مردوخ يقوم بتسوية دعاوى قضائية رفعها عشرات من ضحايا فضيحة التنصت

شملت قائمة الضحايا الـ37 ساسة ومشاهير وفنانين ونجوما رياضيين

روبرت مردوخ («نيويورك تايمز»)
TT

وافقت الإمبراطورية الإعلامية التي يمتلكها روبرت مردوخ على دفع تعويضات ضخمة لعشرات من أشهر ضحايا فضيحة التنصت على الهواتف واختراق رسائل البريد الإلكتروني، وذكر محامو هؤلاء الضحايا يوم الخميس أنهم قد اطلعوا على مستندات تثبت أن مديرين رفيعي المستوى لم يكونوا على علم فقط بجريمة التنصت، بل كذبوا بشأنها وأفسدوا أدلة تثبتها كجزء من التستر على الجريمة.

كانت جلسة سماع الدعوى التي عقدت في المحكمة العليا يوم الخميس، والتي عرضت فيها تفاصيل التسويات، بمثابة حدث مخز لـ«نيوز غروب نيوز بيبر» التابعة لإمبراطورية مردوخ الإعلامية، والتي كانت تنشر صحيفة الفضائح «نيوز أوف ذي وورلد» محور فضيحة التنصت، والتي تم وقف إصدارها الآن. وفي إحدى قاعات المحكمة المكتظة عن آخرها بالمحامين والضحايا وأفراد من وسائل الإعلام الإخبارية إلى حد أن البعض أجبروا على الجلوس على الأرض، ظل محامي مجموعة «نيوز غروب» الإعلامية، مايكل سيلفرليف، يكرر مرارا وتكرارا «خالص أسف» الشركة على «الضرر والألم» الذي لحق بالضحايا واحدا تلو الآخر.

شملت قائمة الضحايا السبعة والثلاثين الذين قاموا بالتسوية مع الشركة ساسة ومشاهير وفنانين ونجوما رياضيين، إضافة إلى أفراد من أوساطهم الداخلية، موظفين وأزواج ومحبين. وليس من الواضح حجم المبلغ الذي سيتعين على مجموعة «نيوز غروب» دفعه بعد تسوية جميع الدعاوى المقامة ضدها، غير أن إجمالي التعويض الذي سيتم دفعه للـ18 ضحية الذين تم الكشف عن تفاصيل تسويتهم يوم الخميس يربو عن مليون دولار.

وبحسب الشرطة، ربما يقدر إجمالي عدد الضحايا أصحاب الدعاوى القضائية بـ 800 ضحية.

ربما تكون هناك أربع وعشرون دعوى قضائية معلقة، وتقول «نيوز غروب» إنها متلهفة إلى تسوية جميع الدعاوى، غير أنه لم يكن من الواضح، أثناء المناقشات المكثفة في المحكمة، أنها قادرة على استرضاء كل هؤلاء الذين أقاموا دعاوى ضدها.

ومن بين التسويات التي تم كشف النقاب عنها تسويات مع الفنان جود لو، الذي حصل على تعويض قيمته 130000 جنيه إسترليني، أي نحو 200000 دولار، وسادي فروست، زوجته السابقة، التي حصلت على 77000 دولار، ومساعده بين جاكسون، الذي حصل على تعويض قيمته 61000 دولار، وغافين هنسون، نجم الرغبي الإنجليزي، الذي حصل أيضا على تعويض قيمته 61000 دولار، وعضو البرلمان، دنيس ماكشين، الذي حصل على تعويض قيمته 50000 دولار.

في كل قضية وافقت «نيوز غروب» على دفع تكاليف التقاضي للمدعي، التي ربما تقدر بالملايين. وقال أحد المدعين، الذي تحدث مشترطا عدم الكشف عن هويته، إن التعويض الذي حصل عليه زاد عن 300000 دولار، وهو مبلغ لا يشمل رسوم «نيوز إنترناشيونال». لكن ربما يكون الأمر الذي ألحق ضررا أكبر بالشركة من العقوبات المالية هو بيان من محامين عن ضحايا حادثة التنصت.

لقد وافقت «نيوز غروب» على أن يتم تقييم التعويض على أساس أن كبار موظفي ومديري «نيوز غروب نيوز بيبرز» كانوا على علم بالجريمة، وسعوا إلى التستر عليها عن طريق خداع المحققين بشكل متعمد وإفساد الأدلة»، هذا ما جاء في البيان، في إشارة إلى «نيوز غروب نيوز بيبرز».

وقد ذكر المحامون أيضا أنهم قد حصلوا، من خلال تسعة أوامر إحاطة من المحكمة، على «مستندات مرتبطة بطبيعة وحجم المؤامرة وعملية التستر على الجريمة وتدمير الأدلة وسجلات البريد الإلكتروني من جانب (نيوز غروب)».

وفي بيان لها ذكرت «نيوز إنترناشيونال»، ذراع الصحافة البريطانية التابعة المنضوية تحت لواء إمبراطورية مردوخ الإعلامية والشركة الأم لمجموعة «نيوز غروب»، أنها «لم تدلِ بأي اعتراف في إطار هذه التسويات بأن مديرين أو موظفين كبارا كانوا على علم بانتهاكات (نيوز غروب نيوز بيبرز) أو عمدوا التستر عليها». وأضاف البيان: «مع ذلك، فبهدف إتمام هذه التسويات فقط، وافقت (نيوز غروب نيوز بيبرز) على ضرورة تقييم التعويضات المطلوب دفعها للمدعين، كما لو كان ذلك هو الحال بالفعل».

