مرشحو الانتخابات الفرنسية يراهنون على الإنترنت بميزانيات مهمة واستراتيجيات محكمة

الحزب الحاكم يخصص مليوني يورو للدعاية على الشبكة بزيادة 600 ألف على حملة 2007

استراتيجية الاتصال الجديدة دعمت بعدة مواقع للتواصل الاجتماعي مخصصة للرئيس ساركوزي (إ.ب.أ)
TT

حضور مكثف وإيجابي للمرشحين في الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) قد يكون الحاسم في اختيار الناخبين.. هذه الحقيقية لم يعد مشكوكا فيها بين أوساط الساسة الفرنسيين. فقبل أيام معدودة من انطلاق الحملة الانتخابية، كثف المتسابقون على الفوز بمنصب رئيس البلاد من استعداداتهم.

الحزب الحاكم يبدو الأكثر حماسا لهذه الجولة الانتخابية الجديدة وأولى خطواته كانت تخصيص ميزانية مهمة تصل إلى مليوني يورو للدعاية على الشبكة، أي بزيادة نحو 600 ألف يورو على ما كلفته العملية نفسها إبان الحملة الانتخابية الأولى عام 2007 (1.4 مليون يورو).

الرئيس ساركوزي أحاط نفسه بطاقم من الخبراء لمساعدته في ضبط استراتيجية اتصال خاصة بمستعملي الشبكة. بدأ بمستشار للرقميات مهمته تنظيم والإشراف على الحملة الانتخابية ويدعى نيكولا بنسون (29 عاما) خريج المعهد العالي للتجارة المعروف (إتش أو سي)، وهو نفسه الذي رافق الرئيس بنجاح خلال حملته الانتخابية الأولى ورتب له لقاءات مع عمالقة الإنترنت كمارك زوكاربرغ وبيل غيتس وأخيرا لقاء في المقر الجديد لـ«غوغل» بباريس مع أهم أرباب شركات الإنترنت الفرنسية.

في محيط الرئيس عدة وزراء مهتمين بمواقع التواصل الاجتماعي كالوزيرة نتالي كوسيسكو موريزي، ووزير الصناعات الرقمية إيريك بيسون، المعروفين بنشاطهما في «تويتر»، لكن أيضا ولدي الرئيس، بيير وجون، أسهما في تغيير نظرته لتقنيات الاتصال الحديثة.

جزء من الميزانية المخصصة للحملة الانتخابية على الإنترنت سيغطي تكلفة الموقع الجديد للحزب الحاكم أو «إم بي أورغ»، الذي أسندت مهمة تصميمه لشركة «أوماكينا» برئاسة مانويل دياز، 32 سنة، مهندس شاب دخل مجال الاتصالات الرقمية وهو لم يتعدَّ التاسعة عشرة وكون مع شقيقه كارلوس دياز شركة «بلو كيوي» قبل أن يستقل بشركته الخاصة (أوماكينا) التي تضم ضمن قائمة زبائنها عدة شركات معروفة كـ«باناسونيك»، «كوكاكولا»، «شويبس»، و«دانون» و«مايكروسوفت».

الموقع الجديد الذي ظهر منذ أسابيع قليلة صُمم بطريقة تسمح بإرسال روابط على موقعي التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و«تويتر» بسهولة، كما أنه مجهز بتطبيقات خاصة تسمح بتحميل ومشاهدة تسجيلات فيديو، وكذا تطبيقات أخرى لفتح مدونات شخصية على «وورد برس» و«بلوغر».

استراتيجية الاتصال الجديدة دعمت بعدة مواقع للتواصل الاجتماعي مخصصة للرئيس ساركوزي، لحزبه ولفيدرالية الشباب المنتمي للتيار اليميني.

الشباب الذي يعمل عليه الحزب لتوسيع قاعدته الانتخابية في إطار عملية دعائية كبيرة على الشبكة ينتظر منها الوصول إلى 500 ألف عضو جديد مطلع عام 2012. طواقم اتصال الرئيس ساركوزي وضعت تحت تصرف الشباب المتطوع وسائل مختلفة كمنشورات دعائية جاهزة للطبع والتحميل، «إيميلات» وهواتف آلاف الناخبين للاتصال بهم شخصيا، تماما كما فعل الرئيس الأميركي باراك أوباما في حملته الانتخابية الأخيرة؛ حيث جند أكثر من مليون شاب للاتصال بالناخبين وحثهم على الانتخاب.

