«أريانا» و«ليرير» فريق إعلامي متألق

الشخصية الاجتماعية الهامة والمسؤول الذي يعمل من وراء الستار

أريانا هافينغتون وكينيث ليرير (ا.ب)
TT

غزت صحيفة «هافينغتون بوست» الوعي الجمعي استنادا إلى اسمها وقائمة معارف أريانا هافينغتون رفيعي المستوى، لكنها لم تكن لتستطيع جني 315 مليون دولار في يوم إن لم تصاحب هذه العوامل التكنولوجيا المتطورة والإدارة الحريصة الواعية لها. وهنا جاء دور كينيث ليرير، الشريك الأقل شهرة.

لم تربط أريانا وليرير، المسؤول التنفيذي السابق في «إيه أو إل»، أي صداقة. فقال ليرير إن أول رد على اقتراح توم فريستون، الذي كان رئيسا لـ«فياكوم» آنذاك، بجمع الاثنين على العشاء عام 2003 كان هو الرفض. لم يجد ليرير في أريانا، الشخصية العامة الشهيرة، أي صفة مشتركة تجمعهما.

وقال ليرير في مقابلة معه يوم الاثنين قبل الماضي: «لم أكن أعتقد أنني سوف أعجب بها. لقد كانت شخصية اجتماعية هامة ولم أكن أعرفها. لا أقول إنني شخص خجول، لكنني أفضل العزلة». لكنهما تقابلا في مطعم إيطالي في حي أبار إيست سايد بمانهاتن، وسرعان ما تغير رأيه الذي كونه عن أريانا التي عرفها فقط عندما كانت خبيرة جمهورية في التسعينات. وقلت: «إنها شخصية رائعة وسألتها كيف تستطيع الاندماج مع الناس بهذه السرعة». وتوطدت علاقة الاثنين خلال العام التالي وبدأت فكرة النسخة الليبرالية من «درادج ريبورت»، الذي يضم من هم غير راضين عن إدارة بوش، تختمر في عقليهما.

وقالت أريانا: «إنه كان يدرك إلى ما ستصل إليه هذه التكنولوجيا وكان مؤيدا لإيصال عملنا إلى الناس». كان ليرير من ضمن قليل يعتقدون أن هذا العمل يمكن أن يكون شرعيا. فلم تكن المدونات سوى نتاج عمل أفراد منعزلين.

وأوضح ليرير قائلا: «شجعني كثير ممن أعرفهم وأخبروني كم هي فكرة جيدة ولم نتلق على مدار العام الأول أو الثاني الكثير من المكالمات الهاتفية التي تنتقد ما نفعل». لكنه أضاف قائلا: «لم أعتقد أن هذا سوف يكون مربحا». لكن لم تساور أريانا، التي حقق عملها «تحدي الخوف» أعلى المبيعات هذه الشكوك، حيث قالت: «لقد أيقنت مبكرا أن التكنولوجيا الحديثة ستوفر وسيلة جديدة تربط الناس ببعضهم البعض ورغم عدم إدراكي لمدى نجاحها، كنت على يقين من أن ما نفعله سيجدي نفعا لأن الوسائل الإعلامية القديمة لم تعد تلبي احتياجات الناس».

ويوم الاثنين تفاجأ المتشككون بإعلان توصلهما إلى صفقة بيع «هافينغتون بوست» إلى «إيه أو إل» مقابل 315 مليون دولار. وتبين أن صحيفة «هافينغتون بوست» لم تكن شيئا صغيرا. فمثل الكثير من المشروعات الناجحة على شبكة الإنترنت كانت مزيجا من ملامح شكلت معا صحيفة ناجحة، فقد كان هناك مضمون منخفض التكلفة، يعود جزء منه إلى مساهمين بارزين، فضلا عن توجه ليبرالي واضح. كذلك كان هناك نظام متطور لمحتوى متنام من مصادر أخرى وطريقة لبناء مساحة من التعليقات حوله.

لقد كان الموقع الإلكتروني دائما في صدارة أفضل طرق البحث، حيث تتم كتابة العناوين الرئيسية بطريقة جذابة لا تقاوم، وكثيرا ما تتضمن روابط لمحتوى إباحي أو هامشي. وساهم جونا بيريتي، الذي انتقل للعمل في «باز فيد» مبكرا، في عمل الجزء الأكبر الذي ساعد الموقع على الانتشار وجذب الانتباه. لقد كان إدراك بيريتي للبحث وكيفية اكتشاف ما يبحث الناس عنه في أي لحظة عميقا.

لقد ازدهرت صحيفة «هافينغتون بوست» بفضل مجموعة من المدونين الذين لا يتقاضون أجرا يذكر تزايد عددهم من 500 إلى 9 آلاف خلال 5 سنوات تمكنوا فيها من عمل موقع يضم محتوى جزء منه خاصا بهم وجزءا مستعارا بحرية. ومع نضج الموقع، دفعت أريانا باتجاه عمل محتوى أصلي واستكتاب أقلام شهيرة، لكن «هافينغتون بوست» مثلت انتصارا للقدرة على التجميع والعقلانية.

