السفر باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي

تجعل إمكانية وصول البشر أكثر سهولة وإمكانات السفر أكثر إمتاعا

TT

حينما كان مارك روش وزوجته كارول ليفيت متجهين مؤخرا إلى مدينة كنساس بولاية ميزوري في رحلة في إطار عملهما في مجال التعليم القانوني والعمل البحثي، لم يرغبا في إضاعة فرصة تناول الغداء في مطعم أوكلاهوما جو للمشويات في مدينة كنساس، لكن بعد وصولهما بالتاكسي إلى المطعم الحاصل على جائزة، والكائن في محطة بنزين سابقة في منطقة سكنية، ساورهما القلق من إيجاد تاكسي يقلهما إلى الفندق بعد تناول الغداء.

بعدها، تذكر روش، 46 عاما، أنه قام مؤخرا بتنزيل تطبيق جديد خاص بالسفر، اسمه «تاكسي ماجيك»، على هاتفه، وهو خدمة حجز تاكسي مجانية متاحة على شبكة الإنترنت. ولم يكن قد استخدم هذه الخدمة قط. ولم يكن لديه أدنى فكرة عما إذا كانت مدينة كنساس مضمنة في قاعدة البيانات أم لا.

قال: «لذلك كانت تجربة مثالية.. قمت بإدخال معلومات عن الموقع الذي نقيم فيه وأرسلت طلبي. وتلقيت رسالة على هاتفي برقم السيارة الأجرة والوقت المنتظر أن تصل فيه. وقد نجحت الفكرة».

ومن خلال سفرهما لمدة 140 يوما كل عام من منزلهما الواقع بالقرب من ألبوكيركي إلى مكاتب المحاماة بمختلف أنحاء المدينة، وجد روش وليفيت، اللذان يديران شبكة للمحامين على الإنترنت، أنهما يجربان التعامل مع عدد متزايد من تطبيقات الهواتف المحمولة وأدوات التواصل الاجتماعية الجديدة. ومن خلال الكثير من الإرشادات والتوصيات، بات بإمكانهما التنقل من مكان إلى آخر بشكل أكثر سهولة بواسطة الوحدات الطرفية الخاصة بخطوط الطيران والتعرف على مدن غريبة وإتمام صفقات ناجحة على طول الطريق.

وأثناء رحلة قاما بها مؤخرا إلى شيكاغو، خصص روش وليفيت وقتا لزيارة أحد الأماكن المفضلة لهما وهو مقهى «مانيز»، المعروف بخبز الغاودار المحشو بشرائح اللحم وحساء الدجاج الرائع. وبينما هما يستقلان التاكسي، استخدم روش هاتفه في تصفح موقع «ييلب»، وهو موقع تواصل اجتماعي، كما يقدم أيضا خدمة البحث عن مطاعم. ويجمع هذا الموقع البيانات الخاصة بالمستخدمين، بحيث يمكن إعطاء السائق عنوان الشارع، إضافة إلى ذلك، وجد كوبونا للحصول على فطائر البطاطس الشهيرة التي يقدمها المقهى. وكان متاحا له الحصول على هذه الفطائر مجانا في حالة ما إذا قام بتسجيل اسمه عند الوصول في موقع «ييلب»، وهو ما قام به بالفعل.

وفي طريقه إلى المطار، استخدم تطبيق «غيت غورو»، أحد تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي على الهاتف، الذي يضم قاعدة بيانات لمحلات ومطاعم وخدمات بأكثر من 150 مطارا، من بينها موقع آخر لمقهى «ماني» في «تيرمينال إيه» في مطار ميدواي الدولي. وقال روش: «يمكنني أن أنظر بشكل استباقي وأتعرف على المطاعم والمتاجر القريبة من تلك البوابة. وأستخدم هذا التطبيق أيضا في التعرف على شبكات (الواي فاي) المتاحة بالمطارات المختلفة».

تستخدم معظم الفنادق الكبرى وشركات الطيران الشهيرة الآن مواقع التواصل الاجتماعي في التسويق وخدمة العملاء، من خلال الرد على شكاوى العملاء على موقع «تويتر»، بل وحتى تقديم عروضها الخاصة على موقع «فيس بوك» لاجتذاب المسافرين من مواقع الحجز الكبرى على شبكة الإنترنت مثل «إكسبيديا».. إلا أن الأمر الذي ثبت أنه على درجة كبيرة من النفع بالنسبة للمسافرين هو ثورة الإبداع التي قد أثمرت عن عشرات من تطبيقات الهواتف الجديدة ومواقع التواصل الاجتماعي مثل «فودسبوتينغ»، الذي يعتبر بمثابة دليل مرئي لأنواع الأطعمة المختلفة و«تريب إت»، الموقع الذي ينظم جداول رحلات المسافرين.

