البيت الأبيض ينتقد «فوربس» بسبب قصة غلاف عن أوباما

غيبس: تهم لا أساس لها من الصحة تقول إن الرئيس مسلم وإنه لم يولد داخل الولايات المتحدة

TT

انهالت الكثير من الانتقادات ضد دينيش دسوزا بسبب قصة غلاف بمجلة «فوربس» تتهم أوباما بتبني «قضية معاداة الاستعمار» بعد أبيه الكيني.

ولكن على الرغم من أن معظم المنتقدين ركزوا على المؤلف - ونيوت غينغريتش الذي تبنى النقد - وجه البيت الأبيض نيران مدفعه إلى المجلة الاقتصادية. وقال السكرتير الصحافي بالبيت الأبيض، روبرت غيبس، في مقابلة أجريت معه: «إنه شيء مثير للدهشة، أن ترى دورية ربما تراها داخل عيادة طبيب أسنان، تفتقر إلى الحقائق. أعتقد أن ذلك يمثل انحطاطا من نوع جديد.. هل تحققوا من ذلك في المجمل؟ أم تحققوا من ذلك وتجاهلوه عن قصد؟».

وتناول المتحدث تفاصيل اعتراضاته يوم الخميس خلال اجتماع مع رئيس مكتب «فوربس» داخل واشنطن، براين وينغفيد. ويقول غيبس إنه طلب منه أن «ينقل إلى نيويورك سؤالي عن خطتهم من أجل تصحيح الأخطاء الكثيرة المرتبطة بالحقائق التي أشرت إليها مع آخرين في قصة الغلاف».

ولم تسمح المجلة لرئيس التحرير، ستيف فوربس، الذي سعى للحصول على ترشيح الحزب الجمهوري لمنصب الرئيس عامي 1996 و2000، أو أي محرر آخر بالتعليق. وأصدرت المجلة النصف أسبوعية بيانا قالت فيه: «قصة الغلاف التي قام بها دينيش دسوزا قدمت كتحليل للطريقة التي يفكر بها الرئيس. ولا توجد حقائق محل خلاف. وتؤيد (فوربس) القصة».

ولكن ثمة خلاف كبير بشأن بعض القضايا، ودسوزا - الذي اعتمد في مقاله على كتابه المقبل «جذور حماس أوباما» - لا يتردد في مناقشة عمله.

ويقول دسوزا (49 عاما)، الذي عمل في البيت الأبيض إبان رئاسة ريغان، إن رأيه بأن الرئيس تأثر بدرجة كبيرة بباراك أوباما الأب «فرضية نفسية». ولكنه يؤكد أن فكرة «أن أوباما لديه أصول أجنبية ليست ادعاء، ولكنها إقرار لحقيقة».

الحقائق هي الآتي: تخلى أوباما الأب عن العائلة عندما كان ابنه في الثانية من عمره، ورأى رئيس المستقبل والده مرة واحدة فقط بعد ذلك خلال زيارة إلى هاواي عندما كان في العاشرة. ومات أوباما الأب عام 1982.

ويقول غيبس إن هجوم «فوربس» يأتي في وقت «لا حد فيه للإشارات» الموجهة ضد الرئيس، ومن بينها تهم لا أساس لها من الصحة تقول إنه مسلم وإنه لم يولد داخل الولايات المتحدة.

ويقر دسوزا بوقوع خطأ واحد. كتب أن أوباما «رجل قضى أعوامه الأولى - أول 17 عاما من حياته - خارج الأراضي الأميركية الرئيسية، داخل هاواي وإندونيسيا وباكستان، مع الكثير من الرحلات التالية إلى أفريقيا»، ولكن زار أوباما باكستان مرة واحدة، وهو طالب في الجامعة، وكان عندها أكبر من 17 عاما. (وربما تكون هاواي خارج البر الأميركي الرئيسي، ولكن لا يمكن القول بأنها تبعد عن الاتجاه الأميركي العام).

