المراقب الصحافي: الافتتاحيات التخصصية في «الشرق الأوسط»

TT

ليت صحيفة «الشرق الأوسط» تحيي فكرة كتابة «الافتتاحيات التخصصية» كما هو معمول به في كبريات الصحف العالمية. هذه الافتتاحيات يكتبها متخصصون في مجالات محددة، لا تكتب أسماؤهم عليها، وتكون عادة مكتوبة بطريقة متزنة، إذ يتم تذييلها باسم الصحيفة. ويفترض أن كاتبها لا يعتبر نفسه خصما ضد أي فريق، بل ينشد تقديم موضوع مهني عميق ومبسط للعامة.

أهمية هذه الافتتاحيات تكمن في صعوبة إيجاد كاتب واحد ملم بالسياسة والاقتصاد والفن والرياضة والتاريخ والعلوم، ومن هنا جاءت فكرة كتابة الافتتاحيات التخصصية. كما أن غياب اسم كاتبها ربما يدفع القارئ إلى التركيز أكثر على المحتوى، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يدفع الصحيفة إلى اختيار أفضل المتخصصين في مجالات محددة ممن لديهم معلومات يريدون أن يشاركوا بها القراء، ولكن يحول دون ذلك وجود مانع شخصي أو مهني يمنعهم من كتابة أسمائهم.

أذكر أنني حاولت أن أستكتب، لإحدى الصحف، شخصية مرموقة في مجال التخطيط الاستراتيجي، وكان بمرتبة وزير، لكنه رفض لأن طبيعة منصبه في بلاده لا تسمح له بذلك، رغم أنه كان شخصيا يود أن يشارك القراء بخبرته.

وهذه الافتتاحيات التخصصية يمكن أن تطلق العنان لمواهب زملائنا المحررين ورؤساء الأقسام المخضرمين في صحيفة «الشرق الأوسط» لكتابة افتتاحية تسلط الضوء على حدث الأسبوع، سواء كان اقتصاديا أو علميا أو تاريخيا أو إنسانيا بأسلوب يجمع بين رصانة الكتابة العلمية ورشاقة القلم الصحافي، ثم يتم تذييلها باسم «الشرق الأوسط».

وتمتاز الافتتاحيات التخصصية بأنها لا تفيد القارئ العادي فحسب، بل تنور الرأي العام، والقارئ المتخصص، وربما تسهم في تذكير الإعلاميين ومعدي البرامج الإذاعية والتلفزيونية بمادة جميلة وعميقة تستحق مزيدا من التفاعل والإبراز لتثقيف المجتمع.

«الشرق الأوسط» تقوم بدور جميل، بملاحقها الخمسة عشر المنوعة، ولكن تبقى للافتتاحية رونقها أو «برستيجها الصحافي» إن جاز التعبير، الذي لا بأس به في كثير من الأحيان! فكثير من الصحف تفاخر بقوة افتتاحياتها، وتجددها، ومسايرتها لأحداث الساعة في شتى الميادين.