المراقب الصحفي: استراحة الأخيرة

TT

ما زالت الصفحة الأخيرة لصحيفة «الشرق الأوسط» مميزة. أكثر ما يعجبني فيها كمراقب صحافي وكقارئ عادي هو عنصر التنوع، وتحديدا القصص، المميزة أحيانا، التي توضع في إطار أسفل الصفحة. وهذه القصص أو التقارير الخاصة يطلق عليها اسم «الفيتشر».

وفي الأسبوع الماضي تناولت الصحيفة قصصا وأخبارا عدة كان من أبرزها: خبر بدء تدفق المياه من أفواه أسود «نافورة السباع» الشهيرة في قصر الحمراء البديع، التي بناها السلطان محمد الخامس في القرن الرابع عشر الميلادي، وكلف ترميمها الحكومة الحالية نحو مليوني يورو، وهي ما زالت الأكثر جذبا للسياح. أهمية الخبر تكمن في أنه يثير شيئا من شجون القارئ العربي، لأنه يذكره بتاريخه الأندلسي، وهو ما شعرت به أيضا عند قراءة خبر ثان عن السائحة السويسرية الشابة، التي ألقي القبض عليها قبل أيام عندما كانت تحاول حفر أثر تذكاري على أحد جدران قصر الحمراء نفسه. صحيح أنه كان خبرا عاديا، لكنه جعلني أفكر مليا كقارئ في واقع منطقتنا التي تزخر بأعجب عجائب الدنيا، لكننا لا نجد فيها هذا الاهتمام الصارم بتطبيق القانون بحذافيره.

وكانت هناك أيضا جملة من الأخبار المنوعة التي استحقت النشر في الصفحة الأخيرة بحكم تنوعها، منها استخدام جهاز تشويش في النمسا لمنع التلاميذ من الغش في الامتحانات، وخبر حث وزارة الصحة الهولندية 1400 امرأة على نزع حشوات أثدائهن الصناعية جراحيا لخطورتها. ولفتني كذلك خبر المسنات اللاتي أظهر استطلاع للرأي أنهن يخشين الاغتصاب في مواقف السيارات أكثر من الشابات، بينما الرجال يشغلهم هاجس السرقة، غير أن هذا الخبر لم يذكر فيه المصدر، أي هل هو من وكالة أنباء أم أنه تصريح خاص أم غير ذلك! وجاء أيضا خبر فيه مفارقة لطيفة وهو السماح بتدليك زعيمة المعارضة الأوكرانية في السجن. وأخيرا نشر خبر عما يبدو أنه تلفزيون العصر الحديث «الذي يعمل بالأوامر الصوتية»! الصفحة الأخيرة أفضل استراحة للقارئ، لذا لا بد أن تكون بعيدة كل البعد عن أخبار الجرائم المزعجة، أو الأخبار التقليدية، فهي يفضل أن تقتصر على المواضيع التي تستحق أن نختتم بها الصحيفة سواء كانت أخبارا اجتماعية أو علمية أو مبهجة تبث في نفوس القراء الفرح والسرور والتفاؤل.