الصحافي خابيير أوتاسو لـ «الشرق الأوسط»: معظم الصحافيين الإسبان يعملون لحسابهم

الصحافة الإسبانية تركز على المغرب ومصر.. ومعرفة العرب بها منعدمة

الصحافي الإسباني خابيير أوتاسو («الشرق الأوسط»)
TT

يقول الصحافي الإسباني خابيير أوتاسو إن الصحافة الإسبانية تركز في تغطياتها للمنطقة العربية على بلدين هما المغرب ومصر (ثمة وجود كبير في إسرائيل)، ويشرح أوتاسو ذلك قائلا إن المغرب يعتبر مدخلا للقارة الأفريقية والبلد العربي الأكثر قربا من إسبانيا، في حين أن مصر هي المدخل إلى المنطقة العربية. يشار إلى أن مراسلي الصحف والإذاعات وقنوات التلفزيون الإسبانية يشكلون أكبر عدد من المراسلين الأوروبيين في المغرب، والعائق الذي يعرقل عمل الصحافيين الإسبان في المنطقة، هو أن الصحافة الإسبانية تكاد تكون، بل هي مجهولة تماما في العالم العربي، بسبب ندرة القراء. ويعتقد خابيير أوتاسو الذي يدير مكتب وكالة الأنباء الإسبانية في الرباط (إيفي) وهي واحدة من أنشط وكالات الأنباء في المغرب إلى جانب وكالة الأنباء الفرنسية، إن المغرب فضاء يعج بعدد من المواضيع والقصص الملونة (فيتشرز).

وتطرق خابيير أوتاسو في حوار خاص إلى طبيعة عمل الصحافة الإسبانية، التي لا تعرف كثيرا في العالم العربي بسبب قلة الذين يتحدثون الإسبانية (الاستثناء هو المغرب) والمواضيع التي يرغبون في تناولها. وقال خابيير أوتاسو في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» في الرباط، إن الوضع السياسي في المغرب متحرك، وقال إن الحكومة المغربية تتحرك في هذا الصدد، وأشار أوتاسو إلى أن الصحافة الإسبانية إلى جانب اهتمامها بالمواضع السياسية، تعمل أيضا على تغطية الأحداث الثقافية والاجتماعية.

وحول الصعوبات التي يواجهونها قال أوتاسو إن صعوبة الوصول إلى مصادر الأخبار تعرقل أحيانا مهمة نقل المعلومات، ومضى يقول «على الرغم من بعض العراقيل البيروقراطية التي نواجهها، تربطني بالمغرب شخصيا علاقة عاطفية بالدرجة الأولى وأعتبره بلدا ساحرا». وعبر خابيير أوتاسو عن أمله أن يصبح المغرب من بين الدول الأكثر تقدما وأن تقل فيه نسب الأمية، وقال إن وكالة الأنباء الإسبانية ستحاول العمل على القضايا والمشكلات التي تواجه البادية المغربية. تجدر الإشارة إلى أن وكالة «إيفي» أنشأت منذ سنوات نشرة باللغة العربية، لكنها لم تجد عددا كافيا من الزبناء، الذين يركزون على أربع وكالات هي رويترز والفرنسية والألمانية وأسوشييتدبرس.

وفيما يلي نص الحوار مع خابيير أوتاسو

* بداية نود أن نعرف لمحة عن مسارك المهني ولماذا اخترت العمل في المغرب على وجه التحديد؟

- عملت في المغرب خلال سنوات التسعينيات، ففي عام 1996 عندما حصلت ليسانس الصحافة في مدريد، كانت وجهتي الأولى هي المغرب، كانت البلاد يعيش آنذاك في ظل عهد الملك الحسن الثاني، وفي عام 1997 غادرت المغرب إلى العاصمة الإسبانية مدريد وأمضيت هناك ثلاث سنوات، بعدها انتقلت للعمل في مصر كصحافي في مكتب الأنباء الإسبانية، ومن هناك أتيحت لي الفرصة للتجول في عدد من دول الشرق الأوسط من حين لآخر حيث عملت في لبنان والعراق وإيران والسعودية واليمن والأردن وقبرص وسوريا، وفي عام 2008 انتقلت من مصر مباشرة إلى بيرو في أميركا اللاتينية، وأمضيت هناك قرابة ثلاث سنوات، ثم عدت إلى الرباط منذ شهرين وهي الفرصة الثانية التي تتاح لي للعمل في المغرب، الفرق هو أني الآن أتولى منصب مدير مكتب وكالة الأنباء الإسبانية، وفي المرة الأولى كنت صحافيا مع مكتب الوكالة في الرباط.

* ما أكثر شيء لفت انتباهك في المغرب؟

- تربط المغرب علاقات وطيدة جدا مع إسبانيا، وهو بالنسبة لصحافي إسباني فضاء شاسع ليراكم عدة تجارب مهنية، إذ إن المغرب يوجد فيه كم هائل من المواضيع الملائمة للعمل الصحافي، بالإضافة إلى أنه بلد ينتمي إلى شمال غربي أفريقيا، وهي ميزة تجعله أكثر قربا من الدول الأفريقية، ونظرا لأن المغرب هو البلد الأول الذي عملت به في بداية مشواري الصحافي لذلك من الطبيعي أن تربطني به عاطفة خاصة.

* هل لديك من خلال تجربتك الأولى بعض الأمور التي بقيت في ذاكرتك كصحافي؟

- في الحقيقة لم تكن لي أدنى تجربة في العمل الصحافي قبل وصولي إلى المغرب، إذ إني جئت إلى الرباط مباشرة بعد تخرجي من الجامعة في شعبة الصحافة بمدريد، لذلك رحت أتعلم اللغة العربية ودرست إلى جانها اللغة الروسية، وقدمت إلى المغرب ولم تتجاوز سني آنذاك سنة 24، ومن خلال محاولتي تعلم اللغة العربية اكتشفت وقتها أن المغرب بلد ساحر للغاية.