وعندما وصف غينغريتش المقال بأنه عميق، وقال إن أوباما لديه نظرة عالمية «كينية معادية للاستعمار»، اتهمه غيبس بمحاولة «التقرب إلى المتطرفين». ووجه نائب الرئيس بايدن، لـ«إم إس إن بي سي» انتقادات لرئيس مجلس النواب السابق «لتكرار هذا الكلام التافه». وقال غينغريتش إلى «ديلي كولر» إن تصريحاته «يبدو أنها تمس وترا حساسا في اليسار».

وتبدأ قصة «فوربس» بوصف أوباما بأنه «أكثر رئيس معاد للشركات، ربما في التاريخ الأميركي بأكمله». وبعد ذلك يستخدم دسوزا خيوطا طويلة في محاولة لربط سياسات أوباما بتنشئته. وقال دسوزا في المقابلة التي أجريت معه: «أخذ حلم أبيه، ورؤيته وآيديولوجيته».

وفي الوقت الذي وصف فيه أوباما الأب بأنه متعدد الزوجات، وكان يقود السيارة تحت تأثير مسكر، واتهم بضرب زوجته، يقول المؤلف إن الرئيس «تبنى موقف أبيه الذي ينظر إلى الرأسمالية والأسواق الحرة على أنها كلمات تعني نهبا اقتصاديا.. ويجب العمل من أجل إخراج الاستعمارية الجديدة من أميركا والغرب.. ومن الواضح أن آيديولوجية باراك أوباما الأب المعادية للاستعمار توضح التصرفات والسياسات التي يتبعها ابنه داخل المكتب البيضاوي.. فالأب الغائب يمثل مصدرا للإلهام».

وعلى سبيل المثال، كتب دسوزا أن بنك الصادرات والواردات «بدعم من أوباما» العام الماضي عرض ملياري دولار في صورة قروض وضمانات إلى البرازيل لاستكشاف النفط الذي يقول إنه سيبقى داخل البرازيل (على الرغم من أنه يمكن تصديره). ويشير غيبس إلى أن المصرف لا يوجد به أشخاص عينهم أوباما في ذلك الوقت، وأن مرشح الرئيس لإدارة البنك ينتظر تصديق مجلس الشيوخ. ويصف دسوزا هذا بأنه «لعبة تعتمد على دلالات الألفاظ»، مشيرا إلى أن الرئيس كانت لديه سلطة لوقف التمويل.

وقد كتب دسوزا، الذي له علاقات مع مراكز بحثية محافظة، أكثر من 15 كتابا، من بينها «نهاية العنصرية» و«التعليم غير الليبرالي» و«رونالد ريغان: كيف أصبح رجل عادي قياديا استثنائيا».

وخلال المقابلة، قال دسوزا إنه يرفض صراحة فكرة أن أوباما ولد في مكان آخر غير هاواي. وكشخص قضى أعوامه الـ17 الأول داخل الهند، يقول إنه يشعر «بتشابه غريب مع خلفيتي الشخصية» خلال دراسة رئيس قضى جزءا من طفولته داخل إندونيسيا. «أنا أميركي بالكامل، ولدي نبرة أميركية وزوجة أميركية - ولكن لدي بقايا أجنبية».

ويقول دسوزا إن رأيه في الأشياء التي أثرت على أوباما استمدها بدرجة كبيرة من مذكرات الرئيس «أحلام من أبي»، ولكن هذا الكتاب يصف كفاح شاب لفهم أصوله الأفريقية والأب الذي لم يعرفه على الحقيقة يوما ما، ويعرض صورة نقدية بدرجة كبيرة لرجل تعلم في هارفارد وترك عائلته.

وقد وصفت «كولومبيا جورنالزم ريفيو» هذا الأسبوع مقالة دسوزا بأنها «قلب للحقائق وقطعة من جنون العظمة، بها الكثير من الأخطاء، وأسوأ نوع من العمل الصحافي التشويهي، وعمل يبعث في النفس شعورا بالاشمئزاز».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»