الإعلام الجديد

المراقب الصحافي

TT

لا ترقى مواقع التواصل الاجتماعي أو ما يسمى بالإعلام «الجديد» إلى مرتبة الإعلام التقليدي، لكن لا يختلف اثنان على أن الأول صار ينقل أحداثا وأخبارا وتصريحات رسمية يستحق بعضها أن يشار إليه في الصحافة اليومية. فقد أضحت مؤسسات إعلامية كبرى، مثل «بي بي سي» وقناة «سي إن إن» الإخبارية، تنقل في مقدمة الخبر أن فلانا (مشهورا أو سياسيا) نفى في صفحته الرسمية على موقع «تويتر» أنباء ترددت عن كذا وكذا، فصار «تويتر» و«فيس بوك» وغيرهما من مواقع التواصل مصدرا من مصادر المعلومة، خصوصا الصفحات الرسمية للشخصيات العامة.

فوجود تكنولوجيا الهواتف الجوالة الذكية في جيوب ملايين الناس سهل عملية الدخول إلى مواقع التواصل، مما يحتم علينا كصحافيين ألا نتجاهل ما يجري فيها. فأضحى، على سبيل المثال، ما يحدث في «تويتر» مقياسا للمزاج العام في العالم. وأذكر أنني قرأت أن تقارير دورية صارت توضع على مكتب الرئيس الأميركي تقيس المزاج العام للناس من خلال رسائل الموقع. وقد أظهرت بالفعل دراسة حديثة أجريت على ملايين الرسائل المتبادلة أن الناس يكونون أكثر تفاؤلا وإيجابية في الصباح، ثم سرعان ما تتحول رسائلهم إلى طابع سلبي في ساعات متأخرة من الليل.

ولمحت تقارير إعلامية أخرى إلى أهمية «تويتر» حينما ذكرت أن أحد الأشخاص أرسل لمتابعيه رسائل قدمت «وصفا تفصيليا للهجوم (الأميركي) على منزل أسامة بن لادن، لحظة بلحظة»، الأمر الذي دفع الإدارة الأميركية إلى سرعة الإعلان عن حادثة مقتله، على حد قولها.

وليت القائمين على صفحات «الشرق الأوسط» المعنية، كملحق «الإعلام» مثلا، يبرزون ما يحدث في مواقع التواصل الاجتماعي على غرار المقابلة اللطيفة التي أجرتها الصحيفة مع الناطق بلسان الحكومة الإسرائيلية نتنياهو، الذي قال في المقابلة إنه تعلم العربية من الشتائم التي يسمعها في «تويتر»! كما يمكن أيضا وضع ركن خاص أو مادة يومية عن أحداث «تويتر» أو أبرز المقولات ونحو ذلك، ليشعر القارئ بأن صحيفته موجودة في قلب الأحداث، حتى وإن كانت إلكترونية. ألا تستحق هذه الشخصيات العامة التي يتبعها ملايين الناس حول العالم أن نخصص لها صحافيا ليتابع يوميا ما يقوله هذا الفنان العالمي أو ذلك الأديب أو السياسي أو الكاتب أو الرياضي وغيرهم؟

صحيح أن «تويتر» ونظراءه من المواقع ربما تكون حالة مؤقتة تموت ويحيا غيرها، وفيها ممارسات شائنة، لكننا كمؤسسة صحافية يجب أن ننتقي منها ما يفيد القارئ، فقد تعلمنا في الصحافة أن نتتبع الحدث أينما كان لنضعه بين يدي القارئ، وهذه هي الصحافة الحقيقية.

* هذه الزاوية الأسبوعية هي الأولى من نوعها في صحيفة عربية، وهي مساحة نقدية لا تخضع للرقابة المسبقة، يكتبها صحافي محترف ليسلط فيها الضوء على نقاط ضعف الصحيفة ونقاط قوتها، الهدف منها ترسيخ المفاهيم المهنية للصحافة.

[email protected]