جدل حول تصنيف الجامعات الصادر عن مجلة «يو إس نيوز»

إقبال على حملة «الأخبار التي يمكنك استخدامها»

بوب مورس المسؤول عن دليل تصنيف الجامعات
TT

يعد بوب مورس رجلا ومسؤولا مجتهدا للغاية في أحد المكاتب التي تتسم بالفوضى في إحدى شركات النشر في مدينة جورج تاون الأميركية، كما يعد واحدا من أقوى العاملين نفوذا في الدولة ويتمتع بنوع من السلطة والنفوذ يثير العداوة ويسبب الذعر والقلق. ويترأس مورس إدارة دليل أفضل الجامعات الصادر عن مجلة «يو إس نيوز آند وورلد ريبورت». ويعد هذا الدليل هو أقدم وأشهر منشور يعتني بترتيب الجامعات الأميركية.

ويعتبر الدليل السنوي لترتيب الجامعات، الذي من المفترض أن يصدر في الـ13 من شهر سبتمبر (أيلول) هذا العام، حدثا مهما في التعليم العالي، حيث يطلق عليه البعض اسم المعادل الأكاديمي لمجلة «سبورتس ايليوستراتيد».

وتقوم الجامعات بنشر الدليل الصادر عن مجلة «يو إس نيوز» على المواقع الإلكترونية وفي النشرات الإخبارية وفي مجلات الخريجين، كما يتم وضعه على القمصان ولوحات الإعلانات. وتقوم المؤسسات التعليمية بوضع خطط استراتيجية لتحسين ترتيبها في هذه التصنيفات وتعطي جوائز للرؤساء في حال احتلال الجامعة لترتيب متقدم في هذا الدليل.

وفي مقابلة شخصية أجريت معه مؤخرا في مقر الجريدة، قال مورس: «لا تقوم مجلة (يو إس نيوز) بالإعلان عن التصنيفات، ولكن تقوم الجامعات بالإعلان عنا».

ولا يستطيع أي شخص الادعاء بأن له باعا طويلا في المجال الأكاديمي من دون أن يكون اسمه قد ورد في الصفحة الأولى لمجلة «يو إس نيوز».

ومن جهتهم، يرفض رؤساء الجامعات مثل هذا التصنيف ويجتمعون في المؤتمرات لمهاجمة مورس وطريقته في هذا الشأن، كما يشعرون بالقلق بشأن هذه التصنيفات ويفكرون في كيفية تحسين ترتيب جامعاتهم في هذا التقرير. ويقوم رؤساء وعمداء الكليات بالاتصال بمجلة «يو إس نيوز» عدة مرات أسبوعيا لكي يسألوا عن كيفية الترتيب، حسب ما أعلنه مورس، الذي يستقبل هذه المكالمات بنفسه في كثير من الأحيان.

وخلال الاجتماعات، يقوم مورس بالإجابة على منتقديه بطريقة رتيبة ومملة. ويقول تيد فيسك، وهو أحد الأعضاء المشاركين في إعداد التقرير عن الجامعات: «إن طريقته لطيفة وفعالة في نفس الوقت وكأنه يقوم بإخراج الهواء من الحجرة».

في الواقع، لقد نجحت هذه التصنيفات في تغيير الطريقة التي تعمل بها الجامعات.

وبعد مرور 28 عاما على صدور القوائم الأولى لمجلة «يو إس نيوز»، ما زال مورس ومجلته يسيطران على العمل الخاص بتصنيف الجامعات. ونجح إصدار العام الماضي في جذب 10 ملايين شخص على الإنترنت في اليوم الأول لنشر هذا الإصدار.

وفي إحدى الغرف المخصصة للمؤتمرات بعد ظهر أحد الأيام في الآونة الأخيرة، استمع مورس لتقارير من مجموعة من المحررين والمنتجين غالبيتهم في العشرينات من عمرهم. وقالت أنيتا نارايان، وهي نائبة رئيس تحرير التعليم: «لدينا الكثير من الأشياء التي يتعين علينا الانتهاء منها بعد مرور أسبوعين على نشر الإصدار».

