مسلسل «الساعة» التلفزيوني تنبأ بفضيحة التنصت على الهواتف في لندن

تناول مشاهد التواطؤ بين السياسيين والصحافيين والرشى المدفوعة لضباط الشرطة

لقطة من مسلسل «الساعة» أثناء تصوير أحد مشاهده («نيويورك تايمز»)
TT

سوف تراودك فكرة مثيرة أثناء مشاهدتك لمسلسل «الساعة»، وهو مسلسل من ستة أجزاء يذاع على شبكة «بي بي سي أميركا» وتدور أحداثه حول برنامج إخباري تلفزيوني عن بريطانيا في عام 1956 والرجال والنساء العاملين فيه، وتتلخص هذه الفكرة في أن بيجي أولسون، إحدى الشخصيات في المسلسل، لم تكن سيئة للغاية. وعلى الأقل في المسلسل الدرامي «ماد من» الذي كان يذاع على قناة «إيه إم سي»، يشعر المرء بأن بيجي - مؤلفة إعلانات تناضل من أجل إثبات ذاتها في عالم الرجال - لديها بعض الصديقات اللاتي لديهن نفس القدر من الطموح لمنافسة الرجال.

وعندما تم عرض مسلسل «الساعة» لأول مرة هنا على قناة «بي بي سي تو» الشهر الماضي (وتم عرضه لأول مرة على «بي بي سي أميركا» يوم الأربعاء الساعة العاشرة مساء)، كثرت المقارنات بينه وبين المسلسل الدرامي «ماد من» على الرغم من وجود بعض الاختلافات الكبيرة بينهما، مثل ستارة الخلفية في المشاهد التي تظهر جميع النوادي الليلية في المسلسلين، فلم تكن ستارة الخلفية في مسلسل «الساعة» بنفس إشراق مثيلتها في المسلسل الدرامي «ماد من» التي تم إعدادها بعد ذلك بأقل من عقد من الزمان، حيث كانت لندن تكتسي بالبرودة والرطوبة وكانت المدينة لا تزال تكافح لاستعادة مكانتها بعد الحرب العالمية الثانية.

ومع ذلك، قد لا يذكر مسلسل «الساعة» المشاهدين الأميركيين بشيء بقدر ما يذكرهم بعصرنا الحالي، حيث تتنبأ بعض المشاهد بحدوث فضيحة التنصت على الهواتف في جريدة «نيوز أوف ذي وورلد»، مثل المشهد الذي يقوم فيه فريدي (وهي الشخصية التي يجسدها بين ويشاو) بتقديم الرشوة إلى أحد ضباط الشرطة مقابل السماح له بفحص جثة موجودة في المشرحة، في حين يتم التنصت على هواتف الصحافيين من قبل عملاء الحكومة.

إن التفاصيل التي تم الكشف عنها مؤخرا بشأن صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» والتنصت على الهواتف الجوالة للكثير من الشخصيات من بينهم الفتاة التي تم خطفها وقتلها لم تكن قد تم الإعلان عنها في الوقت الذي كان يتم فيه إنتاج مسلسل «الساعة»، غير أن أحد المنتجين التنفيذيين للمسلسل وهو ديريك واكس قد اعترف بأن الفضيحة المثارة حاليا بشأن التنصت على الهواتف قد تركت انطباعا بأن المسلسل يتم تصويره الآن.

وقال واكس الشهر الماضي في لقاء جمعية نقاد التلفزيون: «يبدو المسلسل وثيق الصلة بالموضوع الآن»، مشيرا إلى أن المسلسل يتناول الكثير من القضايا الراهنة مثل التواطؤ بين السياسيين والصحافيين، و«الذين تتناول معهم العشاء ذات يوم ثم تتسرب الأخبار بعد ذلك». وأضاف: «إننا في عام 1956، ولكنك تشعر بأن شيئا لم يتغير». (سوف يتناول الموسم الثاني من المسلسل، إذا ما تمت الموافقة عليه، أعمال الشغب في نوتينغ هيل في عام 1958).

وبطبيعة الحال فقد تغير وضع المرأة كثيرا بمرور الوقت، حيث تقول أبي مورغان، وهي كاتبة مسلسل «الساعة» إنها اكتشفت أنه كان هناك عدد قليل جدا من النساء يعملن في هيئة الإذاعة البريطانية في لندن بعد الحرب العالمية الثانية وكن على الأرجح يعملن في وظائف متدنية مثل الرد على الهاتف أو تقديم الشاي للموظفين. وأضافت: «أعتقد أن أميركا، كانت تسبقنا قليلا في هذا الصدد، حيث كان عدد النساء في أماكن العمل في الولايات المتحدة أكثر منه في بريطانيا». وفي معظم أحداث المسلسل، لا تظهر شخصية بيل رولي التي تجسدها رومولا غاري أي علامة على الاستياء أو الإحباط على وجهها الشاحب عندما يقوم الرجال بالاستخفاف بالنساء.

