التحول إلى الشبكات الاجتماعية بحثا عن الأخبار

مقتل بن لادن انتشر عبر «تويتر» و«فيس بوك» قبل 20 دقيقة من بثه تلفزيونيا وإذاعيا

TT

عندما وجه الرئيس أوباما بشكل غير متوقع خطابا إلى الأمة من البيت الأبيض عشية الأحد الماضي، قضى مذيعو قناة «سي إن إن» الإخبارية أكثر من نصف الساعة في إعطاء لمحة تمهيدية عن الخطاب دون أن يشيروا فعليا إلى موضوع الخطاب.

وقال مذيع شبكة «سي إن إن»، وولف بليتزر: «لدي أحاسيس داخلية بشأن ما يحتمل أن يشتمل عليه هذا الخطاب»، مكررا هذه العبارة مرتين. وأضاف أن مسؤولا رفيع المستوى بالبيت الأبيض قد شكره على إظهار «ضبط النفس» وعدم التخمين.

وبفضل موقعي «تويتر» و«فيس بوك»، كان بعض مشاهدي «سي إن إن» قد سمعوا الأخبار بالفعل. وانتشرت أخبار غير مؤكدة - ثبتت صحتها فيما بعد - عن قتل أسامة بن لادن على نطاق واسع على الشبكات الاجتماعية قبل نحو 20 دقيقة من إعلان مذيعي شبكات البث الإذاعي والتلفزيوني والخدمات الكابلية الرئيسية أخبارا عن الغارة التي شنتها الولايات المتحدة على مخبأ بن لادن في الساعة الحادية عشرة إلا الربع مساء، قبل نحو ساعة من توجيه الرئيس أوباما خطابه من البيت الأبيض.

كان هذا مثالا آخر على كيفية تعامل الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام التقليدية مع الأخبار نفسها بطرق مختلفة وبسرعات متفاوتة. ومثلما دخلت «سي إن إن» في تحد مع الصحف والنشرات الإخبارية الإذاعية والتلفزيونية المسائية بعرضها مجموعات متتابعة من الصور من حرب الخليج الثانية، بات كل من «تويتر» و«فيس بوك» بمثابة نظم إنذار مبكرة بالأخبار العاجلة - مع أنها ليست بالضرورة دائما أن تكون أخبارا مؤكدة موثوقا فيها.

لقد شهد موقع «تويتر» أعلى معدل رسائل ثابت على الإطلاق، بمتوسط 3440 رسالة في الثانية من الساعة 10:45 مساء إلى الساعة 12:30 صباحا بتوقيت شرق الولايات المتحدة. وقد ورد ذكر بن لادن في خمسة ملايين موضع على موقع «فيس بوك» في الولايات المتحدة وحدها، مع ذيوع أخبار عن الغارة التي شنتها الولايات المتحدة على مخبئه في نحو الساعة العاشرة والنصف مساء. وظهرت صفحة جديدة على الـ«فيس بوك» تحت عنوان «مات أسامة بن لادن» كي يبدأ الناس في مشاركة آرائهم وأفكارهم فيها. ووصل عدد المشتركين فيها إلى أكثر من 400000 شخص يوم الاثنين الماضي. وسرعان ما تبعها ظهور صفحة أخرى عنوانها «أسامة بن لادن لم يمت».

إن الرسائل النصية والشبكات الاجتماعية لم تساعد الناس في معرفة أخبار موت بن لادن ونشرها فحسب، وإنما ساعدتهم أيضا في استيعابها، بالحث على الاحتشاد بشكل عاجل في موقع مركز التجارة العالمي وخارج البيت الأبيض.

وقد أدى هذا ببعض المراسلين والملاحظين إلى محاولة وضع تجربة مشاركة الأخبار المتعلقة ببن لادن في سياق محدد. كتب آلان فيشر، مراسل لقناة «الجزيرة» الإنجليزية، على «تويتر»: «لحظة كنيدي لجيل جديد». وقال: «بالنسبة لجيلي، سيتذكرون أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) ووفاة الأميرة ديانا. أما بالنسبة لتلك الأجيال الشابة، فسترجح كفة حدث موت بن لادن لتأثيره العالمي واسع النطاق».

كان سام دوليك (20 عاما) طالب في السنة الثانية بالكلية في تخصص دراسات أميركا اللاتينية بجامعة جورج تاون، يكتب بحثا في غرفته، حينما نظر في صفحة الـ«فيس بوك» الخاصة به ووجد تحديثا من صديق، يشير فيه إلى خطاب منتظر أن يوجهه أوباما وتكهنات بالإعلان عن وفاة بن لادن.

