اختبار جديد لحرية التعبير على «تويتر»

بعد حصول لاعب كرة قدم ونجمة تلفزيونية على إنذار قضائي يمنع وسائل الإعلام من الخوض في تفاصيل حياتهما

صفحة تويتر كما تبدو على شاشة الكومبيوتر حيث تعرض الموقع إلى هجمات قراصنة الانترنت مرات عدة (أ.ف.ب)
TT

سريعا تحول ما بدأ ككلام غير أخلاقي حول علاقة غرامية بين لاعب كرة قدم بريطاني شهير ونجمة تلفزيونية إلى اختبار آخر بشأن الخصوصية وحرية التعبير على الإنترنت، حيث تعمل وسائل الإعلام الاجتماعية في بلدان يحكمها قوانين مختلفة إلى حد كبير.

وحصل اللاعب على ما يسمى بالإنذار القضائي، وهو إجراء قانوني بريطاني صارم ومثير للجدل يمنع وسائل الإعلام من الإعلان عن هوية الشخص أو الخوض في تفاصيل حياته أو حتى الكشف عن وجود أمر من المحكمة.

ومع ذلك، تجاهل عشرات الآلاف من مستخدمي الإنترنت الأمر وقاموا بالإعلان عن اسم اللاعب على «تويتر» و«فيس بوك» والمنتديات المختصة بكرة القدم على الإنترنت، وهي مواقع أضفت غموضا على تعريف الصحافة ويكاد يكون من المستحيل تنظيمها.

وفي الأسبوع الماضي ووسط غضب متزايد في بريطانيا من استخدام الإنذار القضائي، حصل اللاعب على أمر من المحكمة البريطانية العليا يطالب «تويتر» بالكشف عن هويات المستخدمين المجهولة أسماؤهم ممن أرسلوا هذه الرسائل. وقال مات جرافز، المتحدث باسم «تويتر»، إن الشركة لا تستطيع التعليق على أمر المحكمة أو كيف سترد عليه.

وقال إريك غولدمان، وهو مدير المعهد العالي لقوانين التكنولوجيا بجامعة سانتا كلارا: «إن الأمر يتعلق حقا بلب الخدمة التي يقدمها (تويتر) في محاولة لتحقيق التوازن في خطاب مستخدميها، وحقيقة أن الدول لديها قوانين وقواعد مختلفة بشأن الكلام».

ورغم النقاش حول قصة حب اللاعب قد لا يبدو هو المثال الأكثر إلحاحا على حرية التعبير على الإنترنت، فإن هناك آثارا أوسع نطاقا وأكثر إلحاحا، حسب قول المحللين.

وقال توماس بيرك، وهو رئيس قسم ممارسة القوانين الإعلامية في شركة «ديفيس رايت تريمان»: «إذا توقفت قليلا ستكتشف أن تطبيق هذا النوع من الحماية حيوي عندما تتحدث عن الأشخاص المشاركين في ثورة أو حركة اجتماعية مثل الربيع العربي».

وفي رسالة على مدونة الشركة في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، كتب بيز ستون، أحد مؤسسي «تويتر»، و«أليكس ماكغيليفاري»، المستشار العام لـ«تويتر» يقولان: «موقفنا بشأن حرية التعبير يحمل معه تفويضا بحماية حق مستخدمينا في التحدث بحرية والحفاظ على قدرتهم في الطعن ضد الكشف عن المعلومات الخاصة بهم».

وأضافا أن «تويتر» يزيل الرسائل المزعجة والمشاركات غير المشروعة، ولكنه يحاول الحد من تلك الاستثناءات. يقوم «تويتر» بالإعلان عن المعلومات عندما تكون مطلوبة قانونيا، ولكنه يخطر المستخدمين قبل الكشف إلا إذا كان القانون يحظر القيام بذلك.

ولأن مقر «تويتر» موجود في الولايات المتحدة، فيمكنه القول إنه يلتزم بالقانون وإنه يتعين على أي مدع رفع القضية في الولايات المتحدة، حسب ما صرح به محللون قانونيون. ولكن «تويتر» له مكتب في لندن، وتكون القوانين أكثر تعقيدا إذا كانت الشركات لديها موظفون أو مكاتب في بلدان أجنبية.

ومع ذلك، قاوم «تويتر» تسليم مثل هذا النوع من المعلومات في الماضي. وعندما سئل ماكغيليفاري عن القوانين الدولية في مؤتمر عقد في مارس (آذار)، قال: «إننا نقول لهم إننا شركة أميركية ولدينا قانون الاتصالات الأميركي، وبكل ترحيب يمكنكم الحضور ومقاضاتنا هنا». يذكر أن قانون الاتصالات يقول إن شركات الإنترنت ليست مسؤولة عما ينشره مستخدموها.