الشيء نفسه الذي أثار خوف أريانا التي تتمتع بالمثابرة والعلاقات الاجتماعية تماشى مع جهود الشبكة. فزواجها المهني بليرير كان مثل التقاء الشرق بالغرب. فقد انتهى الحال بليرير، المسؤول التنفيذي الماهر الذي يعمل في الكواليس، إلى التعاون مع شخصية لوس أنجليس العامة، التي أتاح لها عملها كناشطة ليبرالية ومحافظة وزوجة سياسية، تكوين علاقات كثيرة. وقد خدمت معرفة أريانا بالمشاهير وعزمها ودفعهم إلى العمل كمدونين، مثل فالتر كرونكايت وإلين ديغينيرز، الموقع جيدا.

وأصبحت نورا إيفرون من المدونين الذين أقنعتهم أريانا بالكتابة في الموقع الإلكتروني الناشئ لجذب القراء. وقالت نورا إنها وافقت على القيام بذلك بسبب إلحاح أريانا. وأوضحت قائلة: «إن قلت أي شيء لأريانا سواء كنت على بعد 3 أقدام منها أو حتى نطقت بأي كلمات من فمك، فستقترح أن تكتبها في مدونة». قابلت فيها نورا أريانا للمرة الأولى أثناء اختيار الممثلين المشاركين في فيلمها «يو هاف غوت إميل» (لديك رسالة) عام 1998 ومن المفارقة أن اسم الفيلم كانت العبارة الشائعة لـ«إيه أو إل».

عمل أندرو بريتبارت، الذي يمتلك الآن مجموعة من المواقع المحافظة بما فيها «بيغ غوفارنمينت» و«Breitbart.com»، في «درادج ريبورت» ووافق على مساعدة أريانا، التي لديها مدونة خاصة بها، في بناء شيء أكثر أهمية. وتعرف أندرو على أريانا عندما كانت من المحافظين، حيث عمل معها كباحث. وقال: «لقد أخبرتها آنذاك بأن الناس تتوق إلى معرفة آراء أصدقائها من المشاهير والنخبة. فقد كان رأيها يجذب انتباه الناس. إنها معركة للظهور على الساحة فلا يوجد ما يضاهي الانتشار ولم يكن هناك من هو أكثر استعدادا للترويج لما تقوم به أريانا منها هي شخصيا. لقد تعلمت الكثير من خلال مراقبتي لها».

وقال بريتبارت إن تأسيس العمل، الذي حقق أرباحا عام 2010، فضلا عن البيع لـ«إيه أو إل»، ملقى على عاتق ليرير. لم يكن هناك في تاريخ الإعلام الحديث سوى بضعة نماذج لتأسيس علامة تجارية في عالم الإعلام خلال 5 سنوات بأقل من 50 مليون دولار. وأضاف: «يوجد داخل كينيث زعيم للعلاقات العامة يعلم جيدا كيف يصنع ويروج لعلامة تجارية. فما بدأ كمجلس نشرة إخبارية ليسار المركز أصبح شيئا أكبر وتجاوز ذلك المستوى واتسع ليشمل محتوى آخر».

وقد قالت أريانا في مكالمة هاتفية إنه بعد العام الأول عندما بدأت «هافينغتون بوست» تتوسع لتشمل مجالات أخرى ترفيهية وإعلامية غير السياسة: «أدركت أن نطاق الموقع يمكن أن يتسع. لقد كنت أعلم أنه سينجح». كذلك قالت إن ليرير لم يعد ينخرط في العمليات اليومية، بل يركز على «ليرير ميديا فينشيرز» التي ابنه شريك له بها. وأوضحت أنه ليس فقط يقدم نموذجا لصرامة العمل والفهم الحذق للاسم التجاري بل أيضا لدعم بناء شركة تكنولوجيا وشركة إعلامية في الوقت ذاته.

وقال فريستون: «إن شخصيتي أريانا وليرير المختلفتين تكملان بعضهما البعض، فهي اجتماعية ومنفتحة، بينما هو متحفظ ومنعزل ومثقف. إنهما يمثلان ثنائيا رائعا، فلا يوجد شخص أكثر إقداما من أريانا. ففضلا عن نشاطها السياسي، تحركها الدوافع الخارجية وتستطيع لفت الأنظار. وكينيث يعد مستشارا ماهرا وذكيا جدا، فهو شخص لطيف وحكيم ومع صراحة وانفتاح أرينا استطاعا التقدم».

بالنظر إلى الزخم الذي أحدثه الموقع الإلكتروني، حيث يزوره ما يزيد على 30 مليون زائر شهريا بحسب «كوانتكاست»، تفاجأ البعض ومنهم المنافسون بقرار البيع الذي اتخذه الفريق. وقال نيك دينتون، صاحب «غوكر ميديا»: «إن غضب الليبراليين من جورج بوش و(فوكس نيوز) والجناح الأيمن للبنية السياسية الإعلامية كان وقودا لـ(هانغتون بوست)». وأضاف: «كان من الممكن أن تصبح (فوكس نيوز) الليبرالية. لقد كان وضعهم يمكنهم من السيطرة على السوق أكثر من (إم إس إن بي سي). لكن الطريقة الوحيدة للتغلب على اعتراضات الجهات المعلنة هي أن تصبح أكبر مما أدى إلى فقدانهم لأعصابهم».

* خدمة «نيويورك تايمز»