بسبب تغطيات غير دقيقة.. المحاكم الهندية تطلب من المراسلين الحصول على شهادة في القانون

تصريح مؤقت لـ 6 أشهر لتغطية أخبار القضايا أمام المحكمة العليا

تغطية حية لقضية رأي عام أمام المحكمة العليا في نيودلهي بعد انتهاء إحدى الجلسات («الشرق الأوسط»)
TT

بحسب النظام الذي أقرته المحكمة الهندية العليا، أصبح لزاما على أي صحافي يعمل في تغطية أخبار الشؤون القانونية أن يحمل شهادة علمية في القانون. وقد أثار هذا الأمر قلقا كبيرا في الأوساط الإعلامية في الهند، حيث عارض الكثير من الصحافيين الحكم الصادر من المحكمة.

وقد ألزمت مجموعة قرارات أصدرتها المحكمة مؤخرا الصحافيين بالحصول على شهادة في القانون وخبرة سبع سنوات في تغطية أخبار المحاكم في صحيفة يومية أو وكالة أنباء محلية أو دولية أو مؤسسة إعلامية على الإنترنت أو جميع ذلك، شريطة أن تكون ضمن سنوات الخبرة خمس سنوات على الأقل في المحكمة العليا الهندية أو أي محكمة عليا أخرى في الهند. وكذلك من الضروري أن يكون مارس هذه الوظيفة على الأقل لمدة ثلاث سنوات ونصف السنة قبيل تاريخ التقدم للحصول على الاعتماد مباشرة. وينبغي على الصحافي الذي يعمل في صحيفة إلكترونية أن يكون قد قضى خمس سنوات متعاقبة في تغطية أخبار قضايا المحاكم بانتظام دون أن يكون هناك فاصل زمني بين هذه الفترة وموعد تقديم الطلب. وللحصول على الاعتماد يجب أن يكون الصحافي قد غطى الأخبار لمدة عامين على الأقل في المحكمة العليا الهندية أو أي محكمة عليا في الهند.

ولأول مرة في التاريخ يصبح الحصول على شهادة في القانون لزاما على الصحافيين، لكن حتى هذه اللحظة يمكن للصحافي الذي لم يحصل على شهادة في القانون الحصول على تصريح مؤقت لمدة ستة أشهر ليغطي أخبار القضايا التي تنظر أمام المحكمة العليا. وقد انتقد أعضاء هيئة المحكمة العليا في السابق التقارير الإخبارية غير الدقيقة، والتي تستهدف الإثارة. ويأتي هذا الإجراء الجديد بعد نشر تقرير خاطئ عن قضية ضرائب «فودافون». وتقدم هاريش سالف، محامي «فودافون»، بشكوى إلى المحكمة العليا يشير فيها إلى أن تقرير «بريس تراست أوف إنديا» قد نقل على لسانه تصريحات غير صحيحة. وأوضح سالف أن «فودافون» يمكنها «تجنب» الضرائب لأن هذا أمر يسمح به القانون. وقد زعمت هيئة الضرائب على الدخل أن «فودافون» تهربت من الضرائب من خلال تحديد 11.2 مليار دولار أميركي لشراء شركة «هوتشيسون» التي تعمل في مجال الهواتف الجوالة من خلال وسائل للتخفيض الضريبي. وقضى سالف أكثر من يوم في توضيح الفارق بين تجنب دفع ضريبة والتهرب الضريبي لأعضاء هيئة المحكمة، مؤكدا أن موكله لم يخالف القانون.

وقد لاحظت المحكمة أن سلوك الصحافيين بحاجة إلى ضبط في ضوء هذه الواقعة وما وصفت بأنها تقارير غير دقيقة. وعبرت المحكمة العليا في قضية مشابهة عن استيائها من تقرير إخباري جاء فيه أن الهيئة القضائية أرادت الاحتفاظ بواحد في المائة من وديعة قدرها 25 مليار روبية دفعتها شركة «فودافون» إلى المحكمة. تضمنت هذه الأخبار إيحاء بأن أعضاء هيئة المحكمة كانوا يحاولون الحصول على أموال من خلال طرق «جديدة مبتكرة». وصرحت المحكمة: «إنهم يكتبون ما يشاءون».

