لائحة اتهام فيدرالية أميركية تزعم أن موقعا إلكترونيا ينشر مواد مقرصنة

على خلفية رفعه أفلاما وبرامج تلفزيونية وكتبا إلكترونية بصورة غير قانونية

TT

أغلقت السلطات الفيدرالية الأميركية الخميس الماضي واحدا من أكثر المواقع شعبية على الإنترنت على خلفية الاتهامات بمشاركة أفلام وبرامج تلفزيونية وكتب إلكترونية بصورة غير قانونية، مما دفع قراصنة إلى الرد على هذه الخطوة بحجب العديد من المواقع الحكومية على الإنترنت مثل موقعي وزارة العدل ويونيفرسال ميوزيك.

يأتي إغلاق موقع «ميغاأبلود»، جزءا من لائحة اتهام حكومية تتهم الشركة بإدارة منظمة جنائية دولية تسمح للمستهلكين بسهولة مشاهدة أو مشاركة المحتوى المقرصن. وكانت عروض الموقع عبارة عن سوق افتراضية مما يحتويه الإنترنت بما في ذلك الأفلام الإباحية وألعاب الفيديو المنسوخة بصورة غير قانونية، بحسب المسؤولين الفيدراليين. وفي بعض الحالات كان بمقدور الأفراد مشاهدة الأفلام قبل طرحها في صالات العرض.

ويشير المحققون إلى أن مالكي موقع «ميغاأبلود» حققوا أرباحا تزيد على 175 مليون دولار من خلال رسوم الاشتراكات والإعلانات على الإنترنت في الوقت تعتدي فيه على المؤلفين ومنتجي الأفلام والموسيقيين وأصحاب حقوق النشر الآن والذين قدرت خسائرهم بنحو 500 مليون دولار.

وقالت وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي في بيانهما: «هذا العمل واحد من أكبر قضايا حقوق الملكية التي شهدتها الولايات المتحدة على الإطلاق».

ووجهت الاتهامات إلى سبعة من المديرين التنفيذيين للموقع بما في ذلك مؤسس الموقع. لكن سويز بيتز المسجل في عدد من المواقع على أنه المدير التنفيذي للشركة لم يوجه إليه أي اتهامات. ويعمل بيتز مؤلفا موسيقيا ومتزوج المغنية آليشيا كيز. وعلى الرغم من كون صناعات الموسيقى والسينما بين أكثر الصناعات تضررا من القرصنة، يحظى موقع ميغاأبلود بتأييد العديد من المشاهير بمن في ذلك كاني وست وكيم كارداشيان ومغنو الراب بي ديدي وويليام. وتشير التقديرات إلى أن احتلال موقع ميغاأبلود موقعا متميزا بين 13 موقعا هي الأكثر زيارة على الإنترنت، بحسب لائحة الاتهام. ويزعم الموقع أنه يشهد 50 مليون زيارة يومية. ويشير مسؤولو وزارة العدل إلى أن توقيت لائحة اتهامها لا علاقة لها بالجدل المثار هذا الأسبوع في الكونغرس بشأن التشريع الذي يهدف إلى منع القرصنة على الإنترنت.

بيد أن هذا التحرك الفيدرالي أغضب القراصنة، الذين صعدوا من المعركة بين واشنطن ووسطاء قوة الإنترنت سواء المشروعة وغير المشروعة.

وتقول شركات الإنترنت إن التشريع المقترح سيعطي قوة أكثر مما ينبغي لوكالات تنفيذ القانون لإغلاق مواقع الإنترنت واستشهد البعض بما قامت به وزارة العدل كأدلة على ذلك.

وكانت «ويكيبيديا» و«غوغل» وعدد من المواقع الرئيسة الأخرى قد أظهرت مدى تأثيرها عندما قامت بحجب مواقعها وحرضت المستخدمين على الاحتجاج على القوانين. هذه الجهود التي أقنعت بعض المشرعين لسحب دعمهم للإجراءات، تغلبت على جهود جماعات الضغط التقليدية التي تقوم بها هوليوود وشركات الإنتاج الإعلامية الأخرى. وبعد ساعات من إعلان المسؤولين الفيدراليين يوم الخميس قالت مجموعة من القراصنة المرتبطة بالموقع والمعروفة باسم «أنونيموس» إنها أغلقت موقع وزارة العدل وتستهدف النواب والوكالات في واشنطن إضافة إلى الشركات الإعلامية التي تدعم قانون مكافحة القرصنة.

وقد تعهدت «أنونيموس» عبر «تويتر» والمواقع الاجتماعية الأخرى باستهداف مواقع البيت الأبيض ومكتب التحقيقات الفيدرالي ومكتب حقوق النشر الأميركي واتحاد صناعة السينما وآخرين.

وتزعم لائحة الاتهام الفيدرالية أن «ميغاأبلود» كانت خاضعة لسيطرة منظمة عالمية، أطلق عليها المحققون لقب «ميغا كونسبيرسي». وتعرف الشركة رسميا باسم ميغاأبلود ليميتد ومؤسسها هو كيم دوتكوم، 37 عاما، والذي يمتلك الكثير من الأسماء المستعارة ويقيم في كل من هونغ كونغ ونيوزيلاند حيث جرى اعتقاله.

