متجر «صور من دون حقوق للطبع» باعث للإلهام والإبداع

عصر كان للقص واللصق فيه معنى

متجر كوفنت غاردن لبيع الكتب القديمة («نيويورك تايمز»)
TT

اللافتة التي كتب عليها «صور من دون حقوق للطبع»، والتي يمكن ألا تصنف بأنها «لن تحقق أرباحا»، حينما يتعلق الأمر بالمبيعات. لكن هناك «جزءا مجانيا» في هذه الأمور لفت نظري خلال زيارتي للندن. كانت اللافتة تعرض على واجهة محل «دوفر بوكشوب» في شارع إيرلهام في كوفينت غاردن، والذي يقع بين متاجر للملابس اليابانية والتصميمات. لن تجد في المتجر الكتب الأكثر مبيعا أو الأعمال الأدبية الرفيعة أو حتى الكتب المصقولة التي توضع في أماكن الانتظار. من الكتب التي تهيمن على الأرفف، كتب تحمل أسماء مثل «حيوانات» أو «كواكب» أو «أيد»، وهي أشبه بالكتيبات الإرشادية التي تتضمن صورا عشوائية لا يجمع بينها سوى عمرها، حيث تعود أكثر الصور التي تم تجميعها من مجلات وإعلانات وكتب قديمة إلى القرن التاسع عشر، ولا تنطبق عليها قوانين الملكية الفكرية. يمكن للفنانين حول العالم استخدام هذه الصور بأي طريقة شاءوا، ودون أن يدخلوا عليها أي تغيير، فلم يعد أحد يمتلكهم حاليا.

ويصف الفنانون هذه الكتب بأنها حافز على الإبداع ووسيلة لاستحضار شكل أسد أو الطريقة التي تمسك بها اليد المطرقة. ومع ذلك، إنها صور جاهزة وذات جودة عالية وتمكن إعادة استخدامها بسهولة وبحسب الغرض. وقال ستيوارت تيغ، مدير مساعد في المتجر يبلغ من العمر 44 عاما، بينما يساعد في تغليف كتاب يحتوي على خرائط قديمة وخطابات تعود للعصور الوسطى لرجل يقال إنه كان مصمم أغلفة كتب من إدينبيرغ في أستراليا: «من عملائنا فنانو غرافيك ومصممو وفنانو رسم الوشم وطلبة».

وأضاف تيغ: «أحيانا يبحثون عن إلهام، وأحيانا عن صور محددة. يسألونك عما إذا كانت لديك صور محددة». وقال إن «فناني الوشم يحبون الاطلاع على رسوم المسدسات القديمة». وقد سأل أحد العملاء مؤخرا عما إذا كانت الكتب تتضمن صور «فطيرة فواكه». ووجد تيغ أحدها في كتاب يعود للعصر الفيكتوري وباعها له.

تجربة البحث في هذا المتجر الذي افتتح عام 1986 لا تمت بصلة إلى عصر الإنترنت، حيث عليك التجول بين الممرات الضيقة والتوقف لتصفح الصور التي تكون عادة مطبوعة بأحجام مختلفة، بحيث يمكن قطعها ولصقها على التصميم. الأكثر من ذلك هو أن المتجر يتحدى فكرة الثقافة الرقمية التي خلقها الإنترنت، سواء في إضافة الموسيقى القديمة إلى أغنيات جديدة أو الجمع بين صورتين من خلال برنامج «فوتوشوب».

توضح هذه الكتب، والتي تحتوي على صور لنبات أو أنابيب أو شوارب ذات طراز قديم أن الناس كانت تبحث بين الصور بسعادة قبل أن تستفيد من محركات البحث. وكان الناس يستخدمون هذه الصور قبل فترة طويلة من الضغط على الصور وسحبها.