ويعد الصحافيون الذين حصلوا على اعتماد كمراسلين قانونيين أقلية بين المراسلين في المحكمة العليا حتى هذه اللحظة، حيث يبلغ عددهم 14 فقط من بين 80 صحافيا ممن حصلوا على تصريح مؤقت. وتشعر المؤسسات الإعلامية في الهند بالقلق بعد صدور هذا الحكم، حيث رأى الكثير من الصحافيين ومحرري البرامج التلفزيونية أن هذا الشرط مبالغ فيه. ويقول أرناب غوسوامي، رئيس التحرير بقناة «تايمز ناو»: «لا يحتاج المراسلون إلى الحصول على شهادة في القانون لتغطية أخبار المحكمة العليا، بل هم فقط بحاجة إلى التمتع بحس خبري وقدرة على التمييز بين الأمور القانونية». وفي الوقت الذي تجد فيه المؤسسات الإعلامية صعوبة في الالتزام بهذا الحكم عمليا، ترى أنه لا يجب منع الصحافيين الذين يمارسون هذا العمل من تغطية أخبار القضايا التي تنظر أمام المحاكم لمجرد أنهم لا يحملون شهادة في القانون. ويقول سيدارث فارادارجان، رئيس تحرير صحيفة «هندو»: «يفرض النظام الجديد الكثير من القيود وسيجعل من الصعب على الإعلام تغطية أخبار المحكمة العليا بالشكل المناسب. في الوقت الذي أشعر فيه بالقلق مثل القضاة الموقرين بسبب عدم تغطية أخبار القضايا بدقة. ويكمن الحل في مراقبة الصحف والقنوات التلفزيونية من خلال تحديد مواصفات المراسلين الذين يغطون أخبار قضايا المحاكم».

يقول سانجيا غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ديانكي جاغران»: «بصفتي رئيس تحرير لن أوكل مهمة تغطية أخبار قضايا المحكمة العليا إلى مراسل جديد، لكن لا أعتقد أنه من المناسب اشتراط حصول المراسل على شهادة في الحقوق من أجل القيام بهذه المهمة. إذا كان يتمتع المراسل بالخبرة الكافية ويغطي الأحكام الصادرة بذكاء وحنكة، لا أعتقد أنه من العدل أن تفرض المحكمة هذه الشروط الجائرة».

يقول جورج غيري، المحامي لدى المحكمة العليا: «إنها خطوة جيدة من قبل المحكمة العليا الهندية. إن هذا النظام الجديد هو الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها ضبط حرية الصحافة، وإلا ستنتشر الأخبار غير المرغوب فيها من خلال التقارير التي يقوم بها الصحافيون الشباب المتحمسون الذين يجهلون الأمور والإجراءات التي تتعلق بالمحكمة». وأضاف أنه لا يوجد قانون يجبر المحكمة العليا على منح الاعتماد، بل هي خدمة تقدمها المحكمة العليا لوسائل الإعلام. إن الاعتماد يسهل لك المهمة. على الجانب الآخر، يمكن لأي زائر أن يجلس في المحكمة ويكتب تقريرا. وتساءل كبير القضاة السابق في. إن. كهاري قائلا: «إنه ليس عدلا. أنت تتحدث عن الشفافية. لماذا تكون شهادة القانون ضرورية؟ المراسل لن يترافع في القضية، بل سيكتب عنها. الصحافة مهنة في حد ذاتها. هل عندما تغطي أخبارا تتعلق بمجال الهندسة، عليك أن تكون مهندسا؟ وبهذه الطريقة كم سيكون عدد الشهادات المطلوب منك الحصول عليها؟». وبحسب النظام الجديد الذي أقرته المحكمة سيكون 80 في المائة من الصحافيين غير مؤهلين لتغطية أخبار قضايا المحاكم. ويمكن للمحكمة العليا أن تمنع أي مراسل من التغطية دون ذكر أسباب بحسب القوانين الجديدة. وأوضح خبير رفض ذكر اسمه قائلا: «في الهند على عكس الولايات المتحدة، لا تتمتع الصحافة بحرية التعبير. يمارس الصحافي حقه بصفته مواطنا عاديا وكذلك يلتزم بحق الشعب في المعرفة. قد يتمتع بفرص أكبر للحصول على معلومات في بعض المواقف، لكن من الناحية الفنية لا ينبغي أن يكون هذا إلزاما بحسب نظامنا القضائي المفتوح».

يقول روهيت بانيكر، مراسل صحيفة «تايمز أوف إنديا»: «من المهم أن يعرف كل صحافي جيدا كيفية عمل التقرير. ومن المؤكد أن من يتمتع بخلفية قانونية سوف تكون لديه وجهة نظر أفضل تجاه القضية، لكن هذا يثير سؤالا بشأن ما يمكن أن يحدث للصحافيين الذين كونوا اسما على مدى سنوات في مجال تغطية أخبار قضايا المحاكم رغم عدم حصولهم على شهادة في القانون. إذا كان الأمر كذلك، فهل يجب على الصحافي الذي يغطي أخبارا عن الأفلام الحصول على شهادة في صناعة الأفلام؟».