وقد وجهت اتهامات إلى ستة مديرين تنفيذيين آخرين يقيمون في ألمانيا وسلوفاكيا وهونغ كونغ واستونيا وتركيا وهولندا ونيوزيلاندا. ولا يزال ثلاثة من بين من شملتهم لائحة الاتهام مطلقي السراح.

لائحة الاتهام، التي تأتي نتاج عامين من التحقيقات، قدمتها هيئة المحلفين الكبرى في المقاطعة الشرقية لفيرجينيا. وتشمل الاتهامات انتهاكات حقوق الطبع الجنائية والابتزاز وتبييض الأموال.

وقد نفذ مسؤولو إنفاذ القانون أكثر من 20 أمر اعتقال في الولايات المتحدة وثمانية دول أخرى وصادرت أصولا بقيمة 50 مليون دولار. واستهدفوا المواقع التي تقوم بتشغيل موقع ميغاأبلود بما في ذلك شركتان محليتان - «كارباثيا هوستنغ» في آشبورن و«كوغينت» و«كوميونيكاشنز» في واشنطن - إضافة إلى هولندا وكندا. وقد أمرت المحكمة المركزية في الإسكندرية باعتقال 18 اسما مرتبطا بالمؤامرة المزعومة.

ويرفض إيرا روثكين، المحامي عن «ميغاأبلود» الاتهامات مشيرا إلى أن الشركة «ستدافع عن نفسها بقوة، في القضية الجنائية»، مضيفا «نحن نعتقد أننا سننجح». وقال إن الشركة التي مقرها هونغ كونغ كانت مندهشة من قرار الاتهام وإنها لم يتم الاتصال بها من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي للدفاع عن نفسها.

وقال روثكين: «كان هناك افتقار للإشعار ولم تتح الفرصة كي يسمعوا دفاع ميغاأبلود، ومن ثم فإن ذلك يثير مخاوف خطيرة من إمكانية إغلاق الحكومة سلسلة كاملة من مواقع ويب دون جلسة استماع في أي من الجانبين».

وقال السيناتور باتريك ليهي، النائب الديمقراطي عن ولاية فيرمونت، الذي قاد التشريع المؤيد لقانون منع القرصنة والذي يدعى قانون حماية الملكية الفكرية، والذي أثنى على قرارات وزارة العدل: «ما حدث اليوم من قبل وزارة العدل ضد قادة ميغاأبلود تظهر ما يمكن لمسؤولي إنفاذ القانون القيام به لحماية الملكية الفكرية التي سرقت عبر المواقع المحلية».

لكن معارضي قانون مكافحة القرصنة - قانون حماية الملكية الفكرية في مجلس الشيوخ وقانون وقف القرصنة على الإنترنت في المجلس - أبديا انزعاجا شديدا بشأن ما قامت به الوكالة.

ويرى ماركهام إريكسون، رئيس شركة «نت كوليشن»، المجموعة التي تمثل «غوغل» و«فيس بوك» و«إي باي» في الوقوف ضد التشريع، أن سيطرة مكتب التحقيقات الفيدرالي على مواقع ربما لا تكون قد منحت الشركات الإجراء المتوقع. وأشار إلى مخاوفه من أن يسهل القانون لوكالات إنفاذ القانون الحصول على إذن من المحاكم لإغلاق المواقع.

وتقول كاثي راي هانترز، من مؤسسة «فيوتشر ميوزيك كولشن» التي تمثل الفنانين وتناضل ضد القانون «إن لائحة الاتهام تثير تساؤلات حول ما إذا كان التشريع ضروريا، وما إذا كان بمقدور مسؤولي إنفاذ القانون المضي في السيطرة على المواقع».

أما بارنت براون، مدير مؤسسة بحثية على الإنترنت مقرها دالاس وتعمل مع «أنونيموس»، فقد أكد في محادثة هاتفية أن مجموعة القرصنة كانت تهدف إلى إسقاط مواقع إنترنت عبر قذفها بعدد لا نهائي من الزيارات للموقع.

وأشار براون، الصحافي السابق الذي يعمل على كتاب بشأن «أنونيموس» إلى أن الهاكرز يبتكرون هجوما جديدا ضد الأعضاء الديمقراطيين في الكونغرس الذين لا يزالون يؤيدون التشريع.

وقال: «نحن نحاول التوصل إلى قرار بشأن ما إذا كنا سنستهدف أحد أعضاء الكونغرس أم سنحذرهم في البداية، وسيكون من بين الوسائل الأخرى السعي خلف المتبرعين لحملاتهم الانتخابية».

وأضاف براون أن قراصنة «أنونيموس» ربما يربطون أسماء معينة لأعضاء في الكونغرس بدعم قانون وقف القرصنة على الإنترنت.

لكن براون قال: «لدينا وسائل لربط اسم شخص بشيء ما إلى الأبد باستخدام محرك البحث الأمثل».

* شارك كل من إيد أوكيف وإيلين ناكاشيما وإيان شابيرا وجولي تات وهايلي تسوكاياما في إعداد هذا التقرير.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»