لقد غيرت مواقع التواصل الاجتماعي، بشكل هائل، مشهد سفريات العمل في العامين الأخيرين؛ بحيث بات من الصعب تخيل كيف عاشت شخصية ريان بينغهام، التي أداها النجم جورج كلوني في فيلم «أب إن ذا إير»، من دون استخدام موقع «فورسكوير» للحجز بأحد الفنادق.

«لقد عشت على الطريق معظم فترات حياتي».. هذا ما قاله أندي لارك (42 عاما)، رئيس قسم التسويق بوحدة العمل التابعة لشركة «ديل»، الذي يسافر كل أسبوع، تقريبا، ويسافر حول العالم كل 3 أسابيع ويستخدم الكثير من أدوات التواصل الاجتماعي المختلفة.

أضاف لارك: «إنها تزيد من إمكانية الوصول إلى البشر والأماكن، كما تجعل كل إمكانات السفر أكثر إمتاعا.. والأمر متعلق بدرجة كبيرة بالأجهزة، مثل الهواتف الذكية والشبكات اللاسلكية، بقدر تعلقه بشبكات التواصل الاجتماعي».

وقال لارك: إن سفريات العمل يمكن أن تمثل تجربة موحشة، وقد أسهمت مواقع التواصل الاجتماعي في تغيير تلك الفكرة. وتابع: «لقد تحولنا من عالم يجلس فيه كل شخص على متن الطائرة ولا يتحدث إلى أي شخص آخر، ثم ينزل بغرفة في أحد الفنادق؛ حيث ربما يصعب عليه فهم ما يمكن أن يفعله بعد ذلك، إلى عالم يمكنك فيه أن تسجل الدخول على مواقع التواصل الاجتماعي وتحصل على إرشادات ونصائح. لقد بات كل شخص أشبه بربان أو ملاح سفينة».

ويتذكر أنه في إحدى الرحلات إلى هونغ كونغ، قام بالحجز من خلال «فورسكوير» ليكتشف أن اثنين من أصدقائه القدامى من سان فرانسيسكو كانا يزوران هونغ كونغ في الوقت نفسه؛ وبالتالي تسنى لهم الخروج معا لتناول أحد المشروبات. وأثناء رحلة قام بها مؤخرا إلى الهند، وصل في نحو الساعة الرابعة صباحا إلى فندق «ليلا بالاس» في بنغالور، وقام بالحجز عبر موقع «فورسكوير»، معتقدا أن زوجته ستكون الشخص الوحيد الذي سيرى ما وصفه باللحظة الممتعة، متسائلا أين يمكن أن يحصل على كوب من القهوة في فترة ما قبل الفجر. وقد فاجأه أن يتلقى ردا مباشرا يقترح عليه مقهى قريبا منه. وكان هذا الرد من زبون في مقهى «ديل» استيقظ مبكرا للذهاب لممارسة رياضة الغولف.. شخص لم يلتق به بشكل مباشر من قبل على الإطلاق، الذي رأى سؤاله عن المقهى في حسابه في «لينكيد إن». واتضح أن مارك قام بربط حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي معا، بحيث تظهر كل رسالة يرسلها في مواضع عدة.

قال لارك، الذي يربط كل شبكات علاقاته الشخصية بمواقع «فيس بوك» و«تويتر» و«فورسكوير» معا: «هذه الشبكات الاجتماعية في حد ذاتها تمثل قيمة، لكن ثمة فائدة أكبر يمكن تحقيقها بربطها معا».

