المراقب الصحفي: تغطية القذافي والأسد

TT

أبرز موضوعات الأسبوع الماضي كانت تغطية الأحداث الليبية والسورية؛ وتحديدا العناوين الرئيسية بالصفحة الأولى. بالنسبة لسوريا، فقد وفقت الصحيفة في إبراز القضية بالصفحة الأولى رغم زحمة الإعلانات الرمضانية والقضايا الساخنة الأخرى. وكانت العناوين الرئيسية متوازنة ومدروسة ولم تنزلق إلى الإثارة التي وقعت فيها بعض الصحف العربية. العنوان الرئيسي: «بعد 6 أشهر.. ارحل» مع صورة أرشيفية للرئيس الأسد وهو يضع أصبع السبابة خلف أذنه في محاولة لسماع كلام الصحافيين، كان لافتا ومعبرا جدا، وكأن لسان حال الرئيس يقول ردا على مانشيت الصحيفة: عفوا لم أفهم المقصود! وكان تناغما ذكيا بين الصورة والعنوان، رغم أن اللقطة ليست لها علاقة بالحدث، ولكن لا بأس، فكبريات الصحف تلجأ إلى الأرشيف إذا ما كانت مضطرة بسبب غياب صورة الحدث، شريطة أن لا توهم القارئ أن الصورة حديثة؛ مثل تجاهل ذكر مصدر الصورة وزمانها. وهذا ما يجب أن ينتبه له الزملاء الصحافيون، وهو ضرورة ذكر كلمة «صورة أرشيفية» مثلا، وأن لا يكتفوا بشرح الصورة، لأن القارئ العادي غير المتابع ربما لا يدرك مدى حداثة الصورة وعلاقتها بالحدث.

أما في ما يتعلق بتغطية الأحداث في سوريا عموما خلال الأسبوع الماضي، فقد كانت جيدة؛ غير أنها لم تضم مقابلات خاصة كافية، ربما بسبب شدة التعتيم الإعلامي، أو تخوف البعض، لاعتبارات أمنية، من الظهور للعلن وفضح ممارسات النظام السوري. لكن على الصعيد الآخر، هناك مجموعة كبيرة من المعارضة السورية والمنشقين وشهود العيان الذين كان يمكن أن تجرى معهم لقاءات حصرية أكثر. وكما قلنا سابقا، في مواضع عدة، فإن ما يميز الصحف في العصر الحالي المنفتح إعلاميا هو الموضوعات الخاصة التي تنجح في كثير من الأحيان في إيجاد قضية رأي عام.

أما تغطية القذافي، فكانت ممتازة في الأسبوع الماضي؛ حيث شملت لقاءات خاصة عدة كما قرأنا. وما لفت نظري شخصيا كان صياغة العناوين المختزلة والذكية بالصفحة الأولى، مثل: «ليبيا تبحث عن مخبأ القذافي» و«الثوار في منزل القذافي». وكما هو متعارف عليه بالصحافة، فإنه في الأحداث الكبرى، يُختزل العنوان إلى بضع كلمات، وأحيانا كلمتين مثل «مقتل القذافي» أو «وفاة الحاكم الفلاني». وهنا تجدر الإشارة إلى مسألة مهمة، نود التذكير بها، وهي أن العنوان الرئيسي للصحف لم يعد خبرا فقط كما في السابق، لأن الناس في عصر المعلومة قد أشبعت الخبر نقاشا وتحليلا.. لذا، فإن الأولية في العنوان يجب أن تكون لإبراز الخبر الخاص الذي تنفرد به الصحيفة، أو أن يعكس الخبر زاوية لم تتطرق لها وسائل الإعلام المرئية والمسموعة.

كما نتمنى أن تزيد «وحدة أبحاث (الشرق الأوسط)» من نشاطها قليلا مثلما صنعت في أحداث سقوط النظام المصري، فهذه الأبحاث ربما يراها المحرر معلومات تاريخية، لكنها مهمة للقارئ العادي والمهتمين والمحللين السياسيين، وذلك لأن المعلومات التاريخية تساعد على فهم ما يجري من أحداث على أرض الواقع.