توتر الإعلام الليبي بعد موت حارس أمن

كانت مهمته حماية معلق تلفزيوني معروف بنقده اللاذع للثوار

مازالت الأحداث الجارية في ليبيا تلقي بظلالها على المشهد الإعلامي
TT

أثارت تقارير تفيد بإطلاق النار على حارس بالفندق الذي يقيم فيه الصحافيون الأجانب زلزالا من القلق في إعلام نظام القذافي يوم الاثنين الماضي.. ففي حين يقول مؤيدو القذافي إن الحارس قد أصاب نفسه بطلق ناري من سلاحه بطريق الخطأ وهو يتناول طعام العشاء في الفندق قبل يومين، قال على الأقل اثنان يعملان لحساب النظام رفضا ذكر اسميهما إنه قتل على أيدي قناصة من الثوار. وقد كانت مهمة الحارس حماية معلق تلفزيوني بارز يعرف بنقده اللاذع للثوار. لجأ هذا المعلق، وهو يوسف شاكر وأسرته إلى الفندق، طلبا للحماية بسبب تلقيه تهديدات بالقتل من الثوار.

وقال شاكر قي مقابلة قصيرة إن النظام حدد هوية القاتل المحتمل وهو عضو سابق في «الجماعة الإسلامية المقاتلة» الليبية، وهي من الجماعات الجهادية التي يعود إنشاؤها إلى سنوات مضت.

وفي الوقت الذي يصعب فيه تأكيد تفاصيل الحادثة، تزداد التقارير الإخبارية عن أحداث عنف بين الثوار الذين يتحدون نظام القذافي والقوات الأمنية الموالية له. وقال بعض سكان طرابلس يوم الاثنين إن الشعور بالخطر من البر امتزج بتأثير تصعيد الضربات الجوية التي تشنها قوات حلف شمال الأطلسي.

يوم الاثنين اتهم نظام القذافي حلف شمال الأطلسي بقتل مدنيين ومن بينهم أطفال خلال قصف قصر ومزرعة الخويلدي الحميدي الضابط السابق بالجيش وأحد المقربين من القذافي الذين اشتركوا معه في انقلاب عام 1969.

وقال مسؤولون في نظام القذافي إنه تم قصف عدة منازل بالقرب من المزرعة بثمانية قذائف صاروخية في نحو الساعة الرابعة صباحا. وقال موسى إبراهيم، المتحدث باسم الحكومة، إن الحميدي لم يصب بأذى، لكن كان من بين القتلى ثلاثة من حفيداته.

اقتاد المسؤولون الليبيون الصحافيون الأجانب إلى المزرعة لمشاهدة الحطام الذي خلفته الغارة ثم إلى المستشفى ليروا جثث القتلى التي كان من بينها جثث متفحمة وجثث لأطفال. لكن لم يتم التأكد بعد مما إذا كان هؤلاء قد قضوا جراء القصف أم لا.

وأكد إبراهيم من موقع القصف أن هذا دليل على توجه قوات حلف شمال الأطلسي نحو «استهداف المدنيين» من أجل «إضعاف الروح المعنوية».

وتساءل، وهو يتوقع أن ذكرى هذه الهجمات سوف تخلق «أجيالا تمتلئ نفوسها بالكراهية تجعل من العالم مكان خطيرا»: «هل تعتقد أن كل هذا سينتهي في غضون شهر أو اثنين؟».

كشفت الجولة داخل المكان المتهدم النعيم والحياة المرفهة التي يعيشها المقربون من القذافي. وبحسب المصورين وروايات الصحافيين الذين شاركوا في هذه الجولة، كان المكان يضم خمس فيلات ومخازن من المعكرونة والمياه المعدنية، وعلى الأقل حوض سباحة كبيرا وأقفاصا كبيرة للطيور وحيوانات مثل الخيول والجمال والظبيان وأكثر من حيوان لاما ونعامات وغزال.

ووصفت قوات حلف الأطلسي في بيان القصف بأنه «ضربة جوية دقيقة لهدف عسكري مشروع وهو وحدة قيادة كانت مشتركة في شن هجمات منظمة على الليبيين». وأضافت قوات التحالف: «بينما لا تستطيع قوات حلف شمال الأطلسي تأكيد التقارير الإخبارية الخاصة بعدد الضحايا، سنندم على أي خسائر في حياة المدنيين».

أقر التحالف للمرة الأولى يوم الأحد بأن القذائف الصاروخية أصابت حيا يسكنه مدنيون بطريق الخطأ وقد تكون تسببت في مقتل مدنيين. وقد شاهد الصحافيون خمس جثث في هذه الأحداث، بينما صرحت الحكومة الليبية بمقتل تسعة مدنيين.

ويشير حلف شمال الأطلسي إلى أن مهمته تستهدف منع القذافي من إلحاق الأذى بالليبيين المناهضين لنظامه، في الوقت الذي قال فيه القادة السياسيون الأميركيون والأوروبيون الذين يدعمون هذه الحملة إن هدفها مساعدة الثوار في إسقاط نظام القذافي. واستمر سكان طرابلس يوم الاثنين في التحدث عن أعمال عنف من الصعب التأكد منها. صرح جندي من القوات الموالية للقذافي يوم الجمعة لأحد الصحافيين في حي سوق الجمعة بأنه يخشى على حياته بعد مقتل جندي زميله وإصابة آخر إصابة خطيرة في هجوم ليلي للثوار. وصرح سكان آخرون في الحي نفسه لقناة «سي إن إن» بأن القوات الموالية للقذافي تسببت في مقتل ثلاثة حاولوا التظاهر يوم الجمعة، بحسب ما ورد في تقرير إخباري على الموقع الإلكتروني للقناة.

وقال أحد الطلبة، رفض ذكر اسمه خوفا على حياته، خلال رحلة رسمية إلى جامعة طرابلس إن الثوار في الحي الذي يقطن به حاولوا نصب كمين لبعض سيارات الشرطة، لكن تم إلقاء القبض عليهم وهدم منازلهم. وتحدث آخر متعاطف مع الثوار عن صدامات يوم الجمعة في ضواحي تاجوراء في طرابلس الكبرى.

قد كشفت رحلة أخرى إلى حي جنزور في غرب ليبيا كتابات على الجدران، مكتوب عليها، في إشارة إلى تغطية مؤيدي القذافي للشعارات المناهضة لنظامه بالطلاء وتقارير عن اندلاع مصادمات هناك. في الوقت ذاته، يقول بعض سكان مدينة طرابلس إنهم يؤيدون القذافي ويدينون الضربات الجوية لقوات حلف شمال الأطلسي. لكن الصحافيين الأجانب تقتصر إقامتهم بشكل كبير على فندق «ريكسوس»، حيث يتم السماح لهم بمغادرة المدينة فقط بصحبة مسؤولين. ولم يتسن التأكد من أي من الأخبار الواردة بشأن نشوب قتال.

* شارك مويسيس سمعان في إعداد هذا التقرير

* خدمة «نيويورك تايمز»