قال دوليك، الذي كان يشاهد صفحة الـ«فيس بوك» في الوقت نفسه الذي تفجرت فيه أجزاء صغيرة تلو الأخرى من الخبر في التغذية الإخبارية الخاصة بموقع الـ«فيس بوك»: «انتشر الخبر عبر الـ(فيس بوك). بعدها، شاهدت دعوات تحث الطلاب على التجمع عند بوابات الجامعة والتوجه إلى البيت الأبيض».

وقال دوليك الذي انتزع علما أميركيا من على الحائط واتجه خارجا: «للمرة الأولى، بدلا من أن يكون دور الـ(فيس بوك) هو مجرد إعلامي بالأخبار، حثني على اتخاذ إجراء».

وبمجرد أن وجه الرئيس أوباما خطابه، زود مستخدمو برنامج «إنستاغرام»، تطبيق مشاركة الصور الخاص بجهاز «آي فون»، الخدمة بصور لأوباما أثناء الخطاب، والتي تم التقاطها من شاشات التلفزيون ومن شاشات أجهزة الكومبيوتر المحمولة. وسرعان ما عرضت صور لأعلام أميركية ثم صور للجموع التي احتشدت في نيويورك وواشنطن.

وفي نحو الساعة الحادية عشرة مساء، أثناء الجولة الثامنة من المنافسات بين فريقي البيسبول ميتس وفيليز بحديقة «ستيزينز بانك بارك» في فيلادلفيا، سمع صوت هتافات «أميركا! أميركا!» قادمة من جزء بالقرب من خط الأساس الثالث. وفتح بيلي ويتشترمان (30 عاما) وهو يحمل تذكرة لحضور مباريات هذا الموسم الكروي، جهاز الـ«آي فون» وبدأ البحث في موقع «تويتر» واكتشف سبب الهتافات التي ملأت الاستاد.

وظل بعض من المحتشدين على درجة من الحذر.

وقالت جوليا هيز (24 عاما) من بيتمان بولاية نيو جيرسي، التي كانت من بين الحاضرين للمباراة: «في البداية، كنت متشككة بدرجة ما، لأنني أعرف أنه كانت هناك أخبار فيما سبق عن شن هجمات جوية على مخبأ بن لادن، والتي لم تحقق النجاح». وأضافت: «رأيت عددا كبيرا من أصدقائي يتهامسون بهذا الخبر، وهو أن أوباما سوف يلقي خطابا مهما بعد وقت قصير. بعدها، سمعت الهتافات ورأيت الناس يخرجون هواتفهم للتحقق من الخبر».

ما كانت تفتقر إليه مثل هذه الخدمات، في الجانب الأكبر منها، هو إعلان الأخبار الأصلية. فقد كان ذلك متروكا لوسائل الإعلام الإخبارية، وعلى وجه الخصوص ذلك العدد المحدود منها الذي كان له مراسلون في باكستان وأفغانستان.

وقال بيتر هوروكس، مدير «بي بي سي غلوبال نيوز» الإخبارية في رسالة بريد إلكتروني: «تحدث مراسلونا في كابل إلى كبار المسؤولين الأمنيين في أفغانستان الذين قالوا إن ذلك قد أتى متأخرا جدا، فهناك الآن بن لادن في كل شارع في أفغانستان».

وقال دان غيلمور، مؤلف «نحن وسائل الإعلام، الصحافة الشعبية من الناس وإلى الناس» وأستاذ الصحافة بجامعة ولاية أريزونا، إنه من المهم أن نظل حذرين بشأن تأثير الصورة التي تستحوذ بها الأخبار التي تبث في الوقت الفعلي الذي تقع فيه الأحداث على انتباه الناس، ولا سيما مع التقارير الزائفة التي أفادت بوفاة عضو الكونغرس الأميركي غابرييل غيفوردز، إثر إطلاق نار في توكسون في يناير (كانون الثاني).

وقال غيلمور: «أعتقد أننا يجب أن نتوخى الحذر بشأن قيمة مثل هذه الشبكات». وأضاف: «لهذه الشبكات قيمة كبيرة بالنسبة لجميع الأفراد المعنيين، بمن فيهم المستخدمون. أظن أننا يجب أن نحذر من تحويل كل محادثاتنا إلى شركات خاصة تعمل لصالح مساهميها فيما يتعلق بالأشياء التي نتحكم فيها بأنفسنا».

* أسهم في إعداد التقرير جينا وورثام

* خدمة «نيويورك تايمز»