لميس الحديدي لـ «الشرق الأوسط» : مشاركتي في حملة الرئيس السابق الانتخابية كانت مجرد وظيفة

بعد ضجة توقف برنامجها التلفزيوني «من قلب مصر» وانفصالها عن «ماسبيرو»

لميس الحديدي («الشرق الأوسط»)
TT

اتهامات عدة لاحقت الإعلام المصري خلال ثورة 25 يناير، وسقطات مهنية متتالية ومدوية ارتكبها عدد من الإعلاميين، خاصة في مرحلة التحول في الخطاب الإعلامي لمواكبة الثورة. لكن نجا من هذا السقوط قلائل كانت منهم الإعلامية «لميس الحديدي»، مقدمة البرنامج التلفزيوني «من قلب مصر» على قناة «Nile Life»، التي رفضت الظهور لتقول معلومات مغلوطة تخدم النظام، ولهذا ابتعدت من الظهور على الهواء طوال فترة الثورة حتى تنحي مبارك. وترى الحديدي نفسها مثل الصانع الماهر الذي يمتلك أدواته، لذا لم يكن غريبا أن تحصل العام الماضي على لقب أفضل مذيعة بناء على استفتاء جماهيري، لما كان لبرنامجها من رد فعل قوي لدى الجمهور المصري، لكن هذا لم يشفع لها ليستمر برنامجها الناجح على شاشة التلفزيون الرسمي، ففجأة تقرر إيقاف البرنامج وحدثت مداخلات تلفزيونية بينها وبين رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري الدكتور سامي شريف، كشفت عن مشكلات كبيرة، قررت على أثرها لميس أن تهجر مبنى «ماسبيرو» الشهير بعد سنوات من نجاحها فيه. «الشرق الأوسط» التقت لميس الحديدي، في القاهرة وكان هذا الحوار:

* كيف انتهت علاقتك بالتلفزيون المصري؟

- قضيت بالتلفزيون المصري 6 سنوات كانت من أجمل سنين حياتي.. أعطاني الكثير وأعطيته كل مجهودي، وقدمت مجموعة كبيرة من البرامج المتنوعة كانت الأعلى في المشاهدة والعائد الإعلاني آخرهم كان «من قلب مصر»، إلى أن قرر سامي الشريف (رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون) إيقاف البرنامج، وهذا كان بمثابة ضربة قوية للحرية بعد الثورة. فالبرنامج كان مهددا بالإيقاف في العهد السابق نظرا لسقفه العالي، وانتقاده اللاذع للعديد من القرارات.. ومع ذلك، لم يتمكنوا من إقصائه، وفي عهد الحرية أقصى سامي الشريف المنابر الإعلامية «من قلب مصر» و«مصر النهارده». والتلفزيون المصري بعد الثورة أصبح يتسم بعدم القدرة على الاختلاف مع القيادات.. في السابق، اختلفت كثيرا مع أنس الفقي، والكل يعرف هذا ولم يستطع إيقاف البرنامج.. ولكن اليوم نرى القمع والتعسف بشكل واضح.

* البعض اتهمك بعدم المهنية بسبب المداخلة التي قمتي بها في برنامج «مصر النهارده»، هل ندمت على ذلك؟

- لم ولن أندم على هذه المداخلة.. ما قمت به كان لحماية كرامة زملائي في البرنامج، فهم شركاء نجاحي. والرأي العام كان يجب أن يعرف حقيقة «سامي الشريف»، فقد كان يقول كلاما في الاجتماعات بينه وبيننا وينفيه في اليوم التالي على صفحات الجرائد وقنوات التلفزيون. ودخل التلفزيون وعينه على الإطاحة بكبار الإعلاميين. عندما يقول إنه يريد إتاحة الفرصة للصغار من الإعلاميين فلديه 23 قناة تعمل 24 ساعة يمكنه وضعهم في أي مكان، فلماذا اختار برنامجا يقوم بتحصيل إعلانات سنوية بقيمة 100 مليون جنيه ويأخذ من الخريطة التلفزيونية ساعتين؟

* أعلن سامي الشريف أنه ليس في حاجة إلى الإعلانات التي تأتي من البرنامج؟

- ربنا معه ويعينه على الإدارة الجديدة التي سيضعها. أعتقد أن لديه نوعا جديدا من الإدارة، التي لم أدرسها لا في الإعلام العربي ولا الإنجليزي، تقول إن الإعلانات غير مجدية أو يمكن الاستغناء عنها.