* ما الأسباب التي تجعل عدد الصحافيين الإسبانيين في العالم العربي محدودا جدا؟

- أعتقد أن هذه المعلومة غير صحيحة إطلاقا، ففي المغرب فقط يوجد عدد لا يحصى من الصحافيين الإسبان الذين يمثلون معظم الصحف والإذاعات والقنوات التلفزيونية الإسبانية ومن بينها القناة التلفزيونية الإسبانية «تي بي إي» وإذاعتا «كوبي» و«سيير» وصحف «إلباييس» و«إيل موندو» وكذلك صحيفة «إي بي سي» التي افتتحت مكتبا لها في المغرب قبل بضعة أيام. صحيح أن الصحافة الإسبانية موجودة بكثرة في إسرائيل لكن هذا لا ينفي وجودها أيضا في الدول العربية خاصة في المغرب ومصر، على اعتبار أن المغرب يعد المدخل الجغرافي لدول أفريقيا، ومصر بحكم أنها دولة تقع في أقصى الشمال الشرقي من القارة الأفريقية، هذا الموقع يجعلها ملائمة استراتيجيا لتغطية باقي الدول العربية بما فيها دول منطقة الشرق الأوسط.

* من وجهة نظر صحافي يعمل في المغرب.. ما هي انطباعاتك عن الأوضاع السياسية الداخلية؟

- أعتقد أن الوضع السياسي في المغرب لم يحسم بعد لكن الحكومة المغربية تتحرك في هذا الصدد، علما أن الدستور الجديد يتضمن الكثير من الاحتمالات التي يمكن بعد ذلك ترجمتها إلى قوانين، كما أن الحديث الذي يروج في الساحة السياسية المغربية هو بالأساس عن مرحلة انتقالية تعتمد في برامجها على الانتخابات والأحزاب السياسية وعلى النظام الذي بمقدوره إدماج مكونات المجتمع المغربي في العملية السياسية، أي الفئات التي ليست متحمسة أو لا تريد الانخراط في الحياة السياسية للبلاد.

* إلى أي حد تهتم الصحافة الإسبانية بالمجتمع المغربي؟

- صحيح أن ما يهم الصحافة الإسبانية تغطيته من أخبار من المغرب، هو بالأساس مواضيع ذات صلة بالصراعات السياسية وقضايا مثل الصحراء، كما يجب علينا أن نفهم منطق وسائل الإعلام الإسبانية في التعامل مع الأخبار، حيث يتحكم الوضع المهني للصحافي في التغطية، ذلك أن عددا كبيرا من الصحافيين الإسبان يعملون كمراسلين مستقلين (يعملون لحسابهم.. فري لانس) وهذه الفئة تهتم بالدرجة الأولى بالمواضيع ذات الطابع الثقافي أو مواد المنوعات التي يتم تناولها بعمق، وهو ما يجعل العمل تطبعه ديناميكية صعبة شيئا ما بالمقارنة مع العمل الصحافي في المغرب.

* ما الأخبار التي ترغب في قراءتها عن المغرب في الصحف المحلية؟

- أتمنى أن أجد في الصحف المغربية من الأخبار ما يجعلنا نقول إن المغرب كسب 50 نقطة إضافية تجعله من بين الدول المتقدمة في العالم، وأتمنى أيضا أن تقل نسبة الأمية في هذا البلد، كما لا أريد أن أجد يوما في صحيفة مغربية خبرا يفيد بوجود حالة تعنيف للفتيات الصغيرات اللائي يعملن خادمات في المنازل، وبطبيعة الحال أتمنى أن أجد أخبارا عن تقدم المغرب ديمقراطيا.

* إلى أي مدى يمكن أن يفيد عملكم الصحافي المجتمعات في المنطقة؟

- أعتقد أن دور أي صحافي كيفما كان هو نقل المعلومة إلى من يجهلونها من الجمهور، وبالنسبة لي كمراسل لوكالة إسبانية في المغرب، عملي يرتكز في الأساس على نقل أخبار هذه المنطقة إلى إسبانيا وتوضيح كل النقاط الغامضة حول المواضيع ذات الصلة بالضفتين.

* ما الأحداث التي تفضل تغطيتها؟

- في المغرب هناك العديد من المواضيع التي تستحق التغطية، وعملنا في مكتب «إيفي» بالرباط لا يقتصر فقط على الأخبار السياسية وقضايا الإرهاب، بل نغطي أيضا مواضيع رياضية وثقافية وفنية ومنوعات. ونفكر مليا في العمل على مواضيع ذات صلة بحياة البادية في المغرب.

* هل تعتقدون أنه من الصعب نشر الحقيقة، خاصة إذا تعلق الأمر بموضوع تكتنفه حساسية؟

- ما أعتبره صعبا في العمل الصحافي في المغرب سواء تعلق الأمر بصحافيين إسبان أو مغاربة، هو الوصول إلى مصادر متعددة للمعلومات بنفس الطريقة، ومن الصعب أحيانا الوصول إلى مصدر رسمي، والذي غالبا ما يطلب عدم الكشف عن اسمه في حالة ما إذا تم الوصول إليه، كلها تعقيدات تحول دون قيامنا بالمهمة.

* كيف هي علاقتكم مع باقي الصحافيين المغاربة؟

- علاقة متينة جدا، يسودها الاحترام والتعاون التام، ولا تحكمها أي خلفيات، كما أنني أعتبر المغرب بلدي الثاني.