المراقب الصحفي: «الشرق الأوسط» وأزمة مصر

TT

لأن الصحافيين يساهمون بكتابة جزء من صفحات التاريخ، فإن صحيفة «الشرق الأوسط» وغيرها يجب أن تتعامل مع الاحتجاجات المليونية الشعبية غير المسبوقة في مصر، التي تريد إسقاط نظامه الحاكم، وقبلها في تونس، بأقصى درجات الحذر والمهنية. فهذا المنعطف التاريخي المهم يحتاج إلى مزيد من الشفافية والحيادية لأننا إذا ما حِدنا عن جادة الحقيقة فإن البدائل الإعلامية العديدة ستكشفنا للأجيال الحالية والمقبلة.

وقد نجحت صحيفة «الشرق الأوسط»، حتى الآن، في نشر أخبار متوازنة طوال الأسبوع المنصرم بواقع 133 موضوعا، 63% منها كانت أخبارا وتقارير خاصة من مراسليها، وضمت أيضا موضوعات منوعة. وكان نصيب الأخبار الاقتصادية من الإجمالي نحو 16% موضوعا. ولا يخفى على القارئ أن جزءا رئيسيا من أزمة مصر هو أزمة اقتصادية يكابد الشعب تحت وطأتها، وهو ما يستدعي أن ترفع صحيفتنا عدد موضوعاتها الاقتصادية، للخروج بأخبار مهمة وحلول من خبراء مختصين.

وطالعتنا الصحيفة بلقاءات خاصة منها: مقابلات وتصريحات مع أقطاب المعارضة، وكبار المسؤولين في الدولة، ووزراء، ومتظاهرون، وسجناء، فضلا عن نقل يومي لأصداء الأحداث في البيت الأبيض وغيره.

بعد أن قرأت كل الأخبار المنشورة عن مصر، استطيع القول إن التغطية كانت جيدة للأحداث، وكذلك الحال مع عناوين الصفحة الأولى وصورها، الا ان الجدل حول العناوين سيكون دائما ومقبولا، فقد يتجادل البعض، ولهم الحق، حول عنوان «مصر تنكل بنفسها». وهذه مسألة سيحكم عليها قادم الايام، خصوصا عندما تتضح الصورة في مصر بشكل كبير.

مثلما قد يتجادل البعض ايضا وفي نفس السياق حول صورة الشبان الثلاثة في الصفحة الاولى وهم يضعون قبعات رجال شرطة ويجلسون فوق مدرعة للجيش ويدخنون بطريقة أوحت إلينا بالبلطجية في الأفلام المصرية، لكن علينا ان نتذكر ان تلك الصورة كانت تعكس حالة الفوضى التي ضربت مصر يومها.

عموما، هذا النقد الذاتي يحدث يوميا في اجتماعات التحرير بأي صحيفة، ولم أتوقف عنده إلا لأن الصفحة الأولى مهمة وتساهم في توليد الانطباع الأول، خصوصا لدى من لا يقرؤون جيدا الأخبار المنوعة والمتوازنة المنشورة بالصفحات الداخلية.

بصورة عامة يمكننا القول إن أزمة مصر كانت مفاجئة ومربكة للصحافيين، وربما للطاقم الكبير الذي يعمل لمصلحة الصحيفة بالقاهرة، فتداعيات الشلل الذي أصاب البلاد بشتى مرافقه، يجعلنا لا نقسو على صحيفة «الشرق الأوسط»، لأنها جاءت بمادة لا بأس بها في الأسبوع الأول من الأحداث الجارية. وإننا نتطلع في الأسابيع المقبلة إلى أخبار وتغطيات ولقاءات صحافية خاصة أكثر يمكن أن تساهم من خلالها صحيفتنا بتقديم مادة مهمة للقارئ، الذي يجد في جمهورية مصر العربية وطنا ثانيا ينشد استقراره.