* ما الذي سيتغير في حياتك بعد قرار استبعادك من التلفزيون المصري؟

- كنت أتوقع أن يطول بقائي بعيدا عن الشاشة، فأستطيع أن آخذ إجازة عائلية، ولكن لم يحدث هذا. فمن اليوم الأول وأنا أتلقى عروضا من القنوات والمحطات، وحاليا بيني وبين عدة قنوات مفاوضات، فالكل لم ينس أنني عملت 4 سنوات في كل من قناة «العربية» و«الجزيرة» و«MBC»، وحاليا ستكون عودتي للشاشة أسرع في برنامج «توك شو»، وبرنامج رمضاني. ورسالتي الإعلامية مستمرة، وأنا أشكر كل جمهوري في مصر والوطن العربي لدعمه الرائع لي في الأيام السابقة والحالية.

* عرف عنك الجرأة في الأسلوب والاستفزاز في السؤال وعدم الاعتراف بالخطوط الحمراء، فهل هذه من مقومات شخصيتك؟

- هذه من مقومات شخصية الصحافي أو الإعلامي الذي يحاول إيصال رسالته إلى جمهوره، ولكني في حياتي الخاصة، بعيدا عن أجواء العمل، معروف عني الهدوء وأنني شخصية خجولة جدا.

* كيف بدأت مشوارك الإعلامي حتى تقديم برنامج «من قلب مصر» على قناة «النيل لايف»؟

- تخرجت من الجامعة الأميركية وعيني على مبنى الإذاعة والتلفزيون المصري (ماسبيرو)، طرقت الأبواب ولكن لم يكن لي نصيب وقتها، فعملت بقناة «الجزيرة» و«العربية» و«نيويورك تايمز» و«MBC»، بالإضافة إلى أنني شاركت الإعلامي عماد أديب في بناء مؤسسة «العالم اليوم» ومجلة «كل الناس». ولكن ظلت عيني على تلفزيون بلدي الذي أرغب في العمل به والسعي إلى تغييره إلى الأفضل، حتى جاءت الفرصة وقدمت عدة برامج حوارية «فيش وتشبيه»، «مانع وممنوع»، والآن «من قلب مصر» الذي حصلت من خلاله العام الماضي على لقب أفضل مذيعة بناء على استفتاء جماهيري، لما كان للبرنامج من رد فعل قوي على المسؤولين والشارع المصري، وهو ليس برنامجا للكلام فقط ولكن محاولة للإصلاح.

* لماذا فضلت العمل بالتلفزيون المصري، وهل واجهتك به مشكلات؟ - أنا مؤمنة بأن تلفزيون بلدي هو الأهم، والمواطن المصري من حقه أن يشاهد عملا محترما يعمل على تنويره فكريا، وأنا أكثر واحدة قيل لها «لا» في التلفزيون المصري، وكثيرا ما شوه مقص الرقابة أعمالي، لا أحب تصفية الحسابات، ولكن مواقفي مع المسؤولين في التلفزيون كانت صادمة، ولأنني إعلامية أحترم رسالتي رفضت الظهور أثناء ثورة 25 يناير لأقول معلومات مغلوطة تخدم النظام، ولهذا منعت من الظهور على الهواء طوال فترة الثورة إلى أن جاء تنحي الرئيس حسنى مبارك.

* معنى هذا أنك كنت ضد النظام السابق؟

- كإعلامية، لا أستطيع أن أكون ضد أحد أو معه، دوري الرئيسي هو توضيح الحقيقة وكشفها، والدليل أنني حاورت جميع الشخصيات العامة والمسؤولين في الدولة، جميعهم جلسوا أمامي في برنامج «من قلب مصر» لتوضيح بعض الخفايا للرأي العام، فالصحافي المحترف يحاور جميع الشخصيات وقد حاورت أحمد عز، جمال مبارك، زكريا عزمي، الغزالي حرب وغيرهم. ومقالاتي من 2001 إلى قيام الثورة كانت واضحة الخطى، ولي مقال نشر في جريدة «المصري اليوم» بعنوان «بعد الانتخابات لم ينجح أحد» ليوضح التزوير الذي حدث، وبعد الثورة أصبح سقف الحرية أعلى وهذا سيسمح لي بكشف الكثير من الخفايا للرأي العام.

* بعد ثورة 25 يناير في مصر، ما أجمل وأسوأ ما لفت نظرك؟ - الأجمل بعد الثورة هو سلوك المصريين في الميدان والشارع، والأسوأ هو الرعب وخوف الأمهات على أولادها، بالإضافة إلى محاولة البعض نشر الفتنة الطائفية، وأعتقد أن كل هذا في طريقه للزوال بعد فرض القوات المسلحة سيطرتها على البلاد.

