«إيه أو إل» تراهن على عملية تحول جديدة

تقوم على تنفيذ عمليات استحواذ والتغلب على تراجع الإعلانات والعائدات من خدمة الاتصال الهاتفي

تيم أرمسترونغ الرئيس التنفيذي لشركة أميركا أون لاين وأريانا هفينغتون المؤسس المشارك لهافينغتون بوست في مقر أميركا أون لاين («نيويورك تايمز»)
TT

تخوض شركة «إيه أو إل» لخدمات المواقع محاولة جديدة لإعادة صنع نفسها.

وتشبه الاستراتيجية الجديدة - في الكثير من جوانبها - الأخرى القديمة، وتقوم على تنفيذ عمليات استحواذ لزيادة الإقبال عليها والعمل على التغلب على التراجع المستمر في الإعلانات والعائدات من خدمة الاتصال الهاتفي عبر شبكة الإنترنت التي تقدمها. في أحدث تكرار لها لعملية إعادة صياغة نفسها، عرضت الشركة 315 مليون دولار لشراء موقع «هفنغتون بوست» الليبرالي المعني بالتعليق على الأخبار، بعد أن دفعت 25 مليون دولار لشراء «تيك كرنش»، مدونة أنباء التكنولوجيا الخاصة بـ«سيليكون فالي».

إلا أن هناك شكوكا قوية بأن هذه الجهود لن تحرز نجاحا أكبر من ذلك الذي حققه الكثير من إجراءات إعادة الصياغة والتعديل التي جربتها الشركة العقد الماضي.

عن ذلك قال سالم إسماعيل، المسؤول التنفيذي السابق لدى محرك البحث «ياهو»: «ينبئني شعوري بأن الوقت قد نفد أمام (إيه أو إل)، لكنني سعيد بأن هناك شخصا على استعداد لخوض هذا الرهان الجريء، فالأسوأ من الوضع الراهن هو عدم فعل أي شيء».

الواضح أن هناك من بين المستثمرين من يتشكك في قدرات «إيه أو إل»، حيث انخفض سعر سهم الشركة بمقدار 75 سنتا، أو 3.42 في المائة، ليغلق تعاملاته عند مستوى 21.19 دولار، يوم الاثنين.

اللافت أن صفقة «هفنغتون بوست» أثارت سخرية حتى من بعض العناصر داخل «إيه أو إل». مثلا، أقدم مايكل أرنغتون، مؤسس موقع «تيك كرنش»، الذي اعتاد السخرية من النظام البيروقراطي داخل «إيه أو إل» رغم أنه يعمل لحسابها الآن، على الاستهزاء من الشركة مجددا، يوم الاثنين، حيث كتب رسالة عبر «تويتر» إلى أريانا هفنغتون، مؤسسة الموقع، صباح الاثنين، قال فيها: «أريد أن أعرف الآن ما إذا كان لزاما عليك الجلوس طوال اجتماع التوجيه الذي يستمر أربع ساعات». وقبل ذلك بساعات، كتب إليها رسالة قال فيها إنه يحبها «رغم سياساتها اللامعقولة».

الواضح أن «إيه أو إل» تراهن بقوة على هفنغتون، حيث أوكل إليها تيموثي إم أرمسترونغ، الرئيس التنفيذي لـ«إيه أو إل»، مهمة تجميع مواقع المحتويات المشتتة في مصنع أخبار واحد متناغم يناسب العصر الرقمي، لكن تحويل هذه الرؤية إلى واقع سيكون بمثابة تحد، بالنظر إلى أن «إيه أو إل» تعاني منذ عقد من انحسار في نشاطها التجاري في مجال خدمة الاتصالات الهاتفية عبر شبكة الإنترنت، بالإضافة إلى تراجع عائدات الإعلانات عبر الإنترنت.

