غوغل.. «تقدر على كل شيء»

ناشرة كتب إلكترونية وعلى خطى منافسة «فيس بوك»

TT

شركة «غوغل»، التي تقود ماكينات البحث في الإنترنت بصورة مذهلة لم تكن متوقعة حتى قبل سنوات قليلة، تريد أن تنافس شركات الإنترنت التي تقود مجالات أخرى، مثل المواقع الاجتماعية والكتب.. كما كتب ستيوارت اليوت، مسؤول الإنترنت في صحيفة «نيويورك تايمز»: «يبدو أن (غوغل) تقدر على أن تفعل كل شيء».

في الأسبوع الماضي، أعلنت «غوغل» أنها ستدخل مجال الكتب، ليس فقط بيع الكتب لتنافس شركة «هورايزون» وغيرها، ولكن، أيضا، كتابتها، أي تريد أن تكون ناشرة كتب إلكترونية. وفعلا أسست شركة «فوك» الفرعية لنشر الكتب في الإنترنت، التي أصدرت أول كتاب وهو: «كسب نقطة الصفر في الحقيقة».

وفي الأسبوع الماضي أيضا، أعلنت «غوغل» أن شركتها الفرعية «غوغل بلص»، التي تريد أن تنافس بها «فيس بوك» للاتصالات الاجتماعية، سجلت العضو رقم 10 ملايين. ورغم أن «فيس بوك» سجلت قرابة 600 مليون مشترك، يبدو أن «غوغل» متفائلة بأنها تقدر على أن تفعل ذلك، وأن تزيد عليه. ربما لسبب واحد هو أن الموقع الجديد لم يفتتح رسميا.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة غوغل، لاري بيغ: «النمو الذي تشهده (غوغل بلص) كان رائعا. 10 ملايين مستخدم انضموا إليها حتى الآن. إنه إنجاز رائع». وقال إنه يتم تبادل أكثر من مليار «مادة» يوميا بين هؤلاء عشرة الملايين، وإن «غوغل بلص» جزء من رؤية الرئيس التنفيذي الجديدة للشركة التي تأسست قبل 13 عاما.

في الوقت نفسه، أوضحت أرقام الربع الأخير من العام الماضي، أن أرباح مجموعة «غوغل»، بكل شركاتها الفرعية، فاقت توقعات المحللين والخبراء، وحققت دخلا بلغ 2.5 مليار دولار، أي بزيادة 20 في المائة عن العام السابق.

ورغم أن مخاوف ثارت في البداية حول احتمال أن تلحق شركة «بلص» بشركات إنترنت مثل «ويف» و«باز» اللتين لم تحققا نجاحا كبيرا، يبدو أن «بلص» ستكون موقعا مفضلا، ربما لأن موقع شركة «فيس بوك» فعلا شهد تراجعا في الآونة الأخيرة، خصوصا في الولايات المتحدة.

من أسباب نجاح «غوغل بلص» أن الشركة الأم تملك برنامجا جاهزا للاتصالات التليفونية عبر الإنترنت، بالإضافة إلى موقع لتبادل ملفات الفيديو، والبريد الإلكتروني «جي ميل».

وبالنسبة إلى شركة «فوك» لإصدار الكتب، تحول كتاب «كسب نقطة الصفر في الحقيقة» إلى موقع بنفس الاسم بالإنجليزية: «زيرو مومنت تو تروث دوت كوم»، وذلك ليقدر أي شخص على تنزيله. والهدف هو إشراك الناس والشركات في البحث عن تكنولوجيا جديدة لم تظهر حتى الآن. ليس فقط عن كتب وتقارير وأخبار، ولكن، أيضا، عن سيارات وأحذية وملابس ومطاعم ومقاه.

في الكتاب مقابلات مع مسؤولين كبار في الشركة، ومع مسؤولين في شركات سيارات وأحذية وملابس ومطاعم ومقاه وغيرها. ولأول مرة في تاريخ نشر الكتب، كل مقابلة منشورة معها الفيديو الذي سجلها.

