«أميركا أون لاين» تريد استعادة مجدها

الأمل في صفقة «هافنغتون بوست»

تيم أرمسترونغ المدير التنفيذي الجديد لـ«أميركان أون لاين» مع أدريانا هافنغتون (نيويورك تايمز)
TT

قبل عشر سنوات فقط، كانت «أميركا أون لاين» رائدة الشركات الأميركية في مجال بريد الإنترنت. كانت عبارة «يو هاف ميل» (عندك بريد) هي شعار الحضارة الإلكترونية الجديدة. لكن، كان ذلك قبل «غوغل»، وقبل «جيميل»، وقبل «ياهو ميل». وطبعا، قبل «تويتر» و« فيس بوك».

ومنذ سنوات قليلة، تحاول «أميركا أون لاين» استعادة مجدها. في عهد التحالف بين شركات الإنترنت، وفي عهد تقسيمها إلى شركات بريد، وشركات بحث، وشركات اجتماعية، توجد فرص لشركة «أميركان أون لاين» لاستعادة مجدها. لكنها ربما لن تقدر.

في الأسبوع الماضي، سجلت «وول ستريت» (سوق الأوراق المالية في نيويورك) انخفاضا في أسهم «أميركا أون لاين»، وذلك بسبب تقارير بأن الشركة لم تقدر على تقديم ميزانية معتدلة، ناهيك عن أن تكون ميزانية واعدة. انخفضت مبيعات السنة بنسبة عشرين في المائة عما كانت عليه في السنة الماضية. وليس مؤكدا إذا كانت «هافنغتون بوست» ستقدر على إنقاذ الشركة.

هذه إشارة إلى شركة «هافنغتون بوست» التي اشترتها الشركة الأم قبل أربعة شهور، والتي تريد أن تكون لها مثل سلم تصعد به إلى المجد الذي هبطت منه قبل سنوات. لكن، لأن «وول ستريت» لا ترحم، صارت الشركة في مهب الريح. وفقدت الشركة ثلث قيمتها خلال يومين فقط، خلال عاصفة تدني الأسهم الأميركية. حدث ذلك رغم صفقة شراء «هافنغتون بوست»، ورغم شهرة نجمتها ادريانا هافنغتون.

وقال سينها ساميت، محلل في شركة «رايلي» الاستثمارية في نيويورك: «بصراحة، أميركا أون لاين لم تنفذ وعدها حتى الآن. تاريخها الحديث سلسلة من الزلات». لكن، قال تيم أرمسترونغ، المسؤول التنفيذي الأول في «أميركا أون لاين» إنه واثق من أن شركته تقدر على استعادة بعض مجدها السابق. على الرغم من النكسة التي حدثت مؤخرا. وقال: «أنا ما زلت ملتزما بإعادة بناء أميركا أون لاين. وما زلت ملتزما بالاستفادة من صفقة «هافنغتون بوست».

وأضاف أرمسترونغ: «إننا نعتقد أن اقتناء (هافنغتون بوست) هو واحد من أفضل الأشياء التي قمنا به».

عمر أرمسترونغ أربعون سنة. ويبدو متحمسا في وظيفته الجديدة. واعترف بالقلق بسبب انخفاض أكثر من 105 ملايين زائر خلال شهر يوليو (تموز) من الذين يستعملون البريد الإلكتروني. في الوقت نفسه، زاد الإقبال على بريد شركة «غوغل»، وهو البريد المعروف باسم «جيميل». ولم يغب ذلك على أرمسترونغ لأنه كان مسؤولا عن الإعلانات في «غوغل» قبل وظيفته الجديدة.

واعترف أرمسترونغ بأن «ازدهار» الشركة لن يتحقق قبل عام 2013. ومن ناحية أخرى، قال إنه تم الاتفاق على إضافة 250 مليون دولار (من جملة 459 مليون دولار) إلى رأسمال الشركة. وكانت الشركة صرفت 315 مليون دولار على شراء «هافنغتون بوست». ثم أضافت 300 صحافي لتوسيع الموقع الإخباري.

ويبدو أن أرمسترونغ (40 سنة) يراهن كثيرا على ادريانا هافنغتون (61 سنة). والتي تندرت بأنها تعامله معاملة الأم لابنها. والتندر من صفات هافنغتون، وهي سياسية وصحافية وفصيحة ولاذعة اللسان. ولا بد أن أرمسترونغ يقبل هذا التندر، لكنه ربما يفضل أن تنجح هافنغتون في مشروعها الجديد، وتوسع «هافنغتون بوست»، وترفع الشركة الأم من خط الخسارة الأحمر إلى خط الربح الأسود.

وحقيقة، زاد الإقبال على «هافنغتون بوست» مؤخرا بسبب أخبار مثيرة نشرتها. منها كشف أن كريستي كريس، حاكم ولاية نيو جيرسي، استخدم طائرة هليكوبتر تابعة للولاية لحضور لعبة البيسبول لفريق ابنه.

حتى صحيفة «واشنطن بوست» لم تفكر في إصدار صحيفة بريطانية، لا ورقية ولا إلكترونية، لكن «هافنغتون بوست» قررت ذلك، مع دعم مالي كبير من شركة «أميركا أون لاين»، بينما تواجه «واشنطن بوست» الورقية استمرار هبوط توزيعها.

ليس سرا أن «هافنغتون بوست» نجحت في الولايات المتحدة، لكن، هل ستنجح في بريطانيا؟

أولا: سكان بريطانيا أقل من خمس سكان الولايات المتحدة (التركيز على ولايتي كاليفورنيا وتكساس يمكن أن يوفر قراء أكثر من قراء بريطانيا).

ثانيا: البريطانيون يبدون أقل اهتماما بأخبار نجوم هوليوود في السينما والمسلسلات السينمائية من الأميركيين. مثل الاهتمام بالشقراء الأكثر نحافة في مسلسل «ريال هاوسوايفز» (زوجات حقيقيات).

ثالثا: تعتمد «هافنغتون بوست» على كتاب وقراء ليبراليين، وبعضهم تقدميون. لكن، ليس هذا جديدا على البريطانيين، بل ربما، رغم قلة عددهم، عندهم تقدميون أكثر. التقدميون الذين يكتبون في موقع وصحيفة «الغارديان» البريطانية وحدها ربما أكثر.

رابعا: توجد في الولايات المتحدة ثلاث أو أربع صحف من نوع «تابلويد»، لكنها ليست مثل صحافة «تابلويد» الحقيقية في بريطانيا، والتي لا تركز على المشاهير فقط، ولكن أيضا على فضائحهم.

وقال مراقبون في واشنطن إن هناك أكثر من سبب للمشروع البريطاني، منها أن صاحبة المشروع، ادريانا هافنغتون، درست في بريطانيا، وكتبت كثيرا عن حبها لبريطانيا، وأنها، لو لم تأت إلى أميركا وتنال الجنسية الأميركية (أصلها يوناني)، كانت نالت الجنسية البريطانية. لكن، أهم من جنسية هافنغتون هو أن تنجح شركة «أميركا أون لاين» التي اشترت «هافنغتون بوست». ولا بد أن «أميركا أون لاين» سوف تصرف عليها كثيرا حتى تنجح. وبالتالي، تنجح «أميركا أون لاين» التي خبا نجمها عما كان عليه قبل عشرين سنة تقريبا عندما قادت ثورة اتصالات الإنترنت.

هل سينجح تحالف «الأم» و«الابن»؟