وعادة ما تجذب التصنيفات أكثر من نصف الزائرين لموقع مجلة «يو إس نيوز» على شبكة الإنترنت. وقد تحولت المجلة من مجلة تصدر أسبوعيا إلى مجلة تصدر مرتين في الأسبوع ثم مرة في الشهر ثم توقفت طباعة المجلة تماما خلال العام الحالي. ويرأس مورس حاليا مجموعة مكونة من 6 موظفين.

ويقول كثير من رؤساء الجامعات وعمداء الكليات إن هذه التصنيفات لا قيمة لها ويرون أن تصنيف الجامعات لا معنى له ومثله مثل تصنيف حدائق الحيوانات، لأن كل جامعة لها شخصيتها المميزة والفريدة من نوعها، ونفس الأمر ينطبق على طالبي العلم في هذه الجامعات.

وقال فيسك: «السؤال ليس هو: ما هي أفضل الجامعات؟ ولكن السؤال هو: ما هي أفضل الجامعات بالنسبة لي؟». وكانت مجلة «يو إس نيوز» قد أعلنت أن جامعة هارفارد هي أفضل جامعة في البلاد خلال العام الماضي ومنحتها درجة مائة من مائة استنادا إلى صيغة مكونة من عدة عوامل مثل معدل القبول (7%) ومعدل التخرج (98%) ونسبة الطلاب إلى أعضاء هيئة التدريس (7 إلى 1).

ولم يقم التصنيف بقياس مدى تعلم الطلاب في جامعة هارفارد أو القراءة والكتابة أو عدد الذين انتقلوا إلى وظائف ذات رواتب كبيرة. ولكي نكون منصفين فإن الكثير من هذه البيانات لا تكون متاحة للجمهور ويرى الذين ينتقدون مورس أن ذلك يمثل خطأ فادحا.

وقال بول غلاستريس، وهو رئيس تحرير مجلة «واشنطن» الشهرية وهي إحدى المجلات الكثيرة التي تقدم تصنيفات بديلة: «هذا هو الخطأ الرئيسي لمجلة (يو إس نيوز): إنهم يعتقدون أنهم يقومون بقياس التفوق، ولكنهم لا يملكون مقاييس هذا التفوق. إنهم لا يقومون بتوصيل الشيء الذي يقولون إنهم يقومون بتوصيله».

وقد قامت مجلة «يو إس نيوز» بوضع وسيلة للجمهور حتى يتمكن من إجراء مقارنة بين المؤسسات حول المسائل المتعلقة بالقبول وإتمام الدراسة.

وقامت مجلة «يو إس نيوز» بعمل تصنيفات للكليات لأول مرة في عام 1983، وكان المحررون يحاولون احتلال المركز الثالث بين المجلات الإخبارية (بعد مجلة «التايم» و«نيوزويك») من خلال حملة تسمى «الأخبار التي يمكنك استخدامها». وكانت الفكرة تتلخص في وضع قائمة بأفضل الجامعات من حيث الجودة، وهي نفس الطريقة التي تستخدمها مجلة «تقارير المستهلك» في تصنيف السيارات وغسالات الأطباق.

ولم يكن مورس صحافيا أو أحد الأشخاص المتملقين، ولكنه حاصل على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة سينسيناتي، التي احتلت في تقريره المرتبة رقم 156 بين أفضل الجامعات الوطنية في العام الماضي، بعدما حصلت على 29 درجة. وحصل مورس على الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة ميشيغان التي احتلت المرتبة رقم 79 في التقرير.

والتحق مورس للعمل بمجلة «يو إس نيوز» في عام 1976 وبالتحديد في «الوحدة الاقتصادية» التي لا تضم أي صحافي والتي يقوم أعضاؤها بكتابة دراسات ثم يقوم الصحافيون بعمل إضافات إليها. وفي عام 1987 انتقل مورس إلى فريق التصنيفات وأصبح مشرفا على هذا المشروع السنوي منذ عام 1989.