وقال خبراء في قوانين الإنترنت إنه ليس هناك أدنى شك في أن ما كتب على «تويتر» عن لاعب كرة القدم يعد أمرا قانونيا في الولايات المتحدة، بسبب قانون الاتصالات والحماية التي يفرضها التعديل الأول للكلام من دون تسمية الشخص. وبالإضافة إلى ذلك، سيكون الأمر القضائي الذي يمنع الكشف عن هذا النوع من المعلومات شيئا جديدا في الولايات المتحدة. ولكن ستكون القضية أكثر قتامة إذا ما انتقل الأمر إلى خارج حدود الدولة.

ويقول بيرك: «ربما تعتقد في هذه المرحلة من الإنترنت أنك تعلم بشكل واضح القوانين التي يخضع لها الإنترنت، ولكنك ستكتشف أن هذا الأمر بعيد كل البعد عن الوضوح».

وواجهت شركات أميركية أخرى في مجال الإنترنت صعوبات غير متوقعة بشأن القوانين الدولية المتعارضة، فعندما فتحت «غوغل» محرك البحث في الصين، قامت بمراقبة النتائج وفقا للقانون الصيني، وواجهت قضايا قانونية في ألمانيا بسبب استخدام الصور الفوتوغرافية التي التقطت لخرائط عرض الشوارع.

كما تواجه المواقع التي يقوم المستخدمون برفع المحتوى عليها قيودا مختلفة، وتتعامل بعض الشركات مع هذه المشكلة عن طريق فتح مواقع محلية تتبع قواعد مختلفة في بعض الأحيان، فعلى سبيل المثال، نجد أن شركة «يلب» و«إي باي» لديهما مواقع مختلفة في بلدان مختلفة.

وفي بريطانيا، هناك جدل كبير حول الإنذارات القضائية، وهناك غضب عارم بين البريطانيين بشأن حصول المشاهير المتورطين في فضائح والشركات العاملة في ممارسات مشكوك فيها على إنذارات قضائية تتيح تقليل الرقابة عليهم.

وتصاعد الجدل المثار حول لاعب كرة القدم خلال عطلة نهاية الأسبوع عندما قام مستخدمو الإنترنت – الغاضبون من حصوله على الإنذار القضائي وما يعتبرونه قيودا على حرية التعبير – مرارا وتكرارا بالكشف عن اسم اللاعب على الإنترنت.

وبمجرد نشر المعلومات على الإنترنت، يصبح الإنذار القضائي أمرا غير مجد، وهو ما يقوله المؤيدون والمعارضون على حد سواء، فعلى سبيل المثال أصبح اسم اللاعب معروفا الآن على نطاق واسع حتى أنه أصبح مثار سخرية ومصدرا للنكات على شاشة التلفزيون في وقت الذروة. وقامت دوريات أجنبية مثل «فوربس دوت كوم» وجريدة «صنداي هيرالد» الاسكوتلندية بنشر اسمه.

وقال جيرمي هانت، وزير الثقافة البريطاني، في منتدى الأسبوع الماضي إن الإنترنت يستهزئ بالإنذار القضائي، وأضاف: «لدينا هذا الوضع المؤسف للغاية والذي لا يمكن تحمله حيث لا يمكن للصحف نشر الأشياء التي يتم تداولها بحرية على شبكة الإنترنت».

ولكن هناك دعما كذلك للطريقة التي يحاول بها القانون البريطاني حماية الخصوصية، وفي تقرير صدر يوم الجمعة الماضي، قال إيجور جدج، رئيس المحكمة العليا وأكبر القضاة البريطانيين، إن من ينتهك الإنذار القضائي على الإنترنت يمكن أن يكون مسؤولا من الناحية القانونية.

وتساءل: «هل حقا سنقول إن الشخص الذي له حق المطالبة بالخصوصية، والذي حصل على هذا الحق بشكل جيد، والذي لا تستطيع الصحف ووسائل الإعلام الخوض في خصوصيته، يجب أن يكون تحت رحمة شخص ما يقوم باستخدام التكنولوجيا الحديثة؟». ولكن شارلوت هاريس، محامية متخصصة في وسائل الإعلام والتي تمثل كلا من الشخصيات العامة التي تسعى للحصول على إنذار قضائي والناس التي تحتج ضد هذه الإنذارات، قالت إن هذا سيكون صعبا للغاية.

وأضافت: «عندما تشترك في معظم المواقع، فإنك توافق على الشروط والظروف التي تقول إنك لن تستخدمها لانتهاك القانون، ولكن تكمن المشكلة في صعوبة تطبيق ذلك. السؤال هو من أين ستبدأ؟».