وعلى الرغم من ذلك قال المحامون إنه ليس من المرجح أن تكون الشركة قد وافقت على حساب التسويات على أساس أنه كان هناك تستر على الجريمة، إذا لم تكن هناك بالفعل عملية تستر.

وحتى نهاية عام 2010، أنكرت «نيوز إنترناشيونال» أن تكون «نيوز أوف ذي وورلد» قد تورطت في أي عملية تنصت على الهواتف وتعهدت بقوة بمواجهة أي دعاوى قضائية. وبعد ذلك اعترفت بأن بعض مراسليها ومحرريها كانوا على علم بحادثة التنصت. والآن أقرت بأن عملية التنصت كانت واسعة النطاق، وأن المئات من ضحاياها المحتملين ما زال يتعين عليهم مواجهة الأضرار التي لحقت بهم جراءها، وقد أنشأت مؤخرا صفحة على الإنترنت يمكن من خلالها للأفراد الذين يعتقدون أن هواتفهم تم التنصت عليها إرسال دعاواهم القضائية إلكترونيا.

وقد تم إلقاء القبض على أكثر من 20 شخصا انطلاقا من شكوك بتورطهم في جريمة التنصت على الهواتف أو دفع رشى للشرطة مقابل الحصول على معلومات. ولم يتم رفع دعاوى جنائية بعد.

وقال ستيفن بارنيت، أستاذ الاتصالات بجامعة ويستمنستر، في بيان له إن آخر عمليات إحاطة مثلت «إدانة هائلة، ليس فقط للممارسات الصحافية الفاسدة بصحيفة (نيوز أوف ذي وورلد)، وإنما لعملية التستر المحسوبة التي تلتها».

وتجاوزت الدعاوى نطاق الصحيفة، فقد ذكر لو أنه لم يتم التنصت على مكالماته من قبل صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» فقط، وإنما أيضا من قبل صحيفة «ذي صن»، إحدى صحف الفضائح الأخرى المنضوية تحت لواء إمبراطورية مردوخ.

اكتسبت جلسة الاستماع للدعاوى طابعا مسرحيا، إذ تمت قراءة البيان الخاص بكل ضحية، الذي تم فحص صيغته بعناية والتصديق عليها من قبل «نيوز غروب»، أمام المحكمة. وأعقب كل قراءة على الفور تأكيد من سيلفرليف لرواية الضحية وبيان يفيد بأن الشركة اعترفت بأنه «لم يكن يجب الحصول على المعلومات أو استخدامها بهذه الطريقة».

اعترفت «نيوز غروب» أيضا بشكل مباشر للمرة الأولى بأنها قد اخترقت حساب بريد إلكتروني سعيا لصياغة خبر. وأكد سيلفرليف رواية كريستوفر شيبمان، ابن مجرم متعدد الجرائم بريطاني سيئ السمعة، إلى حد أن «نيوز أوف ذي وورلد» قد «حصلت بشكل غير قانوني على إمكانية وصول سرية لتفاصيل حساب البريد الإلكتروني الخاص بالمدعي، بما في ذلك كلمة السر، كما اخترقت صندوق الوارد خاصته».

واشتملت بيانات الضحايا على روايات مماثلة، ففي مرحلة ما من بداية أو منتصف الألفية الثانية، على حد قولهم، أصبحوا متشككين من المعلومات الشخصية التي كانت تظهر في «نيوز أوف ذي وورلد». وقال البعض إنهم واجهوا مشكلات غريبة مع بريدهم الصوتي، كعدم القدرة على الدخول عليه بسبب ازدحامه.

بعدها، بحسب الضحايا، عرضت عليهم أدلة من قبل الشرطة على ما اقترفته صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد». وجاء في بيان لو أن الشرطة قد عرضت له الرسائل التي كان قد تركها لمربية أطفاله قبل خمس سنوات.

وتفصل التصريحات محنة الضحايا وحيرتهم. «على الرغم من أن المقالات لن تضم في المعتاد إلا جزءا بسيطا من المعلومات الدقيقة»، قال مارك تومسون، محامي فروست، زوجة لو السابقة، فإنها كانت كافية بالنسبة لفروست لجعلها «تشك في كل شخص قريب منها وبالنسبة للمدعي ولو في أن يشك بعضهما في لبعض».

وكان غلين مولكير، المحقق الخاص الذي عمل لحساب «نيوز أوف ذي وورلد»، هو أحد أفراد هيئة الدفاع في الدعاوى القضائية. لكن محاميه قال إن مولكير، الذي تم سجنه بتهمة التنصت على الهواتف في عام 2007 ويواجه تهما جنائية جديدة، لم تتم إدانته بارتكاب الجريمة.

أما بالنسبة لبعض هؤلاء الذين قد قاموا بالتسوية، فلم ينته الأمر. «لا يزال هذا هو المشهد الرابع من الفصل الرابع من مسرحية مكونة من خمسة فصول»، هذا ما قاله كريس بريانت، عضو البرلمان، الذي تم منحه تعويضا قيمته نحو 46000 دولار بعد وقوع جريمة التنصت على هاتفه.

وقالت تامسين ألين، محامية تمثل عددا من الضحايا، إن مثابرتهم، حتى عندما أنكرت «نيوز غروب» تماما أن تكون قد قامت بالتنصت على هاتف أي شخص، هي التي أدت في نهاية الأمر إلى عقد التسويات.

وقالت: «إن المدعين يستحقون التقدير لمثابرتهم». وأضافت: «لأننا قد اكتشفنا الآن مؤامرة ضخمة تشمل نشاطا إجراميا وتستر على جريمة».

* ساهم في إعداد التقرير آلان كويل