الجامعات اليابانية تجتذب الطلاب الأجانب بقصص الـ«مانغا» المصورة

المقررات تشمل دروسا في الرسم والتلوين وإنتاج الصور المتحركة وإخراج الأفلام وكتابة المسرحيات

أصبحت قصص «المانغا» المصورة مصدر جذب للكثير من الطرب من غير المتحدثين باليابانية («نيويورك تايمز»)
TT

عندما ينشر زاك وود قصصه المصورة على شبكة الإنترنت، يقول زملاؤه اليابانيون إنها تبدو كأنها قصص أميركية مصورة، في حين يقول عنها زملاؤه الأميركيون إنها تبدو بالضبط مثل قصص الـ«مانغا»، وهو نمط قصصي هزلي ظهر في اليابان. وهذا هو المزيج الذي ينشده وود، الذي نشأ في الولايات المتحدة ويدرس حاليا بكلية الـ«مانغا» في جامعة كيوتو سيكا.

وتخرج وود، البالغ من العمر 25 عاما، في جامعة ستانفورد بكاليفورنيا وانجذب طلبة مثله إلى الفنون اليابانية الحديثة حيث يشعرون أنها قد تساعدهم في تطوير مهنتهم في الرسوم المتحركة والتصميم والغرافيك وفي العمل على الترويج لها. وفي حين تعمل الجامعات اليابانية جاهدة على اجتذاب طلبة ليشغلوا حجراتها الدراسية في ظل تراجع معدل المواليد في البلاد، تمنح المزيد من الجامعات درجات علمية في قصص الـ«مانغا» والرسوم المتحركة. ويقول وود: «أحب هذا المكان لأنك داخله تنخرط تماما في التدريب على مهارات الـ(مانغا) والرسوم المتحركة. تبين أن هذا الأمر يتضمن الكثير من المتعة». وبمجرد تسلح الكثير من الطلبة الأجانب بالمعرفة الفنية الفريدة الخاصة بهذا المجال، يتجهون إلى اكتساب الخبرة العملية بعد التخرج وقبل عودتهم إلى بلادهم.

وتقول لي لين لين، وهي طالبة من شمال شرقي الصين تبلغ من العمر 28 عاما وتدرس في جامعة هوليوود الرقمية وهي جامعة داخل طوكيو متخصصة في الرسوم المتحركة وألعاب الفيديو، إنه بعد الحصول على الدرجة العلمية سيكون من «السهل» العثور على وظيفة في مجال الرسوم المتحركة بالصين. وتوضح لي أن المكسب الحقيقي هو الحصول على خبرة عملية في بلد الـ«مانغا». وترغب لي في العمل لدى شركة يابانية للرسوم المتحركة. وأضافت بعد انتهاء محاضرة عن تلوين الرسوم المتحركة الرقمية بعد الظهيرة في أحد أيام السبت: «أعتقد أنه يمكن للمرء أن يفعل ما يريد في وطنه بمجرد حصوله على شهادة وخبرة عملية في مجال الرسوم المتحركة في اليابان».

وقال هيدينوري أوهاياما، مدير الاستراتيجية المستقبلية للشركة في «تويي أنيميشين»، إنه من الممكن للطلبة الأجانب أن يعملوا في شركات يابانية مثل هذه الشركة. وأضاف قائلا: «إن تقدموا للشركة وخضعوا لاختباراتنا واجتازوها، فسيصبحون موظفين مثلهم مثل أي شخص آخر». وأوضح أن الشركة، التي أنتجت فيلمي «دراغون بول» و«سلام دانك»، بها منتجون رومانيون وكوريون وجنسيات أخرى.

وقال كيسين تشانغ، مدير تدريب في «إيماجي ستوديوز»، إحدى شركات إنتاج الرسوم المتحركة العالمية ومقرها في هونغ كونغ، إن أيا من البرامج الدراسية للرسوم المتحركة في أي جامعة يابانية لم ينتشر عالميا بعد. لكنه أوضح أنه من الممكن أن يكون الطلبة الذين يدرسون في اليابان وحصلوا على خبرة عملية في شركات يابانية من أوائل المرشحين للعمل في أي مكان في العالم. وأضاف: «يمكنهم أن يكونوا مفيدين لخط إنتاج الشركة في هذا المجال، حيث يمكن أن يبثوا روحا قد لا نعرفها أو يقدموا شيئا لم ندرك أنه مفيد بالنسبة إلينا». وقال إنه لم ينضم أي من هؤلاء الأفراد إلى فريق العمل بالشركة أو إلى أي شركة منافسة.

من الأسباب المحتملة الأخرى لعدم اكتساب البرامج انتشارا عالميا هو أن اللغة التي يتم التدريس بها هي اليابانية. وأقر تومويوكي سوغياما، رئيس جامعة هوليوود الرقمية، أن اللغة قد تكون حاجزا رئيسيا، خاصة بالنسبة إلى الطلبة الغربيين، وأوضح قائلا: «لو كان لدينا برنامج يدرس باللغة الإنجليزية للطلبة الجامعيين على سبيل المثال، لكان الطلبة الغربيون قدموا إلينا فورا».

