أن ينظر إليها كـ«وجه» أو «جسد» بل مجموعة من الخبرات، والثقافة، والمسؤولية. لافتة إلى أنها تشارك باقتراح وإعداد البرنامج مع جميع المعدين وطاقم البرنامج في الحلقات التي تقدمها، كما تشرف شخصيا على أن يكون الناتج الأخير لكل حلقة كما يجب.

أما عن محتوى الحلقات فتقول: «يستدعي أياما كثيرة من قراءة أكبر عدد ممكن من المصادر، ومن ثم تنقيح المعلومات، وأخيرا خلق العمود الفقري لمحور النقاش».

وعبرت عن انزعاجها عند سؤالها حول أن قلة ظهور المذيعات السعوديات في القنوات الناطقة بالإنجليزية المحلية خلق فرصة للمذيعات من جنسيات مختلفة للبروز في البرامج السعودية. وقالت: «أعتبر نفسي مذيعة سعودية روحا وجغرافيا.. لا مجال للجدال. واليوم لا أعرف سعودية لا تتحدث على الأقل لغتين، وندرة ظهور مذيعات سعوديات في القنوات الناطقة بالأجنبية ربما يرجع إلى اختياراتهن الشخصية وليس لأي أسباب أخرى، فالمذيعات والإعلاميات السعوديات موجودات منذ أن بدأت وقبلها بكثير».

وتقضي مونيكا أغلب وقتها في العمل، أما عن ساعات الراحة فهي تنتهز أي فرصة للقراءة الفلسفية والحديث البناء فتقول: «أؤمن بأن الإنسان ما إن يحيط نفسه بأناس ذوي أفكار وسلوكيات إيجابية يصبح مثلهم ويتعلم منهم، لذا فإنني أحاول أن أحيط نفسي بأشخاص ذوي فكر ومعرفة لأحسن من شخصي وأتعلم ما يناسبني منهم».

وكما أحب أن أصنع الأشياء المختلفة فأنا كثيرا ما أصمم ملابسي للسهرة أو أثاث غرفتي أو هدايا من أحبهم، فقيمة هذه الأشياء لا تقدر بثمن لأن قيمتها الحقيقية هي الوقت الذي أخصصه لصناعتها والشعور الرائع عندما أنهيها تماما كما تخيلتها».

وعن فارس أحلامها قالت: «لا أؤيد المصطلح، لست بحاجة إلى فارس ليقود أحلامي فأنا أقودها بنفسي، ولكن إذا كان المعنى كيف يبدو الرجل الذي أحلم به أو شريك حياتي فأنا أراه: يحترمني، كما يفهم تركيبة دماغي ويساندني في النهوض معا بحياتنا، أما عن جنسيته فهي ورقة لا تعني لي شيئا، فكما قلت لك أنا سعودية الروح وإن لم أحمل الجواز».

وعادت مونيكا من إجازتها في إسبانيا.. وحول أصداء فوز المنتخب الإسباني بكأس العالم قالت: «أصداء؟ وأي أصداء.. بل كانت صرخات فرح ليومين متتالين لم أتمكن خلالهما من النوم، فقررت أنا أيضا أن أنضم إليهم. أول مرة تفوز إسبانيا، وبصراحة كان المنتخب محظوظا جدا»، أما حول الفرق السعودية فقالت: «أنا مع الفائز وأطبطب على الخسران».