وقال جيم ليسينسكي، مؤلف الكتاب، عن عنوان الكتاب، بأنه من إعلان شركة أميركية يقول: «هذه هي اللحظة الأولى للحقيقة»، إشارة إلى أن الشخص يدخل متجرا، ويلقي أول نظرة على شيء ما، وتلك اللحظة الأولى هي التي تحسم قراره بأن يشتريه أو لا يشتريه. وأضاف «المستهلك، عادة، يشتري شيئا معينا بعد أن يقرأ عنه أو يشاهده في تلفزيون، أو في مكان ما. أو بعد معلومات من أصدقاء في شبكة اجتماعية. لكن، لحظة الحقيقة هي النظرة الأولى داخل المتجر».

وقالت شركة «غوغل» إن هذا الكتاب ليس رائدا فقط، لكنه، أيضا، تجريبي، لأنه يفتح المجال أمام أنواع جديدة من الكتب.. هل سيأتي يوم يكتب فيه أستاذ جامعي كتابا في الإنترنت عن عادات قبيلة أفريقية، مثلا، وفي الكتاب فيديو المقابلات التي أجراها؟ هل سيأتي يوم يكتب فيه سياسي كتابا في الإنترنت فيه كل خطبه السياسية، وسيرته الذاتية؟

وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن ذلك اليوم ليس بعيدا، بل وصل فعلا. في بداية السنة، أصدر دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع وقت غزو العراق، كتاب مذكراته. وعكس المألوف، لم ينتظر شهورا أو سنوات حتى ينشر الكتاب في الإنترنت. نشره في الإنترنت يوم نزوله في الأسواق والمكتبات. وفي موقعه الخاص به. ومعه فيديوهات خطب ومؤتمرات صحافية كان ألقاها عندما كان وزيرا للدفاع. ومعه صفحات لتبادل الرسائل مع القراء. ومعه صوره منذ أن كان صغيرا.

لهذا، يمكن أن تكون كتب المستقبل مسموعة ومقروءة ومرئية في الوقت نفسه. كما يمكن أن يصدر أستاذ جامعي «كتابا مؤقتا»، ويطلب من القراء تقديم ملاحظاتهم قبل نشر «الكتاب الحقيقي».

حققت «غوغل» كل هذا وهي لم تصل إلى مرحلة المراهقة. بدأت في سان فرانسيسكو سنة 1998. ولأنها بدأت كماكينة بحث، تعتبر إنجازاتها الأخيرة مرحلة جديدة في حياتها. وربما السبب الرئيسي هو لاري بيغ، واحد من الثلاثي الذي أسس الشركة، والرئيس التنفيذي الجديد.

وتملك الشركة الكبرى، حتى الآن، 6 شركات فرعية.. «بحث»، و«إعلانات»، و«يوتيوب»، و«كروم» للاطلاع، و«اندرويد» للاتصالات، و«غوغل بلص».

لهذا، قال روهان جوردان، خبير إنترنت في شركة «ستيفيل نبكولانس»: «تعمل غوغل الآن بستة محركات».

وقال مراقبون في واشنطن إنه بينما أثبتت النتائج أن شركة البحث الأساسية «غوغل» صارت أقوى مما كان يعتقد، ليس مضمونا مستقبل الشركات الجديدة التي لا تحقق أرباحا في الوقت الحالي، ومع ذلك تواصل الشركة الإنفاق عليها إنفاقا كثيرا.

وقال كولين جيليس، خبير تكنولوجيا في شركة «بي جي سي» المالية: «هناك فرص لا تحصى، لكن يمر وقت طويل بين الزرع والحصاد. وتحتاج الشركة إلى ألا تقرب بين الاثنين، حتى لا يقلق الناس من أن الزرع ربما لن يثمر».