الأزمة المالية تطال الصحف اليونانية

إغلاق ثاني أكبر الصحف بعد وصول ديونها إلى 50 مليون يورو وإعلان إفلاسها

TT

بدأت اليونان تحصد آثار الأزمة المالية التي طالت قطاعات كثيرة في البلاد، بدأت بقطاع التشييد والبناء ثم القطاعات الحكومية بمؤسساتها وشركاتها المختلفة والوظائف العامة، وصولا إلى قطاع الإعلام والاتصالات، حيث شهد القطاع إضرابات متتالية في القنوات التلفزيونية العامة والخاصة وتوقفت عدد من الصحف خلال الأشهر الأخيرة نتيجة إضراب الصحافيين والعمال الذين لم يتقاضوا مرتباتهم وأجورهم منذ أغسطس (آب) الماضي، وأخيرا أعلنت صحيفة «الفيثروتيبيا» (الإعلام الحر) إفلاسها وأغلقت أبوابها.

ويأتي قرار إفلاس الصحيفة التي ظهرت في البلاد بعد سقوط الحكم العسكري الديكتاتوري في 21 يوليو (تموز) 1974، وسياستها العامة تتمثل في يسار الوسط، ليظهر مدى تأثير الأزمة المالية السلبي على الوضع في البلاد، وزيادة الديون المستحقة على الصحف المختلفة، إذ بلغت ديون الصحيفة المشار إليها 50 مليون يورو ولم تعد قادرة على سدادها.

ويعمل في الصحيفة نحو 850 صحافيا، وكانت توزع 30 ألف نسخة يوميا ترتفع إلى 85 ألف نسخة في عددها الأسبوعي أيام الأحد، وتقدمت ناشرة الصحيفة مانيا تيجوبولو وهي ابنة مؤسسها كيتسوس تيجوبولوس بطلب إعلان إفلاس لدى المحكمة المختصة في أثينا لتبدد بذلك آخر آمال العاملين في الجريدة في أن يحصلوا على منحة رأس السنة وأي متأخرات من أغسطس الماضي.

وبسبب الديون المالية المستحقة على الصحيفة، كانت قد تقدمت مانيا تيجوبولو إلى اتفاق مع أحد البنوك اليونانية في سبتمبر (أيلول) الماضي يقضي بتنازل الصحيفة عن مبنى يضم المكاتب إلى جانب وضع خطة لخفض طاقم الصحافيين البالغ 850 وخفض عمال الطباعة بنسبة 50%، وذلك في مقابل الحصول على قرض من البنك، ولكن البنك قام بسحب القرض وتراجع عن تمويل الصحيفة.

ووفقا للمصادر عن صاحبة الصحيفة، فإن رئيس الحكومة وقتها الاشتراكي جورج باباندريو كان وراء هذا الإجراء من قبل البنك، حيث لم تكن الصحيفة معارضة فقط لحزب الباسوك الاشتراكي ولكن انتقدت أيضا الحكومة الائتلافية الجديدة بقيادة لوكاس باباديموس كما لم تكن الصحيفة مسالمة مع نواب حزب الديمقراطية الجديدة، فضلا عن أنها لم تحاب حزب لاوس اليميني المتطرف.

ومنذ أن بدأ نشر «الفيثروتيبيا» وهي تمثل صوت المعارضة للحكومات المتعاقبة والتي كانت تنتمي لحزب الديمقراطية الجديدة، ومع وصول الباسوك للحكم في عام 1981، بدا أن الصحيفة اتخذت موقفا محابيا للحكومة ولكن انتقاداتها كانت قاسية أيضا في بعض الأحيان، وكانت السبب في مثول رئيس الوزراء الراحل أندريا باباندريو أمام محكمة خاصة لينتهي الأمر حينذاك بعزله.

ووفقا لأصداء الشارع اليوناني فإن صحيفة «الفيثروتيبيا» تعتبر ضحية للأزمة التي أثرت على كافة وسائل الاتصال في اليونان، ولكنها بلا شك أكثر الضحايا شهرة وهي قريبة إلى قلوب الكثيرين، لأنها كانت صوتا حرا وشجاعا وشيئا جوهريا من أجزاء المجتمع اليوناني، حيث كانت الوحيدة التي تشير إلى العلاقة بين وسائل الإعلام الأخرى والفساد الحكومي.

يذكر أن الكثير من وسائل الإعلام اليونانية تواجه خطر الإغلاق في الفترة الأخيرة، ولكن مغادرة «الفيثروتيبيا» الساحة الإعلامية مؤلم للغاية. وأمام تيجوبولو الآن خياران، إما أن يتم غلق الصحيفة للأبد، أو يتم رسم خطة إعادة هيكلة تلائم دائنيها وهنا عليها أن تنتظر ظهور مستثمر آخر مستعد لتمويل الصحيفة من جديد.