نزاع حول ملكية حساب على موقع «تويتر» يصل إلى ساحة القضاء

بعد مطالبة مشغل الحساب بـ15% من العائدات الإعلانية للموقع

نوح كرافيتز يمارس تغريده عبر تويتر من منزله في أوكلاند بكاليفورنيا («نيويورك تايمز»)
TT

كم ثمن تغريدة التي يتم نشرها على موقع «تويتر»؟ وكم يتكلف الشخص الذي يقوم بمتابعة تلك التغريدة على هذا الموقع؟

من ناحية اقتصادية بحتة، تبدو قيمة التحديثات الفردية على موقع «تويتر» ضئيلة للغاية؛ فرغم كل شيء لا تعدو تغريدة «تويتر» سوى قدر ضئيل من البيانات التي يتم تبادلها عبر الإنترنت؟ لكن في عالم قد يشبه فيه تأثير مواقع التواصل الاجتماعي الفارق بين بيع مربح ومجرد إعلان لا جدوى منه، أصبحت حسابات مواقع التواصل الاجتماعي في الشركات ذات أهمية بالغة.

لكن السؤال هو: هل يمكن لشركة أن تحصل على أموال من هذه الحسابات، وأن تدعي ملكية حساب أحد موظفيها على مواقع التواصل الاجتماعي، وإذا كان الحال كذلك، ماذا يعني هذا بالنسبة للموظفين الذين يقومون بنشر تغريداتهم على «تويتر» والـ«فيس بوك» و«غوغل بلس» خلال ساعات العمل؟

ربما تقدم الدعوى القضائية التي تم رفعها في شهر يوليو (تموز) بعض الإجابات على هذه الأسئلة.

في شهر أكتوبر (تشرين الأول) عام 2010، استقال نوح كرافيتز، وهو كاتب يعيش في أوكلاند بكاليفورنيا، من عمله في موقع الهاتف الجوال الشهير الذي يدعى «Phonedog.com»، بعد ما يقرب من 4 أعوام من العمل هناك. وينقسم هذا الموقع إلى جزأين، أحدهما عبارة عن قسم تجاري يقوم ببيع الهواتف والآخر عبارة عن مدونة.

وخلال عمله بالشركة بدأ كرافيتز، 38 عاما، في الكتابة على موقع «تويتر» تحت اسم Phonedog_Noah، ليتمكن من حشد 17000 شخص يتابعون رسائله. وعندما غادر، أخبرته «فوندوغ» أنه يستطيع أن يبقي على حسابه على موقع «تويتر» في مقابل أن يقوم بالنشر من وقت لآخر، وذلك حسبما ذكر كرافيتز.

وذكر كرافيتز، خلال حوار معه على الهاتف، أن الشركة طلبت منه أن يقوم بنشر رسائل عبر موقع «تويتر» نيابة عنهم، وقد وافق على هذا الأمر، حيث كان قد غادر الشركة بصورة ودية.

وبهذه الطريقة بدأ في الكتابة كـ«NoahKravitz»، وقد أبقى على جميع من يتابعه في هذا الحساب الجديد. لكن بعد 8 أشهر من ترك كرافيتز للشركة، قامت «فوندوغ» بمقاضاته، مدعيه أن قائمة «تويتر» الخاصة به عبارة عن قائمة بعملاء الشركة، وطلبت تعويضا قدرة 2.50 دولار شهريا لكل شخص وذلك طوال الأشهر الثمانية، أي مبلغ إجمالي قدره 340000 دولار.

وقد رفض القسم الإعلامي لـ«فوندوغ» التعليق وأصدر بيانا قال فيه: «إن التكاليف والموارد التي استثمرتها (فوندوغ) باستثمارها لزيادة عدد متابعيها ومحبيها وزيادة الوعي العام بالشركة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي أمر جوهري وملك لـ(فوندوغ ميديا إل إل سي). إننا نهدف إلى حماية قوائم عملائنا والمعلومات السرية والملكية الفكرية والعلامة التجارية والماركات».

وذكر كرافيتز أن الدعوى القضائية التي تنظرها إحدى محاكم كاليفورنيا جاءت انتقاما منه لمطالبته بـ15% من العائدات الإعلانية للموقع نظرا لكونه شريكا ثابتا في الموقع بالإضافة إلى عمله كمراجع لمقاطع الفيديو ومدون للموقع.

رغم ذلك، قد يكون لهذه الدعوى القضائية تداعيات أخرى تفوق تأثيرها على كل من كرافيتز والشركة.

يقول هنري جيه سيتون، محام من نيويورك متخصص في قضايا نزاعات الملكية الفكرية: «سينظر إلى هذه القضية باعتبارها سابقة في عالم الإنترنت، حيث إنها تتعلق بملكية حسابات مواقع التواصل الاجتماعي. لقد كنا ننتظر بالفعل حدوث مثل هذا الأمر، فهناك الكثير من عملائنا الذين يشعرون بالقلق إزاء ملكية حسابات مواقع التواصل الاجتماعي التي ترتبط بعلامتهم التجارية».

