استخدام بيانات «غوغل» للوصول إلى المستهلكين

53% من الأميركيين ممن تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 24 عاما يستخدمون الهواتف الذكية

TT

إن الفيروسات التي عادة ما يركز عليها باحثو «غوغل» هي تلك الفيروسات التي تهاجم أجهزة الكومبيوتر، ورغم ذلك فقد قاموا بدراسة الفيروسات التي تصيب البشر في السنوات الأخيرة. وقد ربط «غوغل» بين مليارات مواقع البحث المرتبطة بالإنفلونزا منذ عام 2003 وحتى عام 2008 ببيانات فعلية لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها خلال الفترة نفسها. بعد ذلك، ونظرا لأن عمليات البحث الإلكترونية تشير إلى الموقع، ابتكر «غوغل» صيغة لتقدير نشاط الإنفلونزا الإقليمية معتمدا على عمليات البحث، التي لا تتأخر حالات الإبلاغ فيها سوى يوم واحد فقط، وبهذا فقد تفوق على تقارير الإنفلونزا التي يصدرها مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، والتي تنشر بعد أسبوع أو اثنين من تفشي المرض.

وفي عام 2009 كتب باحثون من «غوغل» ومركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها مقالا يلخصون فيه نتائجهم، وقد نشر هذا المقال في مجلة «نيتشر»، وذكروا فيه أن نموذج التنبؤ الجديد، الذي يطلق عليه الآن اسم ««غوغل فلوتريندس»، والذي يمكن الوصول إليه بشكل تفاعلي عبر الإنترنت، قد يكون نعمة للصحة العامة. وذكروا أيضا أن «تقديرات حالات الإنفلونزا الحديثة قد تمكن مسؤولي الصحة العامة ومحترفي الصحة من الاستجابة بشكل أفضل للأمراض الموسمية».

ما لم يتوقعه الباحثون هو أن تتحول بيانات الإنفلونزا التي يقدمها «غوغل» إلى أن تكون حجر الزاوية في حملة دعائية.

وبالنسبة لـ«فيكس بيهيند إير ثيرموميتر»، وهو منتج جديد يحدد درجة الحرارة عندما يتم وضعه في منطقة ناعمة خلف الأذن، فقد أراد المسوقون أن يصلوا إلى الأمهات التي تعد المشتري الرئيسي لأجهزة قياس درجات الحرارة (الترمومترات).

وتقوم الحملة الجوالة التي تقوم بها «بلوتشيب ماركتينغ وورلدويد»، والتي تتخذ من شيكاغو مقرا لها، بوضع إعلانات لترمومترات هذه داخل التطبيقات الشائعة مثل تطبيق «باندورا»، الذي يقوم بجمع التفاصيل الرئيسية عن المستخدمين، بما في ذلك نوعهم وما إذا كانوا آباء أم لا، ويستطيع تحديد تركيبة سكانية معينة لتوجيه الإعلانات إليها.

رغم ذلك لن تتمكن جميع الأمهات من رؤية هذا الإعلان على هواتفهم الذكية، حيث سترسل الإعلانات فقط إلى الأجهزة التي، وبحسب «غوغل»، توجد في مناطق يكون مؤشر الإنفلونزا بها مرتفعا للغاية. وسوف تصل الإعلانات أيضا إلى الأمهات اللاتي يكُنّ على بعد ميلين من متاجر التجزئة التي توجد بها هذه الترمومترات، بما في ذلك متاجر «وول مارت» و«تارغيت آند بيبيز» و«أر» و«يوز».

ستحمل اللافتة الدعائية التي توجد داخل التطبيق: «معدلات الإنفلونزا مرتفعة في منطقتك، كن مستعدا مع (فيكس بيهيند إير ثيرموميتر)».

ومن خلال النقر على الإعلان، الذي يشير أيضا إلى أقرب متجر لبيع الترمومتر (يمكنك شراؤه من «ريتي أيد»، الذي يوجد على بعد ثلاثة أميال)، يتم فتح صفحة المنتج للمستخدمين حيث يوجد بها مقطع فيديو يذكر معلومات عن المنتج وقائمة تتضمن متاجر التجزئة المجاورة. ومن خلال النقر على المتجر تظهر الاتجاهات التي تشير إليه.

ويقوم الإعلان أيضا بتناول الحملة التي تم تقديمها بصورة محددة في بداية شهر ديسمبر (كانون الأول) لكنها ستصل إلى طاقتها القصوى عندما يصل موسم الإنفلونزا إلى ذروته في شهر يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط).

وقال ستانتون كاوير، المدير التنفيذي لـ«بلوتشيب»: «تتفهم تلك الحملة كيف تعيش الأمهات وكيف تذهب إلى التسوق وكيف تتلقى الرسائل في الوقت المناسب. إنها حملة موجهة على نحو رائع وبدرجة مدهشة للغاية».

