العمل الصحافي في الشريط القبلي

TT

في منتصف عام 2010 أصدرت خلية إدارة الأزمات الوطنية التابعة لوزارة الداخلية، تحذيرا من إمكانية استهداف جماعة تحريك طالبان مقرات الصحف والصحافيين البارزين في البلاد. ووفقا لتقارير أصدرتها وكالات الاستخبارات، لم تكن طالبان سعيدة بالسياسة الإعلامية الباكستانية، وترغب في تلقين وسائل الإعلام درسا. وأكد وزير الداخلية أن الهجوم على نادي صحافة بيشاور ينبغي أن يوضع ضمن هذا السياق، وقد أرسلت وزارة الداخلية في حقيقة الأمر تحذيرا إلى الحكومات المحلية والشرطة ووكالات تطبيق القانون الأخرى، لفرض حالة التأهب القصوى لحماية مقرات الصحف والصحافيين. وبحسب التقارير التي نشرتها وسائل الإعلام المحلية، فقد شعر مقاتلو طالبان بالغضب من التقارير الإعلامية التي وصفتهم بالأشرار.

بيد أن تهديدات طالبان لم تثن المجتمع الإعلامي الباكستاني عن زيارة مناطق القتال في الشمال الغربي من باكستان، وربما كانت مثابرة وسائل الإعلام الباكستانية السبب في استمرار تلقي القارئ الباكستاني والعالمي القصص الإخبارية بصورة مباشرة من منطقة الحرب، بيد أن الصحافيين من المناطق القبلية كانت لديهم وجهة نظر مختلفة تماما للموقف ككل، فيقول أحد الصحافيين القبليين الذي فر من المناطق القبلية قبل عام، ورفض ذكر اسمه: «من اليسير للغاية زيارة مناطق الصراع تحت حماية الجيش ليومين أو ثلاثة أيام، لكن الإقامة في المناطق القبلية (مع عائلتك) والاستمرار في كتابة التقارير الإخبارية عن الجرائم الوحشية التي ترتكبها طالبان أمر مختلف تماما».

وأضاف لصحيفة «الشرق الأوسط» أن الصحافيين الذين يعيشون ويعملون في المناطق القبلية يقعون تحت ضغوط من كلا الجانبين، فمن ناحية نواجه ضغوطا من المقاتلين المحليين، في الوقت الذي نواجه فيه ضغوطا من الآلة الحكومية. وربما لهذا السبب لا تأتي غالبية القصص الإخبارية الجيدة من الصحافيين المقيمين في المناطق القبلية.

ولا تسمح الحكومة الباكستانية للصحافيين بحرية الدخول إلى المناطق القبلية ومناطق الصراع، ويحصل الصحافيون الباكستانيون، أغلب الوقت، على الفرصة لزيارة المناطق القبلية في جولات ينظمها الجيش الباكستاني، بيد أن بعض الصحافيين يجازفون بين الحين والآخر بالتسلل إلى المناطق القبلية بصورة فردية، كضيوف للقادة السياسيين المحليين. ويتذكر هذا الكاتب زيارة لمنطقة باجورا القبلية الباكستانية، بناء على دعوة من عضو البرلمان هناك (ينتمي إلى الجماعة الإسلامية)، في أعقاب غارة لطائرة من دون طيار راح ضحيتها أكثر من 80 طالبا من طلبة المدارس الدينية في عام 2006. وفي مثل هذه المواقف يتمكن الصحافيون من الوصول بشكل أكبر إلى المنطقة والسكان المحليين.