«تولو».. ثورة في سماء الإعلام الأفغاني

مالك المحطة لـ «الشرق الأوسط»: إرسالنا يغطي عموم البلاد.. وطالبان تتابع برامجنا.. وقلة من الجهاديين تكرهنا

سعد محسني مالك محطة «تولو» الأفغانية («الشرق الأوسط»)
TT

بعد تسع سنوات على الإطاحة بنظام طالبان الذي منع الموسيقى والشاشة الصغيرة من دخول المنازل الأفغانية، يحقق برنامج «أفغان ستار» للعام السابع على التوالي، المنسوخ عن برنامج «ستار أكاديمي» العالمي، نجاحا باهرا بين الشباب والأفغان بصورة عامة، واستطاع النجوم الشباب من الجنسين، الذي كان يتمرد سرا على تعاليم الحركة الأصولية، كسب إعجاب الجمهور على الهواء بفضل تمايلهم على وقع الأنغام الحديثة والأغاني التي أدوها مثل «حبك يصيبني بالدوار»، و«عد إلى عشي».

وتتمتع قناة «تولو» أو طلوع التي تعني باللغة الأفغانية «الفجر» بشعبية كبيرة في أفغانستان، وهي تحتل الريادة وسط منافسة من محطة «أريانا».

وتستحوذ قناة «تولو» على نحو 90 في المائة من سوق الإعلانات التلفزيونية الأفغانية، وتسعى إلى زيادة حدود مساحة الحركة التي تتعامل من خلالها، بما في ذلك الترويج للثقافة الشبابية وتناول الكثير من القضايا التي تعتبرها الثقافة التقليدية في أفغانستان من المحرمات.

و«تولو» تبث برامجها في الغالب بالداري أو الفارسي في حين أن «لامار» تبث باللغتين الرئيسيتين اللتين يتحدث بهما الأفغان، بالإضافة إلى محطة إذاعة أفغانية على الـ«إف إم» انطلقت عام 2003، أي قبل «تولو» بعام واحد، ثم انطلقت قناة «لامار» هي الأخرى عام 2005، وأوضح أنه انطلق في دهاليز الإعلام تدريجيا، لأن خلفيته كرجل أعمال ومصرفي كانت تتطلب منه التريث، لكن والحمد لله نجح مع شركائه في تحقيق الكثير من النجاحات الواحدة تلو الأخرى من جهة الجذب الإعلاني وتقديم برامج كانت قفزة غير مسبوقة وحديث المجتمع الأفغاني.

ومن المقرر بحسب مالك المحطة سعد محسني، الذي أجرت معه «الشرق الأوسط» الحوار عبر البريد الإلكتروني، أن تنطلق النسخة السابعة من برنامج المسابقات الغنائي الشهير بعد شهر رمضان، وهناك قناة شقيقة لـ«تولو» اسمها «لامار» تنطلق من المؤسسة نفسها، وسعد محسني في الأساس رجل أعمال ومصرفي عاش وتربى في أستراليا، وجاء بعد سقوط طالبان، ليشارك في النهضة الثقافية والاجتماعية لبلاده. وجاء معه الحوار على النحو التالي:

* هل لك أن تطلعنا قليلا على نفسك؟

- أنا أفغاني نشأت في لندن وكابل وطوكيو وملبورن، بدأت عملي كمصرفي ثم انتقلت إلى أفغانستان في عام 2002 لتأسيس محطة تلفزيونية.

* ما الذي دفعك إلى تغيير عملك من مجال المصارف في أستراليا إلى العمل في مجال الإعلام؟

- كأفغان شعرت أنا وأخواي (زياد وجهاد محسني) بأن علينا رد الجميل لأفغانستان وضرورة العودة للمساهمة في تنمية القطاع الخاص، وما إن قدمنا إلى هنا حتى ركزنا جهدنا على العمل الإعلامي، وفي عام 2002 بدأنا العمل بمحطة إذاعية محلية واحدة، والآن تمتلك مجموعتنا وندير 15 منبرا إعلاميا (من بينها ثلاث محطات تلفزيونية وشبكتا راديو).

* هل لديك خطط لإطلاق محطات تلفزيونية إضافية إلى جانب القنوات الحالية «تولو» و«لامار»؟

- نعم، فقد دشنا مؤخرا قناة «تولو نيوز» التي تعمل على مدار 24 ساعة، كما نملك حصة 50 في المائة من قناة «بان برسيان إنترنتينمنت تشانل».

