في غرفة المعيشة.. مدمنو القنوات التلفزيونية المدفوعة

ضرب من الخيال يتقاسمه الأميركيون.. التحول إلى الحدود المفتوحة من الفيديو على الإنترنت

TT

إنه ضرب من الخيال يتقاسمه الكثير من الأميركيين: إلغاء تلفزيون الكيبل وفواتيره الشهرية الضخمة والتحول بدلا من ذلك إلى الحدود المفتوحة من الفيديو على الإنترنت.

ويجد البعض أن هذه الحقيقة ليست بهذه البساطة.

ما عليك سوى سؤال بيل ميتشل (40 عاما)، مهندس في وينستون ساليم بولاية نورث كارولينا. لقد ألغى خدمة الكيبل من شركة «تايم وارنر» التي كان مشتركا فيها، وأوصل تلفزيونه بالإنترنت لمشاهدة المسلسلات الكوميدية والبرامج المفضلة لديه، باستخدام منتجات من شركتي «آبل» و«بوكسي».

واستمرت تجربته 12 شهرا. وفي الآونة الأخيرة، وعلى مضض، عاد إلى الاشتراك في خدمات الكيبل مرة أخرى مقابل 130 دولارا في الشهر، ويرجع السبب في ذلك إلى رغبة أسرته في مشاهدة برامج لم تكن متاحة على الإنترنت.

وقال: «المشكلة هي أننا أدمنا المسلسلات على (إتش بي أو) و(شوتايم)، مثل (ترو بلود) و(دكستر)»، مضيفا أنه يتمنى أن يستطيع شراء العروض التي يريدها فقط بدلا من الاشتراك في حزمة كبيرة من القنوات التي لا يريدها. «إنه أمر محبط للغاية».

إن هذه أوقات مربكة في غرفة المعيشة. لقد قاد انتشار الإنترنت إلى الكثير من الحديث حول «قطع السلك»، وهو مصطلح بات يستخدم للإشارة إلى إلغاء القنوات التلفزيونية التقليدية المدفوعة واستبدال برامج من مجموعة من المصادر على الإنترنت بها.

لكن حتى الآن لا يفعل الأميركيون ذلك بأعداد كبيرة. وقال بروس ليتشتمان، رئيس مجموعة «ليتشتمان للأبحاث»، التي تدرس العادات الإعلامية للمستهلكين، «لا توجد أي أدلة على أن ذلك سيظهر في المستقبل القريب».

ويقول المحللون في الصناعة إن ذلك ملحوظ إلى حد كبير لأنه يبدو أنه يتحدى الطريقة التي تقاطع بها الإنترنت عمليا مع جميع صور الإعلام الرئيسية الأخرى، من الموسيقى إلى الصحف والكتب.

ويرجع السبب جزئيا في ذلك إلى أن شركات التلفزيون قامت بتحرك لتجنب نفس المصير. قام الموزعون والمنتجون الكبار بحماية نماذج النشاط التجاري لديهم عن طريق ضمان أن بعض البرامج والمسلسلات الشيقة والأحداث الرياضية المباشرة لا يمكن مشاهدتها بصورة قانونية على الإنترنت.

وتدفع شركات التكنولوجيا ببدائل مثل أجهزة استقبال متصلة بالإنترنت. بيد أن استخدام هذه الأجهزة ليس سهلا مثل الاشتراك في خدمة القمر الاصطناعي أو الكيبل، لا سيما بالنسبة إلى الأفراد الذين يريدون مشاهدة البرامج والمسلسلات على أجهزة تلفزيونات تحتوي على شاشات كبيرة ومسطحة وليس على الكومبيوتر.

وهكذا، وفي معركة غرفة المعيشة، يبدو أن عام 2010 هو العام الذي تعزز فيه هذه الوسيلة الحالية حضورها.

واكتشف استطلاع رأي لصحيفتي «نيويورك تايمز» و«سي بي إس نيوز» خلال الشهر الحالي أن 88 في المائة من المستجيبين يشتركون في خدمة التلفزيون التقليدية. وفكر 15 في المائة فقط من هؤلاء المشتركين في استبدال خدمات الفيديو على الإنترنت مثل «هولو» و«يو تيوب» بخدمة الكيبل.

وعلى الرغم من ذلك، يعد الشباب الأصغر سنا مفتونين بهذه الاحتمالية، حيث كان المستجيبون تحت 45 عاما أكثر ميلا بدرجة كبيرة من المستجيبين الأكبر سنا للقول بأنهم يفكرون في استبدال خدمة القنوات التلفزيونية المدفوعة. وتم إجراء هذا الاستطلاع في 3 وحتى 5 أغسطس (آب) الماضي على 847 مستجيب.

