«نوكيا» و«مايكروسوفت» تستعدان لمنافسة «أبل» و«غوغل» بشراكة جديدة

تعملان على توحيد جهودهما لصنع هواتف ذكية تنعش آمالهما في سوق الاتصالات

ستيفن إيلوب الرئيس التنفيذي لشركة نوكيا مع ستيف بالمر الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت خلال الإعلان الرسمي عن الشراكة الاستراتيجية (أ.ف.ب)
TT

يعمل عملاقا التكنولوجيا «نوكيا» و«مايكروسوفت» على توحيد جهودهما لصنع هواتف ذكية تنافس «أبل» و«غوغل» وتنعش آمالها في سوق يناضلان للحفاظ على نصيبهما فيها.

وأكدت شركة «نوكيا»، أضخم شركة لصناعة الهواتف الجوالة في العالم، في بيانها يوم الجمعة الماضي أنها تعتزم استخدام نظام تشغيل ويندوز للهواتف الجوالة كنظام تشغيل رئيسي في هواتفها الجوالة في محاولة للحصول على جزء من السوق التي تسيطر عليها هواتف أبل ونظام تشغيل «أندرويد» الذي ابتكرته «غوغل» للهواتف الجوالة والحاسبات اللوحية.

تعتبر هذه الخطوة تحولا استراتيجيا رئيسيا بالنسبة لـ«نوكيا» التي كانت تزود هواتفها في السابق ببرامج تشغيلها الخاصة. وقال المحللون إن الصفقة تعتبر انتصارا أكبر لـ«مايكروسوفت» منه لـ«نوكيا»، التي قال مديرها التنفيذي ستيفن إيلوب، في مذكرة تم تسريبها هذا الأسبوع يقارن فيها شركته بمنصة نفط تشتعل بأكثر من انفجار وهو ما يغذي النيران التي تشتعل من حولنا.

وأوضحت شركة «نوكيا» أن الشراكة ستكون عبر تقديم نظام بيئي على امتداد واسع ومنقطع النظير. وحذرت الشركة في بيانها من أن الاستراتيجية الجديدة ستجلب شكوكا واضحة مشيرة إلى أن هامش ربح الشركة سيتأثر نتيجة المنافسة القوية من منافسيها.

وكان سهم «نوكيا» قد شهد انخفاضا بنسبة 9 في المائة ليقف عند 7.43 يورو في جلسة التداول بعد الظهر في بورصة هلسنكي.

كان إيلوب، الكندي الجنسية، قد انضم إلى «نوكيا» قادما من شركة «مايكروسوفت» العام الماضي والتي عمل بها مديرا تنفيذيا، والذي كان أول قيادي في الشركة غير فنلندي. ويتعرض إيلوب لضغوط بالغة لمحاولة تعويض الخسائر التي منيت بها الشركة نتيجة لمنافسيها في أميركا الشمالية وآسيا.

وقال إيلوب: «تمر نوكيا بمرحلة حرجة، تتطلب إجراء تغيرات ضرورية وحتمية في سعينا إلى الأمام»، مشيرا إلى أن الشركة تهدف إلى استعادة صدارة سوق الهواتف الذكية وتعزيز منصات أجهزة الهواتف الجوالة وتحقيق إنجازاتها في المستقبل.

لكن إيلوب رفض في مقابلته التي أجراها مؤخرا مع محللين في لندن تحديد توقيت طرح «نوكيا» هاتفها الجديد الذي يعمل ببرنامج «ويندوز فون». لكنه قال إن «نوكيا» لن تتخلى عن نظام تشغيل «سمبيان» المستخدم في هواتفها أو نظام «ميغو» الذي يجري تطويره في الوقت الراهن.

ويستخدم نظام «سمبيان» حاليا في 200 مليون هاتف جوال مستخدم في العالم إلى جانب 150 مليون آخرين في السوق.

وقد تفوق نظام «أندرويد» على «سمبيان» ليصبح نظام التشغيل رقم 1 في العالم خلال الربع الأخير من العام الماضي، بحسب شركة «كاناليز» للأبحاث.

من جانبه أكد ستيفن بالمر، المدير التنفيذي لشركة «غوغل» أن الشراكة ستمنح الفريق المزيد من الابتكار ونطاق أوسع عالميا.

