تغطية محاكمة كيسي أنتوني تعطي طابعا مميزا لمحطة «إتش إل إن»

وسط القنوات الإخبارية الكابلية التي دأبت على متابعة القضايا المنظورة في قاعات المحاكم

كيسي أنتوني (رويترز)
TT

لما يقرب من عقدين عرضت محاكمات أفادت من جاذبية تحكيم الشعب الأميركي في الوقت الفعلي التي تنظر فيه أمام المحاكم على شاشة «كورت تي في»، القناة الكابلية التي ساهمت في جعل مشاهدي التلفزيون في صورة شهود عيان على النظام القضائي.

وتعتبر «كورت تي في» الآن بمثابة إحدى قنوات تلفزيون الواقع، وتفضل القنوات الإخبارية الكابلية التي دأبت على متابعة القضايا المنظورة في قاعات المحاكم بشكل مكثف، مثل «فوكس نيوز تشانيل» و«إم إس إن بي سي»، محاكمة الساسة. غير أنه يأتي كبديل هذا العام على الأقل، محطة «إتش إل إن»، وحدة «تايم وارنر» التي كان يطلق عليها «هيد لاين نيوز».

وعلى غرار الأسلوب الذي اتبعته كل من «كورت تي في» و«سي إن إن» أثناء محاكمة لاعب كرة القدم الأميركي أو جيه سيمبسون في 1995، كرست «إتش إل إن» برامجها لتغطية قضية مقتل كيسي أنتوني، مما يجعلها شبكة المحاكمات الجديدة. وقد زاد جمهور «إتش إل إن» لأكثر من الضعف منذ بدء المحاكمة في 24 مايو (أيار)، مما دفع القناة إلى زيادة ساعات التغطية، التي تديرها نانسي غريس خارج محكمة أورلاندو بولاية فلوريدا.

وفي نهاية بثها كل ليلة، تقول غريس إنها موجودة من أجل تحقيق «العدالة لكايلي». وقد أصبح هذا الرأي بمثابة شعار يظهر أسفل شاشة «إتش إل إن».

اتهمت أنتوني (25 عاما)، التي تطلق عليها غريس بشكل ساخر اسم «توت مام» أو الأم الطفلة، بقتل ابنتها كايلي التي كان عمرها عامين في 2008. وتسعى الولاية من أجل الوصول إلى الحكم بالإعدام في المحاكمة، التي تستأنف يوم الاثنين.

بالنسبة لمحطة «إتش إل إن» تعتبر المحاكمة حلقات تلفزيونية اجتماعية قصيرة متعددة الأبعاد، شبه مخصصة لتلائم استراتيجية القناة الممثلة في تقديم الأخبار والحوارات الدائرة حولها. وفي الوقت الذي تستمر فيه القناة الشقيقة «سي إن إن» في التأكيد على تغطيتها الأحداث المحلية والدولية معا، تخلت محطة «إتش إل إن» منذ فترة طويلة عن شكل عناوين الأخبار التي يتم بثها كل 15 دقيقة مفضلة بث البرامج الحوارية في فترة المساء. وقد وسعت نطاق هذا الشكل تدريجيا، بحيث يغطي ساعات النهار أيضا بالتركيز على أخبار الساعة مثل محاكمة كيسي أنتوني وتضمين المداخلات الهاتفية للمشاهدين ورسائل البريد الإلكتروني، تماما كمحطة إذاعية حوارية. لقد خاطبت بالفعل فريق «إتش إل إن» كالتالي: «لا تنظروا إلى الأمر على أنه تغطية لمحاكمة فحسب. إنها قصة أكبر، يأتي في محورها السلوك الإنساني»، هذا ما قاله سكوت سافون، المدير التنفيذي لقناة «إتش إل إن»، مستشهدا بديناميكيات أسرية وخيارات حياتية وأكاذيب وأشكال تعتيم.

إن السلوك الإنساني، أو ما أشار إليه سافون بأنه «الطريقة التي يتصرف بها الناس عندما تسلط الأضواء عليهم»، هو الموضوع الأساسي لمعظم تغطيات «إتش إل إن» اليومية. وقارن محتوى القناة ببرنامج «توداي» ومجلة «بيبول»، وسيلتي الإعلام اللتين قد غطيتا أيضا محاكمة كيسي أنتوني بشكل كامل، ولكن ليس بنفس القدر الذي غطتها به شبكة «إتش إل إن»، التي بدأت التخطيط للتغطية قبلها بأشهر. والفضل في ذلك بدرجة ما يرجع إلى غريس، التي حلت ضيفة على محطة «إتش إل إن» الساعة 8 مساء، والمدعية السابقة التي تبدي قدرا محدودا من الشك في أن أنتوني مذنبة (ويشترك معها مشاهدوها - على الأقل من لديهم شغف للاتصال بها هاتفيا أو إرسال رسالة بريد إلكتروني إليها - في الرأي). وكانت غريس من بين أول من غطوا اختفاء كايلي قبل ثلاث سنوات، ومنذ ذلك الحين خصصت مئات من أقسام البرامج لهذه القضية.