* هل لك أن تطلعنا على برامج قناة «تولو تي في» في رمضان؟ هل هناك زيادة ملحوظة في البرامج الدينية؟

- نظرا لقدسية شهر رمضان، فإن قناتنا تلتزم العادات الاجتماعية والدينية، فنحن نذيع مسلسلات ذات مضمون ديني في فترة المساء، وبالطبع نذيع برامج حوارية لإظهار المعاني الحقيقية لرمضان والإسلام، كما نقدم برنامجا حيا بعنوان «تراتيل»، وهو برنامج مسابقات لتلاوة القرآن الكريم يتنافس فيه الشبان والشابات على جائزة أفضل قارئ للقرآن، وهناك برامج دينية أخرى سمحة تلتزم المنهج الوسطي في الدعوة والإرشاد، وبرامج دينية أخرى تتحدث عن الدين الحنيف والأماكن المقدسة في السعودية ومصر وماليزيا وإندونيسيا، وهو يعطي جرعة سياحية عن كيفية انتشار الدين الإسلامي وتأثيرها في حياة الأفراد.

* تحظى القناة بشعبية كبيرة الآن بعد تقديمكم برنامج «ستار أكاديمي» الذي حقق شهرة كبيرة، فهل تفكرون في تقديم برامج جديدة تعتقدون أنها ستكون ناجحة؟

- نعم هناك الكثير من البرامج المصنوعة محليا ومن بينها مسلسل تلفزيوني (سيكون النسخة الأفغانية من مسلسل «24» الأميركي) يعرض في سبتمبر (أيلول)، كما تنتج شركتنا «كابورا» 15 ساعة من المحتوى اليومي الذي يذاع على القناة ويضم برامج حوارية ومسلسلات حركة وبرامج مسابقات ومسلسلات، ولم أصدق حجم النجاح الذي حققه برنامج «ستار أفغان أكاديمي» عند عرضه للمرة الأولى على شاشة «تولو». بلا استثناء، كل الذين ظهروا في البرنامج من فتيات وشبان أفغان باتوا اليوم نجوما معروفين.

* هل تعتقد أن برامج مثل «ستار أكاديمي» والمسلسل الدرامي «راز هايين خانا» غيرا من الصورة التي يفكر بها الأفغان؟

- يمكن للدراما أن تلعب دورا مهما في تثقيف الشعوب وتيسير عملية التغير الاجتماعي، وبرامجنا النقاشية أو الإخبارية يمكنها القيام بالكثير لتغيير الأفغان نحو الأفضل، والأغلبية من الشعب الأفغاني تقف في العادة إلى جانبنا؛ تنصرنا وتحبنا وتؤيدنا، وقلة فقط من الأصوليين لم تتعاطف معنا، وهناك نحو 20 محطة تلفزيونية على الأقل تعمل في محيط البث الأفغاني، بعضها محلي لا يتعدى بثه مزار شريف أو كابل أو قندهار. وهناك اليوم خمس محطات يغطي إرسالها عموم الأراضي الأفغانية، من بينها محطتا «تولو» وشقيقتها «لامار».

* هل تعتقد أن إنتاج وتوافر مثل هذا النوع من البرامج حررت الشعب الأفغاني خاصة في ما يتعلق بمجالات العمل بالنسبة للأجيال الجديدة؟

- 60 في المائة من الشعب الأفغاني دون سن العشرين، والشباب الصغار لديهم شهية كبيرة للتعلم، وكنا خلال عملنا نناضل لتعليم والترفيه عن الشعب الأفغاني ونأمل تيسير هذا التغير الاجتماعي.

* كم عدد المحطات التلفزيونية الأفغانية تقريبا؟ وما القناة التي تعتبرونها منافسكم الرئيسي؟

- هناك أربع أو خمس شبكات تبث على مستوى أفغانستان و28 قناة في كابل، والمنافسة بينها حامية على أشدها، لكننا لا نزال نتسيد المشهد الإعلامي، أما منافسنا الرئيس فهي قناة «أريانا».

* كم عدد مشاهدي قناتي «تولو تي في» و«لامار تي في» بالمليون؟

- أعداد المشاهدين تختلف، لكن أهم برامجنا تبث على قناة «تولو»، ونعتقد أنها تجذب 12 مليون مشاهد مثل برنامج نهائيات «أفغان ستار».

