الإعلامي وليد عبود: من يكون مع حرية شعبه لا يمكن أن يكون ضد تحرر الشعوب العربية وثوراتها

رئيس تحرير أخبار قناة «إم تي في» اللبنانية ومقدم برنامج «بموضوعية» السياسي

وليد عبود
TT

بين ليلة وضحاها، تحول الإعلامي اللبناني في نظر الكثير من اللبنانيين والعرب من مقدم برامج يسعى إلى «الموضوعية» إلى ما يشبه «الحكم» في لعبة مصارعة شاهدها الملايين حول العالم عبر «يوتيوب» بعد الإشكال الذي شاب حلقته التلفزيونية الأخيرة مساء الاثنين الماضي بين الوزير السابق فايز شكر والنائب السابق مصطفى علوش، بعد احتدام الخلاف بينهما حول الوضع السوري ومحاولة الأول الاعتداء على الثاني بكرسي من «الوزن الثقيل».

وليد عبود قال لـ«الشرق الأوسط»: «إن ما جرى بين ضيفيه كان مفاجئا بالنسبة إليه». ورأى عبود أن احتدامات كهذه قد تحصل في ظروف سياسية دقيقة كالتي نعيشها، وأن هذا النوع من الخلافات ومع أنه يحصل للمرة الأولى على الشاشة الصغيرة ضمن برنامج حواري، ولكننا سبق وشاهدنا ما يشبهه في المجلس النيابي وفي محطات تاريخية أخرى كان قد مر بها لبنان، وكذلك شاهدناه في بلدان غربية كاليونان وكوريا واليابان وإيطاليا وغيرها. ورأى أنه وفي كل الأحوال «يجب الاستمرار في النقاش والحوار للوصول إلى حلول ترضي الجميع مهما بلغت حدة توترنا وخلافاتنا».

وليد عبود، ليس حديثا على العمل الإعلامي، فهو تدرج من العمل في الصحافة المكتوبة وفي كواليس إعداد البرامج الثقافية والاجتماعية لسنوات طويلة إلى أن شاءت الصدفة أن ينتقل إلى الشاشة الصغيرة كمحاور في برنامج «نهاركم سعيد» السياسي على محطة «LBCI» ثم ليتولى في عام 2009 رئاسة تحرير الأخبار في محطة الـ«إم تي في» اللبنانية وتقديم البرنامج السياسي الأسبوعي «بموضوعية»، وإن كان على قناعة تامة بأن الموضوعية المطلقة غير موجودة في الإعلام، لكنه يسعى جاهدا للعمل على رفع علامته التي يقوم بها عمله من خلال «الامتحانات الشخصية» التي يخضع نفسه لها.

«الشرق الأوسط» التقت عبود وكان معه هذا الحوار:

* كيف بدأت مسيرة وليد عبود الإعلامية إلى حين وصوله إلى تولي مهمة رئاسة تحرير الأخبار في محطة «إم تي في» اللبنانية؟

- بدايتي في مجال الإعلام كانت في الصحافة المكتوبة في دار الصياد في عام 1979 حين كنت لا أزال طالبا على مقاعد كلية الإعلام ثم كان لي تعاون مع جريدة «الحياة» في الصفحة الثقافية والمنوعات ومع مجلة «المسيرة» لغاية عام 1990، وفي ما بعد ساهمت في تأسيس جريدة «نداء الوطن»، وتسلمت فيها رئاسة القسم الثقافي والمنوعات لغاية مايو (أيار) من عام 1993 حين عاد الصحافي والنائب الراحل جبران تويني إلى لبنان حاملا مشروعا جديدا وطلب مني الانضمام إلى أسرة جريدة «النهار» متسلما رئاسة تحرير «نهار الشباب»، وبعد ذلك رئيس قسم التحقيقات في الجريدة. وفي موازاة ذلك، كنت قد بدأت العمل في الإعلام المرئي في محطة الـ«LBCI» اللبنانية في إعداد البرامج الثقافية والاجتماعية إلى أن تبلورت التجربة أكثر مع جبران تويني في القناة نفسها في برنامج «فخامة الرئيس». وفي عام 1994 أطلقنا فكرة جديدة على محطة «تلفزيون لبنان»، وهي عبارة عن «توك شو» شبابي يضع الشباب اللبناني في حوار مباشر مع مسؤولين وسياسيين لبنانيين. وبعد غياب لسنوات قليلة عن العمل التلفزيوني عدت في عام 1998 إلى فريق إعداد برنامج «سجل موقف»، ثم انتقلت في عام 2001 إلى الـ«LBCI» إلى قسم الأخبار وفي عام 2003 شاءت الصدفة وفي موازاة عملي في قسم الأخبار، أن انضم إلى فريق عمل برنامج «نهاركم سعيد» كمحاور سياسي إلى أن قدمت استقالتي على الهواء مباشرة في فبراير (شباط) 2009 لأنتقل إلى محطة الـ«إم تي في» التي أعيد إطلاقها في 7 أبريل (نيسان) من العام نفسه، لأتولى رئاسة تحرير نشرات الأخبار وتقديم البرنامج السياسي «بموضوعية».