رغم أن حركة إقبال تقدر بـ112 مليون زائر شهريا، انخفضت عائدات الإعلانات عبر الإنترنت لحساب «إيه أو إل» بمقدار 26 في المائة، العام الماضي، لتصل إلى 1.28 مليار دولار، في الوقت الذي ارتفعت عائدات الإعلانات بباقي الأرجاء بنسبة 17 في المائة، طبقا لتقديرات شركة «إي ماركتر». كما انخفضت عائدات المشتركين في خدمات الاتصالات الهاتفية عبر شبكة الإنترنت بنسبة 26 في المائة، لتصل إلى 1.02 في المائة مليار دولار.

ومن بين أهم الأهداف أمام أرمسترونغ، الذي تولى منصب الرئيس التنفيذي للشركة عام 2009، تعويض التراجع في عائدات خدمات الاتصالات الهاتفية عبر الإنترنت التي تحققها الشركة.

الملاحظ أن الشركة مرت بالكثير من عمليات الإصلاح على مر السنوات، لكن لم يفلح أي منها. مثلا، اشترت مجموعة من المدونات، بينها «Engadget» و«Joystiq» عام 2005. كما اشترت شبكة «تاكودا» للإعلانات عام 2007 مقابل 275 مليون دولار. واقتحمت مجالا جديدا بشرائها «بيبو»، وهو موقع لشبكة تواصل اجتماعي، عام 2008، لكنها باعته العام الماضي مقابل نسبة ضئيلة من المبلغ الذي دفعته في شرائه والبالغ 850 مليون دولار. كما أتاحت الشركة الاشتراك في خدمة البريد الإلكتروني الخاصة بها مجانا، مثل «غوغل» و«ياهو»، ومع ذلك خسرت مستخدميها.

في الوقت الراهن، يركز على جهود إحداث تحول في المحتوى التحريري، إحدى نقاط القوة التقليدية لدى «إيه أو إل».

وتبدو رؤية أرمسترونغ شبيهة برؤية مسؤولة تنفيذية أخرى تحاول جاهدة استعادة مكانة شركة أخرى معنية بالإنترنت، وهي كارول إيه بارتز، من شركة «ياهو».

ومن المقرر توفير مجموعة متنوعة من الأخبار والأنباء لمستخدمي الإنترنت من مصدر واحد. في حالة «إيه أو إل»، سيجري الحصول على الأنباء المحلية من «باتش»، وأخبار الشركات الناشئة بمجال التكنولوجيا من «تيك كرنش»، والأنباء الثقافية والسياسية من «هفنغتون بوست». كما ستوفر «إيه أو إل» أنباء من خدمات «Mapquest» و«Moviefone» التابعة لها.

إلا أنه لم تصدر عن الشركة بعد مؤشرات توحي بنجاح هذا النموذج، رغم تأكيد مسؤولين تنفيذيين في الشركة أن نشاطات الإعلان ستنتعش خلال النصف الثاني من عام 2011.

من جهته، قال كين دوكتر، المحلل المعني بصناعة الأخبار لدى «أوتسيل» ومؤلف كتاب «اقتصاديات الأخبار» (Newsonomics): «التحول الهائل الذي يحاول تيم أرمسترونغ تحقيقه لم يؤت ثماره بعد. إنهم يملكون جميع هذه الأصول التي لا تبدو منتمية لشركة واحدة».

وقد وجدت «إيه أو إل» نفسها في موقف نادر الحدوث تمثل في تراجع مبيعاتها من الإعلانات عبر شبكة الإنترنت، بينما جميع الشركات الكبرى من حولها العاملة في المجال ذاته تبيع قدرا أكبر من الإعلانات. وتكمن مشكلة «إيه أو إل» في استمرار اعتمادها على المشتركين، وهم أولئك الأشخاص الذين يدفعون حدا أدنى من الرسوم الشهرية يبلغ 10 دولارات للتمتع بخدمات الاتصال الهاتفي عبر الإنترنت، في دعم نشاطها التجاري في مجال الإعلان. وقد بلغت أعداد مشتركي «إيه أو إل» الذين يدفعون رسوما مقابل اشتراكهم، ذروتها عام 2003 بوصولها إلى 26.7 مليون، لكن الرقم تراجع الآن إلى 3.85 مليون شخص، مما يعني أن من يأبهون بمتابعة الإعلانات عبر «إيه أو إل» تراجعت أعدادهم بنسبة 86 في المائة.

