الكلمات هي الأهم بالنسبة إلى «نيويوركر» على الـ«آي باد»

100 ألف قارئ للمجلة على الـجهاز يدفع 20 ألفا منهم اشتراكا قيمته 59,99 دولار سنويا

TT

عندما بدأ ناشرو المجلات يودعون أموالهم وآمالهم في جهاز الـ«آي باد»، كانوا يعتقدون أن القراء يريدون أكثر من مجرد كلمات على شاشة، فلن تكفي صفحة «بي دي إف»، بل على التطبيق أن يزيغ الحواس. لكن تبين أن بعض المستهلكين يريدون فقط القراءة.

بالنظر إلى تفاصيل مبيعات المجلة على جهاز الـ«آي باد» منذ الاشتراك الذي بات متاحا خلال فصل الربيع على حد قول «نيويوركر»، يبلغ عدد قراء المجلة على جهاز الـ«آي باد» 100 ألف ويدفع 20 ألفا منهم اشتراكا قيمته 59,99 دولار سنويا. فضلا عن ذلك، استفاد أكثر من 75 ألف شخص من عرض المجلة الذي يتيح للمشتركين في الطبعة الورقية تحميل التطبيق مجانا. ويشتري بضعة آلاف في المتوسط أعدادا مفردة من المجلة مقابل 4,99 دولار أسبوعيا.

ما زالت هذه التجربة في مراحلها المبكرة ولا يزال عدد المشترين قليلا مقارنة بعدد المشتركين في النسخة الورقية من المجلة الذي يبلغ مليونا. ومع ذلك هذه الأرقام هي الأعلى بين نسخ المجلات المتاحة على الـ«آي باد» التي تبيعها دار «كوندي ناست» التي تنشر مجلات «وايرد» و«جي كيو» و«فانيتي فير» و«غلامور» ومجلات أخرى على جهاز الـ«أبل».

يقول أندرو ليبسمان، نائب رئيس التحليل في «كومسكور»: «تبدو تلك الأرقام لي مرتفعة». وأوضح ليبسمان أن الأرقام أكثر إثارة للإعجاب لأن القراء دفعوا سعرا مرتفعا مقابل الاشتراك.

لكن اتخذت مجلة «نيويوركر»، التي طالما كانت تتسم بمحتواها الضخم، توجها مختلفا عن المجلات الأخرى، فبدلا من تحميل تطبيقها على الـ«آي باد» بخصائصه التفاعلية، ركزت المجلة على تقديم مقالات في شكل بسيط يمكن من القراءة.

وقالت باميلا مافي مكارثي، نائبة رئيس تحرير المجلة: «كان عمل تطبيق لا يركز إلا على القراءة أمرا مهما بالنسبة إلينا. كان هناك بعض المؤشرات التحذيرية، لكننا كنا حريصين للغاية. نفكر فيما إذا كانت إحدى الخصائص سوف تضيف أي قيمة للمجلة أم لا. إذا لم تضف أي قيمة فلا نقدمها».

من المفاجئ أن يكون النجاح الذي حققته دار نشر «كوندي ناست» من خلال مجلة «نيويوركر»، لا مجلة يتمتع تطبيقها بخصائص تكنولوجية أكثر أو قراء من الشباب يتواصلون عبر الإنترنت مثل مجلة «وايرد».

أثار تحقيق أرباح من المحتوى الإلكتروني حنق الناشرين منذ بزوغ فجر الإنترنت. لكن كان الأمر محيرا ومربكا بالنسبة إلى «كوندي ناست» دار النشر التي يمتلئ تاريخها في المحتوى الرقمي بالبدايات الخاطئة.

حاولت «كوندي ناست» التوجه نحو نموذج عمل يعتمد بشكل أساسي على تحقيق أرباح من مستهلكين مثل اشتراكات المجلات والمنتجات التي تحمل علامة تجارية وفعاليات لا الإعلانات التي تتذبذب بتأرجح الوضع الاقتصادي، لكنها حققت نجاحا محدودا. ويمثل نجاح تطبيق «نيويوركر» على الـ«آي باد» خطوة صغيرة في هذا الاتجاه.

من بين الخصائص التفاعلية لهذا التطبيق وجود ملفات صوتية لشعراء يلقون أشعارهم. أما بالنسبة إلى المقالات التي تتضمن دعاوى قضائية معقدة أو تعتمد على التوثيق، فيمكن للقراء فتح الملفات من خلال التطبيق.

تأتي استراتيجية المجلة العدوانية تجاه الـ«آي باد» في إطار توجهها نحو الإنترنت وهو تغيير لا يحدث بسهولة وسرعة. ما زالت مجلة «نيويوركر» تقدم جزءا كبيرا من محتواها على موقعها الإلكتروني مجانا.