وعندما سئلت عما إذا كان هذا خيارا في التمثيل، قالت غاراي - كانت تتحدث من مكتب وكيلها في وسط لندن - إن شخصية بيل التي كانت تجسدها لم تكن تتوقع أبدا أن يتم معاملتها على قدم المساواة مع الرجل. وأضافت: «أعني أن كره النساء لم يكن بنفس الدرجة الموجودة في ذلك الوقت، ولم أكن أنا استثناء لذلك، لقد كانت الحياة هكذا».

وخلال تحضيرها لتجسيد هذا الدور، عكفت غاري على دراسة شخصية غريس ويندهام غولدي وهي رائدة في مجال الأخبار في بريطانيا. وكانت غولدي، وهي ناقدة في الإذاعة ولم تبدأ مشوارها التلفزيوني حتى أواخر الأربعينات من عمرها، هي مخرجة أشهر وأنجح البرامج في هيئة الإذاعة البريطانية مثل برامج «تونايت» و«بانوراما»، والتي كسرت القواعد التي كانت تحتم على هيئة الإذاعة البريطانية عدم تناول القضايا التي يتعين مناقشتها في البرلمان في غضون أسبوعين وكانت تقوم بتناول المواضيع وقت حدوثها.

وقالت غاري: «لقد كانت في طليعة هذه الحركة، وكانت مثل أي امرأة تعمل في هذا المناخ. لقد كانت مخيفة ومرعبة وكانت بمثابة المرأة التي تركز على (الرجل)» (كانت بيل في مسلسل «الساعة» امرأة في العشرينات من عمرها وترتدي ملابس مثيرة وتضع أحمر شفاه مشرقا وتدخن السجائر بأناقة مثل شخصية ميرنا لوي في فيلم «ثين مان»).

وقبل عرض مسلسل «الساعة»، كانت بعض وسائل الإعلام البريطانية قد وصفته بأنه رد فعل على مسلسل «ماد من»، ولكن عندما قامت المنتجة التنفيذية جين فيذرستون بتكليف مورغان بكتابة مسلسل حول الوقت الذي قامت فيه هيئة الإذاعة البريطانية بوقف بث نشرات الأخبار التي تقرها الحكومة والتركيز على أنباء التحقيق، كانت فيذرستون تفكر في مسلسل مثير من الناحية السياسية وينطوي على مراسلي التلفزيون ويركز على أزمة قناة السويس في عام 1956.

وقالت فيذرستون: «بالمفهوم البريطاني، كانت هذه هي نهاية الإمبراطورية البريطانية وهي اللحظة التي تخلت فيها بريطانيا عن مكانتها باعتبارها قوة عالمية». وأضافت أنه لم يمر أكثر من 12 ساعة حتى عادت مورغان ومعها الخطوط العريضة لمسلسل عن التجسس والكثير من الشرب والانتحار الغامض لسيدة جميلة وبارزة في المجتمع.

وعندما سقطت بيل في حب مقدم البرامج، وهو شخص معسول اللسان ومفتول العضلات يدعى هيكتور مادن (دومينيك ويست)، أدرك المشاهدون على الفور أن مورغان قد اقتبست ذلك من «برودكاست نيوز» وهي كوميديا رومانسية للكاتب جيمس بروكس في عام 1987 تدور أحداثها حول الحب والشوق والطموح الصحافي.

وقالت فيذرست ون وهي تحاول إخفاء المقارنة بين «الساعة» و«ماد من»: «القاسم المشترك بينهما هو بعض الأزياء وبعض مصابيح الإضاءة»، ثم أضافت: «إنهما لا يتناولان نفس العقد من الزمن، فهذا يدور حول عام 1956 والآخر يتناول فترة الستينات من القرن الماضي. ومن حيث الوتيرة والأسلوب فهما مختلفان تمام الاختلاف».

وسوف يذهب البعض، بطبيعة الحال، إلى شخصية جيمي ماكنولتي، وهو محقق بالشرطة ثمل ودائما ما يتحدى السلطة، وهي الشخصية التي جسدها دومينيك ويست في مسلسل «ذي واير» الذي عرض في عام 2008 في الولايات المتحدة الأميركية وحقق نجاحا كبيرا في بريطانيا. وفي مقابلة معه عبر الهاتف، تعجب ويست كيف لهذه الفئة من الجمهور أن تتخيله في شخصية هيكتور مادن الأنيق الذي يرتدي ملابس مصممة خصيصا باليد وشعره المجعد ونطقه الغريب للغة الإنجليزية. وأضاف ويست، الذي يبدو غير قادر على إخراج الكلمات من فمه بشكل صحيح لأنه تعلم في مدرسة ايتون: «دائما ما يكون هناك شعور غريب في الغرفة التي أوجد بها ويسمعونني وأنا أتحدث».

* خدمة «نيويورك تايمز»