مرور 5 سنوات على تأسيس موقع «تويتر»

له 300 مليون مشترك.. ويتسم بالمرونة الفائقة لاستخدامه

TT

هذا الشهر مرت 5 سنوات على تأسيس «تويتر»، موقع الإنترنت الذي لا تزيد فيه كل رسالة على 140 حرفا. على الرغم من أن الموقع لا يزال صغيرا، كبر شأنه وعلا. يوجد اليوم 300 مليون مشترك فيه، أقل من مشتركي «فيس بوك». لكن، كما قال هنري شاهمباريان، أستاذ الكومبيوتر في جامعة كاليفورنيا: «ليس (تويتر) و(فيس بوك) متنافسين بقدر ما أنهما متكاملان».. يقصد أن توسع المواقع الاجتماعية يعتمد على المنافسة بين المواقع، وفي الوقت نفسه يستمر التوسع.

وخلال السنوات القليلة الماضية، صار توسع «تويتر» ينعكس على أسواق المال العالمية، وعلى الإطاحة بالزعماء الديكتاتوريين، وعلى تقوية العلاقات العائلية، خاصة بين الأولاد والبنات وآبائهم وأمهاتهم (على الرغم من أن علماء اجتماعيين يقولون العكس).

أرسلت أول رسالة عبر «تويتر» يوم 21 مارس (آذار) عام 2006. لكن، لم تبدأ الخدمة الفعلية إلا يوم 15 يوليو (تموز) من العام نفسه، عندما كتب مايكل أرينغتون في مدونته التي تحمل اسم «تيك كرانش» أن شركة «أوديو» أطلقت خدمة جديدة أطلقت عليها اسم «تويتر». ووصفها بأنها «وسيلة لإرسال الرسائل إلى مجموعة كبيرة من الأشخاص».

في ذلك الوقت، كانت «أوديو» شركة صغيرة في سان فرانسيسكو (ولاية كاليفورنيا). وكانت تعمل في مجال الاتصالات المتعددة. وأثناء أحد الاجتماعات، اقترح فني، اسمه جاك دورسي، ابتكار نظام تكنولوجي للاتصالات بين العاملين في الشركة، وأن يكون مثل تكنولوجيا تبادل الرسائل. وقال: «الهدف هو أن يعرف كل واحد المهمات التي يؤديها الآخرون».

استغرقت عملية إنشاء النموذج التكنولوجي التمهيدي أسبوعين، قبل أن يبعث دورسي أول رسالة بعنوان «دعوة لزملاء العمل». وكانت وسيلة ناجحة للاتصالات، في ذلك الوقت، لم يحدد دورسي ألا تزيد الرسالة على 140 حرفا. لكنه اقترح أن تكون كل رسالة «بسيطة وموجزة».

بعد 4 أشهر، ولأن الشركة تعمل في مجال الاتصالات الاجتماعية، بدأت مشروعا جانبيا صغيرا يتمثل في تقديم خدمة على نهج دورسي نفسه. ودعت الجمهور لتبادل الرسائل الموجزة (من دون أن تحدد 140 حرفا). وكان النجاح الذي حققه هذا المشروع مثيرا للدهشة.

خلال العام الأول من إطلاق أول رسالة «تويت» (شقشقة عصفور؛ لأنها قصيرة وسريعة)، ترك دورسي شركة «أوديو»، وأسس شركة جديدة بالاشتراك مع زميلين (بيز ستون، وإيفان ويليامز). أطلقوا عليها اسم «تويتر» (الذي يرسل رسالة قصيرة وسريعة مثل شقشقة عصفور).

كانت الفكرة من هذه الخدمة في غاية البساطة، وهي بث رسائل لا يزيد حجمها على 140 حرفا (لأول مرة وضعت الشركة الجديدة الحد الأقصى). وبالنسبة للمستقبل، إتاحة إمكانية تبادل النصوص الطويلة، والصور، وملفات الفيديو.

واليوم، الذي ينظر إلى «تويتر»، يراه يتسم بالمرونة الفائقة بحيث يمكن استخدامه في تحقيق أهداف مختلفة حسب رغبة كل مستخدم: متابعة أهم الأخبار، والتعرف على أخبار المشاهير والشخصيات العامة، والاطلاع على المواد التحليلية والمعرفية.

وأسهم «تويتر» في نشر أخبار الكوارث العالمية لحظة بلحظة، مثل زلزال اليابان، و«تسونامي» (أمواج المد البحري العاتية التي أعقبته)، والثورات الشعبية التي اجتاحت الكثير من دول الشرق الأوسط منذ مطلع هذا العام.

ويستمر «تويتر» في نشر الهدف الأساسي منه، وهو الاتصالات الشخصية، الثنائية أو الجماعية: تتبع أخبار الأصدقاء والمعارف، ومعرفة أشياء بسيطة عنهم مثل أصناف المأكولات التي تناولوها في وجبة العشاء، أو آخر أفلام شاهدوها.

وقال مراقبون في واشنطن: إن العنصر الوحيد الذي يغيب عن «تويتر» هو المكسب المالي. حتى الآن لم تنجح نجاحا كبيرا حملات الدعاية والإعلان، ولم تتم الاستفادة من الشهرة الطاغية التي يتمتع بها الموقع، ولم يتم تحويله إلى مصدر للربح.

وقال المراقبون: إن السبب الرئيسي هو تصميم الموقع الذي لا يسمح بذلك. مثل موقع صحيفة «واشنطن بوست» الذي ينقل الأخبار والصور والفيديو، وأيضا الإعلانات. وربما سيفعل «تويتر» ذلك بأن يقدم صفحات أولية إخبارية، يجب على كل مشترك أن يمر بها قبل أن ينتقل إلى قراءة أو كتابة رسائل.

وصارت شهرة «تويتر» تؤثر على المنافسات بين شركات ومؤسسات، غير المنافسات بين الناس. مثل الذي حدث مؤخرا لمذيعة تلفزيون «بي بي سي» (البريطاني)، لورا كانسبيرغ، التي يتابعها أكثر من 60 ألف شخص. انتقلت لتكون مذيعة في تلفزيون «آي تي في» المنافس. وطبعا، انتقلت معها قائمة الذين يتابعونها.

وثار جدل حول ما إذا كانت القائمة تابعة لها أو لتلفزيون «بي بي سي»: من جانب، قالت «بي بي سي» إن المذيعة ما كانت ستجمع هؤلاء المتابعين كلهم لولا أنها كانت تعمل في «بي بي سي». وفي الجانب الآخر، قالت «آي تي في» إنها تشجع المذيعين فيها على الدخول في موقع «تويتر»، وكسب متابعين وقراء. وإن قائمة كانسبيرغ «فائدة إضافية».

وفي بريطانيا، قال خبراء إعلاميون وقانونيون إنه ما لم تكن «بي بي سي» صاحبة صفحة المذيعة تقدر المذيعة على أن تفعل بصفحتها ما تريد، وإن «بي بي سي» كان يمكن أن تشترط على العاملين فيها أن يسجلوا أسماءهم تحت اسمها. أي أنهم موظفون «مملوكون» للشركة، وشهرتهم بسببها، وبالتالي قائمة «تويتر». لكن، قال خبراء آخرون إن المذيعة قالت إنها تكتب في «تويتر» في وقتها الخاص. ولا توجد صلة بين عملها وصفحتها، وإن «بي بي سي» لا تقدر على احتكار الأخبار والتعليقات على مواضيع يتناقلها الإنترنت ملايين المرات.