* ما الفئة العمرية التي تستهدفها برامجكم، أهم كبار السن أم الشباب؟

- بالنظر إلى أن غالبية العائلات لا تمتلك سوى جهاز تلفزيون واحد فإن برامجنا موجهة للعائلة، ونظرا لاختلاف الأذواق نحاول أن نقدم مجموعة متنوعة من البرامج قدر الإمكان.

* في رأيك، أي المذيعين أفضل: النساء أم الرجال؟

- نحن أكثر المحطات شعبية، ولذا نعتقد أننا نجذب الرجال والنساء.

* هل يشترط على المذيعات ارتداء الحجاب على الشاشة، أم أن هذا مسألة شخصية؟

- لا يطلب من أحد ارتداء الحجاب، بيد أن غالبية مقدمات البرامج يخترن تغطية شعورهن، وهو خيار شخصي.

* حققت «موبي غروب» التي تمتلكونها خطوات واسعة في إمكانية الوصول إلى المعلومات سواء داخل أفغانستان وخارجه، فهل تعتقد أن ذلك منح الشعب الأفغاني الفرصة للحصول على وجهة نظر أكثر وضوحا بشأن الأوضاع الآنية في أفغانستان؟

- نحن نهدف إلى تقديم خيارات متعددة للعامة، وهذه الخيارات تنطبق على البرامج والأفكار ووجهات النظر.

* هل يواجه عملكم الإعلامي قيودا نتيجة للرقابة على الأفكار أو قمع حرية التعبير؟

- نحن ندرك تماما أعرافنا الاجتماعية وحذرون للغاية بشأن عدم انتهاك تلك الأعراف، على الرغم من تبني الحكومة الأفغانية سياسة «عدم التدخل»، إلا أنها أصدرت قرار مؤخرا بمنع برنامج «ديل أو نو ديل» أحد أكثر البرامج شعبية، ولذا نحن قلقون بشأن المستقبل في أفغانستان.

* هل وجهت إليكم أي تهديدات سواء من قبل مجموعات متطرفة أو منظمات أخرى؟ وكيف تعاملتم مع هذه التهديدات؟

- نعم، نتلقى تهديدات بصورة يومية، ومن الطبيعي أن نأخذ كل تهديد يتعلق بأمن المسؤولين في أفغانستان إضافة إلى حماية العاملين في محطاتنا ومنشآتنا، على محمل الجد بقدر ما نستطيع.. أغلبية الأفغان تشاهدنا ولكن هناك قلة من الإسلاميين والجهاديين تكرهنا.

* في ضوء التهديدات الكثيرة وأعمال القتل التي طالت صحافيين أفغانا منذ تولي كرزاي السلطة في عام 2002، هل تحس بالحاجة إلى طلب الحماية عند التجول في كابل؟ وما مستوى الأمن في المدينة؟

- هناك أمن نسبي في المدينة لكن علينا التزام الحيطة، غير أننا لا ندع هذه التهديدات تقف حائلا دون القيام بمهمتنا.

* كنت في أستراليا إبان سيطرة طالبان على الأوضاع في أفغانستان، فهل كنت تتابع الموقف عن كثب أم أنك لم تكترث للأمر ما دمت غير مقيم بأفغانستان؟

- كنت أقيم بأستراليا لكني كنت قلقا على بلادي وأهلها ومستقبلها، فقد كانت أفغانستان حاضرة دائما معنا.

* تقام الانتخابات البرلمانية خلال الفترة المقبلة، فهل لديك خطط لترشيح نفسك كعضو برلماني أو من هو مرشحك المفضل الذي ستصوت له أو لها؟

ـ كلا، ليس لدي خطط للترشح في البرلمان، ولم أقرر بعد المرشح الذي سأصوت له.

* في رأيك، ماذا يحمله المستقبل لأفغانستان؟

- أفغانستان تمر بمرحلة محورية اليوم، وإذا ما تحسنت أوضاع الأمن والإدارة والاقتصاد عندها ستكون المؤشرات جيدة، وإلا فسيواصل الموقف تدهوره، ولذا يجب على المجتمع الدولي (إلى جانبه القوات الدولية) والحكومة الأفغانية بذل المزيد من الجهد.