الطاقم المشرف على الحملة الانتخابية للرئيس ساركوزي كشف أيضا عن أنه بدأ منذ مدة في شراء سلسلة كلمات مفاتيح البحث على «غوغل» بميزانية شهرية تصل إلى 10 آلاف يورو، حتى يوجه أبحاث مستعملي الشبكة مباشرة إلى مواقع الحزب.

ويضيف فريدريك لوفر، الناطق الرسمي للحزب: لقد لاحظنا، خلال الحملة الانتخابية السابقة، غياب الشباب، الذين استعملوا بكثرة «غوغل» كمحرك بحث؛ لهذا فنحن نحاول تكثيف وجودنا بكل الوسائل لاستقطابهم، سواء بشراء كلمات مفاتيح البحث أو الإعلان على «فيس بوك»، والوجود في مواقع التواصل الاجتماعي.

المعركة مفتوحة الآن، والغلبة ستكون حتما لمن يفرض وجوده أكثر على الشبكة. الاهتمام الذي يوليه محيط الرئيس ساركوزي بنقل المعركة الانتخابية على الشبكة ليس بجديد؛ فقد كان خلال الحملة الانتخابية السابقة أكثر المرشحين نشاطا في هذا المجال؛ فهو أول مرشح يقبل بإجراء مقابلة مع مدون، وكان موقعه الغني بالمضامين مجهزا بعدة تطبيقات، حتى إنه نجح في استقطاب أكثر من مليون زائر.

لكن حزب الرئيس ساركوزي ليس المراهن الوحيد على الشبكة؛ فالحزب الاشتراكي المعارض هو الآخر بصدد تحضير خطة محكمة لتكثيف وجوده على شبكة الإنترنت. ابتداء من الميزانية التي تقترب من ميزانية الحزب الحاكم.

فانسون فلتاس، المسؤول عن الحملة الانتخابية على الويب للمرشح فرانسوا هولند، كشف لميكروفون «إذاعة أوروبا 1» عن أن الحزب الاشتراكي سيخصص للإنترنت ميزانية تتراوح بين 1.7 ومليوني يورو، وهو ما يمثل 7 إلى 10% من الفاتورة الإجمالية لتكاليف الحزب الاشتراكي في هذه الانتخابات الرئاسية.

وأضاف أنها ستغطي تكاليف موقع المرشح الذي ينطلق بداية شهر يناير (كانون الثاني)، لكن أيضا لدفع رواتب الفرقة التي تعمل عليه بانتظام. وكخصمه نيكولا ساركوزي فقد أحاط فرانسوا هولند نفسه بفرقة من المهتمين بمجال التقنيات الرقمية للإشراف على حملته الانتخابية وهي تضم النائب فانسون فلتاس، 43 سنة، خريج المعهد العالي للتجارة (إتش أو سي) الذي أسهم بنجاح في وصول هذا الأخير إلى منصب مرشح الاشتراكيين بميزانية لا تتعدى 200 ألف يورو، إضافة إلى فلور بلوران، 37 سنة، وهي مستشارة لدى ديوان المحاسبة.

الأحزاب الأخرى الموجودة في المشهد السياسي الفرنسي أعلنت، هي الأخرى، استعدادها دخول معترك الحملة الانتخابية الرقمية، فريدريك نيو، المشرف على حملة الخضر على الويب، أعلن أن الحزب الفتي على استعداد لتخصيص ميزانية تصل إلى 200 ألف يورو وربما أكثر في حالة ما إذا تخطى نسبة 5% في الجولة الأولى من الانتخابات، وهي النسبة التي تسمح بتعويض الأحزاب عن تكاليف الحملة الانتخابية.

كما أضاف أن الخضر لن يلجأوا للوسائل المكلفة كتسجيلات الفيديو مثلا، وأنهم سيكتفون بموقع واحد يضم كل النقاشات التي تهم الحملة الانتخابية، كما أن مسؤولي الحملة الانتخابية لمرشحة اليسار المتطرف ماري لوبان أعلنوا هم أيضا أن إمكانات الحزب المحدودة لن تسمح بتخصيص أكثر من 15 ألف يورو للويب، وأن غالبية العمليات ستتم بمعية متطوعين ومناضلين من الحزب.

الوضع نفسه بالنسبة للحزب الشيوعي الذي بدأ حملته على الشبكة منذ مدة، وعلى الرغم من الميزانية المحدودة (مائة ألف يورو) فإن موقع الحزب الشيوعي المسمى «بلاس أوبوبل» أو «أفسحوا المكان للشعب»، مزود بتطبيق متميز على الهواتف النقالة وحتى بتسجيل فيديو معروض على شكل مسلسل صغير حول تنقلات مرشح الحزب جون لوك ميلونشون.