ومع ذلك ارتفع عدد الطلبة الأجانب المسجلين ببرنامج دراسة قصص الـ«مانغا» المصورة في جامعة كيوتو سيكا، التي تأسست بها أول كلية للـ«مانغا» في اليابان، من 19 في 2000 إلى 57 خلال العام الحالي من إجمالي 800 طالب. وتشهد جامعة هوليوود الرقمية منذ تأسيسها عام 2005 تزايدا في عدد الطلبة الوافدين من طالب واحد إلى 84 طالبا العام الحالي بما يمثل نحو 20% من مجموع الطلبة. وقال سوغياما: «أريد أن أرى عدد الطلاب يتزايد بنسبة 50% في المستقبل القريب».

وتم استحداث أكثر من 10 أقسام وكليات في الجامعات خلال العشرة أعوام الماضية لتقديم درجة علمية أو مجموعة من الدورات التعليمية التي تستهدف تدريس الـ«مانغا» والرسوم المتحركة وألعاب الفيديو. فضلا عن ذلك تم إنشاء ما يقرب من هذا العدد من المدارس المهنية التي تقدم تدريبا على هذا الفن.

ويختلط طلبة من كوريا والصين وماليزيا وتايوان ودول آسيوية أخرى، وهم يمثلون قطاعا كبيرا من الطلبة الوافدين، معا في جامعة هوليوود الرقمية في مبان حرمها الجامعي يمتد عبر منطقة أكيهابارا في طوكيو، عاصمة عاشقي الـ«مانغا» وألعاب الفيديو والرسوم المتحركة أو الأشخاص غير الاجتماعيين.

عادة ما تشمل المقررات الدراسية في الكليات دروسا في الرسم والتلوين وإنتاج الصور المتحركة، فضلا عن إخراج الأفلام وكتابة المسرحيات ودراسة القوانين الخاصة بحقوق الطبع.

وبدأت الجامعات في الصين وكوريا في تقديم برامج دراسية عن الـ«مانغا» والرسوم المتحركة في السنوات الأخيرة مما جذب الكثير من الطلبة في تلك البلاد. لكن تشير كيكو تاكيميا، عميدة كلية الـ«مانغا» في جامعة كيوتو سيكا وفنانة الـ«مانغا» الشهيرة إلى وجود اختلافات. وأوضحت قائلة: «ما يدرسونه في كوريا رسوم متحركة مثل التي تشاهدها في الولايات المتحدة. إنهم لا يدرسون (ستوري مانغا)».

تتميز قصص الـ«ستوري مانغا»، وهو نوع من قصص الـ«مانغا» التي تعرض كل صفحتين بها في إطار زمني محدد، بطولها وتنوع خطوط الرواية بها مقارنة بالرسوم المتحركة ذات الخط الروائي الواحد والتي تتضمن نكات وفكاهات.

وتقول كيكو إن سر الـ«مانغا» يكمن في عدم معرفته لأي حواجز سواء في الشكل أو المضمون وتشير إلى أن العدد الكبير منها المتوافر في اليابان يفوق العدد المتوافر في أي دولة أخرى. ومن ضمن ذلك الـ«مانغا» والرسوم المتحركة الموجهة للبالغين التي قد تتضمن محتوى جنسيا يتجنبه الكثير من الدول الأخرى.

وقال سوغياما: «ما يدرسونه في الصين هو الرسوم المتحركة للأطفال، لكن ما ندرسه موجه للأطفال والكبار».

تقول جاكلين بيرنت، بجامعة كيوتو سيكا وأحد أعضاء هيئة التدريس القلائل من غير اليابانيين في هذا المجال، إن اللغة والثقافة يمثلان عقبة تحول دون قبول هذه البرامج بشكل كبير. وأشارت إلى عدم تنظيم برامج الـ«مانغا» والرسوم المتحركة في إطار كيان معرفي ونظري متكامل بحيث يستطيع الدارسون من الدول الأخرى فهمها وتقدريها.

ومن أسباب عدم تجميع الفن ضمن إطار معرفي هو أن ازدهار الـ«مانغا» والرسوم المتحركة بشكل إبداعي يرجع لكونها خارج نطاق النظام ومتحررة من أي قيود تفرضها السلطات في بلد يخضع التعليم العام به إلى قيود صارمة.

وقالت كيكو: «ازدهرت الـ(مانغا) باعتبارها ثقافة مضادة في الوسط الأكاديمي. لقد كان هناك مقاومة لفكرة تنظيم الفن في إطار برنامج دراسي» في هذا المجال. ويقر أكثر الطلبة والمدرسون اليابانيون بأن المحتوى المعرفي الذي يدرسونه ما زال في طور التنظيم.

وقال سوغياما: «نحن نقدم تنظيما وفصولا دراسية نعتقد أنها ستفيد الذين سيدخلون هذا المجال، لكن إذا انتظرنا حتى يتم تنظيم الـ(مانغا) والرسوم المتحركة بشكل أكاديمي، فسنتأخر كثيرا. في عالم يتم تحويل المحتوى الإبداعي إلى شكل رقمي وينتشر عالميا، نحن بحاجة إلى تدريب هؤلاء الشباب على هذه الفنون حاليا».

* خدمة «نيويورك تايمز»