وقال ديفيد ريمنيك، رئيس تحرير المجلة: «عندما دشنا هذا الموقع الإلكتروني، لم يكن المسؤولون التنفيذيون يحبذون ذلك لأنهم كانوا ينظرون حولهم ويتحسرون على الأموال الضائعة».

لكن وجه ريمنيك المزيد من الموارد نحو مشروع «نيويوركر» الرقمي. وعين ريمنيك منذ تسعة أشهر أول محرر إخباري للمجلة الذي ساعد الكتاب على التعاطي مع مواضيع ساخنة عاجلة مثل مقتل أسامة بن لادن وأوكل إليهم مهمة الكتابة على الموقع الإلكتروني. كان هذا هو أكبر تغيير في توجيه الموارد من أجل نشر مقالات على الإنترنت. وأوضح ريمنيك أنه تخيل حدوث المزيد من ذلك. وأضاف: «المهارة الكبرى التي يفترض بك كمحرر التمتع بها هي تغيير الثقافة بحيث يرغب الكتاب في مشاهدة شكل التنسيق المغاير تماما باعتباره جزءا مما يقومون به وما تقوم به مجلة (نيويوركر)». حتى يصبح جهاز الـ«آي باد» وسيلة ناجحة للناشرين، لا يمكن الاعتماد على أرباح التوزيع فقط. وقال ليبسمان: «هناك حاجة إلى حجم أكبر إذا كان ما تفعله هو بيع مساحات إعلانية. لكن عندما تحقق الأرباح من الاشتراكات، يصبح لعشرات الآلاف من المشتركين قيمة».

لا بد أن تقتنع الجهات المعلنة بأنها تحصل على قيمة مقابل ما تدفعه من أموال. وينتظر الكثيرون دليلا أقوى على انخراط القراء في الأمر. قالت روبين ستينبرغ، نائبة الرئيس التنفيذي للاستثمار والتفعيل في «ميديا فيست» التي تعمل في مجال الإعلام، إن عدد مشتركي مجلة «نيويوركر» على جهاز الـ«آي باد» البالغ 20 ألفا والـ75 ألفا الذين فعلوا التطبيق من خلال اشتراكهم في النسخ الورقية من المجلة، يمثل خطوة أولى كبيرة. لكنها أوضحت أن أنماط الاستخدام في حاجة إلى المزيد من الدراسة.

وتساءلت قائلة: «كم من الـ75 ألف مشترك يقرأ المجلة ويستخدم التطبيق أو يقوم بأي منهما؟»، وأوضحت أن معرفة أنماط السلوك سوف تمنح المعلنين فرصة أكبر للقيام بالتجارب الصحيحة دون إهدار أموالهم. وقالت شركة «تايم إنكوربوريشين»، التي تمنح المشتركين في النسخ الورقية لمجلات مثل «بيبول» و«سبورتس إليستوريتيد» و«تايم» و«فورتشيون» استخدام تطبيق المجلات على الـ«آي باد» مجانا، إن مئات الآلاف من الناس فعلوا حساباتهم من خلال متجر «أبل». لكن دار النشر لم تقصر الاشتراكات على الـ«آي باد» فقط حتى هذه اللحظة. من الأسباب الواضحة لنجاح مجلة «نيويوركر» على جهاز الـ«آي باد» هو أن توزيعها الجغرافي صحيح. عادة ما يزيد الدخل السنوي لمستخدمي الـ«آي باد» على 100 ألف دولار مثل الكثير من قراء مجلة «نيويوركر». ويوضح بحث أجرته مؤسسة «كومسكور» أن مستخدمي الـ«آي باد» يقرأون الأخبار من خلال جهاز الـ«آي باد» أكثر مما يبحثون فيه عن الترفيه مثل المقاطع المصورة أو ألعاب الفيديو.

لكن ربما تشير الشعبية التي حظيت بها مجلة «نيويوركر» بين مستخدمي جهاز الـ«آي باد» إلى التجربة التي يريد المستخدمون إيجادها على الأجهزة. لم يتضح بعد ما إذا كان الناس يفضلون مطالعة المجلات ذات الصفحات المصقولة من «كوندي ناست» في نسخ ورقية مطبوعة أم لا.

ويقول أندرو ليبسمان: «لا أعتقد أن هناك الكثير من الناس الذين يهتمون بالقراءة على جهاز الـ(آي باد)». على الجانب الآخر، يقول ريمنيك إن مجلته «تناسب جهاز الـ(آي باد). لماذا يقرأ الناس مجلة (نيويوركر)؟ لأنهم يريدون قراءتها».

* خدمة «نيويورك تايمز»