انقسام بلد عربي

TT

يجري الآن حدث نادر بالنسبة للأجيال العربية الشابة وهو احتمالية انقسام السودان، أكبر دولة عربية من حيث المساحة، وولادة دولة جديدة في جنوبها. هذا الحدث الفريد، الذي سوف تحسم نتيجته في الأيام القليلة المقبلة باستفتاء شعبي لتقرير المصير، ربما يساهم في تخفيف حدة الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي عانى منها السودان طوال العقود الماضية.

صحيفة «الشرق الأوسط» قامت بدور كبير في متابعة هذه القضية العربية الشائكة عبر أكثر من مائة تقرير وخبر ولقاء في الأشهر القليلة الماضية، يتقدمها مقابلات مع جل القيادات السودانية وأقطاب المعارضة. ودخلت الصحيفة في عمق الجنوب السوداني ونشرت تقارير خاصة شكلت قيمة مضافة للقارئ.

هذا المجهود الصحافي الكبير مهم من جهتين: الأولى كونه يعد أرشفة لمرحلة مهمة في تاريخ الدول العربية، ومن جهة ثانية يعد مادة إعلامية مهمة يمكن أن يستقي منها معدو البرامج الإخبارية التلفزيونية مادة تثقيفية أو خبرية للقارئ العربي ليفهم ماذا يجري في وطنه العربي. ولا ننس أن التغطية الصحافية هي أيضا مادة لكتاب المقالات العرب، فما زالت الصحيفة المطبوعة مصدر مهم للتحليلات والأخبار المعمقة.

كما أن أهمية المجهود الصحافي المبذول في قضية السودان، تكمن في أن حدث الانفصال ربما يتكرر في دولة عربية «لا سمح الله»، حينها يكون لدى القارئ العربي، وتحديدا صناع القرار، ذاكرة تسعفهم لتذكر الدروس والعبر المستفادة من السودان.

سوف تبقى السودان مسرحا للأحداث حتى ولو تم الانفصال التاريخي، لأنه ما زالت هناك ملفات عالقة بين الجنوب والشمال لم تحل، مما حدا بأحد المحللين السياسيين السودانيين إلى وصف حالة السودان بأنها «قنبلة موقوتة»، الأمر الذي يتطلب من مراسلي صحيفة «الشرق الأوسط» أن ينشطوا في جنوب السودان وشماله ليزودوا القارئ بمادة صحافية خاصة تعرض لزوايا معينة لم تلتقطها عدسات ولا أقلام مراسلي وكالات الأنباء العالمية.