لقد أرسل طلبه بإيجاد مقهى للحصول على كوب مميز من القهوة إلى موقع «تويتر» بالمثل.. وفي أثناء وجوده في ملبورن، بأستراليا، طلب مؤخرا من زملائه نصائح وإرشادات، وقام بتضمين علامة الهاش تاج #coffee. وهذا يعني أن تحديثه في موقع «تويتر» ظهر في رابط خارج نطاق شبكة تواصله الاجتماعي، تبعته مشاركات أشخاص شاركوه الرغبة في الحصول على كوب من القهوة في مقهى معروف. وقال: «تلقيت ردا من شخص لم أكن أعرفه يقترح علي مقهى رائعا يقدم قهوة باردة». وأضاف: «لم أكن لأعلم مطلقا عنه ما لم أستخدم علامة الهاش تاج. وثمة الكثير من المنافع الاجتماعية في العالم الاجتماعي. وتكشف علامة الهاش تاج عن بعض تلك المزايا».

وبالنسبة للمسافرين في سفريات عمل، قال لارك إنه يعتقد أن مواقع التواصل الاجتماعي لم تكن فقط مجرد وسيلة لمواكبة الأحداث أثناء هذه السفريات، بل كانت مفيدة أيضا في تمكين أفراد أسرته في المنزل من معرفة مكانه وما يقوم به. وقال: «بالنسبة لأسرة شابة، تستطيع زوجتي، من خلال قيامي بالحجز باستخدام موقع (فورسكوير)، معرفة مكاني.. إنها وسيلة رائعة للبقاء على اتصال بها».

وبوصفه نائبا لرئيس قسم الاستراتيجيات والرؤى العالمية بشركة «إديلمان»، شركة العلاقات العامة العالمية الشهيرة، جرب ستيف روبل استخدام الكثير من الأدوات المختلفة كجزء من وظيفته في توقع المستقبل لتقييم أثر التكنولوجيا على وسائل الإعلام والاتصالات. وقد شمل هذا أيضا تلقي دعوات لحضور مؤتمرات بمختلف أنحاء العالم. وكان أهم سؤال يواجهه هو: كيف يمكن تحديد أي المؤتمرات يجب أن يحضرها؟ «لقد كان من المعتاد أن يعتمد ذلك فقط على المتحدثين»، هكذا قال، وأضاف: «أما الآن، فالناس يقيمون اتصالاتهم اعتمادا على ميزة القيمة المحتملة للمعلومات والمصادر والتواصل عبر الشبكات». وللتعرف على المؤتمرات الجارية، يستخدم «بلانكاست»، تطبيق تواصل اجتماعي يتيح للمستخدمين مشاركة الأحداث والمؤتمرات المختلفة التي يحضرونها مباشرة على شبكة الإنترنت.

كانت تلك إحدى الطرق التي عرف روبل من خلالها أن صديقه روبرت سكوبل، المدون الشهير في مدونة «سكوبليزر» ورئيس قسم التعلم في شركة «راك سبيس»، سيحضر المؤتمر نفسه في أمستردام الذي عقد نهاية الشهر الماضي.

ويستخدم سكوبل، تماما مثل روبيل، موقع «بلانكاست». وهما يستخدمان تطبيق «تريب إت» في تنظيم خطط سفرياتهما على الإنترنت. ومن الأدوات الأخرى التي أشار سكوبل إلى أنها تساعد في جعل سفريات عمله المتكررة أكثر سلاسة واجتماعية النزعة: موقع «Hipmunk. com» للحجوزات في شركات الطيران، وكذلك موقع «فورسكوير»؛ حيث جمع نحو 1200 صديق. وقال إنه راق له أيضا موقع «فودسبوتينغ»؛ حيث يقوم المستخدمون بتصوير أطباقهم المفضلة ومشاركتها بدلا من كتابة تعليقات. وقال: «أبدأ في البحث عن صور لأطعمة»، وذلك لتحديد أي المطاعم يمكنه الذهاب إليها في مدينة جديدة يقوم بزيارتها. وأضاف: «يمكنك أن تتعرف على شكل الأطعمة.. فهذا الموقع يمدك بكم من المعلومات أكبر من ذلك الذي تمدك به قائمة طعام في مطعم».

لكن ما أكثر الأدوات أهمية بالنسبة لجميع المسافرين في رحلات عمل؟

قال: «الأداة المفضلة بالنسبة لي هي كابل تطويل (مونستر) بقابس ذي 3 محاور». وأضاف: «تلك هي الأداة المثلى التي يجب أن تتوافر دائما في المطارات. فإذا وجدت قابسا، ستجد شخصا آخر يستخدمه بالفعل. الآن يمكنك تركيب قابس خاص بك. فمصدر القوة الجديد هو الطاقة المحركة».

*خدمة «نيويورك تايمز»