في عصر الإنترنت: كتب وأرفف أم مكتبة إلكترونية؟

بعد انخفاض مبيعاتها خلال السنوات الخمس الماضية

TT

في عصر الإنترنت، تواجه دور الطباعة والنشر سؤالا يواجهه أغلبية الذين يبنون أرففا، ويخصصون غرف مكتبة، ويحتفظون بكتب يرونها «نادرة»، وبعضها موروث من الآباء والأجداد: مكتبة بأرفف، أو مكتبة في الفضاء الإسفيري؟

في الأسبوع الماضي، أعلنت دار نشر «هوتون هاركورت» الأميركية التي ظلت تنشر، لمائة سنة تقريبا، قاموس «أميركان هيرتدج»، أكبر القواميس الأميركية، أن مبيعاتها انخفضت كثيرا خلال الخمس سنوات الماضية، وذلك لأن كثيرا من الذين كانوا يشترون القاموس صاروا يعتمدون على قواميس الإنترنت.

وقالت دار النشر إنها قررت كسب هؤلاء وأولئك بتوزيع القاموس المكتوب، وبتوفير قاموس في الإنترنت.

وتواجه أسئلة منها: كم شخصا يريد شراء قاموس بستين دولارا يتكون من ألفي صفحة؟ وتندر مسؤول في الشركة مع صحافي في صحيفة «نيويورك تايمز» كتب عن هذا الموضوع: هل صار بيع قاموس مكتوب مثل بيع جريدة مكتوبة؟ هذه إشارة إلى أن الصحف المكتوبة، بداية بصحيفة «نيويورك تايمز»، تواجه نفس المشكلة.

وقال المسؤول إن الشركة بدأت بيع القاموس الإلكتروني مقابل أربعة وعشرين دولارا للقاموسين: المكتوب والإلكتروني.

غير أن القاموس الإلكتروني أكثر من ذلك. فيه صفحات عن تاريخ اللغة الإنجليزية، وعن تاريخ ملايين الكلمات الإنجليزية، وعن تعليم اللغة، وعن «ألعاب لغوية» تشمل اختراع كلمات والمنافسة في كتابة كلمات وعبارات وجمل.

وهناك رابط مع موقع «تويتر» لجذب تعليقات سريعة، ولدراسة لغة «تويتر»، وذلك لأنها لا تسمح لأكثر من 140 كلمة في كل رسالة، مما جعل الكتاب يضطرون لاختصار جمل، وعبارات، وكلمات. وهناك مسابقات وسط كتاب «تويتر» جوائزها، طبعا، قاموس مكتوب.

وقال بروس نيكولز، نائب رئيس دار نشر«هاوتون هاركورت» في نيويورك: «وجدت شريحة قديمة في سوق القواميس تتكون من الذين يريدون قواميس مكتوبة. وهناك شريحة شابة تريد القواميس الرقمية. لكن الشريحة الأكثر احتمالا هي التي تريد الاثنين».

وأضاف: «هدفنا الرئيسي هو توفير نسخ مطبوعة في المنزل للأطفال. نحن نراهن على التعطش للمعرفة. ونستهدف الناس للوصول إليهم بكل وسيلة ممكنة».

وقال جيم جارافينتي، مدير في شركة «ميكانيكا» التي تجري أبحاثا في هذا المجال: «ليس كل كتاب مثل هذا القاموس. القاموس تراث أميركي. إنه نوع مختلف من الكتب. إنه مثل شيء ثمين. وأيضا، مثل شيء يدعو إلى الفخر، فضلا عن فوائده الفعلية».

وأضاف: «الناس يذهبون إلى مكان المعلومات. لا أعتقد أن الشخص يقول لنفسه: أنا سأستعمل قاموسي. أو سأذهب إلى قاموس. إنهم يضعون أهمية خاصة للكتاب أو القاموس». وأشار إلى تجربته الأخيرة عندما اشترى السيرة الذاتية لستيفن جوبز، مؤسس شركة «أبل»، ومخترع «آي فون» و«آي بود» و«آي باد»، الذي كتبه الصحافي والتر إيزاسون. وقال: «أبدا، لم أقض وقتا كثيرا بين اختيار كتاب مطبوع، والذهاب إلى موقع الكتاب في الإنترنت».

ولا بد من الربط بين المشاكل التي يواجهها القاموس، وظهور لغة جديدة، يمكن أن تسمى «لغة الإنترنت». وخلال السنوات القليلة الماضية، صارت هذه اللغة تدرس في المدارس، كجزء من دراسة اللغة الإنجليزية. خاصة لأن لغة الإنترنت شخصية وخاصة وودية، بالمقارنة مع لغة المناظرات والنظريات والمناقشات، والأكاديميات.

وقالت إيسثار وجيسكي، أستاذة الإعلام في مدرسة بالو إلتو الثانوية في بالو إلتو (ولاية كليفورنيا): «أعرف جيدا أن الطلاب، عندما نطلب منهم الكتابة عن قضايا مهمة، لا يتحمسون جدا للكتابة. لكن، عندما نطلب منهم كتابة أي شيء يفضلونه، يتحمسون. في الحقيقة، ثبت أن الطلاب يلجأون إلى الغش والسرقة الأدبية عند كتابة مواضيع المقررات المدرسية الجادة».

وأشارت إلى «مقال الخمس فقرات» الجاد، الذي يكاد يكرهه كل طالب ثانوي. لأنه جاد، ولأن الطالب ربما لن يستفيد منه أبدا في المستقبل. وقالت إنه ليس غريبا ازدهار سوق «مقال الخمس فقرات» في الإنترنت، حيث صار الطلاب يستفيدون منه، أو ينقلونه حرفيا.

لكن في الجانب الآخر، لاحظت وجيسكي أن الطلاب يتحمسون للمقررات الصحافية، لا التي تتحدث عن تاريخ الصحافة الأميركية، ولكن التي تطلب من الطلاب كتابة شيء جديد، ومفيد، ومثير، ومختصر.

ولهذا، خلصت وجيسكي إلى أهمية نشر الكتابة الصحافية الإلكترونية.

لماذا؟

أولا: تنطوي على اهتمام شخصي بالموضوع، بالمقارنة مع كتابة بيانات أو كتابة تقارير.

ثانيا: تنطوي على ملكية الطالب لما يكتب.

ثالثا: تتيح فرصة للتعاون الحقيقي بين الطلاب.

وأخيرا، ربما تريد شركة نشر قاموس «أميركان هيرتدج» إضافة كلمات جديدة ظهرت في صفحات «تويتر» و«فيس بوك» وغيرهما. تفعل ذلك، مثلما يفعل قاموس «أكسفورد»، مرة كل سنة، بإضافة كلمات جديدة ترددها الصحف والمجلات الرئيسية. لكن، ربما جاء وقت إضافة كلمات من «تويتر» و«فيس بوك».