وأضاف سيتون أن ما يشكل أهمية خاصة هو القيمة التي تحددها المحكمة بالنسبة للشخص الذي يقوم بمتابعة «تويتر» فيما يتعلق بشركة إعلامية، وذكر أن السعر المحدد قد يؤثر على القضايا المستقبلية التي تتعلق بملكية حسابات مواقع التواصل الاجتماعي.

يقول: «إن الأمر برمته يعتمد على سبب إنشاء هذا الحساب». «إذا كان قد تم إنشاؤه للتواصل مع عملاء (فوندوغ) أو جمع عملاء جدد أو من أجل طموحات مستقبلية للشركة، إذن فإن هذا الحساب تم إنشاؤه نيابة عن (فوندوغ)، وليس كرافيتز. وهناك صعوبة أخرى تتمثل في أن (فوندوغ) تزعم أن كرافيتز لم يكن سوى متعاقد في قضايا الشراكة المشار إليها، مما أضعف قضية الأسرار التجارية الخاصة بهم، ما لم يستطيعوا أن يوضحوا أنه تم التعاقد معه للقيام بإرسال البيانات إلى العملاء».

ومن المحتمل أن تتزايد مثل هذه المواقف بينما تستمر مواقع التواصل الاجتماعي مثل «تويتر» و«غوغل بلس» والـ«فيس بوك» في كونها وسيلة لممثلي الشركات وموظفي خدمة العملاء للتفاعل مع الجمهور والعملاء الغاضبين. فعلى سبيل المثال، غالبا ما تجيب شركة «جيت بلو» على استفسارات عملائها من خلال موقع «تويتر»، رغم أن سياستها الرسمية تشير إلى أنه من غير المحتمل الإجابة على «الشكاوى الرسمية» من خلال موقع «تويتر».

وقد تنشأ قضايا أخرى عندما تقوم الشركات باستئجار موظفين يحظون بشعبية على موقع «تويتر» لهذا السبب (أي تمتعهم بشعبية كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي). على سبيل المثال، قامت شركة «سامسونغ إلكترونيك» باستئجار مدون بليغ يدعى فيليب بيرن للكتابة إلى هواتف الشركة داخليا.

ويستخدم بيرن حسابه الشخصي على موقع «تويتر» لكنه غالبا ما ينشر آراءه عن منتجات «سامسونغ» بالإضافة إلى آرائه بخصوص الهواتف التي قام باختبارها. وذكر بيرن أنه قام بإزالة حسابه على موقع «تويتر» واستبدله بحساب قسم العلاقات العامة الخاص بشركة «سامسونغ»، وأنه يمتلك هذا الحساب.

وأضاف: «كان موقفهم هو أنه يحق لي التعبير عن رأيي، لكنني لست ممثلا لشركة (سامسونغ)، ويجب أن أوضح أن أي آراء أقوم بنشرها هي آرائي الخاصة وليست آراء الشركة التي أعمل لديها»، بوجه عام، قام خبراء مواقع التواصل الاجتماعي بنصح الشركات بأن تتعامل بحذر عندما يتعلق الأمر بملكية حساب.

يقول سريسرينيفاسان، أستاذ بكلية الصحافة بجامعة كولومبيا ومؤلف كتاب «دليل سري لمواقع التواصل الاجتماعي»: يجب أن تقوم الشركات الذكية بترك مواقع التواصل الاجتماعي تزدهر حيث يمكنها الازدهار.

ويقول، مشيرا إلى الشركات الإعلامية التي قد تقوم بالتعاقد مع أشخاص يحظون بشعبية على موقع «تويتر»: «من المروع أن نطلب من أحدهم أن يترك الأشخاص الذين يقومون بمتابعته على موقع (تويتر)، لأن هذا يبعث إشارة بالغة السوء إلى المراسلين والصحافيين الذين يهتمون بهذا الأمر، وهذا يجعل الأمر أقل جاذبية عندما يتم توظيف مجموعة أخرى من هؤلاء الأشخاص».

وذكر أن هناك الكثير من القطاعات التي تنتهج سياسات تفرض على فريق المبيعات عدم استخدام معلومات خارج قسم المبيعات، لكن هذه السياسات لم تعد ذات جدوى اليوم لأن حسابات مواقع التواصل الاجتماعي هي حسابات شخصية بحسب تعريفها.

وذكر أيضا أن الحساب العادي على موقع «تويتر» أقل نفوذا مما قد يعتقد البعض.

وأضاف: «من الصعب تحديد قيمة المستخدمين، ومن الخطورة المبالغة في تقدير قيمة حساب يتبع مؤسسة ما والتقليل من قيمة ما قد يعنيه هذا الحساب بالنسبة للفرد».

وذكر كرافيتز أنه شعر بالحيرة. وأضاف: «إنهم يطلبون ما يزيد عن ربع مليون دولار».

* خدمة «نيويورك تايمز»