* يحمل برنامجك عنوان «بموضوعية»، إلى أي حد يحكم معيار الموضوعية عملك كمحاور أو في رئاسة تحرير نشرات أخبار المحطة؟

- إذا قلنا إن هناك عملا أو إعلاما موضوعيا في المطلق فهذا يعني أننا نكذب على أنفسنا، الله وحده هو الموضوعي في حكمه فيما تبقى الأعمال الإنسانية كلها خاضعة فقط لنسب معينة من هذه الموضوعية، وهذا ما أؤكد عليه دائما وأحرص على تعليمه لطلابي في الجامعة، وأعتبر أنه كما يخضع الطالب للامتحان للحصول على علامة، أنا أخضع نفسي في كل حلقة وفي كل نشرة أخبار للامتحان عينه لأقوم عملي وأضع العلامة المناسبة التي قد لا تصل إلى عشرة على عشرة، لكن تبقى مهمتي الأساسية ودوري دائما العمل على رفع هذه العلامة.

* هل توافق القول بأن الخلاف الحاصل بين القوات اللبنانية ورئيس مجلس إدارة محطة «LBCI» جعل الـ«MTV» تتحول إلى «رأس حربة» إعلام فريق «14 آذار»؟

- منذ العهد الأول للمحطة كان شعارها الأساسي هو «الحرية والسيادة والاستقلال»، وبالتالي نحن خط «14 آذار» قبل ولادة فريق «14 آذار»، والـ«إم تي في» من المؤسسات القليلة التي دفعت ثمن هذا الشعار ولم تتنازل عنه على الرغم من كل الضغوط التي مورست عليها إلى أن اتخذ قرار إقفالها. من هنا لا نزال نؤكد أننا مستمرون في هذا الخط لو تخلى الجميع عنه لأن هذه الثوابت هي في جوهر قيام الـ«إم تي في» وإقفالها وعودتها إلى الحياة، من دون أن يعني ذلك أننا متقوقعون في اتجاه سياسي أو فريق سياسي معين بل نحن مع كل من يدعم هذا المسار ويلتزم به، ونرفض بالتالي أن نكون رأس حربة أي فريق سياسي لأن دور الإعلام أكبر من أي انقسام، وهذا بالنسبة إلينا من «المسلمات والمقدسات الإعلامية» التي لا نتخلى عنها، ومن يريد تصنيفنا أو وضعنا ضمن هذا الانقسام فهذه مشكلته وليست مشكلتنا.

* بماذا تتميز نشرات أخبار الـ«إم تي في» عن المحطات اللبنانية الأخرى وكيف تعملون دائما على تطويرها؟

- تتميز أخبار الـ«إم تي في» بأنها شمولية، نحرص على عدم إلغاء أو إقصاء أحد والابتعاد عن أي «محاولات إيحائية» للمشاهد. إضافة إلى ذلك، تضم الأخبار نشرة اقتصادية يومية غير موجودة في الإعلام اللبناني، كما أننا أضفنا إلى ما يمكن اعتباره تلخيصا مكتوبا للتقارير التي تبث خلال النشرة والذي عادت بعض القنوات اللبنانية واعتمدته لاحقا.

* لكن من يتابع نشرات أخبار المحطة يلاحظ أن مقدماتها لا تختلف كثيرا عن مقدمات القنوات اللبنانية الأخرى كل منها بحسب توجهها السياسي؟

- كل ما نقوم به في مقدمة النشرة هو ربط الأحداث اليومية اللبنانية والعربية والإقليمية ببعضها وتقديمها للمشاهد انطلاقا من الثوابت التي ذكرتها، ولكن بعيدا عن الإيحاءات والمقدمات الخطابية.

