المراقب الصحفي: ليبيا و«الشرق الأوسط»

TT

نجحت صحيفة «الشرق الأوسط» في تغطيتها المتنوعة لأحداث ليبيا طوال الأسبوع الماضي. ورغم نجاح التغطية بالمعايير المهنية، إلا أنه لوحظ أن معظم أخبار ليبيا كانت تأتي من القاهرة، وليس من ساحة الحدث، ليبيا.

فكيف يمكن أن ندفع القارئ إلى تصديق خبر منشور من مراسلنا النشط في القاهرة عن قصف الطيران الليبي العسكري لمتظاهرين أمام باب العزيزية في ليبيا؟ في الأزمات والإضرابات السياسية، وفي ظل التعتيم الإعلامي، نحتاج إلى «إقناع مضاعف» للقارئ بصحة أخبارنا، ولذا فإن نشر الخبر من موقع الحدث يضيف إليه مزيدا من المصداقية. وعليه، فإن صحيفة «الشرق الأوسط» تحتاج إلى تعزيز تواجدها الصحافي في ليبيا، ولا نلومها إن لم تفعل حتى الآن، لأن ربكة الأسبوع الأول لا مفر منها. ولا خلاف على أن تواجد الصحيفة في أكثر من 22 دولة عربية، فضلا عن عواصم العالم، يعد أمرا مرهقا في وقت مضطرب أصلا بالثورات المتلاحقة، إلا أن القارئ لا يلتفت إلى هذه الأمور، فهو يريد دائما مزيدا من المعلومات، ليشعر أن صحيفته الخضراء مميزة.

بصورة عامة، وفقت الصحيفة في نشر 64 موضوعا كان 53% منها تقريبا أخبارا وتقارير خاصة. كما كانت لافتة ورائعة تلك التقارير الصحافية عن التركيب القبلي المتجذر في المجتمع الليبي، إذ يصعب على القارئ فهم ما يدور في ليبيا من دون فهم العلاقة بين القبائل والحاكم.

وكانت جميع العناوين الرئيسية للصحيفة موفقة ومعبرة. كما تنوعت الأخبار واللقاءات الخاصة، مثل لقاءات رموز المعارضة، وأمين عام المؤتمر الإسلامي، فضلا عن خبر تأكيد وزير خارجية العراق للصحيفة انعقاد قمة بغداد في موعدها، رغم مطالب ليبيا بالتأجيل. وانفردت الصحيفة بلقاءات خاصة من مصادر مقربة لعائلة العقيد القذافي أكدت أنه لم يهرب، وهو ما حدث بالفعل حينما ظهر على شاشة التلفزيون مرتين بعد الخبر.

وتجدر الإشارة إلى أهمية تسليط الصحيفة مزيدا من الضوء على موضوعين مهمين تحدثت عنهما تقارير إعلامية، وهما إمكانية تدخل الجيش المصري في ليبيا لحماية نحو مليون ونصف المليون من رعاياها هناك. وحبذا لو تعمق مراسلو الصحيفة في مزاعم انفصال شرق ليبيا، فهي وإن كانت تكهنات إلا أنها لا ينبغي أن تمر مرور الكرام من دون تغطية معمقة تكشف أبعادها الحقيقية. فتقسيم السودان، مثلا، لم يحمل على محمل الجد من قبل بعض وسائل الإعلام، إلا أنه أصبح واقعا.

وليت محرري الصحيفة وقسم الرسوم الغرافيكية يقدمون لنا خطا زمنيا لجميع المحطات التاريخية المهمة في ليبيا، بما فيها الأزمات السياسية طوال العقود الأربعة الماضية. وهذه المادة تزود القارئ بلمحة تاريخية مهمة يمكن أن يفهم من خلالها جانبا مما يجري حاليا في ليبيا.

ستبقى ليبيا محط الأنظار في الفترة الزمنية المقبلة، حتى بعد سقوط نظامها، إن حدث، ومن هنا تأتي أهمية تكثيف التواجد الصحافي لصحيفة «الشرق الأوسط» هناك لتغطية الأحداث السياسية والاقتصادية وتداعياتها.