وحتى خلال الانكماش الاقتصادي، واصل عدد المشتركين في خدمات القنوات التلفزيونية المدفوعة النمو. وأضاف مقدمو قنوات الكيبل والقمر الاصطناعي والألياف البصرية 677 ألف مشترك خلال الربع الأول من العام الحالي، وفقا لشركة الاستثمارات «ستانفورد سي بيرنستاين».

وتظهر الأرقام الأولية للشركة للربع الثاني، التي تعد ضعيفة، إلى انخفاض طفيف في عدد المشتركين. وقد استحوذ مقدمو قنوات القمر الاصطناعي وخدمة «فيوس» من «فيريزون» حصة سوقية من قنوات الكيبل.

وتقول شركات الكيبل والقمر الاصطناعي إن عملاءها لا يرغبون في دفع المزيد - ووصف الرئيس التنفيذي لشركة «كومكاست»، برايان روبرتس، العملاء الذين لا يدفعون سوى للفيديو، من دون حزمة من الخدمات الأخرى، بأنهم «حساسين للغاية للأسعار» – لكنها تصر على أن قطع الخدمة لم يكن اتجاها تعويقيا على نحو خاص.

وللمحافظة على العملاء، خصوصا العملاء الذين يقارنون بين الأسعار، تصبح الشركات أكثر إبداعا. وتحاول هذه الشركات إحضار تجربة غرفة المعيشة إلى جميع الشاشات الأخرى في منزل العميل، بما في ذلك أجهزة الكومبيوتر المحمولة وأجهزة الكومبيوتر اللوحية. وفي الأسبوع الماضي، أصبحت شركة «فيريزون» آخر شركة تعلن عن خطط لتطبيق يضع القنوات التلفزيونية المباشرة على أجهزة «آي باد».

وتدير شركة «كيبل فيجن»، في منطقة مدينة نيويورك، محاولات مماثلة على أجهزة الكومبيوتر اللوحية والهواتف الذكية، حسبما ذكر توم روتليدج، مدير التشغيل في الشركة، في اجتماع يناقش نتائج أعمال الشركة الشهر الحالي. وأضاف روتليدج: «إن رؤيتنا هي أننا سنقدم خدمتنا بالكامل، كل شيء نقدمه في المنزل، على أي جهاز يمكنه عرض قنوات التلفزيون أو العمل كجهاز تلفزيون في المنزل».

وقال كريغ موفيت، المحلل بصناعة الكيبل في «بيرنستاين»، إن فرص الشركات التي تقدم الخدمات التلفزيونية المدفوعة ستنخفض، نظرا لعدم رضا العملاء عن الأسعار، وكذلك الجهود المستمرة من جانب شركات التكنولوجيا لتقديم البدائل.

وكتب موفيت في مذكرة أخيرة إلى المستثمرين، قائلا إن رجال الأعمال «سيواصلون اقتحام القلعة حتى يأتي شخص ويفهم الأمر». لكنه وصف قطع الخدمة بأنه «أكثر ظاهرة مبالغ فيها في تاريخ التكنولوجيا وتنطوي على إفراط في التوقعات».

ويقول الكثير من الأفراد بأنهم تعهدوا بقطع خدمة الكيبل للأبد. وهؤلاء الأفراد من الشباب الذين يعرفون جيدا كيفية التعامل مع الإنترنت واعتادوا على مشاهدة الفيديو على أجهزة الكومبيوتر وغيرها من الأجهزة.

واكتشفت الدراسة التي أعدتها «نيويورك تايمز» و«سي بي إس نيوز» أن الأفراد تحت سن 45 عاما كانوا أكثر ميلا بأربعة أضعاف من الأفراد فوق 45 عاما للقول بأن خدمات الفيديو على الإنترنت من الممكن أن تحل محل خدمات الكيبل بصورة فعالة.

وقال بريك يونيتس (26 عاما) ويعيش في حي ميشن في سان فرانسيسكو في منزل يتقاسمه مع أربع رفقاء: «أدفع مقابل الحصول على خدمة الإنترنت، فلماذا أدفع مقابل خدمة الكيبل؟» يتجمع هؤلاء الرفقاء بصورة منتظمة في الليل حول مأدبة العشاء ويستخدمون جهاز كومبيوتر محمول لمشاهدة مسلسلات «ذا أوفيس» و«أريستد ديفيلوبمينت»، وغيرها من المسلسلات على مواقع إلكترونية مثل «هولو» و«NBC.com» و«MTV.com».