وقال: «نحن بحاجة إلى، وسنقوم بذلك، التعاون عن كثب بشأن التطوير، حتى نتمكن من التأقلم مع متطلبات السوق وقيادة ثورة مستقبل الهواتف الجوالة».

وسيكون التحدي الرئيس صنع أجهزة ذات مستوى عال من الجودة والكفاءة ليمكن من جعل «ويندوز فون» أكثر جذبا من «آي فون» و«أندرويد».

ولا يزال أمام نظام تشغيل «ويندوز فون7» الذي دشن العام الماضي الكثير ليقوم به فيما يتعلق بعدد المستخدمين وعدد التطبيقات المتوفرة للهواتف الجوالة.

وقالت «نوكيا» إن خبرتها في تطوير البرامج الجديدة مع «مايكروسوفت» ستركز بصورة أكبر على مجالات مثل التصوير حيث تتسيد نوكيا السوق في هذا المجال، وقالت «نوكيا» في بيانها: «إن خدمة الخرائط في مشغلها ستكون جزءا رئيسيا في الجهاز الجديد وكذلك محرك البحث بينغ».

ويقول نيل ماوستون من شركة «استراتيجي أناليتيكس» ومقرها لندن إن «مايكروسوفت كانت الرابح الأكبر وراء هذه الصفقة التي جمعت أكبر مصنع لبرامج الهواتف الجوالة مع أكبر بائع هواتف جوالة في العالم».

وقال: «يعد هذا ربحا كبيرا بالنسبة لمايكروسوفت فيما يتعلق بنطاق التوزيع في العالم».

أما بالنسبة لـ«نوكيا» فإن الصفقة تلقي بنوع من الشكوك حول مستقبل أنظمة تشغيلها، حيث أكد ماوتسون أنه يتوقع أن تنهي الشركات العمل بها بصورة جزئية خلال عامين، أو أن تتوقف عن العمل بها كليا لتستبدل «ويندوز فون» بها.

ورغم كون «نوكيا» أضخم شركة لصناعة الهواتف الجوالة، فإن نصيبها من السوق العالمية هبط من 41 في المائة في عام 2008 إلى 31 في المائة في عام الربع الأخير من عام 2010. كما فقدت أيضا ميزتها الابتكارية في السباق المحموم قطاع التقنية المتقدم وغير المرئي إلى حد بعيد في سوق الهواتف الذكية في شمال أميركا. ويؤكد خبراء الصناعة على أن هاتف أبل وكذلك جهاز بلاك بيري الذي أنتجته شركة «ريسيرش إن موشن ليميتد» وضع المعيار للهواتف الذكية اليوم. وقد أظهرت الأبحاث مؤخرا احتلال نظام تشغيل «أندرويد»، الذي أنتجته شركة «غوغل» المرتبة الأولى في خيارات مصنعي الهواتف الجوالة الراغبين في تحدي آي فون.

ويقول إيلوب: «يرغب المطورون والمشغلون والعملاء في منتجات هواتف جوالة جيدة لا تقتصر على الجهاز وفقط بل على البرامج والخدمات والتطبيقات ودعم العميل الذي يشكل تجربة رائعة».

لكنه عاد ليحذر من تسريح العمال وإعادة الهيكلة، مؤكدا على أن «نوكيا تطور من سرعتها ونشاطها وتقدمها عبر اتخاذ خطوات هامة في كيفية العمل»، لكنه أحجم عن تقديم أي تفاصيل.

وقالت الشركة إنها «ستعلن عن فريق قيادة جديد وبنية تنظيمية مع تركيز أكبر على السرعة والنتائج والمحاسبة».

وعبرت «نوكيا»، التي تزعم أن هناك 1.3 مليار مستخدم يستخدمون أجهزتها بصورة يومية، عن أملها في أن تسفر الشراكة الواسعة والاستراتيجية الجديدة مع «مايكروسوفت» في جذب انتباه مليارات المشتركين للانضمام إلى الإنترنت في الأسواق المتطورة النامية.

ويصف يركي علي يركو من معهد أبحاث الاقتصاد الفنلندي، التعاون الجديد مع مايكروسوفت بـ«المثير للدهشة».

وقال يركو: «ستكون القوة في موقف مايكروسوفت القوي في تطبيقات الشركة العديدة وحلول مقدمات الخدمة لكن المشكلة تكمن في أن مايكروسوفت ربما لا تملك هذه المجموعة الواسعة من مطوري البرامج الموجودة في أندرويد أو أبل».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»