السلطات البريطانية تعتقل صحافيين في قضية التنصت على الهواتف

محققو اسكوتلانديارد يفتشون غرفة الأخبار في مقر الصحيفة

TT

أعلنت اسكوتلانديارد أول من أمس (الثلاثاء) أنه تم اعتقال صحافيين واستجوابهما والإفراج عنهما بكفالة بعد تحقيقات جديدة في قضية ترجع إلى خمسة أعوام ماضية تتعلق بالتجسس غير القانوني على البريد الصوتي لمشاهير بواسطة صحيفة التابلويد «ذا نيوز أوف ذا وورلد» التي تعتمد على أخبار النميمة ومملوكة لروبرت مردوخ، وهي من أكثر الصحف توزيعا في بريطانيا.

ووفقا للبيان الصادر عن الشرطة، تم اعتقال الصحافيين «للاشتباه في تورطهما بالتنصت غير القانوني على رسائل البريد الصوتي للهاتف الجوال»، ولم يتم تحديد اسمي الصحافيين، حيث لم توجه لهما اتهامات. صرح شخص مطلع على التحقيقات، رفض ذكر اسمه، لأنه غير مصرح له بالحديث عن القضية، بأن الصحافيين هما إيان إدموندسون، الذي فصل من عمله كمحرر أخبار بالصحيفة هذا العام، ونيفيل ثورلبك، رئيس المحررين في الصحيفة ذاتها.

قام محققو اسكوتلانديارد بتفتيش غرفة الأخبار في مقر الصحيفة، حيث جرى استجواب الاثنين، وفقا لما صرح به المصدر.

تشكل هذه الإجراءات تحولا حاسما في مسار التحقيقات التي تجرى، منذ عام 2006، عندما كشفت بلاغات تقدم بها ثلاثة من أفراد العائلة المالكة، منهم الأمير ويليام والأمير هاري، عن قرصنة غير قانونية على الرسائل التي ترد للأميرين على الهاتف الجوال. وتم حبس رجلين فقط في هذه القضية في عام 2007، وهما كليف غودمان، مراسل الشؤون الملكية في الصحيفة سابقا، وغلين مولكير، المحقق الخاص.

اتضح أن قائمة عثر عليها في منزل مولكير عبارة عن دليل هاتف بأهداف محتملة للتجسس، من بينها شخصيات عامة سياسية وفنية ورياضية، ولكن أصدرت الشرطة تنبيها لعدد قليل منهم فقط.

واجهت التحقيقات، بقيادة جون ياتس مساعد رئيس الشرطة، انتقادات حادة. وفي العام الماضي، توصلت النيابة العامة الملكية، المسؤولة عن مراجعة أدلة الشرطة وتوجيه الاتهامات الجنائية إلى عدم كفاية الأدلة لإجراء مزيد من الدعاوى. ولكن في شهر يناير (كانون الثاني) أسندت شرطة اسكوتلانديارد القضية إلى فريق جديد، وعادت التحقيقات بقوة.

منذ أسبوعين، أصدر قاضي المحكمة العليا، جيفري فوس أمرا بالكشف عن مئات الآلاف من أوراق البريد الإلكتروني للمتقاضين في قائمة متزايدة من الدعاوى التي رفعها أشخاص على قائمة مولكير. ومن بينهم الممثلة سينا ميلر ونائب رئيس الوزراء السابق جون بريسكوت، وشخصيات كثيرة في لعبة كرة القدم.

وفي الشهر الماضي، اعترف مديرو «نيو غروب»، الشركة القابضة التي يملكها مردوخ، والتي تملك «ذا نيوز أوف ذا وورلد»، بأن أجهزة الكومبيوتر التابعة للصحيفة تحتوي على أرشيف به ملايين من الرسائل الإلكترونية التي قيل سابقا إنها فقدت أثناء نقلها للتخزين في الهند. وصرح المديرون بأنهم سيبحثون في الأرشيف عن أي مواد لها علاقة بالتحقيقات في قضية التجسس على الهواتف، وسيقدمونها للشرطة.

وأشار بعض المهاجمين إلى أن عجز اسكوتلانديارد عن بذل مزيد من الجهد في التحقيقات يرجع إلى تاريخ قديم من التعاون السري في تبادل المعلومات بين الشرطة وبعض من الصحف، وهي الفكرة التي تنفيها اسكوتلانديارد بشدة.

وأشار البعض أيضا إلى أن النفوذ السياسي لإمبراطورية مردوخ - الذي يمتلك أيضا «ذا صن» و«التايمز» و«صنداي تايمز»، بالإضافة إلى 39 في المائة من أسهم مجموعة البث الفضائي «BSkyB» - ضاعف من التردد.

كان حزب العمال يتمتع بتأييد صحافي قوي طوال ما يزيد على عشرة أعوام من صحيفة «ذا صن»، أوسع الصحف اليومية انتشارا في بريطانيا. وكان تحولها إلى تأييد حزب المحافظين، عاملا مهما في خسارة حزب العمال للانتخابات في مايو (أيار) الماضي.

اتسع نطاق التشعبات السياسية للفضيحة عندما استعان ديفيد كاميرون، عندما كان زعيما للمعارضة قبل الانتخابات، بآندي كولسون كمدير للاتصالات في حزب المحافظين. كان آندي قد استقال من عمله رئيسا لتحرير «ذا نيوز أوف ذا وورلد» بعد الضجة التي جاءت بعد محاكمة غودمان وموكلير، ولكنه نفى أي معرفة له بالتجسس على الهواتف.

نقل تحقيق نشر في مجلة «نيويورك تايمز» في سبتمبر (أيلول) عن عدد من الأشخاص الذين عملوا تحت رئاسة كولسون قولهم إن عملية التنصت كانت منتشرة وتجرى بتوصيات من صحافيين رفيعي المستوى في الصحيفة.

عندما تولى كاميرون رئاسة الوزراء في الربيع الماضي، تبعه كولسون في مقر الحكومة، ليستقيل بعد ذلك في يناير. قائلا إن الفضيحة تسببت في التشويش على عمله. وأعلن كولسون: «عندما يحتاج المتحدث الرسمي إلى من يتحدث باسمه، يحين وقت الرحيل».

وبعد عملية الاعتقال الجديدة، يبدو أن الأضواء ستسلط من جديد على كولسون وعدد آخر من العاملين السابقين والحاليين في «ذا نيوز أوف ذا وورلد». وذكر بيان صدر عن الصحيفة أنها تتعاون بشكل «كامل» مع التحقيقات.

* خدمة «نيويورك تايمز»