قامت على تصنيع الترمومتر الجديد شركة «كاز»، التي قامت بتسويق تلك الأجهزة تحت اسم ماركتي «فيكس» و«براون»، اللتين تمتلكهما شركة «بروكتر آند غامبل» من خلال اتفاقيات تراخيص، التي قامت أيضا بصناعة أجهزة زيادة الرطوبة «فيكس».

تبدأ مبيعات الترمومترات خلال موسم الإنفلونزا، الذي يبدأ في شهر أكتوبر (تشرين الأول) ويصل إلى ذروته في شهر يناير وفبراير، ويتراجع في شهر مارس (آذار) وأبريل (نيسان)، وذلك بحسب لارا بيترسون، نائب رئيس التسويق بشكة «كاز»، وهي شركة تابعة لـ«هيلين أوف تروي ليميتيد».

ووفقا لنيلسين فإن 53 في المائة من الأميركيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 24 عاما، و64 في المائة من الذين تتراوح أعمارهم بين 25 إلى 34 عاما، يستخدمون الهواتف الذكية. وذكرت «غوغل» أن 79 في المائة من مالكي تلك الهواتف يستخدمونها في أغراض التسوق مثل مقارنة الأسعار وتحديد موقع متاجر التجزئة.

وتحذر منظمات من بينها الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال من استخدام الترمومتر الزئبقي (وقد ذكرت مخاطر كل من الزئبق والزجاج). من ناحية أخرى تتزايد مبيعات الترمومتر الرقمي، حيث ازدادت نحو 17 في المائة من 2005 وحتى 2010، وذلك وفقا لتقرير شركة «مينتل»، وهي شركة أبحاث تسويقية.

ولا تزال الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال توصي بقياس درجات حرارة المواليد تحت سن ثلاثة أشهر من خلال فتحة الشرج، وعدم قياسها عن طريق الفم حتى يصل عمر الأطفال إلى أربعة أعوام على الأقل. ويستطيع الجيل الجديد من الترمومترات الرقمية قياس درجات حرارة أجزاء من الجسم بما في ذلك تحت الإبط والجبهة وداخل الأذن.

وتعد ترمومترات «فيكس» الجديدة، التي تباع مقابل 40 إلى 50 دولارا في متاجر التجزئة، أول الترمومترات المصنعة خصيصا لقياس درجات الحرارة خلف الأذن، وذلك بحسب بيترسون من شركة «كاز».

وقالت بيترسون: «إنه يقيس الحمى بطريقة محدودة»، مضيفة أن قرب موقعه من الشريان السباتي الذي ينقل الدم إلى المخ يؤمن قراءات دقيقة.

ونظرا لأن الأطفال المصابين بالحمى يكونون ضيقي الخلق بشكل خاص، فإن سهولة الاستخدام تصيب وترا حساسا لدى الآباء. وقد أمرت شركة «كاز» مؤخرا بعمل دراسة يتم فيها استخدام الجهاز لقياس درجات حرارة الأطفال أثناء القيلولة في مركز الرعاية النهارية، وقد نام 95 في المائة من الأطفال أثناء قياس درجات الحرارة.

وعلاوة على الإعلانات المطبوعة والمنتشرة على صفحات الإنترنت، التي تقدمها أيضا «بلوتشيب»، سوف تظهر إعلانات تجارية للترمومتر في أكثر من 2600 عيادة لطب الأطفال لمدة شهرين، بدءا من 15 يناير، وذلك بموجب صفقة مع «كيد كير تي في»، الذي يقدم برامج معلوماتية في غرف الانتظار.

أما بالنسبة للحملة المتنقلة الموجهة إلى الأمهات في المناطق التي ترتفع بها معدلات الإنفلونزا، ذكر بريان موريسي، رئيس تحرير «ديجي داي»، وهو إعلان إلكتروني يغطي التسويق الإلكتروني ووسائل الإعلام، أن الشعور بتعقب المعلنين «عامل مخيف» لبعض المستهلكين.

على سبيل المثال، رفض الكثير من مستخدمي «فيس بوك» منتج «بيكون»، وهو برنامج يقوم بمشاركة المشتريات التي يقومون بها من خلال الإنترنت مع مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك عندما تم تقديمه عام 2007. يقول موريسي: «يأتي الخوف عندما يشعر المستهلكين بالمفاجأة». لكنه توقع أن يقبل المستهلكون على حملة الترمومترات هذه. وأضاف: «يبدوكما لو أنها تقوم بجذبهم إليها، لأنهم استخدموا البيانات بطريقة ذكية، وهذه وسيلة مفيدة ومهمة بالنسبة للدعاية».

* خدمة «نيويورك تايمز»