ويتقاسم هؤلاء الرفقاء فاتورة الإنترنت التي تبلغ 40 دولارا، ويدفع أحدهم نحو 10 دولارات في الشهر قيمة الاشتراك في شركة «نيتفليكس». وفي الماضي، كانوا يحصلون أيضا على نسخ غير قانونية من الأفلام باستخدام نظام «بيت تورينت»، وهو نظام لمشاركة الملفات. وقال يونيتس، مبرمج كومبيوتر حر، إن صديقته تحب بعضا مما كان متاحا بصورة قانونية فقط على القنوات التلفزيونية المدفوعة.

وقال: «بصورة شخصية، لم أحصل مطلقا على خدمة الكيبل، لأن المسلسلات على الإنترنت جيدة للغاية. بإمكانك مشاهدة ما تريد مشاهدته، وفي الوقت الذي تريد». لكن الأفراد أمثال يونيتس لا يزال عددهم قليلا، ويرجع السبب في ذلك إلى أنه من الصعوبة للغاية على معظم الناس العثور على بديل للعروض التلفزيونية على القنوات المدفوعة.

على سبيل المثال، هناك شركة «هولو»، وهي شركة تجتذب عشرات الملايين من المستخدمين كل شهر. يستطيع الناس مشاهدة معظم البرامج الإذاعية على «هولو»، لكن القليل من برامج قنوات الكيبل، لأن هذه البرامج تكون محمية من جانب شركات الإعلام التي تعتمد على الإيرادات من المشتركين. ولا يمكن مشاهدة برنامج «أميركان أيدول»، وهو أكبر برنامج ترفيهي في البلاد، بصورة قانونية على الإنترنت على الإطلاق.

وعلى الجانب الآخر، لا يوجد إقبال كبير على مجموعة من الخدمات مثل «بوكسي»، التي تهدف إلى توصيل أجهزة التلفزيون بالإنترنت ومساعدة الناس على العثور على أشياء لمشاهدتها. ومع ذلك، هناك اهتمام بالاحتمالات: اكتشفت دراسة مسحية عالمية نشرت الشهر الماضي أن واحدا من كل خمسة أفراد يحرص على شراء جهاز تلفزيون متصل بالإنترنت العام المقبل.

وثمة بديل آخر يأتي من أجهزة ألعاب الفيديو، مثل «إكس بوكس 360» من «ميكروسوفت»، و«نينتيندو واي» و«سوني بلاي ستيشن 3». وتوجد هذه الأجهزة في ملايين غرف المعيشة، لكن حتى الآن تشير الأبحاث إلى أن هذه الأجهزة لا تقوض خدمة الكيبل أو القمر الاصطناعي، لكن تكملها بحلقات تلفزيونية وأفلام تدفع الأموال مقابل مشاهدتها.

وبدلا من قطع الخدمة، قال ليتشتمان هناك احتمالية أكبر لما أطلق عليه «خفض الخدمة»، التي تشمل خفض الفاتورة الشهرية لخدمة الكيبل عن طريق إلغاء الأفلام التي يتم دفع الأموال مقابل مشاهدتها، وفي الوقت نفسه تحافظ على الخدمة الأساسية.

وسيكون أي تخفيف مرحب به بالنسبة إلى جون أكرسون (46 عاما)، وهو صديق لأسرة ميتشل في وينستون ساليم، ويدفع 100 دولار شهريا لشركة «تايم ويرنر كيبل»، بحيث يستطيع هو وزوجته، جين، قضاء ساعتين أو ثلاث ساعات كل ليلة في مشاهدة موجز الأحداث الرياضية على شبكة «إي إس بي إن»، ومسلسل «ريال هاوس وايفس أوف أتلانتا» ونشرات الأخبار المحلية.

ونظرا للتكلفة والخلل في الخدمة الدورية، يقول إن لديه «شعورا عميقا بالاستياء يقترب من الكره» لشركة الكيبل. لكن الخيارات الأخرى لم تنجح، على الرغم من أن ميتشل أعطاه برنامجا تعليميا حول استخدام جهاز تلفزيون «آبل».

ووجد أكرسون أنه من المضحك أنه لم يستطع هو وزوجته العثور على بديل، على الرغم من أن كلا منهما ماهر من الناحية الفنية. وحول عدم مقدرته على العثور على بديل لشركة «تايم وارنر كيبل»، قال أكرسون: «أعتقد أن السبب يتعلق بالكسل من جانبي». وإذا قام بالتحويل، «بكل تأكيد، لن أكون قادرا على مشاهدة مسلسل (ترو بلود)».

* خدمة «نيويورك تايمز»