ويعتمد أرمسترونغ على «هفنغتون بوست» لتعزيز الإعلانات عبر شبكة الإنترنت عبر زيادة الإقبال على الموقع ومعدلات زيارة الصفحات. وتأمل «إيه أو إل» في أن تتمكن نهاية الأمر من إعادة بناء نفسها اعتمادا على هذا الأساس الجديد.

والتساؤل الآن: كيف يمكن لهفنغتون تحقيق ذلك؟ تتميز «هفنغتون بوست» بقدرة ممتازة على الوصول إلى أخبار صحافية في مختلف أرجاء الشبكة العنكبوتية، وكشف جوهرها وطرحها تحت عناوين جذابة تقفز بها إلى قمة نتائج البحث في محركات البحث، مما يضمن توافر جمهور قوي. على سبيل المثال، نشرت الصحيفة، يوم الاثنين، مقالا اعتمد برمته على البحث عبر الإنترنت، تحت عنوان «متى تبدأ بطولة سوبر باول؟».

وأعرب أرمسترونغ عن أمله في التسريع من وتيرة النمو لدى «هفنغتون بوست» عبر ربطها بالممتلكات الأخرى لـ«إيه أو إل»، وزيادة الإقبال على هذه العناصر الأخرى في الوقت ذاته. ومن بين المشاريع المقرر تنفيذها توسيع دائرة نشاط «هفنغتون بوست» عالميا، وخلق نسخة مصورة منها.

وقال أرمسترونغ إن عملية التعديل ستكون مختلفة هذه المرة، فعلى خلاف الحال مع الاستراتيجيات السابقة الفاشلة التي انتهجها المسؤولون السابقون له داخل «إيه أو إل»، ذكر خلال مقابلة أجريت معه، يوم الاثنين: «إننا نراهن على شيء يحمل مستوى معروفا من الجودة وأمرا يُعرف أنه سيحدث».

وأضاف أن شراء «هفنغتون بوست» «يعزز» هذه الاستراتيجية.

واستطرد موضحا أنه، على سبيل المثال، خلقت «هفنغتون بوست» بابا أماميا آخر للمستخدمين للاطلاع على محتوى «إيه أو إل» ومنحها القدرة على عرض المحتوى بصور مختلفة وتقديم إعلانات مستهدفة. وأضاف: «هفنغتون بوست تشكل نموذجا لما نعكف على تنفيذه حاليا».

وأوضح أن «إيه أو إل» المساعدة في تطوير «هفنغتون بوست» التي ذكر أنها تجتذب أعدادا أقل من جهات الإعلان. ويرى أن الارتباط بـ«إيه أو إل» سيزيد حركة الإقبال على «هفنغتون بوست»، مشيرا إلى أن «إيه أو إل» زادت الإقبال على «تيك كرنش» بنسبة 30 في المائة منذ استحواذها عليها.

واعترف أرمسترونغ بوجود شكوك حول «إيه أو إل» بالنظر إلى محاولاتها الفاشلة السابقة لتحقيق إعادة تعديل بها، لكنه استطرد بأن النمو في الإعلانات عبر الإنترنت سيعوض في نهاية الأمر الفاقد في أعداد المشتركين في خدمة الاتصالات الهاتفية عبر الإنترنت بحلول وقت ما في عام 2013.

وأعرب عن اعتقاده بأنه «نقف على بعد عامين من تحقيق نمو في نشاطنا التجاري عبر الإنترنت».

وستدفع «إيه أو إل» ثمن شراء «هفنغتون بوست» من مبلغ مالي نقدي توافر بحوزتها في نهاية عام 2010 يقدر بـ802 مليون دولار.

وقال يوسف إتش سقيلي، المحلل لدى شركة «جيفريز آند كومباني»: «سيحتاجون المال لتعزيز نشاطهم التجاري، وهذا الإجراء خطوة كبيرة بهذا الاتجاه».

* خدمة «نيويورك تايمز»