الرقابة على موقع «تويتر» تشعل الغضب

بعد تصريحها بحذف الرسائل في الدول التي تعد فيها غير قانونية

الغضب يصل إلى تويتر بعد 5 أعوام من الانطلاق (نيويورك تايمز)
TT

لقد بدأت القصة منذ 5 أعوام، بعد ابتكار مهندس شاب في سان فرانسيسكو وسيلة على الإنترنت تتيح للمستخدم إخبار أصدقائه بكل ما يعتزم فعله. وأصبحت هذه الوسيلة بمثابة مكبر صوت بالنسبة لملايين من البشر حول العالم، خاصة في الدول التي تتبع سياسة تكميم الأفواه.

وفي لحظة تحول الأسبوع الحالي، أعلن موقع «تويتر» حجب رسائل محددة في الدول التي تعدها غير قانونية بناء على طلب تلك الدول. وسرعان ما أثارت هذه الخطوة الغضب والجدال ودعوات من بعض المستخدمين بمقاطعة الموقع.

في المقابل، سعى موقع «تويتر» إلى تفسير موقفه بالقول إنها أفضل طريقة لعدم انتهاك القانون في دول مختلفة. وكان لهذا الحدث صدى واسع حول العالم من خلال موقع «تويتر» نفسه، ويوضح هذا ما يمكن أن يحدث عندما يحاول مشروع صغير على الإنترنت التحول إلى مشروع متعدد الجنسيات.

وكتب بجورن نيلسون، أحد المستخدمين في السويد: «شكرا للرقابة يا (تويتر)». وتساءلت بيانكا جاغر سؤالا يبدو وجوديا: «كيف لنا أن نقاطع (تويتر)؟». واتخذت زينب توفيكشي، الأستاذة المساعدة بجامعة نورث كارولينا في تشابل هيل، موقفا مغايرا؛ حيث كتبت: «أنا أدافع عن سياسة (تويتر)؛ لأنها السياسة التي آمل أن يتبناها آخرون، وهي الشفافية وعدم الشكوى كثيرا وتمكين المستخدمين».

ولطالما اضطر موقع «تويتر»، مثل شركات الإنترنت الأخرى، إلى حذف مواد كانت تعد غير قانونية في دولة أو أخرى، سواء أكان هذا يعد بسبب انتهاكها لحقوق الطبع أم لإخلالها بالآداب أم لسبب آخر.

الجديد في التصريح الأخير للموقع هو أنه يعتزم حذف الرسائل فقط في الدول التي تعد فيها غير قانونية، وذلك في حالة طلب السلطات في تلك الدول ذلك رسميا.

لذا إذا نشر أحدهم رسالة تهين الحكم الملكي في تايلاند، وهو أمر يعاقب عليه القانون بالسجن، سوف يتم حجب الرسالة ولا يراها المستخدمون الآخرون في تلك الدولة، لكن يمكن أن يراها مستخدمون آخرون في دول أخرى. إضافة إلى ذلك، سوف يتم إخطار مستخدمي «تويتر» في تايلاند بحذف المحتوى من خلال ظهور صندوق رمادي مكان الرسالة مكتوب عليه عبارة «تم حجب الرسالة»، وتتم كتابة اسم المستخدم الذي نشر الرسالة وبجانبه على سبيل المثال إشارة إلى حجبها في تايلاند.

يمكن أن يُنظر إلى هذا وكأنه صحيفة لكن بنسخة رقمية ترد على رقابة حكومية تقليدية من خلال نشر الصفحة الأولى بيضاء. ويقول أليكس ماكغيلفري، كبير المستشارين في «تويتر»: «كنا نضطر إلى حذف المواد غير القانونية. لقد كانت هذه طريقة للوجود في أكبر عدد ممكن من الأماكن. لقد كنا نعمل على هذا الأمر منذ فترة، لكن كنا بحاجة إلى التوصل إلى طريقة للتعامل مع هذا الأمر كمؤسسة».

أكثر مستخدمي «تويتر»، البالغ عددهم 100 مليون، من خارج الولايات المتحدة، ولدى الشركة عدة مكاتب في الخارج تعمل على توسيع نطاق العمل وزيادة الإعلانات. وقال رئيس «تويتر»، جاك دورسي، الأسبوع الحالي، إنه سيُفتح مكتب في ألمانيا، وهو ما يمنع المحتوى النازي سواء أكان ذلك على الإنترنت أم بعيدا عن الإنترنت. تنذر هذه المؤشرات بمواجهة «تويتر» اختيارا سيترتب عليه وجوده، فإما أن يكون وسيلة لحرية التعبير يمكن استخدامها في مواجهة الأنظمة والحكومات كما حدث خلال احتجاجات الربيع العربي، وإما أن يكون مشروعا تجاريا يجب أن يخضع للقانون في البلاد التي تسعى إلى جذب من فيها لتحقيق أرباح في النهاية.