أكثر ما يقدمه المتجر من إنتاج مؤسسة «دوفر بابلكيشينز» الأميركية ومقرها في مينولا في ولاية نيوجيرسي، والتي تنشر أيضا كتب أطفال وكتبا في الموسيقى والعلوم. ورغم تشابه الأسماء، لا يوجد اتصال رسمي بين الناشر والمتجر سوى الود. وقال مارك أودي، صاحب المتجر، إنه عندما كان يستعد لافتتاح المتجر سعى إلى مساعدة مؤسس «دوفر بابلكيشينز» هوارد كريكر، وقد كان في لندن من أجل معرض الكتاب. وقال أودي الذي يعيش شبه متقاعد بالقرب من ملبورن في أستراليا كما يتذكر في مكالمة تليفونية: «لقد سألته: هل يمكنني استخدام اسمك؟. وقال لي: لا يمكنك أن تجني رزقك من بيع كتبي، فقلت له: سنرى، أؤمن بكتبك أكثر منك». ترى «دوفر بابلكيشينز» المتجر على أنه دعم لعملها، على حد قول كين كاتزمان، نائب رئيس الشركة للتسويق. وتمتلك مؤسسة «دوفر بابلكيشينز» شركة نشر هي «كورير كوربوريشين» ومقرها في ولاية ماساتشوستس، والتي تطبع «إنجيل جدعون». وأوضح كاتزمان أن الشركة لا تزال تعرض مجموعات جديدة من الصور وهناك فريق يتكون من ثلاثة أفراد يتجولون في معارض الكتاب والمتاحف والمزادات بحثا عن مواد تصلح لدعم الأرشيف الذي وضع اللبنة الأساسية له كريكر وزوجته بلانش خلال رحلاتهما حول العالم.

كان منزلهما في بناية دوفر في حي كوينز بنيو جيرسي، على حد قول كاتزمان، وسميت المؤسسة على اسم البناية. وتوفي كريكر عام 2000 وبيعت الشركة، حيث تبلغ بلانش 92 عاما. يبدو أن أودي بعد 25 عاما يتبنى وجهة نظر كريكر عن صعوبة بناء مؤسسة ناجحة تقوم على الكتب التي تحتوي على صور. ويصف متجر الكتب بأنه «عمل خيري» لا يمكن أن يسدد إيجار المكان أو يدفع أجور العاملين والموزع البريطاني. وقال إنه يأمل أن تحصل «دوفر بابلكيشينز» أو الموزع على المتجر الذي بلغ أكبر حجم مبيعات حققه 1.25 مليون دولار، وكان ذلك عام 2006، رغم أن الأرباح كانت عادة ضئيلة. وقال: «إنه متجر محبب وشهير، ويعد أهم إنجاز في حياتي».

سرعان ما واجه أودي اختيارا صعبا للغاية، ففي مارس (آذار) قال إنه سيقرر ما إذا كان سيوقع عقد إيجار جديدا للمتجر. وكان ما يتعلق بهذا القرار تساؤل هو هل ستبدأ «دوفر بابلكيشينز» في بيع الصور مباشرة من خلال الإنترنت. الجدير بالذكر أن المنافسة مع مبيعات الكتب عن طريق الإنترنت زادت الأمور صعوبة، على حد قوله، لكن يمكن أن يكون توفر التنزيل المباشر من «دوفر بابلكيشينز» عن طريق الإنترنت القشة التي قصمت ظهر البعير. بحسب كاتزمان، كانت الخطة هي إتاحة التنزيل المباشر في مدى زمني محدد هو عام. وقال إن الشركة يمكن أن تبيع صورا مفردة أو في مجموعات. بهذا الشكل سوف يكون الإنترنت هو آخر من يضحك في عالم الصور، ليس من خلال غرس عادات جديدة داخل نفوس البشر، لكن من خلال تسهيل الانخراط فيها.

أشار ديفيد بلانكرت، مصور في بالتيمور وكان يستعين بصور «دوفر» منذ أن كان طالبا، إلا أن كريكر لم يكن متفردا في جمع هذه الصور. ويقول: «يحتفظ الناس بالأشياء التي يشعرون بهوس تجاهها في صناديق وألبومات منذ 50 و75 و100 عام». وقد كانت «دوفر» من أول دور النشر التي تنشرها على نطاق واسع، لكن نظرا لوجود الإنترنت في الوقت الحالي «نبحث عن الصناديق التي يضع فيها الناس كنوزهم الصغيرة». وأضاف أن المصممين والفنانين كانوا دوما ما يبحثون عن توفير المال. واقتبس نصيحة من والاس وود، رسام بارز في مجلات مصورة هزلية توفي عام 1981 وهي: «لا ترسم أي شيء يمكنك محاكاته أو رسم خطوطه بورق شفاف، ولا تفعل ذلك مع ما يمكنك قطعه».

* خدمة «نيويورك تايمز»