«البطاقة البيضاء».. مفتاح الصحافي في «دافوس»

تغطية «منتدى الاقتصاد العالمي».. بين الجلسات المغلقة وازدحام المواعيد

أبرز شخصيات النخب السياسية والاقتصادية حول العالم اجتمعت بجانب مئات الصحافيين الذين حضروا لتغطية فعاليات منتدى دافوس (رويترز)
TT

من أكثر التحديات التي تواجه الصحافي كيفية إتقان تغطية المؤتمرات والقمم الدولية التي تشمل الكثير من الندوات المتزامنة، ومحاولة رصد أبرز الأفكار والتصريحات وتقديمها للقارئ أو المشاهد أينما كان بشكل مبتكر. وهذه مسألة ليست بالجديدة أو الغربية على أي صحافي معتاد على ضغط مواعيد تسليم المواد ومحاولة مواكبة أحداث متزامنة. ولكن ما يجعل الاجتماع السنوي لـ«منتدى الاقتصاد العالمي» من أكثر المحافل الدولية التي تشكل تحديا للصحافي؛ ازدحام المواعيد خلال أسبوع من الندوات والجلسات والمقابلات لأبرز الشخصيات العالمية.

ويشتهر الاجتماع السنوي لـ«منتدى الاقتصاد العالمي» الذي ينعقد في منتجع دافوس السويسري وسط جبال الألب سنويا في نهاية شهر يناير (كانون الأول) منذ 42 عاما بجذب أبرز شخصيات النخب السياسية والاقتصادية من حول العالم. وذلك يجعله محط أنظار الإعلام العالمي، وباتت وسائل الإعلام الدولية تخصص أفضل صحافييها لتغطيته.

وشهد اجتماع هذا العام الذي اختتم أعماله يوم الأحد الماضي حضور 40 رئيس دولة أو حكومة، بالإضافة إلى 85 وزيرا. وإلى جانبهم كان هناك 1600 من أبرز رجال وسيدات المال والأعمال. ويجتمع هؤلاء في ندوات وجلسات مغلقة متزامنة على مدار 5 أيام، مما يزيد من صعوبة متابعة غالبيتها، مما يعني ضرورة الاستسلام بأن جزءا منها فقط يمكن تغطيته. والتحدي أمام الصحافي اختيار الندوات مبكرا والالتزام بجدول زمني لتغطيتها، كما أن على الصحافة تحديد أبرز الشخصيات التي يريد مقابلتها، ويقوم برصدها، إما من خلال تحديد موعد لقاء قبل انطلاق المنتدى أو حضور إحدى الندوات التي تشارك فيها الشخصية المعنية لضمان لقائها قبل أو بعد الندوة. إلا أن الندوات الرسمية والجلسات المبرمجة علنا تشكل فقط جزءا بسيطا من الفعاليات التي يمكن أن يغطيها الصحافي. ففي حين يتسلم المشارك جدولا مبرمجا علنيا، فإن غالبية الأخبار واللقاءات الجذابة هي في اللقاءات غير المجدولة رسميا وفي اللقاءات الخاصة. ففي عشاء واحد هذا العام، اجتمع رئيس جامعة جورج تاون، جون داغويا، مع ولي عهد بلجيكا، الأمير فيليب، ووزير التنمية الدولية النرويجي، إريك صولهايم، بينما في عشاء آخر اجتمع الرئيس التنفيذ لشركة «غوغل» إريك شميدت مع ممثلين من منظمات مجتمع دولي مختصين بالرعاية الصحية.

وإذا لم يدعَ الصحافي إلى هذه اللقاءات، فسيكون عليه الوصول إليها أو على الأقل إلى تفاصيل بعضها للحصول على فكرة واضحة عن الحوارات التي عادة ما تحدد أجندة الأعمال والأفكار الرائدة للعام المقبل في أرجاء كثيرة من العالم. وهنا يكون المفتاح معتمدا على شكل بطاقة الدخول التي يحملها المشارك في المنتدى. وربما الفارق الأبرز والأهم بالنسبة للصحافي الذي يحضر المنتدى يعتمد على الصفة التي يحصل عليها في المشاركة؛ فالصحافي التقليدي يختلف عن «القيادي الإعلامي»؛ الأول مشاركته في المنتدى تقتصر على تغطية الجلسات القليلة المفتوحة للتغطية الإعلامية، بينما الثاني يشارك كليا في المؤتمر وينظر إليه باعتباره خبيرا في مجال الإعلام والتوعية ويدعى إلى حضور المنتدى رسميا بدلا من تقديمه طلب تغطية أحداثه.

والفارق الأساسي بين الاثنين هو حصول الصحافي على بطاقة دخول «صفراء» مما يمنعه من دخول الجلسات المغلقة وبعض ممرات مقر المنتدى الرئيسي التي تشهد لقاءات بين كبار المسؤولين ورجال وسيدات الأعمال، بينما الصحافي المدعو باعتباره «قياديا» فيحصل على بطاقة تعريف «بيضاء»، حاله حال غيره من المشاركين إذا كانوا وزراء أو أصحاب أكبر الشركات. وهذه البطاقة تصبح مفتاح النجاح في «دافوس»، إذ يمكن دخول الجلسات المغلقة من خلالها ومعرفة الآراء المطروحة فيها، بالإضافة إلى حضور الندوات المسائية التي تعقد على مائدة العشاء، والتي تجمع بين المشتركين بطريقة حميمة وتقوي من علاقاتهم بعضهم ببعض.

وفي النهاية، الصدفة هي أحيانا أفضل طريق للحصول على تصريح ما أو لقاء مع شخصية صعب الحصول على موعد معها. فلذلك الوجود الفعلي في المنتدى، بالبطاقة البيضاء التي تفتح له المجال للتحرك في مقر المؤتمر والفنادق المحيطة به، يجعل الصحافي وسط الحدث وعلى مقربة نادرة من صناع القرار.