وقد توزعت تغطية غريس للمحاكمة عبر معظم ساعات اليوم على محطة «إتش إل إن». وفي ترقب لمحاكمتين ضخمتين هذا الربيع - محاكمة أنتوني ومحاكمة الدكتور كونراد موراي، المتهم بالقتل غير العمد لنجم البوب مايكل جاكسون - أضاف سافون برنامج «سبيشيال ريبورت» الذي يبث الساعة الخامسة مساء، والذي يقدمه فيني بوليتان، محامٍ سابق ومذيع في قناة «كورت تي في». ووجه تعليماته بأن يقدم مذيعون مشاهير برامجهم في أوقات ذروة المشاهدة، مثل دكتور درو بينسكي الذي يظهر على الشاشة الساعة التاسعة، وجوي بيهار الذي يظهر الساعة العاشرة «من أجل إشباع فضول المشاهد حول ما يجري في قاعات المحاكم ذلك اليوم».

وقال إنه ليس لأي مضيف الحق في تغطية المحاكمة بدوام كامل، ولكن مع ارتفاع تقديرات الجمهور لتغطية المحاكمة والزيادة الهائلة في كمّ الرسائل من المشاهدين المتلهفين على المتابعة، أصبح مذيعو «إتش إل إن» يخصصون وقتا أكبر كل يوم لهذه التغطيات. على سبيل المثال، كان أول ضيوف بيهار ليلة الجمعة هي السيدة غريس.

وقبل المحاكمة انخفضت تقييمات شبكة «إتش إل إن»، ولم يكتسب الدكتور درو، الذي ظهر لأول مرة على القناة في أبريل (نيسان) أو بيهار، جاذبية كبيرة في الفترات التي كانا يظهران فيها، وكانت غريس بمثابة مصدر لاستثارة مشاعر المشاهدين الشباب. ولكن منذ 24 مايو، حققت القناة قفزة مفاجئة، فقد وصل متوسط عدد مشاهديها في أي فترة معينة إلى نحو 509.000 مشاهد، بعد أن كان نحو 239.000 مشاهد فقط في الأسابيع الأربعة السابقة. وفي أوقات ذروة المشاهدة، ارتفع عدد المشاهدين المتابعين لبرامجها بصورة أكبر، حيث وصل إلى 902.000 مشاهد منذ 24 مايو، بعد أن كان 372.000 في الأسابيع الأربعة السابقة.

والأمل هو أن يجرب مشاهدو شبكة «إتش إل إن» المهتمون بالمحاكمة متابعة برنامج مثل برنامج دكتور درو للمرة الأولى، ويعودون لمشاهدته مجددا في المستقبل. وقال سافون: «الفائدة الأساسية هي أن مزيدا من المشاهدين سيتابعون هذا المذيع الموهوب».

وقد ارتفعت تقييمات المشاهدين للقنوات التلفزيونية في وسط فلوريدا أيضا، حيث تابعت محطات تلفزيونية عدة قضية محاكمة كيسي أنتوني لسنوات. «زادت المحاكمة من درجة إثارة البرامج التلفزيونية التي يتم بثها في فترة النهار، حيث تبث الكثير من المحطات التلفزيونية عروضا ثانية أو حلقات تلفزيونية اجتماعية قصيرة والتي سيتم إلغاؤها قريبا»، هذا ما كتبه هال بويديكر، الناقد التلفزيوني بصحيفة «أورلاندو سنتينل». وبالنسبة للكثير من المشاهدين، تعتبر مشاهدة ردود أفعال محاكمة كيسي أنتوني أكثر إثارة من مشاهدة دراما مكتوبة.

وقد لاحظ المسؤولون التنفيذيون بمحطتي «سي إن إن» و«إتش إل إن» ارتفاع مستوى تقييمات الجمهور، غير أن التغطية أحادية الهدف للقضية قد تسببت أيضا في إثارة بعض الشكاوى داخليا. «يبدو الأمر كما لو أنه لا توجد قضايا قتل أخرى»، هذا ما قاله أحد أعضاء فريق عمل محطة «إتش إل إن»، متحدثا شريطة عدم الكشف عن هويته، ككثيرين من العاملين بالقناة، لتجنب معاداة فريق الإدارة بالقناة.

وقال سافون إنه كان راضيا عن حجم التغطية. وتحدث عبر الهاتف يوم الجمعة قائلا: «لقد أدهشني الأمر، إذ إنني اعتقدت أني سأفقد بعضا من اهتمامي بالحدث، لكن ذلك لم يحدث».

من السهل لمحطة «إتش إل إن» الاستفادة من المحاكمات نظرا لأن الخلاف يثمر عن برنامج «في الجلسة» (إن سيشن)، وهو تغطية أسبوعية للمحاكمة تبث على قناة «ترو تي في» الخليفة لقناة «كورت تي في». وتتطلب صفقات النقل الكابلي الخاصة بقناة «ترو تي في» حجما معينا من التغطية للمحاكمة، غير أن القناة تقلل من أهمية ذلك لصالح برامج الواقع في فترة ذروة المشاهدة، مما يجعل تغطية «إتش إل إن» تحقق مكانة بارزة.

وقال سافون إن محطة «إتش إل إن» لن تتحول إلى قناة «كورت تي في» أخرى، غير أنه أشار إلى أن محاكمة موراي، التي تأجلت هذا الربيع، من المنتظر أن يبدأ النظر فيها مجددا في سبتمبر (أيلول). وقال: «أرغب في تكرار هذا عند بدء محاكمة كونراد موراي»، فبالنسبة إلى محطة «إتش إل إن» ربما تكون المحاكمة أفضل أنواع الأحداث الإخبارية، النوع الذي يمكن التخطيط له بشكل مسبق قبل أشهر.

* خدمة «نيويورك تايمز»