* كنت من الإعلاميين المشاركين في تغطية انتخابات رئاسة الجمهورية عام 2005، ماذا أضاف هذا إلى رصيدك الإعلامي؟

- مشاركتي في الحملة الانتخابية للرئيس السابق مبارك كانت مجرد وظيفة، وأرجو عدم خلط الأوراق، فقد كان هناك كثير من المذيعين والصحافيين ولكن غير معروفين فكنت أبرزهم، وقد احتسب الموقف ضدي بعد الثورة ولكني كنت أقوم بعمل إداري.. وشيء رائع أن أشارك في انتخابات الرئاسة في بلدي، وهذا أمر متعارف عليه، يحدث في أميركا أن يشارك إعلامي في الانتخابات ولا أحد يتهمه بالتحيز للنظام، وكان عملي أثناء الانتخابات مقتصرا على التعامل مع الصحافيين الأجانب، وقد دخلت الانتخابات وأنا مستقلة وخرجت كذلك، لم أنتم إلى الحزب الوطني واعتذرت عن مناصب كثيرة لها علاقة برئاسة الجمهورية.

* ما أهم الحوارات التي أجريتها واعتبرتها علامات في مشوارك الإعلامي؟

- حواري مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، ورئيس وزراء بريطانيا السابق توني بلير، ومحمد البرادعي المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية.

* ما أصعب حوار أجريته؟! - كان مع «جمال مبارك»، وبالمناسبة كان أول حوار له مع التلفزيون المصري، وأثناء حواري معه صدمتني إجاباته وأيقنت أنه لا يصلح أن يتولى رئاسة أي شيء في مصر، ردوده كانت فارغة وباردة، سألته هل تقرأ الجرائد قال لا، قمت بسؤاله 3 مرات ما هي أحلامك، أجاب: أنا لا أحلم، لا وقت لدي للأحلام، فتعجبت كيف يعيش إنسان بلا حلم يحققه، سألته هل تنوي الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، أجاب: ليس لي نية ولا رغبة. كان عصبيا جدا طوال الحوار.. وكانت ردوده مظلمة. لم يكن لديه حلم ولا علاقة بالناس ومشاكلهم، فكيف يمكن أن يكون بينهم.

* ألم تخافي يوما أن تخسري عملك كمذيعة بسبب آرائك المضادة؟

- لو كلمة الحق ستكون سبب خوفي يوما فماذا يفعل من يقول الباطل، كما أنني أستطيع أن أعمل في أي مكان في العالم.. وسابقة أعمالي أكبر دليل على هذا، فأنا مثل الصانع الماهر الذي يمتلك الأدوات. فأي مكان سيوفر لي مساحة من الحرية والمصداقية سأعمل به.

* كيف ترين الاختلاف بينك وبين زوجك الإعلامي عمرو أديب في طريقة عرض برامجكما؟

- عمرو يحب التنوع في فقرات برامجه، لأنه بدأ حياته العملية ببرنامج فني ثم انتقل إلى السياسة، أما أنا فتخصصت في الاقتصاد والسياسة منذ بدايتي إلى الآن، أنا أظهر على الشاشة جادة ولكن في الحياة العامة مرحة جدا، أما عمرو فهو على الشاشة كما في الحياة بسيط ومرح ويبتعد عن التكلف، وأنا أراه أفضل مذيع في مصر لديه أدوات التفكير الناجح.

* رأينا عمرو أديب يظهر في برنامج جديد «Arabs Got Talent»، ما رأيك فيه؟ - أرى أنه أكثر برنامج حرفي رأيته في حياتي، فقد أحببت فكرته جدا، فالعالم العربي يضم الكثير من المواهب الرائعة التي يجب أن تكتشف وتظهر على السطح ليراها العالم كله، وللعلم ابننا نور من عشاق هذا البرنامج وحريص على حضوره.

* اتهم الإعلام العربي بعدم المصداقية وقلة الكفاءات في فترات سابقة، ترى أي القنوات الإخبارية على الساحة اليوم حققت المصداقية والكفاءة؟

- تأتي على القمة قناة «BBC» العربية، ثم قناة «العربية»، وأخيرا قناة «الجزيرة»، على الرغم من أنه كان لها موقف مزعج جدا أثناء الأحداث الجارية بمصر في الفترة الأخيرة، فكانت تلون الحقيقة كما يحلو لها.. والواضح أنه كانت لديهم اتجاهات مهاجمة، كانوا يكبرون الصورة على الشغب، ويستخدمونه جديا في دفع عجلة الثورة ليس لإسقاط النظام وحسب بل لهدم الدولة.

* ما الأحوال التي تجعلك تتركين العمل في الحقل الإعلامي؟

- عندما تكون هناك موازنة مالية لا تساعد على العمل فتخرج الصورة بشكل سيئ، فالموازنة عليها عامل كبير في نجاح العمل، بالإضافة إلى انخفاض سقف الحرية، فلا أستطيع أن أقول الحق.