وزيرة الإعلام الباكستانية تسحب استقالتها

تعرضت لانتقادات بسبب فشلها في الدفاع عن الحكومة ضد اتهام الرئيس بأنه «غير وطني»

فردوس عاشق أعوان ترد على أسئلة الصحافيين عن استقالتها ثم التراجع عنها («الشرق الأوسط»)
TT

سحبت وزيرة الإعلام الباكستانية، فردوس عاشق أعوان، استقالتها أول من أمس، بعد 24 ساعة فقط من تقديمها خلال اجتماع للحكومة نقله التلفزيون على الهواء مباشرة على القنوات الإخبارية الخاصة، وظهرت أعوان وهي تبكي وتطلب من رئيس الوزراء قبول استقالتها.

وقالت أعوان في اجتماع حكومي نقله التلفزيون الباكستاني: «أعتقد أنني لست كفؤة بما يكفي لأكون عضوا بالحكومة، ومن هنا أقدم استقالتي»، الأمر الذي دفع البعض للقول إنها قد تكون أجبرت على الاستقالة بسبب فشلها في الدفاع بشكل مقنع عن الحكومة في فضيحة «ميمو جيت»، كما يطلق عليها في باكستان، التي تتعلق بمذكرة منسوبة للسفير السابق لدى واشنطن، حسين حقاني، طلبت مساعدة واشنطن لمنع انقلاب عسكري مزعوم ضد زرداري وكبح سلطة العسكر غداة مقتل زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، في مايو (أيار) الماضي.

وفي وقت لاحق، صرحت أعوان لوسائل الإعلام بأنها تقدمت باستقالتها احتجاجا على تدخل وزراء بارزين في عمل وزارتها. وقد تم النظر إلى تلك الاستقالة على أنها انتكاسة لسمعة الحكومة التي تواجه بالفعل أزمة كبيرة بسبب اتهامها بالتآمر لإقالة رئيس المخابرات وقائد الجيش، في أعقاب الغارة التي شنتها القوات الأميركية في أبوت آباد، والتي أدت إلى مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.

وصرحت بعض المصادر الحكومية بأن وزيرة الإعلام قد تقدمت باستقالتها بعد تعرضها لانتقادات بسبب فشلها في الدفاع عن الحكومة في وسائل الإعلام ضد اتهام الرئيس بأنه «غير وطني».

وقالت أعوان للصحافيين بعد اجتماع الحكومة: «رئيس الوزراء مزق استقالتي وطلب مني مواصلة العمل».

وقد تصاعدت التوترات بين الحكومة المدنية وجيش البلاد بسبب مذكرة تزعم تدبير الجيش لمؤامرة لانتزاع السلطة، وذلك بالتعاون مع القيادة العسكرية الأميركية.

وقبل انضمامها إلى حكومة حزب الشعب الباكستاني، عملت أعوان أيضا في حكومة الرئيس السابق، برويز مشرف، وتعد من السياسيين الأقوياء، وقد تم اختيارها مباشرة للبرلمان لتمثل مدينة سيالكوت الحدودية مع الهند.

ويوم الاثنين الماضي، أبلغت حكومة حزب الشعب الباكستاني المحكمة العليا بأن المدير العام لجهاز الاستخبارات الباكستاني، أحمد شوجا باشا، قد تعدى اختصاصاته عندما أطلع رئيس أركان الجيش، أشفق برويز كياني، على التحقيقات بشأن فضيحة المذكرة التي صدرت من لندن، والتي تتهم الجيش بالتخطيط لمؤامرة للقيام بانقلاب عسكري في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وكان شوجا باشا، مدير وكالة الاستخبارات الباكستانية، قد اعترف أمام المحكمة بأنه التقى منصور إعجاز، كاتب المذكرة المثيرة للجدل، في لندن للتحقيق في تورط السفير الباكستاني في واشنطن في المؤامرة لإقالة قيادة الجيش.

وكان منصور إعجاز قد كشف قبل شهرين عن أنه أرسل مذكرة إلى القيادة العسكرية الأميركية بناء على تعليمات من السفير الباكستاني إلى واشنطن، حسين حقاني، قال فيها إن القيادة السياسية الباكستانية كانت على استعداد لإقالة قادة الجيش والاستخبارات في أعقاب الغارة على المنزل الذي كان يختبئ فيه أسامة بن لادن في أبوت آباد.

وتقول الحكومة الباكستانية الآن إن مدير وكالة الاستخبارات الباكستانية تصرف بشكل مستقل، خارج نطاق سلطاته القضائية، عندما قام بالتحقيق في المذكرة بنفسه.

وانتشرت الفضيحة على نطاق واسع، وسرت شائعات في الأسابيع الأخيرة بأن الجيش الذي حكم باكستان لنحو نصف تاريخها البالغ 64 عاما، سيطيح بزرداري الذي غادر البلاد للعلاج في دبي في وقت سابق من هذا الشهر، قبل أن يعود ثانية.

وخلال جلسة استماع المحكمة العليا المكلفة بالنظر في طلب التحقيق في فضيحة المذكرة، الذي قدمه قائد المعارضة، نواز الشريف، وأيده قائد الجيش، الجنرال أشفق كياني، ورئيس المخابرات العسكرية، أحمد شجاع، قال شودري: «كونوا مطمئنين إلى أنه ليس هناك أي انقلاب عسكري محدق بهذا البلد».

ويبدو أن الجيش ليس في حاجة للقيام بأي انقلاب، حيث تدنت شعبية حكومة الرئيس زرداري بشكل كبير وينخرها الفساد، هذا بالإضافة إلى أن فضيحة «ميمو جيت» تهدد بقوة الرئيس الباكستاني بعد أن اتهمه منصور إعجاز بأنه من أعد المذكرة، ولذا يتوقع، على نطاق واسع، أن يستغل الجيش تلك الفرصة لإجبار حليف واشنطن زرداري على تقديم استقالته.

وأوضحت الحكومة الفيدرالية في رد قدم إلى المحكمة العليا في صورة إقرار مشفوع بالقسم: «كان عليه أن يعلم الشخص الذي يفترض أن يسلم إليه التقرير»، وكانت المحكمة العليا التي يرأسها افتخار محمد شودري قد طلبت من الحكومة الفيدرالية في 19 ديسمبر (كانون الأول) «قبول أو رفض»، الإفادات التي أدلى بها كياني وباشا وآخرون ممن وردت أسماؤهم في المذكرة موضع القضية.

وقال الرد إن رئيس هيئة الأركان لم يعلم رئيس الوزراء، على الفور، بلقائه بمدير الاستخبارات الباكستانية في الرابع والعشرين من أكتوبر بشأن تفاصيل المذكرة، ولم يفصح لرئيس الوزراء عن تفاصيلها إلا في 13 نوفمبر (تشرين الثاني).

في الوقت ذاته اتخذ كياني وباشا موقفا مناقضا للموقف الحكومي، حيث أصر الجنرالات على أن الوثيقة أصلية وتحتاج إلى إجراء تحقيق شامل، في الوقت الذي وصفتها فيه الحكومة بالمؤامرة وحثت المحكمة على رفض الدعاوى.