* ما هي السياسة العامة التي تتبعها «إم تي في» في تغطيتها للثورات العربية؟

- واكبنا كل الثورات منذ اللحظة الأولى لانطلاقتها إن على صعيد النشرات الإخبارية أو في برنامج «بموضوعية» ولا نزال مستمرين في هذا النهج، وذلك من خلال تغطيتنا للأحداث بالدرجة الأولى إضافة إلى استضافة أبرز المعارضين وأبرز الموالين وفي أحيان كثيرة كان النقاش يدور بين الفريقين على الهواء مباشرة من عواصم عربية وعالمية مختلفة. أما في ما يتعلق بسياسة المحطة المتبعة في هذه التغطية، فبالنسبة إلينا الحرية لا تتجزأ وبالتالي من يكون مع حرية شعبه لا يمكن أن يكون ضد تحرر الشعوب العربية وثوراتها، وكما كنا من صناع الربيع اللبناني لا يمكننا إلا أن نكون مع الربيع العربي الذي انتظرناه طويلا.

* كيف تقويمك لتغطية الإعلام العربي للثورات العربية؟

- يمكن القول إنها «تغطية مفاجئة إيجابيا»، استطاعت أن تتخطى الحدود والجغرافيا وحواجز العسكر وتساهم في انتقال الثورات من بلد إلى آخر، كما أنها أعادتنا بالذاكرة إلى دور الإعلام العالمي في التغير الجذري الذي حصل في أميركا الشرقية والاتحاد السوفياتي.

* إلى أي حد تلعب التقنيات الحديثة الموجودة في الـ«إم تي في» في تحقيق الأهداف التي تسعون إليها في هذا الإطار، وماذا ينقص برأيك نشرة الأخبار كي تصلوا من خلالها إلى المستوى الذي تطمحون إليه؟

- مما لا شك فيه أن التقنيات الموجودة في القناة تساعدنا كثيرا في هذا المجال وهذا ما تعكسه صورة المحطة المتميزة عن غيرها، لكن في الوقت عينه نبذل جهودا أكبر على صعيد العمل لتغطية النقص الحاصل في الناحية المادية التي تتمتع بها المحطات الإخبارية كي نصل إلى «الكمال الإعلامي» الذي نطمح إليه. ومن هنا أقول إن العمل الإعلامي يحتاج إلى تراكم في الخبرات والجهود وهذا هو المسار الصحيح الذي نسير فيه، وخير دليل على ذلك احتلالنا اليوم موقعا متقدما على صعيد العمل الإعلامي، وبكل موضوعية نسعى إلى أن نكون الأوائل من النواحي كافة بعدما حققنا ومنذ 2009 خرقا مهما في العالم العربي، وأصبحنا المحطة اللبنانية الأولى بامتياز بالنسبة إلى المغتربين اللبنانيين في كل أنحاء العالم.

* من الملاحظ أن فريق أخبار «إم تي في» ومنذ إعادة إطلاق المحطة إلى اليوم يرتكز في معظمه على إعلاميين شباب عدد كبير منهم كان في محطة «LBCI»، وقد قدمتم إليهم فرصة مهنية لم تكن معطاة لهم، أين كان دورك في هذا الاختيار؟

- مما لا شك فيه أن عملي في «LBCI» كان له دور في اختيار الإعلاميين في قسم الأخبار الذين أعرفهم جيدا وأعرف قدراتهم، الأمر الذي سهل علينا مهمة الاختيار التي توليتها مع رئيس قسم الأخبار والبرامج السياسية في المحطة غياث يزبك.

* لاحظنا في الفترة الأخيرة أنه تم تغيير أو تحديث نشرة أخبار الظهيرة بما يتشابه مع نشرات أخبار المحطات الإخبارية، فما هو الهدف من هذه التجربة؟

- هي تجربة جديدة في الإعلام اللبناني الهدف منها تقديم فترة إخبارية متكاملة لمدة ساعتين من الوقت تحت عنوان «بيروت اليوم» نلقي الضوء خلالها على كل التطورات الحاصلة خلال الـ24 ساعة الأخيرة. وهي تضم نشرة أخبار واتصالات هاتفية مع شخصيات لها علاقة بأهم الأحداث اليومية إضافة إلى استضافة محلل سياسي يبدي رأيه في أبرز المستجدات. أما الفقرة الثانية من «بيروت اليوم» ومدتها ساعة من الوقت، فهي عبارة عن «توك شو» سياسي نستضيف خلاله شخصية سياسية للاطلاع على رأيها في الوضع القائم.