وقال تيم وو، أستاذ القانون في كلية كولومبيا للحقوق ومؤلف «ماستر سويتش» أو «الانتقال الكبير»: إن تلك التغيرات يمكن أن تقوض أهمية «تويتر» في الدولة ذات الأنظمة السلطوية. لا ألومهم على رغبتهم في إدارة عمل طبيعي، بل يعني ذلك أن هناك ضرورة لأن يحل شخص أو شيء آخر محل «تويتر» كأداة سياسية.

وحث وو الشركة على تبني نهج مفاده أن «تويتر» بحاجة إلى أن ينأى بنفسه عن أي وضع لا يجعله أداة مساعدة لثورة ضد نظام قمعي، بل أن يحتفظ بهويته في بعض الأحيان.

ساعدت سياسة «تويتر»، التي تسمح باستخدام الأسماء المستعارة، الكثير من منظمي الاحتجاجات في العالم العربي، وذهب الرئيس التنفيذي لـ«تويتر» إلى حد وصفها بـ«جناح حرية التعبير لحزب حرية الرأي»، لكن هذا لم يمنع وو من التساؤل بصوت عالٍ عما إذا كانت السياسة الجديدة ستسمح للمصريين بتنظيم الاحتجاجات من خلال هذه الخدمة. ويؤكد موقع «تويتر» أن النظام الجديد ما هو إلا وسيلة لتعزيز الشفافية. وتقول الشركة إنها لن تمارس رقابة على المحتوى قبل أن تنشره، وإنها لن تحذف مادة جارحة، بل فقط ستحذف أي مادة تعتقد أنها غير قانونية. وصرحت بأنها تحاول إخطار المستخدمين الذين سيتم حجب رسائلهم من خلال إرسال رسالة بالبريد الإلكتروني توضح لهم السبب. وتحدد الشركة مواقع مستخدميها من خلال النظر في المعرف الرقمي لأجهزة الكومبيوتر الخاصة بهم (آي بي) أو هواتفهم المحمولة. مع ذلك يسمح للمستخدمين بتعديل موقعهم من خلال اختيار «حول العالم»، وتعد هذه الطريقة الأساسية لتفادي حجب النظام كليا؛ حيث يمكن لمستخدم في سوريا تغيير موقعه ويختار «حول العالم». ونجحت جيليان يورك، مديرة حرية التعبير الدولية في مؤسسة «إلكترونيك فرونتير»، التي تعمل في مجال الحقوق المدنية، في تجربة هذا الأمر بنفسها بعد إعلان شركة «تويتر» توجهها الجديد. وقالت عن النظام الجديد: «مع الأسف إنه شر لا بد منه عند تقديم الخدمة في بعض البلدان».

ويشعر منتقدو «تويتر» أنه تم الضغط على الشركة للقيام بمراقبة الرسائل في بعض البلدان بعد الاستثمارات الضخمة لأمير سعودي، لكن لم يتفق ماكغيلفري مع هذا الطرح.

وينظر موقع «فيس بوك» في طلبات بحذف أي محتوى غير قانوني في بعض الدول، وإن لم يوضح ما الذي يتم حذفه والسبب. وتشير نتائج البحث على «غوغل» إلى شروط حذف أي محتوى بموجب قانون الدولة. وفي حالة «يوتيوب»، يمكن حجب أي محتوى بحسب البلد. وقد سارت شركة «تويتر» على نهج «غوغل» من جهة أخرى؛ حيث تتجه إلى نشر بعض طلبات الحذف التي تتلقاها على موقع «تشيلينغ إيفيكتس» الذي تملكه مؤسسة «إلكترونيك فرونتير» وعدة جامعات أميركية. كان ماكغيلفري ضمن الفريق القانوني في «غوغل» وعمل في موقع «تشيلينغ إيفيكتس» باحثا في جامعة هارفارد. وقال ردا على الانتقاد: «طالما حاولنا السماح للناس بالتحدث ونشر الرسائل على (تويتر). لم يحدث تغيير في السياسة، بل الهدف من ذلك هو دعم قدرتنا على حجب محتوى وإخطار أصحابه بذلك في حال توافر السبب القانوني». وكانت هناك دعوات لاحتجاجات صامتة يوم السبت. وكتب أحد مستخدمي «تويتر» يدعى عمر جوهاني: «أنا منضم إلى الاحتجاج ولن أكتب على الموقع غدا. لقد حان وقت العودة إلى الحصول على الأخبار بعد 12 ساعة من حدوثها».

* خدمة «نيويورك تايمز»