واعتمد أول تصنيف على عامل واحد فقط وهو السمعة الأكاديمية. وبعد ذلك، وضع مورس تصميما لتقرير أكثر تعقيدا وتطورا ولا يزال يستخدم حتى يومنا هذا.

وتشكل معدلات التخرج والطلاب الجدد أكبر حصة من هذا الترتيب المكون من 100 نقطة، حيث تشكل 27.5 في المائة من إجمالي عدد النقاط، مع وضع نقاط إضافية للجامعات التي تزيد معدلات خريجيها عن التوقعات الإحصائية المبنية على أساس مزيج اجتماعي واقتصادي وغيره من العوامل. وتشكل السمعة الأكاديمية 22.5 في المائة من إجمالي النقاط، استنادا إلى الدراسات الاستقصائية التي يكملها رؤساء الجامعات والموظفون الإداريون البارزون في الجامعات والعمداء ومستشارو التوجيه الجامعي. وتشكل موارد الجامعة (بما في ذلك نسبة الطلاب إلى أعضاء هيئة التدريس) 20 في المائة من إجمالي النقاط، في حين تشكل الانتقائية (بما في ذلك معدل القبول) 15 في المائة من إجمالي النقاط، وتشكل الموارد المالية 10 في المائة، والخريجون 5 في المائة.

ودائما ما يعكس التصنيف النظام القائم: تأتي جامعات هارفارد وبرنستون وييل على رأس قائمة الجامعات الوطنية؛ في حين تأتي جامعات أمهيرست وويليامز كأفضل جامعات الفنون الليبرالية.

وقال بعض العاملين السابقين بمجلة «يو إس نيوز» إن مورس وغيره من الموظفين قد قاموا بترتيب التصنيفات لكي يضمنوا أن تأتي نفس الجامعات في المقدمة، وهي الادعاءات التي نشرت في إحدى مقالات مجلة «واشنطن» الشهرية في عام 2000. ومن جهته، نفى مورس تدخله في مقاييس التصنيفات.

وقد اشتكى رؤساء الجامعات من أن ترتيب الجامعات بالقرب من أعلى القائمة لا يتغير أبدا، ولكن هذا ليس صحيحا تماما. ومنذ عام 1991، صعدت جامعة كولومبيا من المركز العاشر للمركز الرابع بين الجامعات الوطنية، في حين قفزت جامعة بنسلفانيا وهي جامعة خاصة من المركز الثالث عشر إلى المركز الخامس، كما صعدت جامعة نورث وسترن من المركز الثالث والعشرين إلى المركز الثاني عشر. ومن ناحية أخرى، انخفض تصنيف جامعة كاليفورنيا في بيركلي من المركز الثالث عشر إلى المركز الثاني والعشرين، كما انخفض ترتيب جامعة فرجينيا من المركز الثامن عشر إلى المركز الخامس والعشرين.

ويقول النقاد إن التصنيفات تقلل من قيمة وترتيب الجامعات الحكومية لأن التصنيفات تقيس الثروة ولكن هذه الجامعات ليست ثرية. ومنذ عام 1991، انخفضت جميع الجامعات العامة الخمس التي احتلت مراتب مرتفعة في قائمة التصنيفات بما لا يقل عن سبعة مراكز. وقال روبرت جيه بيرغيني، وهو رئيس جامعة بيركلي: «يستشهد رؤساء الجامعات بالتصنيف في حالة احتلال جامعاتهم لمركز متقدم في التصنيفات فقط، ولهذا لا أستشهد بتصنيفات مجلة (يو إس نيوز) أبدا». وقد قامت شركات نشر أخرى بتقليد مجلة «يو إس نيوز» في مجال التصنيفات، بما في ذلك مجلتا «كيبلينغر» و«فوربس»، ولكن لم تنجح أي منها في أن تشكل تحديا كبيرا لمجلة «يو إس نيوز» التي تتميز بالريادة في هذا المجال.

وعند سؤاله عما إذا كان يتذكر وقت دخول شركات أخرى لمجال المنافسة في ذلك المجال، قال مورس: «لست متأكدا من أن لدينا منافسين الآن».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»